قمة ثلاثية في سوتشي - دفعة باتجاه تسوية الأزمة السورية؟
١٤ فبراير ٢٠١٩
رحب رؤساء روسيا وايران وتركيا الخميس خلال اجتماع في سوتشي بإعلان انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وتعهدوا بـ"تعزيز تعاونهم" لوضع حد للنزاع في هذا البلد رغم الخلافات القائمة بين حليفي النظام السوري وأردوغان.
إعلان
مسائية DW: قمة ثلاثية في سوتشي.. دفعة جديدة لتسوية سياسية؟
24:39
عبر زعماء روسيا وتركيا وإيران عن بالغ ترحيبهم بقرار ترامب الخاص بسحب جنود بلاده من شمال سوريا وتعهدوا بتعزيز التعاون بينهم لوضع حد للنزاع في هذا البلد. واجتمع الرؤساء الروسي والإيراني والتركي الخميس في جنوب روسيا في محاولة لإحياء تسوية النزاع السوري.
وقال الرئيس الروسي إن القمة الثلاثية في سوتشي "تناولت تأثير إعلان خطة واشنطن سحب القوات الأميركية من المناطق في شمال شرق البلاد على التطور المستقبلي للوضع في سوريا". وأضاف أن "وجهة نظرنا المشتركة مفادها أن إنجاز هذه المرحلة سيكون نقطة إيجابية تساعد في استقرار الوضع في المنطقة".
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في مؤتمر صحافي عقب القمة الثلاثية في سوتشي إن روسيا لم تشهد أي تغيرات كبيرة تشير إلى الانسحاب الأمريكي من سوريا بعد أن أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بذلك. وقال بوتين إن ترامب يحاول الوفاء بوعوده الانتخابية من خلال سحب القوات لكنه غير قادر دائما على الوفاء بتعهداته بسبب ما وصفه بوتين بالقضايا السياسية الداخلية.
وفي ذات المؤتمر الصحفي لبوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد قمتهم بشأن سوريا في جنوب روسيا، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أضر بدول المنطقة ودعا واشنطن لسحب قواتها بالكامل من سوريا.
ومن جانبه قال أردوغان إنه كان هناك حديث بشأن الانسحاب الأمريكي من سوريا في أبريل/ نيسان أو مايو/ أيار، لكنه أضاف أن توقيت الانسحاب لا يزال غير واضح.
محاصرة داعش في آخر كيلومتر مربع يسيطر عليه في الباغوز
01:39
This browser does not support the video element.
وتناولت المباحثات أيضا مصير محافظة إدلب السورية (شمال غرب)، أخر معقل للفصائل المعارضة. وتوافق الرؤساء الثلاثة على اتخاذ "تدابير ملموسة" لضمان استقرار الوضع في هذه المنطقة التي تشهد مواجهات متقطعة منذ أسابيع.
وأعلن البيان المشترك للقمة الروسية /التركية /الإيرانية، في مدينة سوتشي، أن اللقاء المقبل حول سوريا في استانا سوف يُعقد في شهر نيسان/ أبريل المقبل. وجاء في البيان الصادر اليوم الخميس: "اتفقنا على تكليف ممثلينا لإجراء لقاء دولي جديد حول سوريا في أستانا في نيسان/ أبريل 2019"،بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.
وخلال جلسات المحادثات التي عقدها رؤساء الدول الثلاث روسيا وتركيا وإيران، أشار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أن بعض البلدان تريد الانضمام إلى "عملية أستانا" للتسوية في سوريا بصفة مراقبين. وأكد الرئيس الروسي، أن روسيا وإيران وتركيا سيدعمون إطلاق "اللجنة الدستورية السورية".
كما وصف بوتين المباحثات حول سوريا في القمة الروسية - الإيرانية - التركية في سوتشي بأنها كانت بناءة ومفصلة للغاية، مؤكدا أن روسيا وإيران وتركيا تعمل على تعزيز التعاون في إطار "عملية أستانا".
ح.ع.ح/ي.ب (د.ب.أ/أ.ف.ب/رويترز)
إدلب الخضراء.. طبول الحرب تقرع في "أرض مملكة إيبلا"
ترتفع الأصوات الدولية التي تحذّر النظام السوري من إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب، مع سعي النظام للسيطرة على المعقل الرئيسيّ لفصائل المعارضة. فما هي الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لإدلب؟
صورة من: picture-alliance/AP
أهمية استراتيجية
تعتبر محافظة إدلب في شمال غربي سوريا آخر المعاقل الرئيسية لفصائل المعارضة، وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة فهي من جهة محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية. كما أن مدينة إدلب (مركز المحافظة) لا تبعد عن طريق حلب - دمشق الدولي سوى 20 كليومتراً.
صورة من: AP
إدلب الخضراء
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً الزيتون والقطن والقمح. وبسبب اشتهارها بزراعة الزيتون فقد كان يطلق عليها "إدلب الخضراء". كما أنها كانت سوقاً تجارياً واسعاً للمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها أحد مراكز صناعة الصابون في سوريا.
صورة من: Colourbox
أرض مملكة إيبلا
وتعرف محافظة إدلب بكثرة متاحفها ومواقعها الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، ومن أبرزها مدينة إيبلا الأثرية، إحدى أقدم الممالك في سوريا قبل الميلاد. قبل اندلاع النزاع في 2011، كان متحف إدلب يتميز باحتوائه على مجموعة قيمة من الرقم المسمارية، التي تروي عبر نصوص سياسية وأدبية تاريخ مملكة إيبلا. إلا أن المتحف الذي أُعيد افتتاحه هذا الشهر، لم يسلم خلال سنوات الحرب من القصف وأعمال السرقة والنهب.
صورة من: Daniel Leal-Olivas/AFP/Getty Images
معقل للمعارضة
انضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات على النظام السوري التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً الى نزاع مسلح تعددت أطرافه. وفي آذار/ مارس 2015 سيطر "جيش الفتح"، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية وجهادية بينها جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة بسوريا) التي تحولت إلى "هيئة تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
صورة من: dapd
اقتتال داخليّ
بعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل تواجد محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي. وفي 18 شباط/ فبراير 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى "جبهة تحرير سوريا" لتخوضا مجدداً معارك مع جهاديي هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Nusra Front on Twitter
مليونان ونصف المليون
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديين جهاديين فيها بشكل دوريّ. ويعيش في إدلب حالياً نحو 2,3 مليون شخص بينهم أكثر من مليون نزحوا من مناطق أخرى، مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح ولا سيما من الغوطة الشرقية التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Khder
هجمات كيميائية
منذ 2014 تعرضت إدلب إلى عدة هجمات كيميائية، فبعد تأكيد لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن قوات النظام استخدمت الغازات السامة في كل من بلدة تلمنس (21 نيسان/ ابريل 2014) وبلدتي سرمين وقميناس (آذار/ مارس 2015)، تعرضت مدينة خان شيخون لهجوم كيميائي في 2017، أدوى بحياة عشرات الأشخاص بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن الهجوم، رغم نفي الأخير.
صورة من: Reuters/A. Abdullah
تصعيد في منطقة "خفض التصعيد"
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد التي تم التوصل إليها في أيار/ مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق في إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي. لكنها تعرضت نهاية 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sultan
الأسد: هدفنا الآن إدلب
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في 26 تموز/ يوليو الماضي أن "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد". وفي 9 آب/ أغسطس الجاري قصفت قوات موالية للنظام السوري مواقع في إدلب قالت بأنها لفصائل معارضة وجهاديين وألقت منشورات تدعو السكان للاستسلام.
صورة من: picture-alliance/abaca
تحذيرات من "حمّام دم"
ودعت الأمم المتحدة إلى التوصل إلى "اتفاقات" لتفادي "حمام دم" في إدلب، وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان ديمستوريا قد قال في أيار/ مايو إنه في حال تكرار سيناريو الغوطة في إدلب فإن حجم الدمار وأعداد الضحايا قد تكون أكبر بست مرات، مشيراً إلى نصف الناس الذين يعيشون في إدلب، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، نازحون و"ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه".
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تمهيد للهجوم؟
وبعد أن اتهمت روسيا فصائل المعارضة بالتحضير لعمل "استفزازي" يتمثل بهجوم كيميائي في إدلب بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا، أبدت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قلقاً متزايداً على مصير ملايين المدنيين في إدلب، خصوصاً بعد أن عززت روسيا من وجودها العسكري قبالة السواحل السورية، فهل سيتكرر سيناريو الغوطة في إدلب؟
محيي الدين حسين