عندما يكون المرء مشهوراً، فلا يواجه أي نوع من المشاكل. لكن معظم معارفي من الفنانين يستطيعون بالكاد تغطية متطلبات الحياة. وحتى بالنسبة لي فإن دخلي يساعدني فقط على عيش حياة بسيطة"، هكذا يصف الفنان الألماني يورغن فينهبيرغ حياته. فينهبيرغ فنان برليني ويمتلك مرسماً في حي كريوتسبيرغ. ويقوم فينهبيرغ بالرسم والنحت ولديه العديد من الزبائن الدائمين. ويمارس الرسام الألماني الفن منذ نهاية الثمانينات بعد رحليه من مدينة ألغوي في جنوب ألمانيا إلى العاصمة برلين.

ومن الصعب تخمين عدد الرسامين والموسيقيين والممثلين والكتاب، الذين يعملون لحسابهم الخاص في ألمانيا ويعيشون من أعمالهم الفنية ومبيعاتها. ولكن مردود هذه المبيعات يكون في كثير من الأحيان سيئاً أكثر منه جيداً. ولا يتبقى من مبيعات أعمالهم ما يكفي للتوفير لسن التقاعد، فمن النادر أن يحصل الفنانون على أجور جيدة.

صعوبة التوفير لسن التقاعد

ووفقاً لما أعلنه صندوق التكافل الاجتماعي الخاص بالفنانين في مدينة فيلهلمسهافن والذي يجب على جميع الفنانين الانتماء إليه، فقد وصل معدل الدخل السنوي من جميع المنتسبين لهذا الصندوق من قطاعات الأدب والفن التشكيلي والأدائي والموسيقى إلى 14 ألف يورو سنوياً، أي ما يُعادل 1200 يورو إجمالياً دون دفع الضرائب في الشهر الواحد. كما يجب على المنتسبين لهذا الصندوق دفع مبالغ إضافية للضمان الصحي والتأمين التقاعدي الحكومي.

ومن جهة أخرى تقوم الحكومة بدفع النصف الأخر من هذه المُستحقات، كما هو الحال عند أصحاب الوظائف الدائمة. ويُعتبر الدخل الشهري بمعدل 1200 يورو في ألمانيا على مقربة كبيرة من حد الفقر البالغ 1000 يورو شهرياً. فمبالغ التأمين التقاعدي الحكومي تتوقف على معدل الدخل الشهري، فكلما كانت مبالغ التأمين التقاعدي المدفوعة منخفضة، كلما انخفض الراتب التقاعدي مستقبلاً. ويمكن للفنانين رفع الراتب التقاعدي من خلال عقد تأمين خاص، وهو ما فعله فينهبيرغ أيضاً. ويقول الرسام الألماني عن ذلك: "لكن المبلغ منخفض أيضاً. لو كان دخلي يكفي لقمت بتوفيره لوقت لاحق. لكن هذه هي المشكلة".

تذبذب وعدم انتظام الدخل

فيرونكا ميرشل تترأس قسم الأعمال الحرة والمستقلة في نقابة "فيردي" وهي على إطلاع أيضاً على مجال الأعمال الحرة كأعمال الفنانين. وتقول ميرشل "إن الفنانين يعانون من تأرجح الدخل الشهري في حين أن الكُتاب والممثلين يواجهون مشكلة عدم انتظام الدخل". وتصف النقابية الألمانية وضع الفنانين بشكل عام في ألمانيا بأنه "ليس جيداً". وتضيف ميرشل أيضاً أنه ليس من الغريب أن يمارس الفنان أكثر من وظيفة في الوقت نفسه. "إذا سارت الأمور على ما يُرام يستطيع الفنان أن يُنسق بين الوظيفتين". على سبيل المثال يستطيع الفنان المسرحي أن يقوم ببعض الإعلانات للشركات عن طريق الإنترنت كما يستطيع الممثل بالقيام بعملية الدبلجة.

وحتى بين معارف فينهبيرغ من الفنانين فإنه "ليس غريباً أن يقوم أحدهم بوظيفتين في الوقت ذاته"، لتحسين دخله من خلال عرض أعماله الفنية على الشركات. وبغض النظر عن هذا يقوم فينهبيرغ منذ نيسان/ أبريل 2012 وبمساعدة أحد شركاءه التجاريين بتنظيم حفلات فنية في برلين. كما يمتلك فينهبيرغ البالغ من 48 عاماً بعض الأفكار المتعلقة بتقدمه في السن كإنشاء جمعية سكنية للمسنين. "لكن لا توجد لديه خطط محددة بعد"، كما يقول فينهبيرغ، الذي يكسب قوت يومه منذ 25 عاماً من خلال فنه. ويضيف: "لكن جميع معارفي من الفنانين يعتريهم القلق حول وضعهم المادي في الشيخوخة".

لقد اعتدت على العيش في الحاضر

ويوجد في ألمانيا فنانون مشهورون، يواصلون عملهم رغم تقدمهم في السن مثل غيرهارد ريشتر وماركوس لوبيرتس والممثل ماريو أدورف أو الكاتبة مونيكا ماورن. عن ذلك تقول ميرشل: "معظم الفنانين يستمرون في أداء عملهم رغم تقدمهم في السن بدافع حبهم وشغفهم بفنهم وليس فقط بداعي المال". بدوره يقول فينهبيرغ إن حياة الفنان دائماً ما تأخذ مجرى أخر مقارنة بحياة الناس الآخرين. "لست ساذجاً، عندما يتعلق الأمر في مسألة التقدم في العمر. ولكن اعتدت على أن أعيش في الحاضر".