قمة أوروبية تركية لإقناع أنقرة بوقف تدفق المهاجرين
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥
يستقبل القادة الأوروبيون في بروكسل رئيس الوزراء التركي في محاولة لانتزاع تعهد من أنقرة بوقف تدفق المهاجرين مقابل حصولها على حوافز سياسية ومالية، فيما يُتوقع أن يشغل إسقاط الطائرة الحربية الروسية جزءاً من أعمال القمة.
إعلان
يهدف زعماء الاتحاد الأوروبي إلى التوقيع على اتفاق مع تركيا في بروكسل الأحد (29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) يعرض عليها الحصول على أموال وعلاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي مقابل مساعدتها في وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا. لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يدرك مدى حرص أوروبا على التوصل لحل لأزمة تمزق الاتحاد الأوروبي في أعقاب وصول ما يقرب من مليون شخص هذا العام، يقوم بمساومة صعبة قال دبلوماسيون إن الدول الثماني والعشرين ناضلت طوال يوم أمس السبت للاتفاق على عرض نهائي.
ومن المقرر أن يلتقي أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء التركي، مع زعماء دول الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاث ساعات. ويتعرض الأوروبيون، لاسيما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لضغوط من أجل التعامل مع أكبر تدفق للبشر منذ الحرب العالمية الثانية، معظمهم إلى ألمانيا، حيث تحث ميركل بقوة على التوصل إلى صفقة مع تركيا.
لاجئون سوريون تقطعت بهم السبل على ضفتي البوسفور
في إسطنبول يعيش حاليا عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين. جلهم يشعرون بأنهم محاصرين في المدينة التركية الضخمة بين الحرب في وطنهم الأم وبين حلم الوصول إلى أوروبا.
صورة من: DW/C. Roman
يعيش حاليا في مدينة إسطنبول التركية حوالي 400 ألف لاجئ سوري، ويقترب هذا العدد من أعداد اللاجئين السوريين في أوروبا بأكملها. ويتم التعامل معهم من قبل السلطات التركية بصفتهم "مسافرين" أي أنهم ضيوف مؤقتون، وبالتالي فلا حق لهم في اللجوء أو العمل.
صورة من: DW/C. Roman
علي، صبي عمره 13 عاما، يتحدث عن تجربته في القدوم إلى تركيا قائلا: "بلدي سوريا لم يعد موجودا، لأن بشار الأسد دمره، لذلك هربت قبل عامين مع عائلتي من حلب. على الحدود أطلقت الشرطة التركية النار علينا، فانبطحنا على الأرض واختبئنا لحين قدوم المهربين الذين أحضرونا إلى إسطنبول."
صورة من: DW/C. Roman
ويضيف علي "يتحتم أن أساعد عائلتي، والداي وستة إخوة وأخوات." وبدلا من أن يذهب إلى المدرسة، يعمل علي بشكل غير قانوني في سوبر ماركت في إحدى ضواحي مدينة إسطنبول، حيث يحصل على حوالي 47 يورو أسبوعيا ، مقابل ساعات عمل طويلة تصل إلى 14 ساعة يوميا. ويقول الصبي السوري: "أفتقد بيتي وأصدقائي، وأفتقد لعب الكرة معهم."
صورة من: DW/C. Roman
أما غيث، البالغ من العمر 22 عاما، فيقول: "كنت متشوقا دائما لدراسة الهندسة الكهربائية في مسقط رأسي، حمص. لكن بعد اندلاع الأحداث تم زجي في قوات الجيش السوري، وذلك لمقاتلة أبناء شعبي، ما اضطرني للهروب. أحلم أحيانا بعودتي لمدينتي حمص، وأن أجد فيها الحياة والسلام، اللذين عشناهما سابقا، لكن أعتقد أنني سأهرم قبل معايشتي ذلك مرة أخرى."
صورة من: DW/C. Roman
مارس غيث العديد من المهن ليتمكن من العيش، كان منها مهنة بواب في أحد الفنادق، المخصصة للسياح ويقول: " ألتقي هنا بالعديد من الأوروبيين، وأستمع باهتمام لقصصهم وحكاويهم، إلا أنني لا أعتقد أنهم يفهمون قصصي وتجاربي، مصطلحات الحرب والموت يعايشونها في الأفلام فقط."
صورة من: DW/Ch.Roman
ولا يرى الأخوان إبراهيم وغسان أي مستقبل في تركيا، لأنهما لا يملكان أي وضع قانوني كما يقولان. ويقول غسان الذي يعمل مع أخيه في أحد المخابز "هذا الوضع يشعرنا بالقلق. في سوريا كنت أعمل محاسبا، أما هنا فأنا لا شيء."
صورة من: DW/C. Roman
وتقول إليسار (32 عاما): "ما يشغل السوريين هنا، هو الطريق الأفضل للوصول إلى أوروبا، وهل هو بحرا بركوب القارب المطاطي؟ أم عن طريق البر؟" إليسار أنشأت محطة إذاعية في إسطنبول، موجهة للسوريين، الذين لم يهربوا بعد من مناطق إدلب وحماة وحلب، إلا أن إذاعتها أصبحت مصدرا مهما للمعلومات للكثير من اللاجئين في تركيا أيضا.
صورة من: DW/C. Roman
وتقول إليسار: "طفلتي ولدت هنا في تركيا، لكن ما حصلت عليه كغيرها من الأطفال، الذين يولودون هنا، مجرد ورقة إثبات تركية، لا تعني شيئا." وتتابع: "لا نستطيع الحصول أيضا على أية وثيقة سورية هنا، ما يعني أن الطفلة ليست سورية كما أنها ليست تركية."
صورة من: DW/C. Roman
يقول محمد، البالغ 19 عاما: "هربت بمفردي منذ عامين، عائلتي لا زالت تعيش في دمشق." ويتابع الشاب السوري: "أمنيتي كانت أن أكون مصورا محترفا، إلا أنه هنا لا أملك أي فرصة لذلك، ولم أتمكن من الحصول على أي عمل." ويضيف محمد: "أتعلم الآن اللغة التركية، وأعتقد أنه قد يكون من الأفضل أن أهرب إلى أوروبا."
صورة من: DW/C. Roman
قبل ثلاثة أسابيع كان محمد على وشك الانطلاق بقارب مطاطي للوصول إلى الشواطئ اليونانية، حيث طلب منه المهربون مبلغ 1200 دولار أمريكي من أجل ذلك. واضطر محمد إلى بيع آلة التصوير الثمينة، التي كانت بحوزته، من أجل تمويل هذه الرحلة، إلا أن الخوف تملكه في النهاية، ما اضطره إلى تأجيل السفر. "المرة القادمة لابد من أن أنجح"، يقولها محمد وهو لا يجيد حتى السباحة.
صورة من: DW/C. Roman
10 صورة1 | 10
ولم تفد التدابير التي اتخذها الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة في السيطرة على هذا التدفق، على الرغم من أن الشتاء قد يقلل من الأعداد لبضعة أشهر، إلا أنه سيؤدي أيضاً إلى تفاقم معاناة عشرات الآلاف من العالقين بسبب إغلاق الحدود في البلقان، ما زاد من الضغوط على الزعماء الأوروبيين للتوصل إلى حل.
كما أدى إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية على الحدود السورية إلى تعقيد اجتماع قمة الأحد، الذي تمت الدعوة إليه قبل أيام فقط مع محاولة بروكسل التوصل لاتفاق طُرح قبل أكثر من شهر.
هذا وأدى إسقاط المقاتلة الروسية بدوره إلى تعقيد الجهود الأوروبية لإعادة الارتباط مع موسكو، رغم استمرار التوتر بشأن أوكرانيا، من أجل محاولة التوصل لسلام في سوريا يمكن أن يؤدي إلى إنهاء محنة اللاجئين واحتواء تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).