قورينا الليبية ـ تراث إغريقي عالمي مهدد بالتخريب والجرف
٢٥ مارس ٢٠٢١
نجت آثار مدينة قورينا القديمة من العنف الذي رافق الثورة الليبية والصراعات التي تلتها والفوضى، لكنها تواجه اليوم تهديدا من نوع آخر يتمثل بالعبث بها وتخريبها وجرف أراضيها.
إعلان
تتوسط المدينة الأثرية قورينا والمعروفة أيضا باسم شحات شرق ليبيا، وقد أسسها الإغريق في القرن السادس قبل الميلاد، وهي واحدة من خمسة مواقع في ليبيا أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي قبل عقود.
تتوسد قورينا منطقة الجبل الأخضر الخلابة التي تتميّز بالتنوع النباتي وبحزام من الأشجار يمتد لعشرات الكيلومترات حولها، ولا تزال أعمدتها وجدرانها التاريخية قائمة، في تشكيل هندسي إبداعي، كأنه بني في الأمس القريب. كذلك لا تزال ترتفع تماثيل وجدران وأعمدة مشيدة من صخور ضخمة باللونين الأبيض والأصفر.
ويتجوّل في المكان عدد محدود من السياح تحت شمس الربيع الدافئة يزورون معبد أبولو أو معبد زيوس الأوسع مساحة من آثار بارثنيون على هضبة أكروبوليس في أثينا. لكن مصير كل هذه الآثار الضاربة في القدم مهدد اليوم بفعل تعديات بشرية مختلفة، من عمليات تخريب عبر البناء والحفر العشوائي والسرقة.
ويقول المسؤول المراقب لآثار شحات، عادل أبو فجرة لوكالة فرانس برس من المدينة الأثرية، "المشكلة الأكبر تتمثل في تعديات المواطن، إذ يقوم أشخاص كثيرون بجرف بعض المواقع التي تضمّ آثارا، وتقسيمها وبيعها، ويتم بناء منازل سكنية فوق هذه المواقع التي لا تقدر بثمن".
وتعود ملكية أجزاء كبيرة من الأراضي المحيطة بالمدينة الأثرية لمواطنين يرفضون قرارات حكومية بوقف استخدامها لأغراض سكنية وتجارية، بحجة أن معظمها تتواجد تحتها آثار محمية.
ويشير أبو فجرة الى أنه من الصعب تحديد حجم التعديات، "فالمواقع التي تتعرض لاعتداءات ليست ضمن المنطقة المسيجة الواقعة تحت حمايتنا، بعض الناس دخلوا الى أراضيهم التي كانت بحوزة الدولة وقاموا بتقسيمها وبيعها وبناء مساكن فوقها".
ويرى مسؤول المتاحف في شرق ليبيا إسماعيل دخيل أن السنوات العشر الأخيرة شهدت أبرز التعديات على المواقع الأثرية في شحات. ويضيف "تعرضت شحات للكثير من الانتهاكات، من الكتابة على المباني الأثرية وتعرضها للكثير من عمليات الحفر العشوائي، واستخرجت منها قطع أثرية هربت إلى الخارج". ويتابع "نعاني أيضا من البناء العشوائي، إذ يكثر الزحف العمراني على المواقع الأثرية ويؤدي بدوره إلى انتهاكها وتدميرها بنسبة تصل بين 20 و30 في المئة من إجمالي مساحتها".
وأدرجت منظمة اليونسكو مدينة شحات الأثرية وأربعة مواقع ليبية أخرى على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في تموز/يوليو 2016، بسبب الأضرار التي لحقت بها والتهديدات الكثيرة المحيطة بها.
وأشارت المنظمة آنذاك إلى أن ليبيا لا تزال تعاني من "عدم الاستقرار" الذي يجعل هذه المواقع في دائرة "التهديد الأمني" و"التعديات البشرية".
ويعتقد الباحث التاريخي الليبي أحمد فرج أن ضعف القانون من أهم أسباب استمرار التعديات التي تطال المواقع الأثرية، مشددا على ضرورة مراجعتها وإعادة النظر فيها.
ويقول فرج العضو في اتحاد بلديات التراث العالمي في ليبيا لفرانس برس "قانون حماية الآثار في الحقيقة رغم عراقته وقدمه في ليبيا (...) يحتوي ثغرات وضعفا". ويضيف "القوانين لم تعدل وبقيت على حالها، الى جانب ضعف آليات تطبيق القانون بحق المخالفين".
ويعود قانونالآثار وحمايتها في ليبيا الى العام 1995. وبالرغم من معاقبة المخالفين والمعتدين على المواقع الأثرية بغرامات مالية والسجن، يظل القانون بحاجة إلى مراجعة تتماشى وحجم التعديات الحديثة وشكلها.
ويشاطر مسؤول المتاحف في شرق ليبيا إسماعيل دخيل الباحث فرج رأيه، مؤكدا أن ضعف العقوبات جعلت المواطنين "يتساهلون" بالاعتداء على المواقع الأثرية. ويشير الى أن "القانون وضع قديماً ويعتبر ضعيفا جداً حالياً، لأن الغرامات المالية بسيطة جداً وعقوبة السجن كذلك، وبالتالي لا تردع الانتهاك الذي نشاهده بصورة مستمرة".
ويطالب فرج بفصل مصلحة الآثار والجهات التابعة لها عن السلطة الحكومية المباشرة، وإنشاء مجلس أعلى مستقل للآثار. ويقول "وجود مصلحة الآثار تحت سلطة الحكومة يعد قصوراً، لذلك طالبنا مرارا بتأسيس مجلس أعلى للآثار، ليكون مرجعية تحدد ماهية الأثر من عدمه في المواقع، وأن تكون هذه المرجعية مكونة من خبراء في علم الآثار".
في المقابل، يرى سعد محمود، وهو صاحب أرض زراعية في المنطقة، أن على السلطات وضع حلول لقضية أصحاب الأراضي في محيط المدينة الأثري. ويوضح لفرانس برس قائلا "يطالبوننا بوقف استخدام أراضينا الواقعة في محيط الآثار بدعوى أن آثارا غير مكتشفة مدفونة تحتها. هذه أرضنا ولكل شخص الحرية في استغلالها". ويشدد على ضرورة منح تعويضات لأصحاب الأراضي لإنهاء هذه القضية. ويقول "على الدولة وضع الحلول المفقودة وتعويض أصحاب الأراضي بما يتوافق وارتفاع الأسعار الذي جعل شراء أراضي بديلة صعباً". كما يطالب بوضع مخطط يوضح للمواطنين المواقع المحتملة للآثار المدفونة، "لكي ينتبه المواطن ولا يتسبب بدون قصد في أعمال حفر عشوائية تدمر الآثار".
ع.أ.ج/ع.ج.م (ا ف ب)
اكتشافات آثرية تضع ألمانيا في صلب الحضارات القديمة!
أظهرت الاكتشافات الأثرية التي تُعرض في معرض "الأزمنة المضطربة" بأن ألمانيا كانت منذ القِدَم في قلب التطورات والأحداث الرئيسية في القارة الأوروبية. في جولتنا المصورة نتعرف على أبرز تلك الاكتشافات.
صورة من: Landesamt für Archäologie Sachsen/U. Wohmann
قرص نيبرا السماوي
يعتبر قرص نيبرا السماوي من أكثر الاكتشافات الأثرية إثارة للاهتمام لأنه يطلعنا على أقدم الرسومات التي ترصد الظواهر الكونية، عثرعلى القرص من قبل الباحثين عن الكنوز في ولاية ساكسونيا في عام 1999. يقَدِر العلماء عمر القرص بحوالي 3600 عام، ويظهر هذا القرص البرونزي الموشى برموز ذهبية الإدراك المذهل لفهم القدماء للظواهر الفلكية التي كانت تترافق مع المعتقدات الدينية التي كانت سائدة في ذلك الزمن.
صورة من: Landesamt für Denkmalpflege und Archäologie Sachsen-Anhalt/J. Lipták
أقدم تعويذة تمثل الإنسان
اكتشفت تعويذة فينوس في كهف في جنوب غرب ألمانيا في عام 2008. ويبلغ طول هذه التعويذة المصنوعة من العاج 6 سم تقريباً، ويرجع تاريخ هذه التعويذة إلى مابين 35 ألف و 40 ألف عام خلت، وهذا ما يجعلها من أقدم التعاويذ المعروفة التي تمَثل الفن في حقبة ماقبل التاريخ.
صورة من: Urgeschichtliches Museum Blaubeuren/J. Wiedmann
قبعات السلطة الدينية
يعرض متحف غروبيوس في برلين ثلاثة من بين أشهر أربع قبعات ذهبية في العالم يرجع تاريخها إلى العصر البرونزي، (حوالي ألف عام قبل الميلاد). كان الكهنة يرتدونها وكانت ترمز إلى السلطة الدينية خلال ممارستهم لطقوس عبادة الشمس التي كانت شائعة في وسط القارة الأوربية خلال تلك الحقبة.
صورة من: Museum für Vor- und Frühgeschichte Berlin/C. Plamp
كنوز كولونيا
كان رصيف ميناء كولونيا يشكل مستوطنة رومانية حيث عثر علماء الآثار فيه على آلاف القطع الأثرية، وتضمنت تلك المكتشفات مصابيح الزيت التي يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي. كما كان أحد أهم المراكز التجارية، حيث يمكن العثورعلى بضائع مستوردة من شمال إفريقيا ومن أوروبا. عثر علماء الآثار في كولونيا في عام 2007 على قارب روماني يعود تاريخه إلى 1900 سنة خلت.
صورة من: Römisch-Germanisches Museum der Stadt Köln; Foto: Axel Thünker, DGPh
أسرار الأميرة السيلتيه
في عام 2010 وبالقرب من بلدة هيربيرتيجن في جنوب ألمانيا تم العثور على قبر إحدى النبيلات، كان القبر يحتوي على مجوهرات ذهبية وبرونزية مستوردة من مناطق بعيدة. قدم هذا الاكتشاف دليلاً آخرعلى متانة العلاقات التجارية بين البلدان الأوروبية وبين بقية بلدان العالم في القرن السادس قبل الميلاد.
صورة من: Landesamt für Denkmalpflege Stuttgart/Y. Mühleis
البذخ في القبر الروماني
اكتشفَ علماء الآثار قبراً رومانياً في مدينة هالترن التي تقع شمال ولاية الراين – ويستفاليا. كان القبر يضم بقايا رجل ممددة فوق ما يشبه السرير الجنائزي. نقل هذا السرير من إيطاليا إلى ألمانيا، للاحتفاط بكل علالمات البذخ الروماني حتى بعد الموت. جمعت آلاف الأجزاء المتشظية للسرير معا وأعيد تشكيل السرير الذي يعود تاريخه إلى 1900 سنة خلت.
صورة من: LWL-Archäologie für Westfalen/S. Brentführer
بلطة من العصر الحجري
البلطة أداة استخدمها الإنسان قبل حوالي مليوني عام حسب تقدير العلماء. أما تلك البلطة التي عثر عليها في منطقة أور-آسيا فهي أحدث كثيرا، إذ يعود عمرها إلى نحو 600 ألف سنة. و يرجح أن يكون لهذه الأداة وظائف مختلفة مثل: التحطيب، والكشط، والرمي. يعود تاريخها إلى أكثر من 35 ألف سنة مضت.
صورة من: Archäologisches Museum Hamburg
فارس على الحصان الناري
هذا التمثال واحد من بين أحد عشر قطعة من الاكتشافات الأثرية التي عثر عليها في برلين عام 2010، وهو من بين القطع الأثرية المعروفة باسم تماثيل برلين. أدرج النازيون تمثال النحات فريتز رامبي ضمن قائمة "الفنون المنحطة"، التي وضعوها في مخازن المتاحف. ومن المعتقد أن التمثال تعرض للتلف بسبب الحرارة العالية الناتجة عن التفجيرات أثناء الحرب العالمية الثانية.
صورة من: Museum für Vor- und Frühgeschichte Berlin/A. Kleuker
أقدم ساحة معركة في أوروبا
عثر علماء الأثار في نهاية التسعينيات على آلاف من الهياكل البشرية والأسلحة على ضفاف نهر تولنز في ولاية مكلنبورغ – فوربومرن. تبين لاحقاً بأن هذا المكان يضم أقدم ساحة معارك في أوروبا. وإن كان من غير المعروف حتى الآن من أين أتى كل هؤلاء المحاربين، لكنهم سافروا لمسافات طويلة للمشاركة في المعركة. هذه الآثار التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3300 سنة مضت، تعرض الآن في برلين.
صورة من: Landesamt für Kultur und Denkmalpflege Mecklenburg-Vorpommern
مختبر الدكتور الساحر فاويت
عثر علماء الآثار في نهاية عام 2012على مجموعة كاملة من أواني وأدوات التقطير في مدينة فيتنبرغ وهي المدينة التي عاش فيها الدكتور الساحر فاوست الذي حازعلى شهرة كبيرة إبان عصر النهضة. بلغ عدد القطع التي عثر عليها 10 آلاف قطعة، يعتبرمختبر الدكتور فاوست من أقدم المختبرات في أوروبا، ويعود تاريخ تأسيسه إلى الفترة الواقعة بين أعوام 1520 و1540.
صورة من: Landesamt für Denkmalpflege und Archäologie Sachsen-Anhalt/J. Lipták
زخارف تاريخية
اكتشف علماء الآثار اكتشافاً مذهلاً بالقرب من بحيرة كونستانس في جنوب ألمانيا ويتمثل هذا الإكتشاف باستخدام مادة الجص لتزين الجدران المبنية من مادة الطين. يبدو من هذا الاكتشاف أن القدماء كانوا على دراية بفن تزيين منازلهم حتى في عام أربعة آلاف قبل الميلاد. يعتقد أن القطعة المعروضة في برلين هي صورة للأسلاف أو للآلهة الذين كانوا يتولون مهمة حماية المنازل من الشرور.
صورة من: Landesamt für Denkmalpflege Hemmenhofen/M. Erne
تعويذة السيد المسيح
اعتاد الحجاج الروم الكاثوليك في العصور الوسطى ارتداء ووضع منمنمات وتعاويذ أثناء أدائهم لشعائر الحج، ومن الحجاج من أوصى بدفن تلك المنمنمات والتعاويذ في قبورهم. عثر علماء الأثار على هذه التعويذة التي يعود تاريخها إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشرفي قبور الحجاج، وهي موجودة الآن في هامبورغ. تمَثل صورة التعويذة المرفقة السيد المسيح وهو يركب حمارا.
صورة من: Archäologisches Museum
Hamburg
900 غرام من الفضة
في عام 2005 عثر أحد المتنزهين في منطقة لوساتيا العليا على كمية كبيرة من القطع الفضية، ويعود تاريخ أغلب تلك العلمات والحلى الفضية إلى القرن الحادي عشر. جلِبَت بعض القطع الفضية من بوهيميا و مورافيا و بغداد واسكندنافيا. استخدمت بعض القطع الفضية كنقود قبل اختراع العملات الرسمية.
الكاتب: كلاوس كريمر/غالية داغستاني
صورة من: Landesamt für Archäologie Sachsen/U. Wohmann