قمة طهران .. بوتين يشيد وأردوغان ينتظر دعما في شمال سوريا
١٩ يوليو ٢٠٢٢
في قمة طهران، تقدم في المحادثات بين تركيا وروسيا بشأن تصدير القمح من أوكرانيا، وبشأن الفصائل الكردية شمال سوريا يقول أردوغان إن بلاده تعتمد على دعم روسيا وإيران في سوريا، مشيرًا إلى أن "الكلام لا يكفي".
إعلان
تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء عن إحراز تقدم في المحادثات حول تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود وشكر نظيره التركي رجب طيب إردوغان أثناء لقاء في طهران.
وقال بوتين متوجّهًا إلى إردوغان في تصريحات أوردها الكرملين في بيان "أودّ أن أشكركم لجهود الوساطة التي بذلتموها، لاقتراحكم تركيا كميدان مفاوضات حول مشكلات الإنتاج الغذائي ومشكلات تصدير الحبوب عبر البحر الأسود". وأضاف "بفضل وساطتكم، أحرزنا تقدّمًا. لم تحلّ كل المسائل بعد، هذا صحيح، لكن هناك حركة وهذا أمر جيّد".
وأكدت إيران وروسيا وتركيا تصميمها على مواصلة التعاون "للقضاء على الإرهابيين" في سوريا، وذلك في بيان مشترك بختام قمة ثلاثية عقدت الثلاثاء في طهران، تأتي في ظل تلويح أنقرة بشنّ عملية عسكرية تستهدف الأكراد.
وأعربت الدول الثلاث عن تصميمها "على مواصلة تعاونها القائم للقضاء في نهاية المطاف على الأفراد والمجموعات الإرهابية"، معربة عن "رفض كل المحاولات لخلق وقائع جديدة على الأرض تحت ذريعة مكافحة الارهاب، بما يشمل مبادرات الحكم الذاتي غير القانونية، والتصميم على الوقوف في وجه الأجندات الانفصالية الهادفة لتقويض سيادة ووحدة أراضي سوريا، إضافة الى تهديد الأمن القومي للدول المجاورة".
ويزور الرئيسان طهران لإجراء مباحثات مع نظيرهما الإيراني إبراهيم رئيسي بشأن النزاع في سوريا إضافة إلى الحرب في أوكرانيا. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الجمعة أن "وثيقة نهائية" ستكون جاهزة قريبًا للسماح بتصدير الحبوب من أوكرانيا.
من جانبه أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده تعتمد على دعم روسيا وإيران "في مواجهة الإرهاب" في سوريا، مشيرًا إلى أن "الكلام لا يكفي". وقال "ما ننتظره من روسيا وإيران هو دعمهما في مواجهة الإرهاب"، بعدما عدّد الفصائل الكردية الرئيسية التي تنشط في شمال شرق سوريا على الحدود التركية حيث يهدّد بشنّ عملية عسكرية منذ شهرين. وكان الزعيم الإيراني الأعلى خامنئي قد أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال لقائه اليوم، أن أي عملية عسكرية تشنّها أنقرة ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، "ستعود بالضرر" على المنطقة. وقال خامنئي خلال استقباله الرئيس التركي في طهران إن عملية كهذه "ستعود بالضرر على سوريا، ستعود بالضرر على تركيا، وستعود بالضرر على المنطقة"، وذلك وفق بيان نشر على موقعه الرسمي.
حل دبلوماسي للأزمة السورية
وتطرّق بوتين أيضاً خلال لقائه إردوغان الثلاثاء إلى "المسائل الكثيرة" المتعلّقة بحلّ النزاع في سوريا، وكذلك إلى "المسألة الأخرى المهمّة" المتعلّقة بتسوية النزاع في ناغورني قره باغ. وقال بوتين إن روسيا وإيران وتركيا ملتزمة بمواصلة الجهود الرامية إلى عودة الوضع في سوريا إلى "طبيعته".
بدوره، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في خطاب أمام القمة الثلاثية بثه التلفزيون اليوم إن إيران تدعم التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا. وأضاف: "مصير سوريا يجب أن يقرره شعبها دون أي تدخل أجنبي... الوجود غير الشرعي للقوات الأمريكية المحتلة يزعزع استقرار سوريا... الوجود القوي للجيش السوري سيساعد في الحفاظ على وحدة البلاد". واضاف رئيسي أن "الشئ الأكثر أهمية هو ضمان وحدة أراضي سوريا.. وهدف آخر معلن على نحو مشترك هو مكافحة الإرهاب".
من جانبه دعا بوتين إلى مزيد من الوحدة في السياسة الخاصة بسوريا واتهم الغرب بالتدخل في شؤونها. وقال بوتين إن الغرب "حدد مسارا لتقسيم البلاد (سوريا)"، وشدد على ضرورة معارضة هذا بشكل مشترك من جانب روسيا وتركيا وإيران، التي قال بوتين إن لديها دورا مهما في تشكيل مستقبل سوريا.
وتساند روسيا وإيران الرئيس السوري بشار الأسد بينما تتحالف تركيا مع المعارضة . وتنظم القوى الحامية الثلاث محادثات بشان النزاع في سوريا في ظل ما يطلق عليه صيغة استانا منذ عام 2017.
وأعلنت أنقرة منذ عدة أسابيع عن أعتزامها شن هجوم جديد في شمال سوريا وتحتل اراضي في الشمال كنتيجة لتدخلات عسكرية في الماضي. وحذرت روسيا وإيران مؤخراً تركيا من شن عملية عسكرية.
إيران تنتقد الناتو
وانتقد المرشد الأعلى الإيراني أية الله على خامنئي الغرب بسبب توسع حلف شمال الأطلسي (ناتو) شرقاً. وأفادت إذاعة جمهورية إيران الإسلامية بأن خامنئي قال خلال المحادثات إن الصراع كان سيصبح مختلفاً إذا لم تبادر روسيا في الحرب ضد أوكرانيا.
ويبدو أن المرشد الأعلى الإيراني كان يلمح إلى جدلية طرحتها روسيا، وتشير إلى أن موسكو شعرت بأنها تحت ضغط بسبب انضمام دول في شرق أوروبا إلى الحلف الدفاعي وخاصة بسبب احتمال انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
ع.ح./ع.خ. (أ ف ب، رويترز، د ب ا)
11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
صورة من: Moawia Atrash/ZUMA Wire/imago images
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
صورة من: Izzeddin Kasim/AA/picture alliance
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
صورة من: Muhammed Said/AA/picture alliance
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
صورة من: Ammar Safarjalani/Xinhua/picture alliance
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
صورة من: dapd
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
صورة من: dapd
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
صورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/picture alliance
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
صورة من: picture-alliance/AA/A. el Ali
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
صورة من: Reuters/S. Kitaz
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
صورة من: Violaine Martin/UN Geneva/dpa/picture alliance
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.
صورة من: Muzaffar Salman/AP Photo/picture-alliance