بعد تهديدات تركية بشن عملية عسكرية جديدة ضد المقاتلين الأكراد في سوريا، دعا قائد عسكري كردي روسيا وإيران لمنع الهجوم التركي المحتمل، وذلك قبل أيام من قمة روسية إيرانية تركية في طهران بشأن الملف السوري.
إعلان
حثّ القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي اليوم الجمعة (15 تموز/يوليو 2022) موسكو وطهران على منع أنقرة من تنفيذ تهديداتها بشن هجوم جديد في شمال سوريا، وذلك قبل أيام من قمة رئاسية تركية روسية إيرانية لبحث الملف السوري.
وأعلن عبدي أنه في ضوء مباحثات مع روسيا، انتشرت قوات حكومية سورية إضافية في مناطق تتعرض للتهديدات، في خطوة تكررت خلال هجمات تركية سابقة ضد القوات الكردية. وخلال الشهرين الماضيين، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن عملية عسكرية جديدة ضد المقاتلين الأكراد على أن تستهدف هذه المرة منطقتي منبج وتل رفعت.
وقال عبدي في مؤتمر صحافي رداً على سؤال عن القمة المرتقبة: "نأمل ألا يحدث كما في عفرين ورأس العين وتل أبيض مرة أخرى"، في إشارة إلى العمليات العسكرية التركية السابقة ضد المقاتلين الأكراد، والتي مكّنت أنقرة وفصائل سورية موالية لها من السيطرة على مناطق حدودية واسعة. وأضاف عبدي: "لدينا ثقة بأن روسيا وإيران لن توافقا على مطالب تركيا"، معرباً عن أمله ألا تكون سوريا "محط بازارات بين القوى الكبرى". قمة ثلاثية في طهران بشأن سوريا
ويلتقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كلًا من الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء المقبل في طهران في قمة ستتناول الملف السوري وتتخللها محادثات ثنائية روسية تركية. وتجري الدول الثلاث منذ سنوات محادثات بشأن سوريا في إطار "عملية أستانا" الرامية لإنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من 11 عاماً. وفي مسعى لوضع حد للتهديدات التركية الأخيرة ومنع الهجوم، كثفت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، محادثاتها مع التحالف وروسيا على السواء.
وأعلن عبدي أنه "بموجب المباحثات مع الجانب الروسي، وافقت قواتنا على دخول مزيد من قوات الحكومة" إلى مناطق تتعرض للتهديدات، والتي "هي تحت النفوذ الروسي"، مشيراً إلى أن قوات النظام انتشرت بـ"أعداد كبيرة ومع أسلحة ثقيلة". وهذه ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها قوات النظام في مناطق سيطرة الأكراد بموجب اتفاق لمنع التوسع التركي، وإن كانت السيطرة الفعلية على الأرض بقيت في يد قوات سوريا الديمقراطية.
ولم يصدر أي موقف رسمي بشأن الانتشار الأخير من دمشق التي تحمل على الأكراد لتحالفهم مع واشنطن وتتهمهم بالسعي للانفصال، الأمر الذي ينفونه. كما اعتبر عبدي أن "مواقف التحالف الدولي تبقى ضعيفة، ولا ترقى لمستوى وضع حد للتهديدات".
ومنذ 2016، شنّت أنقرة مع فصائل سورية موالية لها ثلاث عمليات عسكرية واسعة في شمال سوريا، ضد المقاتلين الأكراد بشكل خاص، واستهدفت عملية واحدة تنظيم "داعش". وأتاحت الهجمات لها السيطرة على مساحة واسعة تشمل مدناً رئيسية. وشكلت قوات سوريا الديمقراطية رأس الحربة في قتال "داعش" في سوريا، ولا تزال تلاحق عناصره بدعم من التحالف.
م.ع.ح/ع.ج (أ ف ب)
المدنيون يتحملون العبء الأكبر للهجوم التركي في سوريا
يحاول من نزح جراء المعارك في شمال شرق سوريا النجاة بالاحتماء في منازل ومدارس مهجورة. ومع رحيل المنظمات الدولية غير الحكومية، يصطف المواطنون لساعات من أجل كسرة خبز. أما القلة القليلة التي تبقت من الأطباء فغارقة في عملها.
صورة من: DW/K. Zurutuza
المحطة الأولى رأس العين
تشير مصادر أممية إلى وجود أكثر من مائتي ألف نازح داخل شمال شرق سوريا منذ بداية الهجوم التركي، الذي بدأ في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 2019. وكان لمدينة رأس العين الحدودية النصيب الأكبر إثر هجوم مشترك لميليشيات مدعومة من تركيا التركية وقصف جوي. وستبقى المدينة تحت السيطرة التركية وفق اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه روسيا وتركيا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"فقدنا كل شيء"
وتفيد تقارير بأن أغلب الفارين ينتمون إلى الأكراد. أما ما تبقى في المدينة من مدنيين فهم غالبًا من العرب الذين لا يزالون على تواصل هاتفي بجيرانهم القدامى. وقال هذا الرجل لـ DW (دويتشه فيله): "لقد أخبروني أمس أن الإسلاميين كانوا ينهبون منزلنا؛ لقد فقدنا كل شيء".
صورة من: DW/K. Zurutuza
كل كَسرة خبز تساعد
قوات النظام السوري تتمركز على مسافة كيلومترات قليلة من تل تمر بمحافظة الحسكة. ومن ثم، فقد فرَّت على مدار الأيام القليلة الماضية منظماتٌ دولية غير حكومية كانت تتخذ المنطقة مركزًا لها في السابق. ويعتمد النازحون داخليًّا من رأس العين والقرى المجاورة على عمل المنظمات غير الحكومية التي تكافح لمواكبة الأزمة.
صورة من: DW/K. Zurutuza
قرى خاوية ومخاطر عديدة
وبخلاف تل تمر، تستقبل قرى متاخمة أخرى مئات النازحين، الذين يعتمدون على منظمات محلية غير حكومية. وأوضح حسن بشير، منسق محلي لمنظمة غير حكومية، في تصريحات لـ DW أنهم "يعيشون في قرى خاوية، يوجد كثيرٌ منها بالقرب من مواقع أخرى خاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من الأتراك أو خلايا نائمة لداعش".
صورة من: DW/K. Zurutuza
وجبة واحدة لكل أسرة
لهذا النازح العربي القادم من رأس العين أربع زوجات وسيكابدون جميعا مشقة الحصول على ما يكفي لإطعام جميع أطفالهم، إذ تقول المنظمات غير الحكومية إنها لا تستطيع توزيع أكثر من وجبة غذائية واحدة لكل أسرة. وقال لـ DW بعد أن حصل على وجبة غذائية واحدة: "ليس ذنبهم أنهم مجرد أطفال".
صورة من: DW/K. Zurutuza
المدارس مغلقة.. إلى الأبد؟
منذ بداية الهجوم في شمال شرق سوريا والمدارس مغلقة، ويستقبل كثيرٌ منها الآن نازحين داخليًّا من رأس العين. وسينتقل من يستطيع تحمل التكلفة إلى مدن مثل الحسكة، التي تقع على بعد 80 كيلومترًا نحو الجنوب، أما البقية فسيتعين عليهم التكيف مع الظروف القاسية في مدينة حدودية تواجه المزيد من الهجمات من الشمال.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"استمرار الوضع ينذر بكارثة كبرى"
تعيش حاليًا 50 أسرة كردية من رأس العين في هذه المدرسة المهجورة بتل تمر، وسط غيابٍ للمياه والكهرباء. ومع تدهور الأوضاع الصحية، يخشى أطباءٌ محليون والمستشفى في تل تمر من تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض، إذ أخبر أحد الأطباء المحليين DW: "إذا استمر الوضع هكذا، يجب أن نستعد لكارثة إنسانية كبرى".
صورة من: DW/K. Zurutuza
مرضى تقطعت بهم السبل
على الرغم من أن المشفى في تل تمر يعالج الجرحى، فإنه لا يستطيع مساعدة أولئك الذين يعانون من أمراض مثل السرطان. وأخبر نازحان DW أنهما كانا من المفترض أن يتلقيا علاجًا كيميائيًّا في دمشق قبل بدء الهجوم، إلَّا أن الوضع الأمني الحالي يجعل الوصول إلى هناك مستحيلًا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
نوع آخر من أماكن اللعب
منذ سيطرة تنظيم "داعش" على تل نصري، بقيت القرية المسيحية الواقعة على أطراف تل تمر خاوية، إذ رحل أغلب سكانها السابقين خلال حصار داعش عندما دمَّرت المليشيات الكنائس بمتفجرات، قبل سقوط "الخلافة" المزعومة. ومع عدم وجود مكان آخر يذهبون إليه، يعيش العديد من النازحين داخليًّا من رأس العين في تل نصري.
صورة من: DW/K. Zurutuza
العيش على الصلاة
هؤلاء الفِتيانٌ من بين عشرات العالقين في تل نصري، إلَّا أن أوضاع المعيشة القاسية هي أبسط مشكلاتهم. فقبل التقاط الصورة مباشرة، أخبر نازحون DW أنهم تعرضوا لهجوم من قرية مجاورة يُقال إنها واقعة في قبضة إسلاميين، وأوضح مقاتلٌ بقوات سوريا الديمقراطية لـDW: "بدأوا بإطلاق النار علينا واشتبكنا [معهم] لأكثر من ساعة".
كارلوس زوروتوزا (تل تمر) / ج.ا