قوات النظام تتقدم في حماة وألمانيا تتهمها بتدمير منشآت صحية
٢٣ أغسطس ٢٠١٩
مع تقدم الجيش السوري في محافظتي إدلب وحماة والسيطرة على المزيد من القرى والبلدات، تواصل تركيا تحركها لوقف هذا التقدم. في حين أعلنت ألمانيا أن منشآت صحية كانت تدعمها في إدلب قد تضررت أو تم تدميرها في غارات جوية.
إعلان
مسائيةDW : دمشق تحاصر جنودا أتراكا في سوريا.. ماذا سيفعل أردوغان؟
24:32
تعرضت مستشفيات وعناصر إنقاذ مدعومة من ألمانيا لهجمات من النظام السوري في إدلب، وذكرت وزارتا الخارجية والتنمية الألمانيتان ردا على استفسار من وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنه منذ نيسان/ أبريل الماضي تعرضت 6 منشآت صحية مدعومة من ألمانيا للهجوم من قبل النظام السوري، ما أسفر عن تضررها أو تدميرها.
وبحسب بيانات الخارجية الألمانية، تعرضت أربع سيارات إسعاف و 12 مركزا لمنظمة الإنقاذ "الخوذ البيضاء" المدعومة من ألمانيا أيضا للقصف في "غارات جوية متعمدة"، ما أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص، من بينهم عاملون في منظمات شريكة ومدنيون.
وتدعم الحكومة الألمانية الإغاثة الإنسانية وإجراءات أخرى في إدلب من شأنها توفير الدعم الصحي للأفراد وضمان نجاتهم. ورصدت الخارجية الألمانية لهذه الإجراءات خلال هذا العام 36 مليون يورو، بينما خصصت وزارة التنمية الألمانية مساعدات للمنطقة هذا العام بقيمة 17,4 مليون يورو، ويشارك في تمويل ثلثها تقريبا دول أخرى.
وذكرت وزارة التنمية الألمانية أنه بسبب التصعيد العسكري يتم تعليق الدعم في مناطق القتال على نحو متكرر. وفي المقابل أكدت الوزارة أن ألمانيا ستواصل مساعداتها بمجرد أن يسمح الوضع الأمني بذلك، مشيرة إلى أنه يتم إنهاء هذه الإجراءات فقط في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.
النظام يسيطر على كامل ريف حماة
وقد واصل الجيش السوري اليوم الجمعة (23 آب/ أغسطس) تقدمه في إدلب وحماه، حيث سيطر على مجموعة من البلدات والقرى كان قد خسرها في بدايات الحرب الدائرة منذ أكثر من ثماني سنوات. وقال الجيش السوري في بيان "واصلت قواتنا المسلحة العاملة في شمالي حماة وجنوبي إدلب تقدمها الميداني ودحر التنظيمات الإرهابية المسلحة..".. وأضاف البيان "بعد ضربات مكثفة على مدار الأيام السابقة وإحكام الطوق على ريف حماة الشمالي كاملا تمكن جنودنا الشجعان من تطهير البلدات والقرى (....) ولا يزال التقدم مستمرا بوتائر عالية".
وينهي تقدم اليوم وجود المعارضة في ريف حماة، في أحدث ضربة لمقاتليها الذين تكبدوا سلسلة من الهزائم في أنحاء سوريا، كما يقرب المسافة بين القوات الحكومية وموقع عسكري تركي في المنطقة. ولكن احتمال النجاح في تحقيق مزيد من التقدم يصطدم بمصالح تركيا قرب حدودها، وقالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة بأن هجمات الجيش السوري في إدلب تسبب أزمة إنسانية كبرى وتهدد الأمن القومي التركي.
وأضافت الرئاسة التركية أن أردوغان يعتزم القيام بزيارة رسمية لروسيا يوم الثلاثاء المقبل (27 آب/ أغسطس) لمناقشة التطورات في شمال غرب سوريا.
وأعلن الرئيس التركي اليوم أيضا أنه سيناقش التطورات في شمال غربي سوريا في اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في الأيام القادمة.
ع.ج/ هـ. د (د ب أ، رويترز، أ ف ب)
إدلب الخضراء.. طبول الحرب تقرع في "أرض مملكة إيبلا"
ترتفع الأصوات الدولية التي تحذّر النظام السوري من إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب، مع سعي النظام للسيطرة على المعقل الرئيسيّ لفصائل المعارضة. فما هي الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لإدلب؟
صورة من: picture-alliance/AP
أهمية استراتيجية
تعتبر محافظة إدلب في شمال غربي سوريا آخر المعاقل الرئيسية لفصائل المعارضة، وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة فهي من جهة محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية. كما أن مدينة إدلب (مركز المحافظة) لا تبعد عن طريق حلب - دمشق الدولي سوى 20 كليومتراً.
صورة من: AP
إدلب الخضراء
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً الزيتون والقطن والقمح. وبسبب اشتهارها بزراعة الزيتون فقد كان يطلق عليها "إدلب الخضراء". كما أنها كانت سوقاً تجارياً واسعاً للمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها أحد مراكز صناعة الصابون في سوريا.
صورة من: Colourbox
أرض مملكة إيبلا
وتعرف محافظة إدلب بكثرة متاحفها ومواقعها الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، ومن أبرزها مدينة إيبلا الأثرية، إحدى أقدم الممالك في سوريا قبل الميلاد. قبل اندلاع النزاع في 2011، كان متحف إدلب يتميز باحتوائه على مجموعة قيمة من الرقم المسمارية، التي تروي عبر نصوص سياسية وأدبية تاريخ مملكة إيبلا. إلا أن المتحف الذي أُعيد افتتاحه هذا الشهر، لم يسلم خلال سنوات الحرب من القصف وأعمال السرقة والنهب.
صورة من: Daniel Leal-Olivas/AFP/Getty Images
معقل للمعارضة
انضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات على النظام السوري التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً الى نزاع مسلح تعددت أطرافه. وفي آذار/ مارس 2015 سيطر "جيش الفتح"، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية وجهادية بينها جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة بسوريا) التي تحولت إلى "هيئة تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
صورة من: dapd
اقتتال داخليّ
بعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل تواجد محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي. وفي 18 شباط/ فبراير 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى "جبهة تحرير سوريا" لتخوضا مجدداً معارك مع جهاديي هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Nusra Front on Twitter
مليونان ونصف المليون
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديين جهاديين فيها بشكل دوريّ. ويعيش في إدلب حالياً نحو 2,3 مليون شخص بينهم أكثر من مليون نزحوا من مناطق أخرى، مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح ولا سيما من الغوطة الشرقية التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Khder
هجمات كيميائية
منذ 2014 تعرضت إدلب إلى عدة هجمات كيميائية، فبعد تأكيد لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن قوات النظام استخدمت الغازات السامة في كل من بلدة تلمنس (21 نيسان/ ابريل 2014) وبلدتي سرمين وقميناس (آذار/ مارس 2015)، تعرضت مدينة خان شيخون لهجوم كيميائي في 2017، أدوى بحياة عشرات الأشخاص بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن الهجوم، رغم نفي الأخير.
صورة من: Reuters/A. Abdullah
تصعيد في منطقة "خفض التصعيد"
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد التي تم التوصل إليها في أيار/ مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق في إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي. لكنها تعرضت نهاية 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sultan
الأسد: هدفنا الآن إدلب
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في 26 تموز/ يوليو الماضي أن "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد". وفي 9 آب/ أغسطس الجاري قصفت قوات موالية للنظام السوري مواقع في إدلب قالت بأنها لفصائل معارضة وجهاديين وألقت منشورات تدعو السكان للاستسلام.
صورة من: picture-alliance/abaca
تحذيرات من "حمّام دم"
ودعت الأمم المتحدة إلى التوصل إلى "اتفاقات" لتفادي "حمام دم" في إدلب، وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان ديمستوريا قد قال في أيار/ مايو إنه في حال تكرار سيناريو الغوطة في إدلب فإن حجم الدمار وأعداد الضحايا قد تكون أكبر بست مرات، مشيراً إلى نصف الناس الذين يعيشون في إدلب، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، نازحون و"ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه".
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تمهيد للهجوم؟
وبعد أن اتهمت روسيا فصائل المعارضة بالتحضير لعمل "استفزازي" يتمثل بهجوم كيميائي في إدلب بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا، أبدت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قلقاً متزايداً على مصير ملايين المدنيين في إدلب، خصوصاً بعد أن عززت روسيا من وجودها العسكري قبالة السواحل السورية، فهل سيتكرر سيناريو الغوطة في إدلب؟
محيي الدين حسين