كاتالونيا..المادة 155 "الخيار النووي" في الدستور الإسباني
١٩ أكتوبر ٢٠١٧
أزمة انفصال كاتالونيا عن إسبانيا قد دخلت طريقا مسدودا. وإذا فشلت أساليب الحوار والمفاوضات بين حكومة مدريد والإقليم لحل المشكلة، لن يبقى أمام حكومة راخوي سوى طريق استخدام المادة 155 في الدستور أو يسمى "بالخيار النووي".
إعلان
وتعد المادة 155 أكثر التدابير قساوة المتاحة للحكومة الإسبانية، مما يسمح لها بتولي إدارة منطقة مستقلة، إذا ما أعلنت الاستقلال. ويمكن أن يتم تطبيق ذلك في وقت مبكر من يوم السبت. وفي الأوساط السياسية، تعرف هذه المادة بـ "الخيار النووي". ووصف وزير الخارجية الأسبق خوسيه مانويل غارسيا إنها "قنبلة ذرية" في الحياة الدستورية. ويصف المجلس التشريعى الوطنى هذه المادة بأنها إجراء "استثنائى أو متطرف" فى الحالات التى تكون استثنائية أو متطرفة على حد سواء ". وتسمح هذه المادة "بجميع التدابير اللازمة لإجبار المجتمع على الوفاء بالإلتزامات المذكورة، أو لحماية المصلحة العامة المذكورة أعلاه". ولم يتم تطبيق هذا التدبير من قبل في إسبانيا لحد آلان. كما لم يتم تطبيق أحكام مماثلة في بلدان أوروبية أخرى.
مدريد واستقلال كاتالونيا - تاريخ من العلاقات المضطربة
يستمر الشد والجذب بين كاتالونيا ومدريد، فقد فاز الانفصاليون بأغلبية مقاعد برلمان الإقليم. بين مدريد وكاتالونيا تاريخ طويل من العلاقات المضطربة وصلت ذروتها بعد محاولة الإقليم الاستقلال وهروب رئيس وزرائه إلى بلجيكا.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/M. Oesterle
حصد الانفصاليون في انتخابات كاتالونيا إغلبية المقاعد في البرلمان الإقليمي، وحصلت الأحزاب الانفصالية في الإقليم الإسباني معا على 70 مقعدا من أصل 135، وبوسعها حكم الإقليم إذا شكلت ائتلافا فيما بينها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Morenatti
حصول الانفصاليين على الأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان لا يعني أنهم حصلوا على الأكثرية المطلقة من أصوات الناخبين، لا بل إنهم لم يحصلوا حتى الأغلبية البسيطة، والسبب في ذلك عائد إلى النظام الانتخابي المتّبع. فالقانون الانتخابي في كاتالونيا يتضمن نظام ترجيح للأصوات يعطي أفضلية للمناطق الريفية التي يتجذر فيها الانفصاليون، ما منحهم الفوز من حيث عدد المقاعد.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
المفوضية الأوروبية أعلنت أن الانتخابات التي جرت في كاتالونيا وفاز فيها الانفصاليون بالأغلبية المطلقة "لن تغيّر" موقف الاتحاد من المسألة الكاتالونية.
صورة من: Reuters/Y. Herman
وللمفارقة فإن أكثرية الكاتالونيين صوّتت ضد المعسكر الانفصالي، وهو ما حدا بزعيمة حزب سيودادانوس المناهض للانفصال إينيس اريماداس للقول إنه بعد هذه النتيجة "هناك أمر ازداد وضوحا، وهو أن الغالبية الاجتماعية تؤيد الوحدة مع باقي الإسبان والأوروبيين، ولن يكون بوسع الأحزاب القومية بعد اليوم التحدث باسم كاتالونيا ككل، لأن كاتالونيا هي نحن جميعا".
صورة من: Getty Images/AFP/J. Lago
وكان رئيس الحكومة السابق بوتشيمون قد عمل على استقلال الإقليم ثم علق إجراءات الاستقلال عن مدريد، التي عزلته واصدر المدعي العام الإسباني بحقه أمر ألقاء قبض. فغادر إلى بلجيكا مع أربعة من وزرائه المعزولين.
صورة من: Reuters/A.Gea
1932
وللصراع بين كاتالونيا ومدريد قصة طويلة، فبعد عام على تأسيس الجمهورية الإسبانية الثانية تم تثبيت وضع إقليم كاتالونيا القانوني عام 1932 بمنحها استقلالاً مؤقتاً.
صورة من: picture-alliance/Prisma Archiv
1939-1975
لكن الدكتاتور الإسباني الجنرال فرانسيسكو فرانكو (1892- 1975)، الذي حكم إسبانيا بالنار والحديد حتى عام 1975، ألغى استقلال كاتالونيا وقمع نظامه أي نوع من الأنشطة العامة المرتبطة بالقومية واللغة الكاتالونيين، بعد أن خرج منتصراً من الحرب الأهلية التي مزقت البلاد.
صورة من: picture alliance/AP Photo
1979
بعد وفاة الجنرال فرانكو عام 1975، منح دستور إسبانيا الديمقراطي الجديد عام 1978 كاتالونيا حكماً ذاتياً، مؤكداً على أن الأمة الإسبانية لا يمكن أن تتجزأ، غير أنها تعترف بحقوق الأقاليم بالإدارة الذاتية.
صورة من: AP
2006
مفاوضات طويلة قادت الحكومة الإسبانية إلى الموافقة على رغبة الكاتالونيين بإعادة إصلاح وضع الحكم الذاتي لإقليمهم، إذ أقر البرلمان الإسباني ميثاق حكم ذاتي لكاتالونيا يعزز سلطات الإقليم المالية والقضائية ويصفه بـ"الأمة".
صورة من: AP
2010
قضت المحكمة الدستورية الإسبانية العليا بإلغاء أجزاء من ميثاق 2006، معتبرة أن استخدام مصطلح "أمة" لوصف الإقليم لا ينطوي على أي "قيمة قانونية" ورافضة الاستخدام "التفضيلي" للغة الكتالونية في خدمات البلدية.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/M. Oesterle
2012
تظاهر نحو 1.5 مليون شخص في عاصمة الإقليم برشلونة من أجل استقلال كاتالونيا وهتفوا "نحن أمة والقرار لنا"، وقادت تداعياتها إلى انتخابات مبكرة في الإقليم فاز فيها مؤيدو الانفصال عن إسبانيا.
صورة من: AFP/Getty Images
2014
في تحد لمدريد، أجرت كاتالونيا اقتراعاً رمزياً على الاستقلال، صوت فيه أكثر من 80 بالمئة، أي ما يعادل 1,8 ملايين شخص، لصالح انفصال الإقليم، إلا أن نسبة المشاركة بلغت 37 بالمئة فقط. حكومة مدريد لم تعترف بالاستفتاء ولم تكن له أي تبعات مباشرة.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Lago
يقع إقليم كاتالونيا في شمال شرق إسبانيا، و تبلغ مساحته نحو 32106 كلم مربع، ويعتبر سادس أكبر منطقة من حيث المساحة في إسبانيا.
صورة من: Imago/Nature Picture Library
العديد من نجوم نادي برشلونة لكرة القدم مثل بيكيه وتشافي ومدرب النادي السابق بيب غوارديولا يدعمون الاستفتاء الإقليم، لكن إدارة النادي لم تؤيد الاستفتاء صراحة، مؤكدة على حق الكاتالونيين بحرية التصويت.
صورة من: picture alliance/AP/dpa/E. Morenatti
14 صورة1 | 14
الموافقة الملكية؟
وينظر المشرعون الإنفصاليون فى إعلان الاستقلال من جانب واحد، حيث يزعمون أن لديهم تفويضا من حوالى 90 فى المائة من سكان كاتالونيا. وفي الوقت نفسه، لا تزال الحكومة الإتحادية تصر على احترام الدستور الذي يصف الأمة بأنها "غير قابلة للتجزئة".
وقد ألمح الملك فيليب إلى أنه قد يفعل المادة 155ويأمر بتطبيقه. وأوضح بعد استفتاء الاستقلال قائلا إن "الهدف من السلطات الشرعية للدولة هو التأكد من الالتزام بالنظام الدستوري". وقد أظهرت اسبانيا بالفعل استعدادها للتدخل فى الشؤون الكاتالونية، حيث فرضت الحكومة الفيدرالية ضوابط على أموال المنطقة فى أيلول/سبتمبر. ومن جانبه، حذر رئيس الوزراء الإسبانى ماريانو راخوي الإنفصاليين الكاتالونيين من "إجبارنا على الذهاب الى حيث لا نريد".
قوة لا يمكن التنبؤ بتأثيراتها اللاحقة
ولتطبيق المادة 155، يتعين على الحكومة المركزية أن تخطر الزعيم الكاتالوني كارليس بوتشيمون بأنه يجب أن يمتثل لأي قوانين أو واجبات في حال ُوجد قصور في جهوده. وربما يكون له الحق في رفض ذلك.
ويتعين على الحكومة المركزية بعد ذلك وضع "الإجراءات الضرورية" التى تراها مناسبة للتطبيق، ومن ثم إقتراحها على مجلس الشيوخ الذى يمثل المنطقة للحصول على موافقة الأغلبية. جدير بالذكر أن الحزب الشعبي برئاسة رئيس الوزرء راخوي لديه أغلبية كبيرة هناك، كما من المحتمل أن يحصل القرار على دعم نواب الحزب الاشتراكي المعارض. وقد يلهم تنفيذ تلك المادة التضامن مع كاتالونيا في مناطق أخرى تسعى إلى الانفصال، مثل إقليم الباسك. وقال مسؤول كاتالوني لصحيفة "لا فانغارديا " في تموز/ يوليو، إن تفعيل المادة 155 يمكن أن يفتح "تابوت العهد" على طريقة فيلم إنديانا جونز، مؤكد أنه أمر" لا يمكن التنبؤ به بشكل خطير".
ريتشارد كونر/ س.م
القارة العجوز وأقاليمها الطامحة إلى الانفصال أو الإستقلال!
هناك عدة مناطق أوروبية تسعى للانفصال أو الاستقلال عن دولها، وذلك بدرجات متفاوتة ولأسباب مختلفة، نتعرف في ألبوم الصور هذا على هذه المناطق أو الأقاليم، وسبب رغبتها بمفارقة الدول التي تشكل جزءاً منها الآن.
صورة من: DW/R. Wenkel
كاتالونيا
تسعى كاتالونيا إلى الانفصال عن إسبانيا لأسباب اقتصادية في الغالب، فالناس هناك يقولون بأن حكومة المركز في مدريد استنزفت ثرواتهم، ورغم أن البعض يرجع زيادة النزعة الانفصالية لدى الكاتالونيين إلى اضطهادهم بداية القرن العشرين من قبل الجنرال فرانكو، فإن الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 5.7 مليون نسمة، يتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال السياسي والثقافي، بما في ذلك وجود برلمان إقليمي.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gene
إقليم الباسك
يتطلع البعض في إقليم الباسك الذي يقع في شمال إسبانيا أيضاً إلى إقامة دولة خاصة بهم، لأسباب اقتصادية أيضاً، حيث إن الحكومة المركزية في مدريد تجمع ضرائب من مختلف المناطق الإسبانية وتقوم بتوزيعها على المناطق الإسبانية الأخرى، باستثناء إقليم الباسك. وعلى الرغم من أن القومية الباسكية ولغة الباسك قد قمعت أيضا تحت حكم ديكتاتورية فرانكو، إلا أن أقلية صغيرة من القوميين الباسكيين تنشط في أنحاء الإقليم.
صورة من: dapd
إسكتلندا
رغم تمتعهم ببرلمان خاص بهم، مازال الاسكتلنديون منذ اتحادهم في إطار المملكة المتحدة منذ حوالي 300 سنة يسعون إلى الحكم الذاتي الكامل، في عام 2014 قامت اسكتلندا بتنظيم استفتاء فشل فيه المؤيدون للانفصال، غير أن نتائج الاستفتاء المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي/ البريكست جددت رغبة الاسكتلنديين بإجراء استفتاء جديد لتحديد مستقبلهم علاقتهم بالمملكة المتحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/G. Stuart
فلاندرز (الإقليم الفلمنكي)
رغم أن الإقليم الذي يشكل أحد الأقاليم الفدرالية الرئيسية في بلجيكا يهيمن على المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد إلا أن ممثلها السياسي، التحالف الفلمنكي الجديد، يقول أنه يريد الاستقلال. وقد استطاع هذا التحالف تعزيز موقعه خلال الانتخابات التشريعية عام 2014 ليصبح حجر الزاوية في الحكومة الفدرالية اليمينية الناطقة بالفرنسية. وإذا تم الانفصال فإن بلجيكا ستفقد أكثر من نصف سكانها.
صورة من: Getty Images
بادانيا
هي حركة انفصالية في شمال إيطاليا تأسست عام 1989 وسميت برابطة الشمال لاستقلال بادانيا، وهدفها اقتصادي بحت، تنادي الرابطة باستقلال الشمال الإيطالي الغني مقارنة بمناطق الجنوب. وفي فترة التسعينات أراد حزب الرابطة/ ليغا نورد الانفصال الكامل. ورغم أن الأصوات المطالبة بالاستقلال خفت، إلا أن القلق ما زال يراود بقية المناطق الإيطالية بسبب تركز رأس المال في الشمال.
صورة من: picture-alliance/dpa/ANSA/D. Trovato
جنوب تيرول
تلعب العوامل الاقتصادية والسياسية والتاريخية والثقافية جميعها دوراً في النزعة الانفصالية لجنوب التيرول عن إيطاليا. قبل الحرب العالمية الأولى كانت هذه المنطقة تنتمي إلى النمسا والمجر، لكنها أصبحت جزءاً من إيطاليا، في نهاية الصراع على الهيمنة على هذه المنطقة الهامة. يتحدث 70 بالمائة من الذين يعيشون في جنوب تيرول اللغة الألمانية. ويطالب سكان هذا الإقليم بالاستقلال عن إيطاليا منذ استعمارها.
صورة من: Kur- und Verkehrsamt Kiefersfelden
كورسيكا
تتمتع هذه الجزيرة المتوسطية بوضع خاص حيث تعتبر الوحيدة في فرنسا التي تحظى بهامش أكبر من السلطة الذاتية مقارنة بأقاليم ما وراء البحار. وبعد عقود من الصراع أعلنت المنظمة المسلحة السرية "جبهة التحرير الوطني فى كورسيكا"، في يونيو 2014 التخلي عن السلاح من أجل تعزيز العملية السياسية. وتخشى السلطات الفرنسية من مطالبة أقاليم فرنسية أخرى مثل بريتانى أو الالزاس بالانفصال، وتعتبر ذلك خطراً على وحدة البلاد.
صورة من: DW/E. Bryant
بافاريا
قليل من البافاريين يرغبون بدولة خاصة بهم، تعتبر ولاية بافاريا الإقليم الألماني الوحيد الذي يمثله حزب في البرلمان، ويحمل الإقليم اسم "ولاية بافاريا الحرة". ظهرت بوادر انفصال عبر دعوة السياسي من "الحزب المسيحي الاجتماعي" فيلفريد شارناغيل، في كتاب صدر عام 2012 بعنوان "بافاريا تستطيع العيش وحدها"، إلا أنه لم تظهر حركات سياسية تتبنى هذا النهج.
كريستوف هازلباخ/ ز.م/ محيي الدين حسين/ م.م