1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قوارب الموت - مصدر تمويل لتحقيق أهداف سياسية بليبيا؟

شمس العياري٢٠ أبريل ٢٠١٥

فيما تقف أوروبا حائرة أمام المآسي المتكررة تقريبا أسبوعيا قبالة سواحلها، يطرح السؤال نفسه: من المستفيد من بؤس هؤلاء اللاجئين الذين يرمون بأنفسهم إلى التهلكة؟ البعض يتهم أطراف ليبية بالإتجار بالبشر لتحقيق أهداف سياسية.

Flüchtlingsboot am Frachtschiff OOC Cougar
صورة من: picture-alliance/dpa/Opielok Offshore Carriers

فيما تتضاءل آمال العثور على المزيد من الناجين من المهاجرين غير الشرعيين الذين انقلب قارب الصيد الذين كانوا يمتطونه ليل السبت الأحد قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية والذين يترواح عددهم بين 700 و950، وفقا لتصريحات من تم إنقاذهم والذين لا يتجاوز عددهم 28 شخصا، يبقى السؤال قائما: إلى متى ستستمر قوارب الموت هذه؟ ومن المستفيد من بؤس ويأس الآلاف سنويا ممن يحلمون بـ"الأرض الموعودة" أوروبا؟

"قوارب الموت - الحل الأخير لليائسين"

"الكثيرون يلقون بأنفسهم في التهلكة هربا من الحروب والملاحقة لأنهم لم يجدوا سبيلا شرعيا للحصول على تأشيرة سفر والقدوم إلى أوروبا. هذا الأمر يدفعهم إلى البحث عن مهرب يقوم بنقلهم عبر قوارب إلى السواحل الأوروبية"، على ما يقول لـ DWعربية غونتر بوركهارد، المدير التنفيذي لمنظمة برو أزول (Pro Asyl) التي تدافع عن حقوق اللاجئين.

في الواقع، كثيرون هم من يقطعون الصحراء وصولا إلى ليبيا ليلقوا بأنفسهم في عرض البحر المتوسط أملا في الوصول إلى السواحل الأوروبية وبدء حياة جديدة بعيدا عن الحروب والمعاناة والفقر في أوطانهم. هذه الرحلة الشاقة المحفوفة بخطر الموت غرقا في عرض البحر يقوم بتنظيمها مهربون وجدوا في تهريب المهاجرين غير الشرعيين مصدر رزق يدر عليهم على ما يبدو أرباحا طائلة، تقدرها منظمة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمليارات الدولارات. أغلبية اللاجئين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء على السودان وأريتريا وكذلك التشاد والنيجر. فكيف تتم عملية تهريب اللاجئين عبرالبحر المتوسط إلى أوروبا؟

الإتجار بالبشر - تجارة مربحة

صحيفة تاز (Taz) الألمانية تصف عملية التهريب من ليبيا إلى السواحل الإيطالية في عددها الصادر اليوم الاثنين (20 أبريل/نيسان) بأنها تتطلب من اللاجئين إلى جانب المال، الكثير من الصبر أيضا، إذ يتعين على كل لاجئ دفع مبلغ قدره ألف يورو مسبقا والالتزام بإجراءت مشددة يفرضها المهرب. ومن بين هذه الشروط الاتصال يوميا بالمهرب لمعرفة موعد الرحلة وتغيير شريحة الموبايل كل مرة قبل الاتصال بالمهرب حتى لا يتم رصده والبقاء في تأهب للسفر، إذ أن المهرب يُعلم اللاجئ فقط ثلاث ساعات قبل انطلاق الرحلة وعلى الأخير أن يكون جاهزا في كل وقت. ولا يجوز للاجئ أخذ أي أمتعة أو أشياء شخصية أخرى، كما يتعين عليه التنازل عن هاتفه الجوال للمهرب قبل إقلاع السفينة. و"من لا يلتزم بهذه القواعد، فإنه يسلط عليه شديد العقاب"، وفق ما تكتب الصحيفة، مضيفة: "وأحيانا يجد المرء على الشاطئ جثثا تبدو عليها آثار التعذيب." ووفقا للصحيفة، فإن مدينة زوارة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي لليبيا وكذلك مدينة قرابولي القريبة من العاصمة طرابلس تعدان معقلا للمهربين وتجار البشر. ويبدو أن السفينة التي جنحت ليل السبت-الأحد قبالة السواحل الإيطالية وعلى متنها أكثر من 700 راكب قد انطلقت من مرفأ في مدينة قرابولي.

مخاوف من مصرع أكثر من 700 شخص غرقا في عرض البحر خلال ليل السبت الأحد...صورة من: Reuters

وعندما يتم الاتفاق يقوم المهربون بشراء سفن صغيرة قديمة أو قوارب صيد متهالكة رخيصة وملئها بالمهاجرين غير الشرعيين قبل الإبحار في اتجاه السواحل الأوروبية، وفقا لما كتبت صحيفة باديشه تسايتونغ (Badische Zeitung) في عددها الصادر قبل بضعة أسابيع. وعند وصول السفينة أو قارب الصيد إلى المياه الدولية يقوم طاقم السفينة أو ربانها بمغادرتها والهرب على متن قارب سريع ليترك السفينة لوحدها وعلى متنها المئات من المهاجرين غير الشرعيين في عرض البحر. وفي أفضل الأحوال يكتشفها خفر السواحل الإيطالي ويقوم بنقلهم إلى اليابسة، أو يلقون حتفهم غرقا. وفي سياق متصل، تقول المنظمة الدولية للهجرة إن 480 مهاجرا على الأقل لقوا حتفهم في البحر المتوسط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.

أطراف ليبية تتجر بالبشر لتحقيق أهداف سياسية

فهل يمكن الحديث عن تنظيمات إجرامية تقوم بالاتجار بالبشر بين ليبيا وإيطاليا؟ "المهربون لا يشكلون نقابة مهنية ذات هياكل إجرامية"، وفق ما نقلت صحيفة باديشه تسايتونغ عن خبراء أمنيين مطلعين. وتضيف الصحيفة نقلا عن مصدر أمني بارز القول: "المافيا لا تشارك في الاتجار بالبشر، كما أنه ليس لها علاقة بشمال إفريقيا"، لافتة إلى أن "المافيا تربح الأموال من المهاجرين غير الشرعيين عندما يصلون إلى إيطاليا وليس قبلها."

البعض في ليبيا يستغل يأس الآلاف الذين يريدون العبور إلى أوروبا مهما كان الثمن كمصدر للمال بهدف تحقيق أهداف سياسية...صورة من: Reuters

من جهتها، ترى صحيفة إلجورناله (il Giornale) الإيطالية أن تهريب اللاجئين الأفارقة من ليبيا إلى أوروبا أصبحت تجارة مربحة لبعض الأطراف الليبية. وكتبت على موقعها الالكرتوني اليوم الاثنين (20 أبريل/نيسان) قائلة: "الإسلاميون الماسكون بالحكم في طرابلس يستخدمون الأموال التي تعود عليهم من الاتجار بالبشر لتمويل الحرب على حكومة طبرق (المعترف بها دوليا)"، في إشارة إلى ميليشيات "فجر ليبيا" التي سيطرت على العاصمة طرابلس في أغسطس/آب الماضي، رافضة الاعتراف بالحكومة والبرلمان المنتخبين اللذين اضطرا للهرب إلى مدينة طبرق، شرقي ليبيا.

وتتهم الصحيفة "فجر ليبيا" بالمشاركة في الإتجار بالبشر من خلال حماية المهربين مقابل الحصول على نسبة معينة من مداخيلهم. وتوضح الصحيفة أن المهربين يطلبون مبلغا قدره 1500 دولار قبل السماح للمهاجر بركوب القارب، لافتة إلى أن القارب الذي جنح ليل السبت/الأحد قبالة السواحل الإيطالية قد در أرباحا لا تقل عن 900 ألف دولار. وتؤكد الصحيفة بالقول: "هذا المال أصبح اليوم يوزع بشكل متساو بين المنظمات الإجرامية وقيادات فجر ليبيا الذين يضمنون الحماية للمهربين."

اتهام لـ"داعش" بإرسال اللاجئين والإرهابيين إلى أوروبا

أما صحيفة إلتيمبو الإيطالية (Il Tempo) فقد وجهت أصابع الاتهام لتنظيم "الدولة الإسلامية" في ليبيا في الضلوع في عمليات الإتجار بالبشر ليس لكسب المال فحسب وإنما لتحقيق أهداف أخرى. وفي تقرير نشرته على موقعها الالكتروني قبل بضعة أسابيع كتبت الصحيفة: "إلى جانب إدارة تدفق أولائك الذين يغادرون ليبيا في اتجاه سواحلنا، فإن تنظيم الدولة الإسلامية يملأ القوارب باليائسين والإرهابيين أيضا. إنهم يختبؤون وسط اللاجئين ويأتون إلى إيطاليا." وتوضح قائلة: "إذن، تنظيم الدولة الإسلامية وصل إلى أبواب إيطاليا ليستخدم بلادنا كطريق سريع لقدوم الجهاديين والمقاتلين الأجانب إلى أوروبا." وتضيف: "وعندما يصلون إلى سواحلنا، يتنكرون على أنهم لاجؤون قبل أن ينجحوا بمساعدة أنصار الدولة الإسلامية في الانتقال إلى مكان آخر والاختفاء عن الأنظار."

هل يستغل تنظيم "الدولة الإسلامية" قوارب الموت لإرسال جهاديين ومقاتلين إلى أوروبا؟صورة من: picture-alliance/Albaraka News/Handout

وفي الواقع، فقد أشارت صحيفة ليبرسو (L‘Espresso) الإيطالية في عددها الصادر مطلع العام الحالي إلى أنه تم خلال عام 2014 تسجيل قدوم أكثر من 170 ألف لاجئ، فقط 66 ألف منهم مسجلون في مراكز إيواء للاجئين، فيما اختفى أكثر نحو 105 ألف منهم ولا يُعرف عنه شيء، فأين اختفى هؤلاء؟

يأتي ذلك فيما يزداد الوضع في ليبيا سوءا يوما بعد يوم، في وقت تتصارع فيه ميليشيات وطنية وأخرى إسلامية مسلحة وقبائل على السلطة. والتنظيمات الإرهابية على غرار "الدولة الإسلامية" تستغل هذا الصراع لتحكم سيطرتها على مناطق أخرى في ليبيا بعدما سيطرت على درنة وأعلنت تواجدها في بنغازي. وطالما ظل الوضع متوترا في ليبيا في ظل غياب حكومة مركزية قوية وطالما كان هناك يائسون يريدون العبور إلى أوروبا مهما كان الثمن، فلن تنقطع أخبار موت المئات من اللاجئين في عرض البحر المتوسط. منظمة برو أزول تطالب بإنشاء وكالة غوث أوروبية تنشط في البحر المتوسط وتحول دون وقوع مآسي إنسانية أمام عيون العالم.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW