بعد قمة أوكرانيا في واشنطن وعدت أوروبا بالمساهمة في عملية السلام في أوكرانيا. هل ستنجح هذه المبادرة وتحسن العلاقات مع الولايات المتحدة؟ وهل يمكن للقارة العجوز الاعتماد على الولايات المتحدة كشريك موثوق؟
الرئيس ترامب يلتقي بالرئيس زيلينسكي وقادة أوروبيين في واشنطنصورة من: picture alliance/Newscom/DANIEL TOROK
إعلان
في أوروبا كانت حصيلة قادة الدول والحكومات الأوروبية في اجتماع واشنطن متوازنة إلى حد ما. فمن ناحية تنفست القارة العجوز الصعداء: لم تحدث مواجهة بين فولوديمير زيلينسكي ودونالد ترامب، كما حدث في فبراير الماضي أو حتى انقطاع في العلاقات عبر الأطلسي.
من ناحية أخرى لم يستجب دونالد ترامب للمطالب الأوروبية الأساسية، لا سيما المطالبة بوقف إطلاق النار قبل بدء مفاوضات السلام في أوكرانيا.
ويقول نيكلاس إيبرت، المسؤول عن برنامج الأمن عبر الأطلسي في مؤسسة الفكر الألمانية مارشال فاند إن الأوروبيين حققوا أفضل ما يمكن في ظل الظروف الحالية. لكنه يضيف أن أوروبا يجب أن تستعد بشكل عام إلى أن العلاقات عبر الأطلسي لم تعد كما كانت في السابق. ويحذر إيبرت من أن واشنطن لم تعد شريكا يمكن الاعتماد عليه دائما.
أنتوني غاردنر، السفير السابق للولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي خلال ولاية باراك أوباما والمستشار الحالي ليس متفائلا جدا بأن العلاقات عبر الأطلسي ستتحسن بعد هذا اللقاء. فغاردنر يرى أن ترامب لا يزال يعتبر أوروبا غير ذات أهمية تذكر.
ورغم أن السياسيين الأوروبيين تمكنوا من إعادة التوازن إلى حد ما لصالح أوكرانيا، إلا أن الاجتماع لم يسفر عن نتائج ملموسة. ويتوقع غاردنر أن يضطر الأوروبيون إلى تكرار هذه المحاولة، لأن ترامب يغير رأيه "كل ساعة". وفي النهاية فإن الهدف من الرئيس الأمريكي الحالي هو التوصل إلى اتفاق يخدم مصالحه.
ومع ذلك فإن استعداد الولايات المتحدة المعلن للمشاركة في ما يسمى بضمانات الأمن لأوكرانيا يعتبر إنجازا كبيرا في الأيام الأخيرة. هناك حديث عن وعود بالحماية مشابهة لتلك الواردة في المادة 5 من معاهدة حلف شمال الأطلسي وهي واجب تقديم المساعدة في حالة تعرض أحد الحلفاء للهجوم.
قادة الدول والحكومات الأوروبية في مايو خلال اجتماع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكيصورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance
في واشنطن سعى الوفد الأوروبي إلى التأكيد على رغبته في القيام بدوره. فقد قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرئيس الأمريكي: "يمكنك أن تكون على يقين من أن أوروبا تدرك تماما أنها ستؤدي دورها العادل في ضمانات الأمن لأوكرانيا، لأن أمنها هي نفسها على المحك". ومن المرجح أن يكون "تحالف الراغبين" عنصرا أساسيا في ضمانات الأمن المستقبلية إلى جانب تعزيز الجيش الأوكراني.
إعلان
ما هو "تحالف الراغبين"؟
تم تشكيل "تحالف الراغبين" قبل بضعة أشهر من قبل فرنسا وبريطانيا. ويقال إن عدد أعضائه يبلغ حوالي 30 عضوا. وحسب رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا شاركت كندا وتركيا واليابان ونيوزيلندا في مؤتمر عبر الهاتف عقدته هذه المجموعة.
وبعد انتهاء الأعمال الحربية في أوكرانيا، سيتم نشر "قوات حماية". وستساعد هذه القوات في إعادة بناء القوات البرية الأوكرانية وتأمين المجال الجوي والبحري لأوكرانيا، حسبما أعلن كير ستارمر، الرئيس المشارك للتحالف في يوليو. ويرى إيبرت في "تحالف الراغبين" إشارة سياسية إلى واشنطن بأن أوروبا مستعدة لتحمل المزيد من المسؤولية ومواجهة الرواية الأمريكية بأن الأوروبيين يستريحون على ظهر الولايات المتحدة.
في الماضي أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوضوح أن أوروبا يجب أن تفعل المزيد من أجل دفاعها. وقد ساهم ذلك بشكل كبير في رفع هدف حلف الناتو للإنفاق على الدفاع من 2% إلى 3.5% أو 5% في قمة الناتو الأخيرة في لاهاي.
ويؤكد السفير السابق أنتوني غاردنر أن الأوروبيين "يضعون الآن أقوالهم موضع التنفيذ". ويضيف أن هذا أمر مهم، لكنه استغرق وقتا طويلا. لكن سلوك أوروبا في هذا الشأن ليس نزيها تماما: فهناك نية خفية تتمثل في إقناع الأمريكيين بالانضمام إلى هذا التحالف، كما يقول خبير الأمن إيبرت.
الضمانات الأمنية التي تعهدت بها الولايات المتحدة لأوكرانيا
02:48
This browser does not support the video element.
لن تستطيع أوكرانيا النجاح بدون الولايات المتحدة
لأن هناك أمر واحد واضح: بدون الأمريكيين سيكون من الصعب بل ومن المستحيل توفير الضمانات الأمنية المذكورة. ويقول المحلل السياسي إيبرت لـ DW إن أوكرانيا تعتمد على الولايات المتحدة في مجالات الدفاع الجوي والصاروخي والاستطلاع والنقل الجوي الاستراتيجي.
وأنها بحاجة إلى الأمريكيين كضمان. فأوروبا غير قادرة على حشد قوات كافية لضمان وقف إطلاق النار بشكل فعال. ولذلك يجب أن يكون واضحا أن الولايات المتحدة ستتدخل في حال حدوث أي شيء، حسب إيبرت.
ويجري حاليا العمل على صياغة ضمانات الأمن. وحسب معلومات بريطانية من المقرر أن يعقد اجتماع بين الولايات المتحدة وممثلي "تحالف الراغبين" في الأيام المقبلة.
ترامب يتوقع قوات برية أوروبية
ومن القضايا الحساسة في هذا الصدد مسألة "القوات البرية" أي مسألة ما إذا كان ينبغي إرسال قوات برية أوروبية إلى أوكرانيا. وفي حين أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن نيته إرسال قوات إلى أوكرانيا لم تتخذ الحكومة الألمانية موقفا نهائيا في هذا الشأن. وترفض روسيا نشر قوات حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا.
السفير الأمريكي السابق غاردنر ينتقد أنه على الرغم من كثرة الحديث حول هذا الموضوع، إلا أنه في النهاية يبدو أن الأمر لا يهم كثيرا. حتى بعد مرور عدة أشهر لا يزال من غير الواضح ما الذي تستعد أوروبا لتقديمه. من خلال جعل استعدادهم للتحرك مرهونا بالطرف الآخر، فإن الأوروبيين والأمريكيين يتقاذفون المسؤولية فيما بينهم.
وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية أوضح دونالد ترامب توقعاته من أوروبا: فهو يفترض أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا سترسل قوات برية، حسب ترامب. الولايات المتحدة مستعدة لتقديم الدعم الجوي على سبيل المثال. وقد تصبح مسألة القوات البرية الاختبار التالي للعلاقات عبر الأطلسي.
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.