قوات النظام تتقدم في غربي حلب وموسكو تريد ضمانات لهدنة جديدة
١٢ نوفمبر ٢٠١٦
بعد معارك عنيفة وقصف واسع ومكثف، تمكنت قوات النظام السوري من استرجاع جميع المناطق التي خسرتها لصالح المعارضة التي حاولت بهجومها الأخير فك الحصار على مناطق شرق حلب، فيما وضعت موسكو شروطا لهدنة إنسانية.
إعلان
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم السبت (12 تشرين الثاني/نوفمبر 2016) أن القوات السورية استرجعت جميع المناطق التي خسرتها أثناء الهجوم الأخير للفصائل المعارضة لكسر الحصار على مناطقها شرق حلب.
وقال المرصد إن القوات السورية "مدعمة بحزب الله اللبناني والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، وبغطاء من القصف الجوي والصاروخي والمدفعي المكثف" تمكنت من استعادة منطقة ضاحية الأسد ومنطقة منيان خارج المدينة.
وبذلك تكون القوات السورية "استعادت كافة المناطق التي خسرتها" في هجوم فصائل المعارضة وبينها جبهة فتح الشام لمحاولة فك الحصار المفروض على أحياء حلب الشرقية التابعة لهم منذ تموز/يوليو. وأدى الحصار إلى قطع طريق الإمدادات الأخيرة إلى أحياء المعارضة ونقص في الأغذية والمحروقات.
من جانب آخر، سجل المرصد مقتل أكثر من 450 شخصا من المقاتلين والمدنيين منذ إطلاق الفصائل معركتهم الأخيرة لمحاولة كسر الحصار في 28 تشرين الأول/أكتوبر. وبين القتلى 215 مقاتلا معارضا سوريا وأجنبيا بعضهم نفذ هجمات انتحارية، و143 عنصرا من القوات السورية. كما قتل بحسب المرصد حوالي 100 مدني أغلبهم في مناطق غربي حلب التابعة للحكومة، وبينهم 29 طفلا قتلوا نتيجة قنابل أطلقتها الفصائل.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم السبت إنها ستحتاج إلى تأكيد رسمي من بعثة الأمم المتحدة في سوريا بشأن قدرتها على توصيل المساعدات إلى شرقي حلب قبل أن توافق موسكو على أي هدنة إنسانية جديدة في المدينة السورية.
وقال الميجر جنرال إيجور كوناشينكوف في بيان "ستكون وزارة الدفاع الروسية مستعدة لإعلان هدنات إنسانية جديدة في أي وقت بمجرد أن يؤكد ممثلو بعثة الأمم المتحدة في سوريا رسميا استعدادهم وإمكانية توصيل المساعدات الإنسانية إلى شرقي حلب وإجلاء المصابين والمرضى المدنيين".
ح.ع.ح/ع.ج (أ.ف.ب، رويترز)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري