1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كردستان العراق: مكتب عصري للزواج في مجتمع محافظ

مناف الساعدي ـ السليمانية٣٠ مارس ٢٠١٣

الهجرة والبطالة وغلاء المهور والتقاليد عوامل تدفع الكثيرين من الشباب العراقي للعزوف عن الزواج. هذه العوامل نفسها شجعت مواطنا كرديا على تأسيس مكتب للزواج وظيفته تقريب المسافات واختصار الطريق على الراغبين في الزواج.

Office of marriage in Sulaymaniyah. Photo titl\ Office receives wishing to marry different ages, Sulaymaniyah, Iraq. Place and Date: Iraq, Sulaymaniyah, March, 27,2013. Copyright\ Photographer: Munaf Al-saidy.
صورة من: DW/M.Al-Saidy

بثياب أنيقة وحلي ذهبية لامعة تجلس كورده محمد علي في إحدى قاعات التعارف في مكتب "بيمان" (العهد، بالعربية)، والمتخصص بإيجاد "شريك العمر" من كلا الجنسين، بانتظار مقابلة شخص ما ربما يصبح شريك حياتها. كورده لجأت إلى خدمات "بيمان" قبل شهر، وهي تجري مقابلاتها الواحدة تلو الأخرى منذ ذلك الوقت ولكن "دون جدوى"، كما تقول. "أجريت العديد من مقابلات التعارف مع العديد من الشباب الراغبين في الزواج. ولكن أغلب مواصفات هؤلاء كانت تبتعد كثيراً عما رسمته في مخيلتي عن فارس أحلامي"، تؤكد كورده (23 عاماً)، في حوار مع DW عربية.

وبينما تستعد كورده، الطالبة في المرحلة الإعدادية، لمقابلة شاب جاء هو الآخر إلى المكتب، تضيف بالقول: "قررت المجيء إلى بيمان لاختيار شريك عمري (...)، فانغلاق مجتمعنا وعدم اختلاطنا مع الجنس الآخر قلل فرص تعارفي بنصفي الثاني". وبعد أن مرت نصف ساعة على إجراء مقابلتها مع الشخص الموعود خرجت كورده وملامح عدم الرضا واضحة على وجهها. "لم أتفق مع هذا الشاب لأن أفكاره لا تنسجم معي، كما أن وضعه المادي غير جيد".

"وجدت فارس أحلامي"

وما هي إلا ساعة حتى استعدت الطالبة كورده لإجراء مقابلتها الثانية مع شاب يكبرها العمر بخمسة أعوام. استمرت فترة المقابلة نحو 40 دقيقة وقد توصلت كورده إلى اتفاق مبدئي مع هذا الشاب الراغب في الزواج منها. "وأخيراً وجدت فارس أحلامي"، هذا ما قالته كورده والابتسامة علت ملامحها، وهنا تنتهي مهمة مكتب "بيمان" إلى هذا الحد من التعارف، "سأبلغ أهلي بوجود شخص يرغب في طلب يدي".

مكتب بيمان يستقبل طالبي الزواج من الجنسينصورة من: DW/M.Al-Saidy

ولمكتب "بيمان" للتعارف الذي تأسس في عام 2009، العديد من المعتمدين في محافظتي السليمانية وكركوك شمالي العراق، الذين تقتصر مهمتهم على إيجاد شريك أو شريكة العمر المناسب بحسب استمارات يتم ملؤها سلفاً من المستفيدين والمستفيدات، مقابل أجور مالية رمزية.

بيمان... يختصر الوقت

أما عبد الله مصطفى (58 عاماً)، الذي جاء هو الآخر إلى "بيمان" من أجل مقابلة شريكة حياته المستقبلية بعد أن توفيت زوجته قبل ثلاث سنوات، فيوضح بالقول: "قررت اختصار الوقت وإيجاد زوجة لي عن طريق بيمان". ويقول مصطفى في حديثه مع DW عربية: "منذ أسبوعين وأنا أرتاد المكتب وتعرفت على فتاة تصغرني بـ 20 عاماً وأجريت معها أربع مقابلات وتعرفت عليها بشكل تدريجي". وينهي مصطفى، وهو مدير أعمال حرة، حديثه بالقول: "ربما ستكون شريكة حياتي"، في إشارة إلى الفتاة التي يقابلها.

ولم يبتعد مكتب "بيمان"، عن عادات وتقاليد المجتمع الكردي، إذ عمد إلى مراعاة جميع هذه الأعراف وحدد عمر الراغبين بالزواج من 18 عاماً للذكور و 16 عاماً للإناث فيما تحدد معايير الزواج وفقاً للمطالب التي يقدمها المتقدم أو المتقدمة لطلب الزواج.

المكتب لا يتعارض مع المجتمع الكردي

ويرى محمد رضا مجيد (51 عاماً)، وهو صاحب متجر إنشاءات في السليمانية، أن فكرة مكتب "بيمان" تمثل خطوة إيجابية للمجتمع الكردي "لأنه يساهم في القضاء على العديد من السلبيات وأبرزها القضاء على ظاهرة الزواج المبكر، وكذلك يتيح فرصة للنساء المطلقات في إيجاد شريك العمر وإنهاء النظرة الدونية بحقهن".

محمد رضا مجيد يشيد بتجربة مكتب بيمانصورة من: DW/M.Al-Saidy

ويضيف مجيد في حوار مع DW عربية: "طالما أن عمل المكتب لا يتنافى مع الشريعة الإسلامية والأعراف التي يدين بها المجتمع الكردي، أجد أنه (أي المكتب) يمثل خطوة تعاونية للقضاء على ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج".

"الفكرة دخيلة علينا"

"على الرغم من عصرية الفكرة وحداثتها وعدم مخالفتها للشريعة للإسلامية إلا أنها تعتبر دخيلة على عادات المجتمع الكردي وأعتبرها غير مقبولة"، هذا ما قاله سامان بنجويني الموظف في إحدى منظمات المجتمع المدني في السليمانية. ويضيف بنجويني (36 عاماً)، في حديث مع DW عربية: "لا أفضل إيجاد شريك أو شريكة العمر عن طريق مكتب للتعارف ... لأن فرص الاختيار ستكون ضئيلة"، منوهاً إلى أن "طريقة الارتباط في مثل هذا المكتب ستفتح الباب أمام ظاهرة تعدد الزوجات مهما كانت ضوابطه المتبعة".

وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة العنوسة لدى الفتيات العراقيات تزيد عن 30 بالمائة ويعزو البعض السبب في هذه النسبة المرتفعة إلى الحروب المتتالية التي شهدها العراق، مما أدى إلى خلل في التركيبة السكانية والتوازن الاجتماعي بالبلاد.

يرى سامان بنجويني أن فكرة مكتب الزواج دخيلة على المجتمع الكرديصورة من: DW/M.Al-Saidy

مكتب "بيمان" ضد تعدد الزوجات

ويقول فائق أحمد سور مدير مكتب "بيمان": "نقلت تجربة إيجاد شريك وشريكة العمر إلى محافظتي بعد إطلاعي على تجربة القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية المتخصصة في هذا المجال سواء الغربية منها أو العربية". وعن طريقة إيجاد "شريك أو شريكة العمر" بواسطة مكتبه يقول سور (46 عاماً): "على الراغب أو الراغبة في الزواج ملء استمارة مكتبنا والتي تفصل مواصفات شريك العمر من كلا الجنسين (...) كالحالة المادية والاجتماعية والوزن والطول ومحل الإقامة فضلاً عن التحصيل الدراسي والعمر والديانة".

ويضيف سور في حديث مع DW عربية: "عندما يقوم المتقدم أو المتقدمة بأي خيار كان، نقوم  بترتيب مقابلات تعارف لهما... ومهمتنا تنتهي عند التعارف والاتفاق المبدئي على الزواج". ويوضح أن "فترة الحصول على الشريك تتراوح ما بين سبعة أيام إلى عام واحد وذلك حسب اتفاق الطرفين". ويوضح سور قائلاُ إن"هناك إقبالاً كبيراً على المكتب من مختلف الشرائح والأعمار التي تتراوح ما بين 16 إلى 75 عاماً ممن يبحثون عن شريك العمر- حتى بلغ عدد الاستمارات التي قمنا ببيعها نحو 1000 استمارة-  تم تزويج نحو 200 شخص منهم".

ويستطرد بالقول إن "المكتب لا يشجع على ظاهرة تعدد الزوجات فالرجال الراغبين في الزواج مرة أخرى لا تعطى لهم استمارة إلا في حالة موافقة زوجاتهم مع جلب تعهد من المحكمة ينص على موافقة زوجته الأولى بالارتباط لأسباب مقنعة مثل العقم". وعن خططه المستقبلية يكشف سور بالقول: "بعد أن أثبت المكتب نجاحه في إيجاد شريك العمر للعديد من الراغبين في الزواج، أطمح إلى أن أنقل تجربتي خلال العام الجاري إلى مختلف مناطق العراق كبغداد وأربيل ودهوك وغيرها من المدن".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW