كبار الشخصيات تعيش يوماً في حياة لاجئ في منتدى دافوس
٢٤ يناير ٢٠١٨
يمكن لكبار الشخصيات العالمية أن تعيش محاكاة للظروف الصعبة التي يمر بها اللاجئون أثناء رحلة وصولهم إلى بلد آمن، من خلال تجربة افتراضية باسم "يوم في حياة لاجئ"، وذلك في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية.
إعلان
باب خشبي قديم يفصل بين الحياة المخملية التي تعيشها كبار الشخصيات العالمية، وبين حياة الشقاء التي يعيشها اللاجئون في طريق وصولهم، وفي بلدانهم التي هربوا منها، فوراء هذا الباب يستطيع كبار السياسيين والمسؤولين ورجال الأعمال أن يعيشوا حياة افتراضية للاجئين، وذلك لحوالي ساعة من الزمن، وبأسماء وهويات جديدة.
ففي مدينة دافوس السويسرية، وفي المكان الذي يعقد فيه المنتدى الاقتصادي العالمي، تقوم إحدى المنظمات غير الحكومية كل عام منذ عام 2009، بإعداد صالة كبيرة وتجهيزها وفق ظروف قاسية، ليعيش فيها المشاركون، لمدة 45 دقيقة، الصعوبات التي يعيشها اللاجئون في بلدانهم الأصلية وعلى طريق وصولهم، كما يقوم لاجئون وعاملون في منظمات غير حكومية بلعب أدوار الجنود أو مسؤولي المخيمات.
كسب التعاطف مع اللاجئين
يقول دافيد أوكيلو، وهو أحد المتطوعين المشاركين، والذي يلعب دور جندي في إحدى التجارب: "أعتقد أنه من المهم جداً بالنسبة لنا أن نقدم هذه المحاكاة للمشاركين في دافوس ليعيشوا ما عشناه لمدة 45 دقيقة"، ويتابع للموقع الإلكتروني للمشروع: "إنهم (الشخصيات المشهورة) يتخذون القرارات السياسية وغيرها من القرارات وفق ما يريدون هم، وليس وفقاً لما نريده نحن. إنهم لا يعرفون ما هي الحياة التي نعيشها في الواقع".
تقول مؤسسة (Crossroads) القائمة على المشروع، إن هدفها من إجراء هذه المحاكاة هو أن يشعر أصحاب القرار والمؤسسات بقصص اللاجئين ويتعاطفوا معهم، مضيفة -على موقع المشروع- أن ذلك يشجعهم بشكل كبير على المساهمة في دعم أولئك الناس الذين يعانون من ظروف صعبة.
وبحسب المؤسسة فإن هذا المشروع هو ما شجع عملاق التكنولوجيا Microsoft على مساعدة اللاجئين في اليونان، فبعد أن عاش أحد ممثلي الشركة الأمريكية تلك التجربة، قامت الشركة بتأسيس مركز للحاسوب للاجئين القاصرين غير المصحوبين في العاصمة اليونانية أثينا.
ووفقاً للقائمين على المشروع فإن الظروف القاسية التي يتم تسليط الضوء عليها في هذه التجربة تتضمن كلاً من التهجير القسري والبطالة وعدم كفاية الموارد لتوفير الرعاية الصحية المناسبة والتعليم والغذاء والمأوى، و الصعوبات التي تتعلق بالفساد وسوء المعاملة بالإضافة إلى الآثار النفسية التي يعيشها اللاجئون بسبب ما عانوه في بلادهم مثل الاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمات النفسية.
ساعة مكثفة
أما عن القصص التي يتم حبكها في المحاكاة الافتراضية، فهي مستمدة من قصص لاجئين على مدى أكثر من عشرين عاماً في خمس عشرة دولة وهي كل من رواندا وكينيا ودول البلقان وتيمور الشرقية وكمبوديا وأفغانستان والكونغو والعراق وسوريا ولبنان والأردن وتركيا واليونان وجنوب إفريقيا وميانمار.
وبالرغم من أن هذه المحاكاة الافتراضية لا تستغرق إلا حوالي ساعة من الزمن، لكن تم تكثيف التجارب فيها، بحيث تكون يوماً أو أسبوعاً أو شهراً، حسبما أفادت المؤسسة على موقعها، وأضافت أن التجربة تبدأ بموقف متأزم يجبر الأشخاص الذين يعيشونها على النزوح، ثم القيام برحلة نحو مكان آمن مروراً بمناطق الأزمات.
وتحظى الفكرة في دافوس بترحيب واسع حيث يقبل المسؤولون وحتى الصحفيون على حجز بطاقة الدخول، ويقول الصحفي الألماني باول كرستيان بريتس والذي عاش تلك التجربة عام 2016، أنه كان عليهم أن يخطو نحو عالم مجهول خلف ذلك الباب الخشبي الثقيل.
ويتابع بريتس حول تجربته، أنه تم إعطاء كل شخص هوية جديدة، وعائلة جديدة، ولكن قبل أن يستطيع أحد أن يجد عائلته، رنّ جرس الإنذار محذّراً أن المكان لم يعد آمناً، ليضطر الجميع إلى الهرب وسط إطلاق كثيف للنار، وليس معهم سوى ثيابهم ووثائقهم والقليل من النقود.
قد تكون مهينة للبعض
ويضيف الصحفي الألماني أن صراخ الناس يتعالى، ويتوجهون عبر الحدود إلى مخيم اللاجئين، ويتابع: "هنا يبدأ الإرهاب النفسي"، حيث يتم توزيعهم في الخيم بشكل عشوائي، ويصرخ الجنود بوجوههم ويطلقون ناراً كثيفاً وسط تهديدات وارتباك من قبل اللاجئين.
يقول القائمون على المشروع إنه يمكن أن تكون التجربة مهينة للبعض، وهذا ما يتعمّدون فعله، لكي يعيش المشاركون معاناة اللاجئين الحقيقية قدر الإمكان، ويعللون ذلك بأنه لا يمكن نقل صورة وحشية الحرب "القبيحة والقذرة"، إلا بطرق تعبر عن مدى عمق الألم الذي يعيشه الناس في الحرب.
يقول بريتس إنه خلال تجربته لم يكن الناس يستطيعون الحصول على الطعام ولا الدواء إلا عن طريق دفع رشوة، وسط إهانات وقسوة من الجنود.
ويرى دافيد ليفينغستون، وهو أحد المشاركين في التجربة والذي يجسّد دور طفل من شمال كينيا، إن أهمية هذا المشروع تكمن في أنه يستطيع إيصال صوت اللاجئين إلى كبار الشخصيات السياسية والاقتصادية، ويتابع: "يمكنهم أن يغيروا حياة اللاجئين أينما كانوا بدءاً من دافوس، وعلى المستوى الشعبي أيضاً".
أسلاك شائكة وبعض الأمل - اللاجئون السوريون حول العالم
فيما يناقش قادة العالم خلال قمة تعقدها الأمم المتحدة في نيويورك أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تبقى مواقف الدول بشأن استقبال اللاجئين متباينة. جولة من الصور حول وضعية اللاجئين السوريين حول العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gouliamaki
فيما أغلقت الأغلبية العظمى للدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين، كانت ألمانيا، وبنسبة أقل السويد، من أكثر الدول استقبالاً للاجئين. ففي غضون أشهر فقط استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من السوريين. ورغم الترحيب الذي أبداه الكثير من الألمان إزاء اللاجئين، إلا أن قدومهم بأعداد كبيرة لم يرق للعديد أيضاً، إذ تسببت سياسة الأبواب المفتوحة في خسائر انتخابية لحزب المستشارة أنغيلا ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
تركيا، التي تستضيف أكثر من 2,7 مليون نسمة، هي بلا منازع أكبر بلد يستقبل اللاجئين السوريين في العالم. ووسط توافد سيل اللاجئين على أوروبا العام الماضي انطلاقا من تركيا، تعهدت بروكسل بدفع 3 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين وإحياء محادثات عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي مقابل أن تساعد أنقرة في الحد من عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا من تركيا. إلا أن هذا الاتفاق يبقى هشاً.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5,8 ملايين نسمة، يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية صعبة. وبالتالي، فإن لبنان، الذي يتسم بالموارد الاقتصادية المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، يأوي أكبر نسبة من اللاجئين بالمقارنة بعدد سكانه، إذ أن هناك لاجئاً سورياً مقابل كل خمسة مواطنين لبنانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Mohammed Zaatari
الأردن، ورغم صغر مساحته وعدد سكانه، إلا أنه من أهم الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فوفقاً للأمم هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجل في المملكة الأردنية، بينما تقول السلطات إن البلاد تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/ مارس 2011. ويعيش 80 بالمائة منهم خارج المخيمات، فيما يأوي مخيم الزعتري في المفرق، وهو الأكبر، نحو 80 ألف لاجئ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
يبدو أن أغلبية دول الخليج ترفض استقبال الللاجئين السوريين على أراضيها، باستثناء السعودية التي استقبلت نحو 500 ألف لاجئ سوري، دون أن تكون لهم رسمياً وضعية لاجئ، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. الدول الأخرى فضلت تمويل مخيمات وبرامج مخصصة للاجئين للسوريين في دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
استقبلت السويد نحو 160 ألف طالب لجوء العام الماضي، لكن الأعداد انخفضت إلى نحو ألفين في الشهر بعد تطبيق قيود على الحدود وإجراءات تجعل من الأصعب على اللاجئين دخول الاتحاد الأوروبي. كما تبنى البرلمان السويدي الصيف الماضي قواعد أكثر صرامة حيال طالبي اللجوء، ومن بينها عدم منح تصاريح إقامة دائمة لكل من تم منحهم حق اللجوء في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Nilsson
الدنمارك استقبلت بدورها في 2015 أكثر من 21 الف طلب لجوء، بارتفاع بنسبة 44 بالمائة مقارنة مع 2014، لكن ذلك أقل بكثير من عدد الطلبات في جارتها الشمالية السويد. كما أن الدنمارك كانت من أول الدول التي سارعت بفرض اجراءات التدقيق العشوائي للهويات على طول الحدود الألمانية بهدف منع "أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين" من الدخول إلى البلاد. وقبلها قامت بتخفيض المساعدات المالية المخصصة للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Sörensen
المجر كانت من أولى الدول الأوروبية التي قامت بمد أسلاك شائكة على طول حدودها مع بدء توافد سيل اللاجئين عبر طريق البلقان لمنعهم من دخول أراضيها. كما أن المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا لا تزال ترفض أي آلية الزامية لتوزيع اللاجئين. كما رفضت دعوات سابقة من ألمانيا وإيطاليا واليونان بالتضامن أوروبياً في معالجة ملف اللجوء والهجرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Ujvari
سلوفاكيا من الدول الشرق أوروبية التي ترفض استقبال اللاجئين. وفي تصريح لأحد قادتها السياسيين مطلع العام الجاري جاء فيه أن البلاد لاترغب في استقبال اللاجئين المسلمين، معللة أن هؤلاء يختلفون ثقافياً عن سكان البلاد وأنه لا يوجد في سلوفاكيا مساجد ودور عبادة كافية لهؤلاء. كما شهدت البلاد احتجاجات قادها يمينون متطرفون ضد اللاجئين (الصورة).
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Gavlak
الولايات المتحدة ورغم كبر مساحتها وكثافتها السكانية التي تقدر بـ320 مليون نسمة، إلا أنها حددت سقف عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم البلاد العام الجاري بـ10 آلاف شخص. كما يتعين على هؤلاء الخضوع للإجراءات أمنية مكثفة ومشددة. ورغم ذلك هناك سياسيون من الحزب الجمهوري الذين يرفضون استقدام لاجئين من سوريا لأسباب أمنية. على أي حال واشنطن أعلنت أنها سترفع العدد بنسبة 30 بالمائة خلال العام القادم.