لاحظ متظاهرون ونشطاء منظمات المجتمع المدني تزايد الإجراءات التعسفية للشرطة قبيل وأثناء التظاهرات السلمية ضد العملية الانتقالية المقترحة من قبل السلطة المؤقتة. وأعرب هؤلاء عن قلقهم إزاء تشدد الشرطة وتساءلوا عن أسبابه.
إعلان
أعربت منظمات من المجتمع المدني الجزائري السبت (13 نيسان/ابريل 2019) عن قلقها لتشدد الشرطة حيال المتظاهرين بعد ساعات على انتهاء التجمعات وأكدت الطابع السلمي لهذا التحرك الذي بدأ قبل شهرين. ونزل الجزائريون مجددا بأعداد كبيرة يوم أمس الجمعة في كافة أنحاء البلاد رافضين العملية الانتقالية التي اقترحتها السلطات المؤقتة.
ويرى المحتجون الذين يتظاهرون أسبوعيا منذ 22 شباط/فبراير، أن السلطات الحالية منبثقة عن "نظام" الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة ولا يمكنها ضمان اقتراع حر وعادل. وسارت التظاهرات دون حوادث في معظم المدن، لكن في العاصمة انتهت التظاهرة التي بدأت في أجواء أكثر توترا من المعهود، بصدامات بين مئات الشبان وعناصر الشرطة.
يشار أنها ليست المرة الأولى التي تطلق الشرطة القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين. لكن المواجهات بدأت هذه المرة حتى قبل انتهاء التظاهرة. وتم نشر رجال الشرطة من وحدة مكافحة الشغب لأول مرة الجمعة قرب البريد المركزي، هذا المبنى الرمزي الذي أصبح نقطة التقاء المتظاهرين، حتى أنهم حاولوا عبثا تفريق المتظاهرين منذ الصباح.
من جانبه، يرى نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي أن "تعبئة الجمعة كانت مختلفة من حيث حجم القمع". وقال "منذ الصباح بدأت الأمور بشكل سيء: عادة تعم البهجة ساحة البريد المركزي لكن ثمة نوايا لدى السلطات باحتلال المكان". وقال صالحي "لأن تحلت قوات الأمن كما المتظاهرون بضبط النفس، فقد كان لديها رغم ذلك نية لمنع التظاهرة".
وبحسب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، اعتقلت الشرطة السبت العديد من الناشطين الذين كانوا يستعدون للتظاهر مجددا أمام مبنى البريد المركزي. واستنكرت الرابطة "مضايقة" محتجين سلميين. وفي حين تكثفت التظاهرات في الآونة الأخيرة غير أيام الجمعة، "تحاول قوات الأمن الحد من حرية التعبير في الأماكن العامة" كما يقول المحلل السياسي شريف إدريس.
من جانبها، نسبت الشرطة وكذلك المتظاهرون أعمال العنف الى "جانحين" مندسين. كما اعترفت المديرية العامة للأمن الوطني لأول مرة بوجود معتقلين لديها عندما اشارت إلى توقيف 108 اشخاص بعد أن تم إصابة 83 شرطيا، حسب ادعائها، مؤكدة أنها ترفض القمع وتكتفي بفرض الأمن، حسب تعبيرها.
من جانب آخر، أصيب متظاهرون بجروح أحدهم في الصدر برصاصة مطاطية كالتي تستخدمها قوات مكافحة الشغب كما أفاد مصور فرانس برس. ولم يتسن الحصول على حصيلة شاملة. ويقول عبد الوهاب الفرفاوي من تجمع العمل الشبابي، المنظمة التي تسعى لتعبئة الشباب حول قضايا المواطنة، إن "المحتجين متمسكون بمواصلة التحرك بشكله السلمي". ويضيف "أنه سر النجاح".
وخلال صدامات الجمعة وقف متظاهرون بين المحتجين وعناصر الشرطة رافعين أيديهم مرددين كلمة "سلمية" إلى أن تراجعت حدة التوتر كما أفاد مراسلون لفرانس برس. وقال صالحي "رغم القمع لم يصدر رد فعل عن المتظاهرين. رأينا مواطنين يدافعون عن شرطيين لكننا نرغب في حل سياسي سريع لتفادي أي استياء". وأضاف "ترك الوضع يسوء حتى موعد الانتخابات خلال ثلاثة أشهر ليس حلا".
ح.ع.ح/أ.ح (أ.ف.ب)
في صور .. أبرز اللاعبين في المشهد السياسي الجزائري
بعد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، باتت العملية السياسية أكبر التحديات يواجه البلاد ونخبها السياسية والعسكرية. والسؤال الآن: ما هو البديل السياسي ومن هم اللاعبون البارزون والمرشحون المحتملون لرئاسة الجزائر؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
الجنرال أحمد قايد صالح
رجل الجزائر الأقوى كما يراه كثيرون هو الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي منذ 2004، ونائب وزير الدفاع الوطني منذ عام 2013. شارك صالح في معارك التحرير وهو في السنة السابعة عشرة من عمره. تولى مناصب قيادية في جبهة التحرير منذ عام 1957. ويمثل امتداداً لنفس الخط السياسي الذي حكم الجزائر في الجمهورية الأولى عام 1962.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
رئيس مجلس الأمة
عبد القادر بن صالح (77 عاما)، رئيس مجلس الأمة منذ 17 عاما وسيتولى رئاسة الجزائر بموجب الدستور بعد استقالة بوتفليقة، لمدة أقصاها 90 يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد.
صورة من: AFP/P. Kovarik
نور الدين بدوي
تولى وزير الداخلية السابق نورالدين بدوي، رئاسة حكومة تصريف الأعمال، في 11 مارس/ آذار إثر إعلان بوتفيلقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وإرجاء الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى. وترفض معظم أحزاب المعارضة والشارع حكومة تصريف الأعمال لأن رئيسها بدوي مقرب جدا من النخبة الحاكمة. ولذلك من غير المرجح أن يترشح للمنافسة على الرئاسة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Bensalem
مصطفى بوشاشي
المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، من أبرز وجوه وزعامات الحراك الشعبي ويحظى بتأييد كبير بين المحتجين. ويصر على استمرار الاحتجاجات حتى بعد استقالة بوتفليقة إلى أن تتم الاستجابة لمطالب الشارع برحيل كل رموز النظام. ومن شأن ترحيبه بموقف الجيش طمأنه المؤسسة العسكرية. وبالتالي يمكن أن يحظى بدعم الشارع وتأييد الجيش له، وهو ما يجعله واحدا من أقوى المرشحين للرئاسة، هذا إذا قبل الترشح!
صورة من: DW/T.Bougaada
عبدالرزاق مقري
رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للتنافس على انتخابات الرئاسة عبد الرزاق مقري. يعرض مبدأ الإطار التوافقي الوطني لحشد الجزائريين حول قوة تخرج ببلدهم من خانق الأزمة. من أشد رافضي الولاية الخامسة لبوتفليقة. حركة مجتمع السلم ليست جزءاً من خارطة السلطة الحاكمة وتعلن أنّ الشعب هو مصدر السلطة.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
علي بن فليس
علي بن فليس هو جزء من النخبة السياسية الحاكمة، وكان رئيسا للحكومة فترتين بين عامي 1999 و2003، ثم تحول الى صف المعارضة بعد فضيحة تزوير الأصوات في انتخابات عام 2004. يترأس حزب طلائع الحريات وهو مرشحه الآن. أعلن بوضوح عن احتمالين في الانتخابات "الأول أن تكون فرصة عظيمة للذهاب إلى نظام ديمقراطي"، أما الاحتمال الثاني فهو "الغموض التام والذهاب نحو المجهول".
صورة من: Imago/Chahine Sebiaa
رشيد نكاز
رشيد نكاز هو مرشح مستقل، ويعد مرشح الشباب والتغيير ويرفض الانتساب لأي حزب. مثير للجدل وقد جرى إبعاده عن انتخابات عام 2014. كبر وتعلم في فرنسا، وقد فاجأ الجميع بإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2011، ثم تخلى عن جنسيته الفرنسية وبات يروج من خلال صفحته على فيبسوك لبرنامجه الانتخابي في الجزائر الساعي إلى الحد من الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. الصورة له وهو يتوسط الحراك الجزائري الجاري.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
عبد المجيد تبون
جزء من النخبة السياسية الحاكمة، ويعد مرشحا توافقياً، وكان رئيس الحكومة قبل تولي أحمد أويحيى المنصب. خلال رئاسته للوزراء مطلع عام 2017، أعلن عن إصلاحات أراد منها الفصل بين السياسة والمال، في محاولة معلنة لمحاربة الفساد المستشري في البلد. لا يملك برنامجا انتخابياً واضحاً، لكنه متحالف بقوة مع الجنرال أحمد قايد صالح.
صورة من: Imago/PanoramiC
شكيب خليل
شكيب خليل من رجال النخبة السياسية التي كانت تدور في فلك بوتفليقة، تولى منصب وزير الطاقة ويشير البعض إلى صلته بمرحلة الرفاه الاقتصادي. وهو من أبرز وجوه فضيحة سوناطراك، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عام 2013، لكنّ علاقته الشخصية بالرئيس المستقيل بوتفليقة أنقذته. لا يملك أي برنامج انتخابي أو سياسي.
صورة من: Imago/Imagespic Agency
لويزه حنون
لويزة حنون هي المرأة الوحيدة التي رشحت للمشاركة في السباق على كرسي الرئاسة في الجمهورية "الثانية" المنتظرة بالجزائر. ترشحت عن حزب العمال المعارض، ثم انسحبت بعد إعلان حزب العمال يوم (الثاني من آذار/ مارس 2019) مقاطعته لانتخابات الرئاسة لعام 2019، ولكن هل سيتراجع الحزب عن قراره بعد استقالة بوتفليقة أم يستمر في المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات؟
صورة من: Reuters
الجنرال المتقاعد علي غديري
أبن الجيش الجنرال المتقاعد علي غديري، طرده المتظاهرون بشارع ديدوش مراد بالعاصمة وظلوا يهتفون ضده بالفرنسية "ديغاج ديغاج" بمعنى "غادر". شغل منصب مدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع لمدة 15 سنة، يعلن أنّ برنامجه الانتخابي هو"القطيعة مع ممارسات الماضي وإعلان جمهورية ثانية". ومن آرائه أنّ مشاكل الجزائر ليست اقتصادية وإنما سياسية بالأساس وسببها الفساد السياسي. (صورة من الأرشيف لوحدة من الجيش الجزائري)
صورة من: Reuters
شعب الجزائر قد يدفع بمرشح غير معلن
يبدو أن صوت الشعب الجزائري هو الأعلى في الميادين والشوارع، فهو ما برح يعلن اعتراضه واحتجاجه عبر مظاهرات كل جمعة، والسؤال هنا هو: من يقود قوة الشعب ومن سيحرز ثقته؟ وقد يُقرر شكل الحكم المقبل من خلال انتخاب شخص لم تسلط عليها الأضواء.