كارليس بوتشيمون...سياسي مقامر قد يقلب مصير إسبانيا
١٠ أكتوبر ٢٠١٧
تتجه الأنظار اليوم إلى رئيس إقليم كاتالونيا كارليس بوتشيمون الذي سيلقي خطاباً في البرلمان المحلي، يُتوقع أن يعلن خلاله استقلالاً أحادي الجانب للإقليم . محطات في سيرة زعيم الاستفتاء الأخطر في مملكة فيليبي السادس.
إعلان
فضلاً عن كونه رئيس إقليم كاتالونيا، يعد كارليس بوتشيمون بطل الاستفتاء الشهير يوم الأول من أكتوبر 2017. كما أنه حالياً العدوّ رقم واحد للحكومة المركزية الإسبانية في مدريد، وأحد أكثر القادة السياسيين معارضة لرئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي.
وُلد بوتشيمون عام 1962 ببلدية أمير التابعة لتراب محافظة جرندة شمال شرق إسبانيا لأبٍ يشتغل في صناعة الحلويات، قبل أن يلتحق بجامعة جرندة نفسها لدراسة اللغة الكاتالانية، لكنه لم يكملها.
في بداياته المهنية، اشتغل في الصحافة، قبل أن يصير سياسياً بهوىً انفصالي، ومرّ في مسيرته بعدة تجاربَ عملية، لعل أبرزها كان منصب رئيس تحرير جريدة "إلْ بونت" (El Punt)، ومن ثم مديراً لوكالة الأنباء الكتالانية ومدير صحيفة "كاتالونيا اليوم" (Catalonia Today) الناطقة بالإنجليزية. بوتشيمون، هو عضو أيضاً، في رابطة الصحفيين الكاتالونيين، كما أنه قام بتأليف عدة كُتب من ضمنها "كتالونيا بعيون الصحافة الأجنبية " (Cata… què? Catalunya vista per la premsa internacional) (1994) كما نشر مقالات عديدة عن مجال الاتصالات والتقنيات الجديدة.
في ثمانيات القرن العشرين، كان بوتشيمون مؤسِّساً لفرع جرندة في "حركة الشباب الوطني الكتالوني". وهو عضو في حزب اللقاء الديمقراطي الكتالوني، وعُيّن مديرا لبيت الثقافة في جرندة بين عامي 2002 و2004.
يبتدئ المسار السياسي لابن بلدية أمير عام 2006 حين أصبح عضواً في برلمان إقليم كاتالونيا، المتمتّع بحكم ذاتي وصلاحيات واسعة، ليتقلد منصب عمدة مدينة جيرونا الإسبانية ما بين 2011 و 2016.
في يوليو 2015، بات السياسي المثير للجدل رئيساً لاتحاد البلديات للاستقلال، كما عُيّن عضوا في البرلمان عن تحالف " معاً من أجل نعم" في الانتخابات البرلمانية في 27 سبتمبر أيلول 2015.
10 يناير كانون الثاني 2016، تاريخٌ شكّل منعطفاً حاسماً في مسار الرجل الساعي إلى استقلال كاتالونيا عن إسبانيا، بعدما تم انتخابه رئيسًا لإقليم كاتالونيا بموجب اتفاق في اللحظة الأخيرة بين "معا من أجل نعم" و"ترشيح الوحدة الشعبية". قبل أن يقدم على الاستقالة من رئاسة بلدية جرندة لأن القانون لا يسمح له الجمع بين منصب رئاسة البلدية ورئاسة الإقليم في الآن نفسه.
والتزم بوتشيمون بوعده ونظم في الاول من تشرين الاول/اكتوبر استفتاء محظورا شهد اعمال عنف من الشرطة. وكانت النتيجة المعلنة: "90,18%" يؤيدون اعلان جمهورية كاتالونيا بينما بلغت نسبة المشاركة 43%. بوتشيمون استنكر بشدة استخدام القوة من طرف الأمن الإسباني لقمع الكاتالانيّين يوم إجراء استفتاء تقرير مصير الإقليم، كما أنه أبدى استعداد حكومته المحلية لفتح الحوار والتفاوض مع السلطات المركزية في مدريد، وهو موقفٌ كان أعلن عنه ردّاً على خطاب الملك الإسباني فيليبي السادس الرافض لاستقلال كاتالونيا.
إعلان "استقلال" محتمَل لكاتالونيا من جانب واحد، خطوة قد تدفع إلى تسليط مزيد من الضوء على بوتشيمون، مما سيفاقم التوتر مع مدريد ويتهدد مصير البلاد في أسوء أزمة تعيشها إسبانيا بعد المحاولة الانقلابية عام 1981.
وفي خطابٍ له أمام برلمان كاتالونيا الساعة السادسة من مساء الثلاثاء ( 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2017) ، سيكون بوتشيمون مطالَباً بالرد على التصريحات الرسمية الصادرة مؤخراً عن مدريد بعد إعلان نتائج الاستفتاء وقضتْ المحكمة الدستورية العليا في إسبانيا ببُطلانه واصفة إياه بـ"غير القانوني".
وأوردت وسائل إعلام إسبانية أنّ بوتشيمون كتبَ وأعاد صياغة خطابه طوال يوم الاثنين، مُحاطاً بمستشاريه ومتردداً بين أنصار الرحيل بلا تردد والذين يخشون أن يكون العلاج، أي الاستقلال، أسوأ من العلة نفسها وهي "وصاية مدريد". لكن معسكر بوتشيمون شجعه على المضي قدما في خطته بتظاهرة كبيرة يشهدها محيط البرلمان.
ي.ي / (أ ف ب ، د ب أ )
مدريد واستقلال كاتالونيا - تاريخ من العلاقات المضطربة
يستمر الشد والجذب بين كاتالونيا ومدريد، فقد فاز الانفصاليون بأغلبية مقاعد برلمان الإقليم. بين مدريد وكاتالونيا تاريخ طويل من العلاقات المضطربة وصلت ذروتها بعد محاولة الإقليم الاستقلال وهروب رئيس وزرائه إلى بلجيكا.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/M. Oesterle
حصد الانفصاليون في انتخابات كاتالونيا إغلبية المقاعد في البرلمان الإقليمي، وحصلت الأحزاب الانفصالية في الإقليم الإسباني معا على 70 مقعدا من أصل 135، وبوسعها حكم الإقليم إذا شكلت ائتلافا فيما بينها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Morenatti
حصول الانفصاليين على الأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان لا يعني أنهم حصلوا على الأكثرية المطلقة من أصوات الناخبين، لا بل إنهم لم يحصلوا حتى الأغلبية البسيطة، والسبب في ذلك عائد إلى النظام الانتخابي المتّبع. فالقانون الانتخابي في كاتالونيا يتضمن نظام ترجيح للأصوات يعطي أفضلية للمناطق الريفية التي يتجذر فيها الانفصاليون، ما منحهم الفوز من حيث عدد المقاعد.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
المفوضية الأوروبية أعلنت أن الانتخابات التي جرت في كاتالونيا وفاز فيها الانفصاليون بالأغلبية المطلقة "لن تغيّر" موقف الاتحاد من المسألة الكاتالونية.
صورة من: Reuters/Y. Herman
وللمفارقة فإن أكثرية الكاتالونيين صوّتت ضد المعسكر الانفصالي، وهو ما حدا بزعيمة حزب سيودادانوس المناهض للانفصال إينيس اريماداس للقول إنه بعد هذه النتيجة "هناك أمر ازداد وضوحا، وهو أن الغالبية الاجتماعية تؤيد الوحدة مع باقي الإسبان والأوروبيين، ولن يكون بوسع الأحزاب القومية بعد اليوم التحدث باسم كاتالونيا ككل، لأن كاتالونيا هي نحن جميعا".
صورة من: Getty Images/AFP/J. Lago
وكان رئيس الحكومة السابق بوتشيمون قد عمل على استقلال الإقليم ثم علق إجراءات الاستقلال عن مدريد، التي عزلته واصدر المدعي العام الإسباني بحقه أمر ألقاء قبض. فغادر إلى بلجيكا مع أربعة من وزرائه المعزولين.
صورة من: Reuters/A.Gea
1932
وللصراع بين كاتالونيا ومدريد قصة طويلة، فبعد عام على تأسيس الجمهورية الإسبانية الثانية تم تثبيت وضع إقليم كاتالونيا القانوني عام 1932 بمنحها استقلالاً مؤقتاً.
صورة من: picture-alliance/Prisma Archiv
1939-1975
لكن الدكتاتور الإسباني الجنرال فرانسيسكو فرانكو (1892- 1975)، الذي حكم إسبانيا بالنار والحديد حتى عام 1975، ألغى استقلال كاتالونيا وقمع نظامه أي نوع من الأنشطة العامة المرتبطة بالقومية واللغة الكاتالونيين، بعد أن خرج منتصراً من الحرب الأهلية التي مزقت البلاد.
صورة من: picture alliance/AP Photo
1979
بعد وفاة الجنرال فرانكو عام 1975، منح دستور إسبانيا الديمقراطي الجديد عام 1978 كاتالونيا حكماً ذاتياً، مؤكداً على أن الأمة الإسبانية لا يمكن أن تتجزأ، غير أنها تعترف بحقوق الأقاليم بالإدارة الذاتية.
صورة من: AP
2006
مفاوضات طويلة قادت الحكومة الإسبانية إلى الموافقة على رغبة الكاتالونيين بإعادة إصلاح وضع الحكم الذاتي لإقليمهم، إذ أقر البرلمان الإسباني ميثاق حكم ذاتي لكاتالونيا يعزز سلطات الإقليم المالية والقضائية ويصفه بـ"الأمة".
صورة من: AP
2010
قضت المحكمة الدستورية الإسبانية العليا بإلغاء أجزاء من ميثاق 2006، معتبرة أن استخدام مصطلح "أمة" لوصف الإقليم لا ينطوي على أي "قيمة قانونية" ورافضة الاستخدام "التفضيلي" للغة الكتالونية في خدمات البلدية.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/M. Oesterle
2012
تظاهر نحو 1.5 مليون شخص في عاصمة الإقليم برشلونة من أجل استقلال كاتالونيا وهتفوا "نحن أمة والقرار لنا"، وقادت تداعياتها إلى انتخابات مبكرة في الإقليم فاز فيها مؤيدو الانفصال عن إسبانيا.
صورة من: AFP/Getty Images
2014
في تحد لمدريد، أجرت كاتالونيا اقتراعاً رمزياً على الاستقلال، صوت فيه أكثر من 80 بالمئة، أي ما يعادل 1,8 ملايين شخص، لصالح انفصال الإقليم، إلا أن نسبة المشاركة بلغت 37 بالمئة فقط. حكومة مدريد لم تعترف بالاستفتاء ولم تكن له أي تبعات مباشرة.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Lago
يقع إقليم كاتالونيا في شمال شرق إسبانيا، و تبلغ مساحته نحو 32106 كلم مربع، ويعتبر سادس أكبر منطقة من حيث المساحة في إسبانيا.
صورة من: Imago/Nature Picture Library
العديد من نجوم نادي برشلونة لكرة القدم مثل بيكيه وتشافي ومدرب النادي السابق بيب غوارديولا يدعمون الاستفتاء الإقليم، لكن إدارة النادي لم تؤيد الاستفتاء صراحة، مؤكدة على حق الكاتالونيين بحرية التصويت.