1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قمة العشرين- هل تفتح باب التغيير في السعودية؟

علاء جمعة
٢٠ نوفمبر ٢٠٢٠

مع استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين، توالت الانتقادات الدولية الداعية للمقاطعة على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان، فهل تنجح الرياض في استغلال الاجتماع لتغيير صورتها؟ وما انعكاسات القمة المحتملة على الدول العربية الأخرى؟

Saudi Arabien | G20-Finanzministertreffen in Riad
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nureldine

تأتي استضافة السعودية نهاية هذا الاسبوع لأعمال قمة مجموعة العشرين لأول مرة عربيا في أعقاب انتخابات أميركية صاخبة رفض الرئيس دونالد ترامب نتائجها، ووسط انتقادات لما يعتبره نشطاء استجابة غير كافية من قبل المجموعة لأسوأ ركود اقتصادي منذ عقود. القمة التي تعقد السبت وتستمر يومين والتي سيرأسها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ستكون افتراضية بسبب جائحة كورونا، بيد أنها فجرت انتقادات كبيرة لانتهاكات الرياض المتكررة لحقوق الانسان.

تأتي أهمية هذه المجموعة من كون الدول الأعضاء فيها، مجتمعةً تحوز على حوالي 80 بالمائة من الناتج الاقتصادي العالمي، ويعيش في دولها ثلثا سكان العالم، وتستحوذ على ثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية، وعادة ما ينظر إلى فعالية قمة "مجموعة العشرين" السنوية على أنها الحدث الأبرز والأهم على صعيد الاقتصاد العالمي، وهي بمثابة منتدى رئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي حيث تضم قادة من جميع قارات العالم يمثلون دولا متقدمة وأخرى نامية يجتمعون لمناقشة القضايا المالية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية.

سكان هامبورغ ينظفون مدينتهم من "مخلفات" قمة العشرين

01:19

This browser does not support the video element.

ماذا سيستفيد العرب؟

تولت المملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر 2019 تمهيداً لقمة القادة التي ستُعقد في الرياض يومي 21 و22 نوفمبر 2020. وستتولى المملكة توجيه أعمال المجموعة تحت عنوان "اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع" وستكون المحاور الرئيسية الثلاث لرئاسة مجموعة العشرين بحسب الصفحة الرسمية للمؤتمر

هي تمكين الناس: من خلال تهيئة الظروف التي يتمكن فيها الجميع، خاصة النساء والشباب، من العيش والعمل وتحقيق الازدهار.

حماية الكوكب: من خلال تعزيز الجهود المشتركة لحماية الموارد العالمية.

تشكيل حدود جديدة: من خلال تبني استراتيجيات جريئة وطويلة المدى لمشاركة منافع الابتكار والتقدم التكنولوجي.

 الخبير الاقتصادي والمتخصص في الشأن الخليجي فايز نشوان يرى في حوار مع DW عربية أن السعودية تحاول من خلال هذه القمة تقديم صورة عصرية واعدة للعالم من خلال اطلاقها لمشاريع ستهدف إلى تطبيق فعلي للمحاور المطروحة ضمن اجتماع مجموعة العشرين.

ويحسب الخبير الكويتي فايز نشوان فإن السعودية ستعمل على تطبيق مشاريع على شقين، الأول إطلاق مشاريع تعزز دور المرأة وتمكين الشباب داخل المملكة وذلك تحقيقا لرؤية ولي العهد بن سلمان، والثاني إطلاق مشاريع في عدة دول عربية واسلامية من أجل ترسيخ قيادتها في المنطقة ورغبة منها في تحسين سمعتها دوليا. ولفت نشوان إلى أن الأردن مثلا على لائحة الضيوف المشاركين في القمة، وهو ما يعكس رغبة المملكة في مشاركة عربية بالمشاريع الاقتصادية.

دعم مرتقب لليمن والعراق

ويؤكد الخبير في الشأن الخليجي أن السعودية ستعمل على مبادرة مساعدات للدول الفقيرة من داخل العالم الاسلامي وخارجه، من أجل التأكيد على الصورة الانسانية لجهودها، بيد أن دولا مثل العراق وسوريا واليمن يفترض أن تأخذ حيزا كبيرا من الخطاب السعودي وذلك لرغبة حكومة الرياض في تحريك هذه الملفات ضمن اشراف دولي. وقال نشوان إنه وبسبب ظروف الجائحة فإن مسألة توفير اللقاح للدول الفقيرة بالإضافة إلى مساعدة الدول الأقل حظا في مواجهة أثار كورونا ولا سيما الاقتصادية منها سيكون بلا شك واحدا من المحاور الرئيسية التي سيناقشها الحضور. 

وذكر المنظمون أنّ دول مجموعة العشرين ساهمت بأكثر من 21 مليار دولار لمكافحة الوباء، بما في ذلك إنتاج اللقاحات وتوزيعها وضخ 11 تريليون دولار "لحماية" الاقتصاد العالمي الذي يعاني من تبعات الفيروس، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية، لكن المجموعة تواجه ضغوطًا متزايدة لبذل المزيد من الجهد في التعامل مع احتمالات التخلف عن سداد الديون في الدول النامية. كما أكدت المجموعة على صفحتها الرئيسية مساهمة مجموعة العشرين للقطاع الصحي العالمي وتطوير أنظمة صحية مستدامة متمركزة على الإنسان وتقديم تغطية صحية شاملة. وهو ما يؤكد استحواذ كيفية مواجهة جائحة كورونا على محادثات القمة المرتقبة.

الرياض وملف حقوق الإنسان

تواجه السعودية انتقادات واسعة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومن برلمانيين أوربيين وأعضاء في الكونغرس الأمريكي يعتقدون أنها ليست مؤهلة لاستضافة حدث عالمي مهم كهذا الحدث في ظل سجلها الحافل بالانتهاكات، سواء على صعيد الحرب في اليمن أو حملات الاعتقال لنساء وقادة رأي وناشطين في مجال حقوق الإنسان، إلى جانب ما يتعلق بقضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، ومسؤولية ولي العهد محمد بن سلمان المباشرة بتوجيه أمر الاغتيال.

وكان من المفترض أن تكون القمة إشارة لعودة سعودية قوية إلى المسرح العالمي. فقد خططت المملكة الثرية لاستضافة قمة كبرى كان من شأنها أن تلقي مزيدا من الضوء على حملة الانفتاح الطموحة للحاكم الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان  بيد ان جائحة كورونا حصرت إقامة القمة في شكل افتراضي.

ومؤخرا حثّ 45 عضوا في الكونغرس الأمريكي في رسالة مفتوحة، إدارة الرئيس دونالد ترامب على عدم المشاركة في قمة مجموعة العشرين بالرياض "ما لم تتخذ السعودية فورا إجراءات لتحسين سجلّها في مجال حقوق الإنسان". كما أعربت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن أسفها لعقد هذه القمة لأنّه "في الوقت الذي تتعرّض فيه النساء الشجاعات للتعذيب بسبب أنشطتهن السلمية، فإنّ الحكومة السعودية تسعى لتأكيد نفسها على الساحة الدولية كقوة إصلاحية".

ودعت المنظمة دول "مجموعة العشرين" إلى الضغط على السعودية للإفراج عن جميع المعتقلين بصورة غير قانونية، وتوفير المساءلة عن "الانتهاكات الجسيمة"، والسماح لهيئة دولية مستقلة بالتحقيق في مقتل جمال خاشقجي، وذلك قبل القمة الافتراضية للمجموعة.

وبالرغم من محاولات الرياض استثمار هذا الحدث من أجل تلميع صورتها الدولية وخاصة لسياسة ولي العهد، ‘لا أن هناك شكوكا قوية بين البرلمانيين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول ما إذا كان الاجتماع الذي ترأسه المملكة قادر على احراز تغييرات جدية في سياسة لمملكة الداخلية والخارجية.

وطالب نواب في البرلمان الأوروبي رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين بعدم الجلوس شخصيا امام شاشة الفيديو هذه المرة. وقال عضو حزب العمل البلجيكي مارك تارابيلا لـ "DW": "من الأفضل عدم إرسال وفد رفيع المستوى، بل وفد بسيط قادر على إرسال إشارة قوية إلى السلطات السعودية". كما أعربت لجنة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية في البرلمان الألماني عن عميق قلقها بشأن وضع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، حيث جرت "إصلاحات اجتماعية انتقائية، ومن ذلك التحرير المحدود لحقوق النساء والقيود الاقتصادية الموضوعة عليهن". وانتقدت اللجنة كذلك "التضييق السياسي وملاحقة المعارضين الذين يطالبون بحماية حقوق الإنسان وبالإصلاحات الديمقراطية'.

المبالغة في التوقعات

هذه الانتقادات لم تجد آذانا صاغية في الاتحاد الأوروبي، حيث رفضت مفوضية الاتحاد الأوروبي هذه المطالب. وقال اريك مامر المتحدث باسم المفوضية: "نحن لا نحدد جدول اعمال مجموعة العشرين. وتتبع هذه الاجتماعات قواعد وبروتوكولات صارمة للغاية عندما يتعلق الأمر بالحق في الكلام.

الخبير في شؤون الارهاب إيف إيكوي أمايزو أكد عبر مكالمة هاتفية مع DW شكوكه في قدرة السعودية على تغيير سياستها، وقال إن المزيد من المتشددين يغادرون إفريقيا للقتال في اليمن وذلك لقاء المداخيل العالية التي يحصلون عليها وهو ما يعكس تمسك الرياض بسياستها الخارجية الحالية.

ويحذر دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي من عقد الآمال الكبيرة في التغيير السياسي عبر اجتماع قمة العشرين، ويقولون إن المجموعة ليست مجتمعاً للقيم، بل هي ناديا اقتصاديا بالاساس. لذلك من الطبيعي في نهاية الأمر، أن تلتقي الديمقراطيات الغربية مع دول ذات أنظمة استبدادية مثل روسيا، وديكتاتورية الحزب الواحد في الصين، والملكية المطلقة للمملكة العربية السعودية وأن تجد أساسا للحوار، فما يجمع هؤلاء هي المصلحة حتى وان كانت وجهات النظر مختلفة.

الكاتب : علاء جمعة

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW