1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كاريكاتير يسخر من السيسي!! فن مُحرّم في الصحف المصرية

أحمد حمدي – القاهرة٧ أغسطس ٢٠١٤

منذ أن تولى الرئيس المصري الجديد سدة الحكم، امتنعت الصحف عن نشر أي كاريكاتير ينتقد الرئيس السيسي. فلماذا هذا الإحجام الشديد في الصحافة المصرية؟ سؤال بحث مراسل DWعربية في القاهرة عن إجابته في هذا التحقيق.

Ägypten Karikaturen Zeitungen
صورة من: DW/A. Hamdy

فن الكاريكاتير يعتمد بالدرجة الأولى على روح السخرية، وهل هناك من هو أفضل في السخرية من شعب أسمى ثورته "الثورة الضاحكة"؟ لكن زمن الضحكات قد ولى، أو هكذا يبدو الأمر، فبعد عصر من تطبيق نظام "الرئيس خط أحمر" في رسوم الكاريكاتير، إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، انكسر الحاجز في عصر المجلس العسكري ومن ثم الرئيس السابق محمد مرسي، فكانا عرضة للسخرية بشتى أنواعها. لكن الخطوط الحمراء لم تبتعد كثيرا، فعادت سريعا مع تقلد السيسي لمقاليد الحكم. إلا أنها لا تبدو مجرد خطوط هذه المرة، وإنما صارت "شوارع حمراء"، كما أطلق عليها أحد رسامي الكاريكاتير الذين حاورتهم DWعربية، بحثا عن إجابة لسؤال: لماذا لا يظهر السيسي أبدا في رسوم كاريكاتير الصحف المصرية؟

"الصحف لا تريد أن تدخل في صدام مبكر مع السيسي"

"هو أشبه بصمت انتخابي حتى الآن"، قالها مع ضحكات ساخرة. رسام الكاريكاتير بصحيفة اليوم السابع المصرية المستقلة الشهيرة، إيهاب عبد الجواد تحدث لـDW عربية عن حال الكاريكاتير في عصر السيسي: "نستطيع أن نقول أن لنا مطلق الحرية في انتقاد الحكومة، أي حكومة كانت .. منذ عصر مبارك وإلى اليوم. أما رئيس الدولة فيُمنع انتقاده حاليا".

ويوضح عبد الجواد الصورة أكثر بقوله: "إذا كانت السخرية صريحة من شخص السيسي فإنها لا تُنشر، إلا إذا رسمت كاريكاتيرا ينتقده بشكل غير مباشر، مثل استخدام عباراته الشهيرة لكن دون رسمه شخصيا". ويضيف: "نقد هذا الرجل خط أحمر .. ده مش (هذا ليس) خط أحمر دي (هذه) شوارع حمراء".

"هناك شوارع حمراء، وليس مجرد خطط حمراء في عهد السيسي"، يقول رسام الكاريكاتير الشاب إيهاب عبد الجوادصورة من: DW/A. Hamdy

وأرجع الرسام الشاب المسألة لعدة عوامل، منها أن "الصحف لا تريد أن تدخل في صدام مبكر مع السيسي". لا وبل هناك ما يشبه الرقابة الذاتية من قبل الرسامين أنفسهم، وفقا لعبد الجواد: "ليست الصحف وحدها من تمنع النشر، نحن أنفسنا نشعر أن الشعب لن يتقبل السخرية من السيسي في هذا التوقيت"، فيما أكد على عدم وجود أي أوامر سيادية بعدم رسم السيسي. وأوضح عبد الجواد كذلك أن عزوف الصحف المصرية عن نشر رسوم كاريكاتير ساخرة من الرئيس الجديد "70 في المائة منه "بيزنس"، معللا ذلك بأن عدم إعجاب الجمهور بالمحتوى الذي تقدمه الجريدة سيجعله يتوقف عن شرائها.

وقارن عبد الجواد بين عصر السيسي ومرسي وتأثيرهم على حرية رسم الكاريكاتير قائلا: "الوقت الوحيد الذي أخذنا فيه الحرية في رسم الكاريكاتير كان في زمن مرسي، ليس لأنه كان عصر الحرية لكن لأن الجو العام كان مهيئا وقتها لذلك مع الرفض الشعبي والصحفي لمرسي".

"سقف السخرية يتوقف عند الحكومة ونحتاج مزيدا من الحرية"

ومن الصحافة المستقلة، انتقلت DW عربية لتحاور أحد أكبر وأشهر رسامي الكاريكاتير في مصر وصحيفة الأهرام القومية. إنه الرسام فرج حسن، الذي اتفق في الرأي مع عبد الجواد في تقلص مساحة الحرية في رسم الكاريكاتير في عصر السيسي، رغم حبه الكبير للرئيس، حسبما أكد.

"كاريكاتير المديح ليس كاريكاتيرا، وإذا كنا نفعله الآن بدافع الحب فلا يمكن أن يستمر"، يقول حسن. ورغم انتقاده للوضع إلا أنه أوضح أنه لم توجه لهم أوامر بعدم المساس بشخص السيسي في الكاريكاتير بل أوضح أن الرقابة ذاتية، "المشكلة من داخلي أنا. فأنا على سبيل المثال من محبي السيسي كملايين الناس ورغم أن بعض الأشياء تضايقني حاليا، إلا أنني أبقى غير قادر على التعبير عنها وأستمر في القول: فلنعطه الفرصة".

دائما كانت الصحف الرسمية خالية من رسوم كاريكاتورية تنتقد رئيس البلاد، باستثناء فترتي حكم المجلس العسكري وحكم مرسي.صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images

وأوضح رسام الكاريكاتير الشهير أن "معظم رسامي الكاريكاتير في الصحف القومية من أصحاب الخبرة وهم يشعرون بأن الوقت غير مناسب، لذا يتعاملون مع الموقف بحكمة". وعن الاتهامات التي دائما ما توجه للصحف القومية بمحاباة الدولة والانحياز للحكام قال: " مازالت رقبة الإعلام في يد الدولة، فهي من تدفع مرتبات من يعملون في الصحف الحكومية وتعين رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات، فكيف تريدهم أن ينتقدوا من عينهم ويدفع رواتبهم؟".

ومنذ فترة مبارك كان سقف الانتقاد والسخرية يتوقف عند الحكومة، كما يؤكد فرج، دون أن يصل إلى الرئيس، مستثنيا فترة مرسي: "لم يكن ذلك قانونا مكتوبا بل عرفا متبعا، وتحول الرقيب من شخص إلى رقيب داخلي في الأفراد القدامى والذي يتقلدون المناصب القيادية في الصحف القومية، فكان الشكل العام يقول يجب أن لا يصل الانتقاد إلى الرئاسة.. وللأسف الوضع يبقى كذلك الآن".

ووصف رسام الكاريكاتير الشهير فترة الحرية الكاريكاتيرية في عهد مرسي عكس ما يحدث حاليا، بأنه لم يكن ذلك بفضل ازدهار فن الكاريكاتير بل كان بسبب أن المرحلة السياسية كانت "أكثر تهتكا"، واختتم حسن حواره مع DWعربية، مطالبا برفع يد الدولة عن الصحافة والإعلام معتبرها مقيدة لحرية التعبير قائلا: "نريد حرية أكثر".

النشطاء يردون: "السيسي هو مبارك"

واتجهت DW عربية بسؤال لمصدر رفيع في إدارة إحدى الصحف القومية المصرية، رفض ذكر اسمه، حول تعرض إدارات الصحف لضغوطات من أجل عدم تناول السيسي بالسخرية، فعلق قائلا: "لا يوجد تعليمات موجهة من الدولة أو من الإدارة بعدم التعرض لشخص الرئيس في الكاريكاتير، إلا أن رسامي الكاريكاتير عادة بخبراتهم يستطيعون أن يشعروا متى الوقت المناسب للسخرية ومتى يمتنعون عنها".

وعن تهديد الوضع الحالي للكاريكاتير المصري على حرية التعبير، يقول الناشط السياسي وأمين شباب منظمة شباب حزب الجبهة الديمقراطية سابقا، محمود علي، لـDW عربية: "انتهت حقبة مبارك والإخوان وتبقت دولتهم وتلك هي الأزمة الحقيقة التي تحتاج في رأيي إلى مذبحة مثل التي فعلها محمد على باشا للتخلص من بقايا دولة المماليك .. هؤلاء الذين يحاولون مراضاة الرئيس بمنع الآراء المخالفة له تقربا وقربانا إليه".

"نظام مبارك مازال قائما. تغير الأشخاص وبقيت ذات العقليات"، على حد تعبير رضوى عثمانصورة من: Radwa Othman

وكان رأي رضوى عثمان، الطالبة في كلية العلوم السياسية، أن "نظام مبارك مازال قائما. تغير الأشخاص ولكن العقليات الحاكمة واحدة لا تؤمن بحرية الرأي أو التعبير ولا تقبل برأي معارض". بالإضافة إلى حالة المبالغة في مأساوية الوضع الأمني في مصر. و"الرأي السائد أن هذه المرحلة حرجة، فلا يجب أن تكون انتقاداتنا أو تقييمنا موجه للحاكم ولكن للإرهاب، ولذلك لا توجد صحف مستعدة لعرض رأي آخر غير الشائع، ولا يوجد من هو مستعد لتلقي رأي آخر، ولهذا لا يوجد كاريكاتير ضد السيسي".

باحث إعلامي: "مبرر الرقابة الذاتية غير مقنع"

وطالب المتطوع في منظمة "يلا نشارك" سامح النقيب بـ"رفع حالة تأهب قصوى أخرى لاستعادة الحريات التي اكتسبت بثورة 25يناير2011". فيما قالت الناشطة السياسية سالمة علي لـDW عربية: "وجهان لعملة واحدة، السيسي هو مبارك، وهو كل الحكام الذين مروا علي عرش مصر. نجحت الثورة في تغيير محتلي المناصب لسنوات طوال، لكنها أخفقت في تغيير عفن الديكتاتورية.. لن نجد كاريكاتيرا للسيسي في الجرائد، ولا أدري إذا كنا سنجد كاريكاتيرا لأحد رؤساء مصر في جريدة يوما ما".

محمد سرور، الباحث المتخصص في مجال الصحافة والإعلام، شدد أيضا في حديثه مع DWعربية على خطورة ما يحدث، فقال: "عدم وجود نقد بناء للسيسي عن طريق الكاريكاتير أو غيره من الوسائل في الإعلام سيصنع منه فرعونا، فلن يعرف أبدا بسبب هؤلاء الذين يحاولون مراضاته إذا كان على الطريق الصحيح أم لا وعاجلا أم آجلا سيتحول إلى مبارك جديد".

فيما أبدى عدم اقتناعه بحديث رسامي الكاريكاتير عن رقابة ذاتية، قائلا: "هذا التبرير غير مقنع، خاصة مع النظر إلى الحرية التي كانوا فيها وقت حكم مرسي، والتي منعت الآن، إلا إذا كان هذا معناه أن هناك تداخل للأهواء الشخصية في العمل وانحياز لأشخاص وأنظمة ضد أخرى".

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW