"كابوس العنف" في الملاعب.. كرة القدم ليست مجرد لعبة في تونس!
١٧ مايو ٢٠٢٣
كان أسبوعا حزينا لجماعة "الزباتيستا"، الغائب الأكبر عن مباراة فريقهم المفضل الترجي التونسي من فوق المدرجات، فق اضطر النادي ذو الشعبية الجارفة بتونس لخوض مباراة حاسمة في دوري أبطال أفريقيا من دون حضور جماهيره. فما السبب؟
إعلان
بسبب العقوبة لم يتسن لماهر العضو الناشط بأحد أشهر جماعات الألتراس، الذي طلب التحدث مع DW عربية باسم مستعار (ماهر)، وباقي الرفاق من تجهيز "دخلة" استعراضية جديدة. وكان الحزن مضاعفا لأن الفريق تلقى خسارة تاريخية في معقله ضد غريمه المصري النادي الأهلي.
بدأ ماهر قصته في المدرجات منذ العام 2002 قبل ظهور روابط الألتراس. ورغم التحاقه بالحياة المهنية كمهندس إعلامية إلا أنه حافظ على شغفه بالتشجيع والطقوس المرافقة له. وهو يعرف علاقة جماعات مثل "الزباتيستا" و"البلود" و"فدائيون" بالترجي بعلاقة "الحب المطلق والوفاء التام له".
اذ يلتزم المشجعون الألتراس بإعلاء المصلحة العليا للترجي ومساندته غير المشروطة له في كل المناسبات بغض النظر عن نتائج المباريات، هكذا يرى ماهر.
لكن ما حدث في ملعب رادس في مواجهة فريق شبيبة القبائل الجزائري بداية شهر أيار/مايو من أعمال عنف خطيرة، تمثلت في الشغب وأعمال حرق وتخريب وصدامات مع رجال الامن، ألقى بشكوك حول ما يحدث منذ سنوات على مدرجات ملاعب تونس لأن أحداث رادس لم تكن الأولى.
واقعة "المنشار الآلي"
كان ملعب رادس أشبه بساحة حرب تتواتر فيها حالات الكر والفر بين المشجعين والأمن بينما دفعت حالة الهستيريا عدد من الأنصار الملثمين إلى إشعال النيران واقتلاع الكراسي في مشاهد صادمة ومرعبة، بلغت ذروتها مع ظهور أحد المشجعين حامل لمنشار آلي والتقاطه لصور سلفي، تحولت لاحقا الى "تراند" على مواقع السوشيال ميديا.
مع ذلك ينأى ماهر برفاقه في الألتراس عما حدث في تلك الليلة ويقول لـDW عربية "لا أحد يعرف ما حدث. الوضع خرج عن السيطرة وكان هناك الكثير من القاصرين والمنفلتين. ولكن قوات الأمن كانت تدرك أن لا دخل للألتراس فيما جرى. كنا منشغلين بالدخلة".
ويضيف الشاب في حديثه "الأمر برمته مفتعل. نحن نحب فريقنا لا غير ولا يوجد عنف في قاموسنا. نستمتع بالتشجيع وعندما تنتهي المباراة يذهب الجميع إلى سبيله. الملعب هو متنفس ولكن نحن ملتزمون أيضا. هناك وعي لدى جمهور الترجي".
ألقت الشرطة بعد المباراة الشهيرة القبض على العشرات من المشجعين بما في ذلك ملتقط الصورة مع "المنشار الآلي"، بينما أعلنت وزارة الداخلية عن جلسة عمل لدراسة "ظاهرة العنف في الملاعب وطرق الحد منها وإيجاد الحلول الكفيلة من أجل مواصلة مواكبة الجماهير للمقابلات الرياضية في ظروف عادية وأجواء إحتفالية".
والقصد من ذلك هو امكانية السماح لجماعات المشجعين باستئناف شغفهم في عرض "الدخلات" الاستعراضية من جهة، وضمان تأمين المباريات من جهة أخرى.
المظلومية تؤدي الى العنف
لفهم تصاعد العنف وسلوك الجماهير الغاضبة يشير الدكتور المتخصص في علم الاجتماع محمد الجويلي في حديثه لـ DW عربية إلى أن "العنف من حيث الشكل هو تعبير احتجاجي على مظلومية او اختلال بالقيم التي تضبط لعبة كرة قدم كونها لعبة ديمقراطية حديثة تنطوي من حيث المبدأ على قيم العدالة وتكافئ الفرص والجدارة".
ينطلق الجويلي من فكرة أن العنف في ملاعب كرة القدم هو احتجاج ضد خلل يمس جوهر اللعبة، كخلل في قواعد بيع التذاكر أو توفير شروط الاستقبال للمتفرج المستهلك أو عدم توفر شرط التحكيم العادل والمعاملة الجيدة من الأمن.
يشمل ذلك وفق الجويلي أيضا أسلوب الحياة الخاص الذي تعتمده جماعات الألتراس مثل اللباس والتعبيرات والأهازيج الهادفة وأساليب التشجيع. ويقول إنّ "أي مس لأسلوب الحياة أو التضييق عليه هو يؤدي الى ضرب هويتها وهذا يولد الاحتجاج والعنف".
ومثل هذا الصدام له سوابق غير مطمئنة للمجتمع والسلطة بشكل عام. يذكر ماهر ما حدث في مباراة شهيرة في العام 2010 عندما اصطدم مشجعو الالتراس للترجي بقوات الأمن في حادثة نادرة تحت الحكم الاستبدادي للرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
يقول المشجع ماهر "تلك الأحداث كسرت حاجز الخوف وألهمت المحتجين في الشوراع لاحقا ضد حكم بن علي. حدث تضييق كبير وهذا يؤدي في النهاية الى الانفجار. لكن ليس هناك مقارنة مع ما يجري اليوم".
لا يستثني حمزة الوسلاتي رئيس جمعية صيانة الروح الرياضية باللائمة، وسائل الإعلام من المسؤولية فيما يحدث من عنف متصاعد، بسبب الخطابات المتداولة في المنابر الاعلامية. ويعلق الوسلاتي على ذلك لـDW عربية "الإعلام الرياضي لم يكن مسؤولا. يبحث دائما عن الفرقعات وهذا زاد من منسوب الشحن وغذى التعصب الجهوي بين جماهير الأندية".
ويلفت الوسلاتي في تحليله إلى أن الفئات الشابة في عمر ما بين 17 و23 عاما، هي الأكثر حضورا في مشاهد العنف والصدام مع قوات الأمن والسبب في تقديره أن أغلبهم يفتقد الى الإحاطة الكافية في المدارس والمعاهد وعدم تشبعهم بالقيم الأولمبية والرياضية. ويضيف قائلا "هم لا يتعاطون أنشطة ثقافية بشكل منتظم. يتوجهون الى الملاعب لأنها الفضاء الأمثل لهم للتنفيس عن انفسهم".
وفي بلد يبلغ فيه تعداد المغادرين لمقاعد الدراسة بنحو 100 الف سنويا وفق إحصاءات حكومية، فإن المخاوف بأن تكون معضلة العنف قد ألقت بجذور عميقة بحيث بات الأمر معقدا أمام جهود السيطرة عليها او مقارعتها فقط بحلول أمنية. ويقول الوسلاتي في يأس "اليوم اتحاد الكرة والسلطة في جهة والجماهير في جهة أخرى".
أزمة ومزاج متوتر
تتكرر أعمال العنف كل اسبوع في ملاعبتونس يشمل ذلك أيضا دوريات الدرجات السفلى. ولكن بالنسبة لعدد من المراقبين فإن هذه الأحداث تجد مصدرها أيضا في علاقة التوتر المستمرة بين المشجعين ورجال الأمن كما لا يمكن فصل ذلك عن أداء السلطة وعدالة القضاء.
مثلا تنتظر عائلة محب فريق النادي الافريقي العريق "عمر" الشاب الذي مات غرقا في محيط ملعب رادس في العام 2018 اثر مطاردته من قبل مقوات الأمن، حكما منصفا من القضاء بينما لا تغيب صور الشاب الضحية الملهمة عن المدرجات حتى اليوم.
يذهب المحلل الرياضي طارق الغديري إلى أبعد منذ ذلك في قراءته ويوضح لـDW عربية قائلا "إن عنصر التواتر في العنف يعود لسببين أولهما الأزمة الاقتصادية العميقة للبلاد التي أثرت سلبا على نفسية المواطن التونسي وجعلته ينفس عن إحباطه بالتعبيرات العنيفة في الفضاء العام َهذا ملموس ليس فقط في الملاعب بل في كلل مجالات الحياة العامة".
أما السبب الثاني وفق الغديري، فهو اجتماعي ويتمثل في تراجع أثر التأطير داخل الأسرة وانفلات الأبناء من سيطرة الوالدين مما يجعل تصرفاتهم داخل الملعب إزاء السلطة الأمنية تشبه لتفاعلهم مع السلطة الأبوية.
لكن كل ما يحصل لا يمكن عزله عن تراكمات سابقة، وهو ما شدد عليه الغديري أيضا مشيرا إلى فشل كل السلطات المتعاقبة قبل 2011 وبعدها في تطبيق ميثاق يحدد السلوك السليم لرجل الأمن "لذلك كنا نرى العنف داخل الملاعب يقابله بعنف مماثل وأحيانا أشد بل وأحيانا غير مبرر من الأمن مما يزيد في الشرخ ويعقد مسار الإصلاح".
تتجاوز المخاوف في تونس اليوم مجرد شد وجذب بين رجل الأمن والمشجع اذ تتخبط البلاد في ازمة اقتصادية ومالية حادة وسط حالة من السخط الاجتماعي بسبب غلاء كلفة المعيشة وارتفاع الأسعار وندرة بعض السلع الأساسية، وهي عناصر جعلت من المزاج العام في البلاد على صفيح ساخن. ولا تبدو ملاعب كرة القدم بمعزل عن هذه الأجواء.
ويقول الجويلي لـDW عربية "جماهير الملاعب هي قوة احتجاج وازنة ومع أن علاقاتها الاولية هي عالم الرياضة وكرة القدم إلا أنه يحدث أن تتقاطع مع احتجاجات جماعات أخرى ذات دوافع اجتماعية وسياسية. قد يؤدي هذا الأمر إلى ثورة".
ويفسر الجويلي ذلك بأن "روباط المشجعين تقدم نفسها كمحرك اجتماعي فتسلط الضوء على القضايا التي تحيط بها لتتحول إلى محرك اجتماعي ولسان متحدث بالقضايا العادلة. يضيف هذا جانب من البريستيج إليها وكأنها تقول نحن أيضا لدينا نظرتنا الخاصة للأشياء".
بالنسبة للمشجع ماهر فإن "الزباتيستا" وباقي الروابط لا يمكنها إلا أن تتضامن مع كل المظلومين. ويضيف بحماس لـDW عربية "لسنا عنيفين. هذا نوع من التعبير ولدينا أفكارنا".
تونس – طارق القيزاني
في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى "دستور سعيّد"
خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
الإعلان عن خارطة طريق للبلاد
بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ "الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.
صورة من: Monasse Th/Andia/imago images
حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع
في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان - وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture alliance
إحكام القبضة على القضاء
بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس "أصبح من الماضي"، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AA
تنديد داخلي وانتقادات دولية
قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ "المذبحة". كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى "عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع" موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance
"دولة مهددة بالإقلاس"
حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر "إفلاس" التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية"، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.
صورة من: PanoramiC/IMAGO
مسودة دستور جديد
في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس
باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011.
صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance