1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"قناة العرب تجاوزت الخط الأحمر فتم وقف بثها"

أجرى الحوار: عارف جابو٣ فبراير ٢٠١٥

بعد ساعات من انطلاقها تم وقف بثها، فأثارت الجدل في الأوساط السياسية والحقوقية والإعلامية العربية حول حرية الإعلام في العالم العربي، إنها قناة "العرب" DW عربية حاورت د. رياض الصيدواي حول خلفيات وأسباب وقف بث "العرب".

Alarab TV
صورة من: picture-alliances/AP/H.Jamali-File

في أول يوم من بدء بثها الحي من العاصمة البحرينية المنامة، استضافت فضائية "العرب" التي يملكها رجل الأعمال السعودي وليد بن طلال، معارضا بحرينيا شيعيا بارزا.فتم وقف بث القناة التي قال مديرها، جمال خاشقجي، قبيل انطلاقها، إنها ستكون على مسافة واحدة من الجميع و"لن نقوم بالاصطفاف إلى جانب أي طرف".وقف بث الفضائية العربية الجديدة يثير أكثر من سؤال حول حرية الإعلام والصحافة في العالم العربي ومدى استقلالية وسائل الإعلام وخاصة ذات الميزانيات الضخمة والتي يقف وراءها رجال أعمال أثرياء أو دول. وللوقوف على ملابسات وخلفيات وقف بث قناة العرب أجرت DWعربية حوارا مع الدكتور رياض الصيداوي، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف.

DW: تم وقف بث قناة العرب بعد ساعات فقط من انطلاقها، تم الحديث عن أسباب مختلفة لوقف البث. برأيك هل يعتبر ذلك ضربة جديد لحرية الصحافة والإعلام في العالم العربي؟

رياض الصيداوي: لا، أنا أعتقد أن حرية الإعلام غير متوفرة أصلا، فأكبر إمبراطوريتين إعلاميتين تسيطران على الإعلام من حيث الكم والمال، وهما السعودية والقطرية. وحرية الإعلام في العالم العربي مرتبطة بشيء اسمه "قانون القرب". ويمكن الحديث عن حرية الإعلام حين تكون هناك وسيلة إعلامية تمارس "قانون القرب" الذي يعني أن تبدأ الوسيلة الإعلامية بالحديث عن أقرب مكان بالنسبة إليها وهو المكان الذي تتواجد فيه، مثلا قناة الجزيرة قبل أن تتحدث عن اعتقال صحافيين في مصر والجزائر وغيرها، عليها التحدث عن اعتقال الشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي، أي أن تبدأ بالحديث عما يحدث في القطر فالخليج ثم تذهب أبعد من ذلك، هذا قانون أساسي في الإعلام وعلم الصحافة. فبدون الالتزام بهذا القانون واحترامه، لا يمكن الحديث عن حرية الإعلام. وما هو موجود في العالم العربي، هو أثرياء يمتلكون ثروات طائلة يشترون تقنيات متطورة وكتابا وصحافيين، ويتحدثون عن الآخرين دون الحديث عن أنفسهم. ومن هنا يأتي الخلل في الإعلام العربي.

لنبقى مع قناة العرب، حيث أشارت صحيفة بحرينية مقربة من الحكومة إلى أن سبب وقف البث هو عدم التزامها بالمعايير المتفق عليها، أي أنها أخلت بما اتفقت عليه مع المنامة. ألم يكن من واجبها وكما أي وسيلة إعلامية أن تلتزم بما اتفقت عليه مع الجهة الراعية أو المستضيفة لها؟

هذه اتفاقيات داخلية بين حكومات ورجال أعمال، وكاتفاقية مسألة خاصة بهم، ما يعنينا هو حرية التعبير. والبحرين ليست دولة ديمقراطية وبالتالي لن تسمح بحرية التعبير، وفي اللحظة التي تتجاوز فيها وسيلة الإعلام الخطوط الحمراء، تغلقها سواء أكانت بحرينية أو غير بحرينية، وهذه مسألة طبيعية. ويجب ألا ننسى أن الإعلام يعكس التوازنات الداخلية السياسية والاجتماعية، فالإعلام البريطاني أو السويسري أو الألماني مثلا يعكس ما يحدث في المجتمع سلبا أو إيجابا ويعكس حتى الصراعات والتوازنات الداخلية. إذن الدولة الديمقراطية يمكن أن يكون إعلامها ديمقراطيا حرا، لكن من المستحيل أن تكون الدولة غير ديمقراطية وإعلامها حر، إنها معادلة مستحيلة.

د. رياض الصداوي: من المستحيل أن تكون الدولة غير ديمقراطية وإعلامها حرصورة من: privat

إذن وكما يقول مراقبون، السبب الحقيقي لوقف بث القناة هو استضافتها للمعارض البحريني خليل مرزوق، نائب أمين عام جمعية الوفاق البحرينية الشيعية المعارضة؟

نعم بالتأكيد، ولنكن أكثر صراحة ومباشرة، من أوقف بث القناة هو أجهزة المخابرات التي تراقب وتتحكم بالإعلام في العالم العربي، فحين تبث القناة ما لا يتوافق مع رؤية هذه الأجهزة، تتدخل وتوقفها، وهذا أمر معروف لدى كل المراقبين والمتابعين لأجهزة الإعلام العربية، وليس سرا نكشفه، فالقناة تجاوزت الخط الأحمر فتم وقف بثها، إلى أن يتم عقد اتفاق جديد أو طردها خارج البلاد. ما أريد أن أقوله هو أن الأسس المهنية المتعارف عليها لحربة الإعلام غير متوفرة في هذه البلدان، رغم توفر الأموال والتقنية وشراء الكفاءات.

هناك متابعون لهذا الشأن يقولون إن أسبابا أخرى تقف وراء وقف بث قناة العرب، وهي الضغوط السعودية. فالعلاقة بين الرياض والمنامة متينة وتأثير ونفوذ السعودية كبيران جدا في البحرين، وبالتالي فإن ترتيبات البيت السعودي والصراع وراء الكواليس بين أفراد العائلة المالكة ومنهم مالك القناة الأمير وليد بن طلال المعروف بمواقفه الليبرالية، كانت من الأسباب التي دفعت المنامة لوقف البث. ما رأيك بهذا الكلام؟

بالنسبة للأجنحة في السعودية، عاد "السديريون" إلى الواجهة بقوة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف الذي هو وزير الداخلية أيضا، وهم (السديريون) يقومون بتصفية إرث نفوذ الملك الراحل عبد الله وخاصة إقالة أميري مكة والرياض ومسؤول المخابرات ومسؤول الشؤون الدينية. لكن أين يقف الأمير وليد بن طلال، أعتقد أنه كرجل أعمال لا يقف بشكل واضح مع أي من الطرفين، أي جناح الملك الراحل عبد الله أو الجديد سلمان. والأمير وليد يمثل التيار الليبرالي في العائلة المالكة وهو امتداد لوالده الأمير طلال بن عبد العزيز، وهو من الأمراء الأحرار الذين يريدون ملكية دستورية؛ والملك الجديد متحالف مع الوهابية المتشددة وخاصة الأمير محمد بن نايف، وهو مناهض للتيار الليبرالي الذي كان متحالفا مع الملك عبدالله، إذن يمكن أن يكون جناح "السديريين" قد ضغط على المنامة لإبعاد قناة العرب.

إذن تعتقد بأنه يمكن أن يكون للضغط السعودي دور في وقف بث "العرب" وهي غير مستقلة، ماذا بالنسبة للفضائيات والشبكات الإعلامية الكبرى الأخرى ما مدى استقلاليتها وتمتعها بالحرية؟

أعود وأؤكد على مفهوم "قانون القرب"، فصحيح أن هذه القنوات تقف ورائها أموال وميزانيات ضخمة، لكن ليست ورائها مجتمعات ولا دول ديمقراطية، بل العكس تتحكم فيها دول ديكتاتورية، فالسعودية وقطر تصنف في العلوم السياسية كدول ديكتاتورية، إذ ليس فيها أي من مظاهر الدول الديمقراطية المعاصرة، فليس فيها برلمان ولا انتخابات ولا حرية صحافة ولا تعددية حزبية ولا حرية نقابية. لكن توجد لديها أموال ضخمة، هل تستطيع أن تشتري بها حرية الإعلام؟ طبعا لا، فبالأموال الضخمة يمكن أن تشتري تقنية حديثة وكتابا وصحافيين، ولكن لا يمكنها شراء قيمة اسمها الحرية والديمقراطية. ومن هنا حدث التناقض، حيث أن هذه القنوات الضخمة تتحدث عن مشاكل الغير، فهي تعيش على ما يحدث في مصر وسوريا وغيرها من الدولة العربية. والقنوات السعودية لا تتحدث عن آلاف المعتقلين في السعودية ولا تتحدث عن رائف بدوي الذي يجلد في الساحات العامة أمام الجمهور، وقناة الجزيرة وغيرها من القنوات القطرية لا تتحدث عن الشاعر القطري المعتقل محمد بن الذيب العجمي الذي حكم عليه بالسجن المؤبد ثم خفف الحكم إلى 15 سنة، بسبب قصيدة امتدح فيها تونس، وتبشر بالثورة وتنادي بالتحرر في قطر والخليج. إذن هذه القنوات لأثرياء كبار سواء دول أو رجال أعمال، تتحدث عن الآخرين ولا تتحدث عن نفسها. وهي ليست لها أي علاقة بحرية الصحافة والإعلام ولا حتى بالمهنية.

إذن يمكن القول بأنه لا توجد حرية صحافة وإعلام ورأي بدون وجود ديمقراطية، أي أن العلاقة بين الحرية والديمقراطية جدلية، فلا حرية بدون ممارسة فعلية وحقيقية للديمقراطية؟
نعم بالتأكيد.. ولهذا السبب أقول الإعلام في تونس وفي لبنان حر لأن هناك حياة ديمقراطية. فلا يمكن فصل حرية الإعلام عن الحريات العامة والتعددية السياسية والحزبية والنقابية والانتخابات البرلمانية. فدولة ليس فيها برلمان وتعددية سياسية وحزبية، لا يمكن الحديث فيها عن حرية الإعلام، مهما امتلكت واستثمرت من أموال في الإعلام واشترت أجهزة وتقنيات وإعلاميين من أمريكا وبريطانيا واستراليا، وتبقى في نهاية المطاف دولة ديكتاتورية. وأرى أنه كلما كانت الدولة ديمقراطية، كلما كانت الحرية السياسية أوسع وكانت حرية الإعلام أيضا متوفرة وأوسع. ومن هنا فإن تونس ولبنان تتصدران قائمة حرية الإعلام في العالم العربي، بينما السعودية وقطر فتذيلان القائمة. وهنا أعطي تصنيفا علميا وفق أسس ومعايير العلوم السياسية، للدول العربية الأكثر والأقل حرية وخاصة حرية الإعلام.

الدكتور رياض الصيداوي: كاتب وباحث في العلوم السياسية، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW