قالت باكستان إنها تدرس زيادة الضغط الدبلوماسي والعسكري على الهند بعد إلغاء نيودلهي وضعاً خاصاً كان يتمتع به الجزء الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير، الأمر الذي يثير المخاوف من موجة جديدة من التوترات بين الجارتين النوويتين.
إعلان
حث رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان اليوم الثلاثاء (السادس من آب/أغسطس 2019) زعماء العالم على التدخل، بعد قرار الهند المفاجئ بإلغاء الحكم الذاتي في الجزء الذي تسيطر عليه من منطقة كشمير الحدودية.وقال عمران في كلمة ألقاها أمام البرلمان الذي عقد جلسة طارئة في العاصمة إسلام أباد لمناقشة القرار الهندي: "إننا نريد من زعماء العالم أن يوجهوا أنظارهم إلى هذه الخطوة الهندية". ووصفت باكستان القرار الهندي بأنه غير شرعي ويمثل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، بينما هددت باللجوء إلى "جميع الخيارات الممكنة" لمجابهته.
وقال خان إن حكومته تقوم حالياً باستكشاف الخيارات المتاحة، ومن بينها التقدم بشكوى للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية لإجبار الهند على إلغاء القرار. وأضاف رئيس الوزراء الباكستاني إن تغيير وضع كشمير من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد التوترات بين الهند وباكستان، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى صراع شامل.
وجاءت كلمة عمران أمام البرلمان بعد ساعات من تصريح قائد الجيش الباكستاني ذي النفوذ الجنرال قمر باجوا بأن الجيش "سيذهب إلى أي مدى" لمساندة شعب كشمير الذي انتهكت حقوقه.وقال الجنرال باجوا خلال اجتماعه مع قادة القوات المسلحة دون الدخول في تفاصيل "نحن على أهبة الاستعداد، وسنذهب إلى أي مدى لتنفيذ التزاماتنا في هذا الخصوص".
البرلمان الهندي يقر إلغاء الحكم الذاتي لكشمير
وكان البرلمان الهندي قد أقر في وقت سابق اليوم الثلاثاء مشروع قانون يبطل وضع كشمير الدستوري الخاص ويلغي قانون انفصال الولاية المتنازع عليها الواقعة في الهيمالايا، في الوقت لا يزال فيه الإقليم يخضع لإغلاق أمني وقطع للاتصالات.
وأقر مجلس النواب التابع للبرلمان الهندي (أو لوك سابها) القانون، الذي يدعم القرار الذي أصدره الرئيس الهندي، رام ناث كوفيند، أمس الاثنين بإلغاء المادة 370 من الدستور. وتمنح المادة المثيرة للجدل إقليم كشمير الخاضع لسيطرة الهند وضعاً خاصاً منذ عقود وقدراً كبيراً من الحكم الذاتي. وأقر المجلس "قانون إعادة تنظيم جامو وكشمير" والذي أعاد هيكلة وضعهما إلى إقليميين اتحاديين إداريين، وكذلك إقليم لاداخ.
وقال وزير الداخلية الهندي أميت شاه: "المادة 370 وضعت حاجزاً بين الهند وكشمير وهذ الأمر سوف ينتهي"، مضيفاً أن هذا الإلغاء سوف يمهد الطريق للدمج الكامل للإقليم مع الهند. وتتيح المادة 370 من الدستور أن يكون لكشمير دستورها الخاص وعلم منفصل واستقلال في كافة الأمور باستثناء الشؤون الخارجية والدفاعية والاتصالات.
ومثّلت المادة الأساس الذي انضمت وفقاً له الإمارة السابقة إلى الهند عند تقسيمها عام 1947. ويقلص قانون "إعادة تنظيم" من وضع الإقليم من ولاية إلى منطقتين يتم إدارتهما اتحاديا: "جامو وكمشير" و"لاداخ" وسيتم الإبقاء على الهيئة التشريعية في جامو وكشمير ولكن هذا لا ينطبق على "لاداخ".
وجاء القرار بعد أيام شهدت حالة من الغموض وسط حشد هائل للقوات في المنطقة، وكذلك بعد فرض الإقامة الجبرية على عدد من كبار السياسيين في كشمير من بينهم رئيسي الوزراء المحلييْن السابقين محبوبة مفتي وعمر عبد الله. وفرضت السلطات الهندية إجراءات مشددة في المنطقة للحيلولة دون خروج احتجاجات أو وقوع أعمال عنف. وتم تعليق خدمات الإنترنت وخطوط الهاتف، فيما جرى إغلاق المؤسسات التعليمية والشركات وجرى فرض حظر على التجمعات الكبيرة. وكانت الهند أمرت بإجلاء السائحين والزوار الهندوس خلال الأيام الماضية.
ز.أ.ب/خ.س (د ب أ، أ ف ب، رويترز)
إرث غاندي وجناح ـ سبعة عقود من الصراع بين الهند وباكستان
في الخامس عشر من آب/ أغسطس عام 1947 انقسمت "الهند البريطانية" إلى دولتين :الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة. ويستمر العداء بين الدولتين لحد اليوم على الرغم من بعض الجهود لتحسين العلاقات الثنائية.
صورة من: AP
ولادة دولتين
في عام 1947، تم تقسيم "الهند البريطانية" إلى دولتين- الهند وباكستان. وكان مؤسس باكستان محمد علي جناح وحزب الرابطة الإسلامية في الهند قد طالبا باستقلال ذاتي للمناطق ذات الأغلبية المسلمة في الهند غير المقسمة، وفي وقت لاحق بدولة منفصلة للمسلمين. اعتقد جناح أن الهندوس والمسلمين لا يمكنهما الاستمرار في العيش معاً، لأنهما كانا يمثلان "أمتان" مختلفتان تماماً.
صورة من: picture alliance/dpa/United Archives/WHA
شلال الدم
وكان للتقسيم تبعات وخيمة، إذ بدأت عقب ولادة الهند وباكستان، أعمال شغب جماعية عنيفة في العديد من المناطق الغربية، معظمها في منطقة البنجاب، الواقعة بين الهند وباكستان. ويقول المؤرخون إن أكثر من مليون شخص لقوا حتفهم في الاشتباكات، كما هاجر الملايين من الأراضي الهندية إلى باكستان ومن الجانب الباكستاني إلى الهند.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Images
حرب 1948
وقد اشتبكت الهند وباكستان حول كشمير بعد استقلالهما. وكان زعيم هندوسي يحكم منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة، لكن جناح، مؤسس باكستان، أرادها أن تكون جزءاً من الأراضي الباكستانية. قاتلت القوات الهندية والباكستانية في كشمير في عام 1948، مع سيطرة الهند على معظم أجزاء الوادي، في حين احتلت باكستان منطقة أصغر. وتواصل الهند وباكستان الاشتباك حول كشمير.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Photo/M. Desfor
العلاقة بين الولايات المتحد وكندا نموجاً
ويقول بعض المؤرخين أن جناح والمهاتما غاندي أرادا إقامة علاقات ودية بين الدول المستقلة حديثاً. فعلى سبيل المثال، اعتقد جناح أن العلاقات بين الهند وباكستان يجب أن تكون مشابهة لتلك التي تربط بين الولايات المتحدة وكندا. ولكن بعد وفاته في عام 1948، تصادم خلفائه مع نيودلهي.
صورة من: AP
روايات مختلفة
إلا أن الحكومتان الهندية والباكستانية تقدمان روايات مختلفة جداً عن التقسيم. فبينما تؤكد الهند على حركة المؤتمر الوطني الهندي ضد الحكام البريطانيين - مع غاندي كمهندس رئيسي لها - تركز الكتب المدرسية الباكستانية على "صراع" ضد كل من القمع البريطاني والهندوسي. والدعاية الحكومية في كلا البلدين ترسم بعضها البعض كـ "عدو" لا يمكن الوثوق به.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Photo/M. Desfor
توتر العلاقات
وبقيت العلاقات الدبلوماسية بين الهند وباكستان متوترة طيلة العقود السبعة الماضية. وقد ساهمت قضية الارهاب الإسلاموي في توتر العلاقات بين البلدين في السنوات القليلة الماضية واتهمت نيودلهي اسلام اباد بدعم الجهاديين الاسلاميين بشن حرب في كشمير، التي تسيطر عليها الهند، كما تتهم الهند الجماعات التي تتخذ من باكستان مقراً لها بشن هجمات ارهابية على الأراضي الهندية. من جهتها تنفي اسلام اباد هذه الاتهامات.
صورة من: Picture alliance/AP Photo/D. Yasin
المضي قدماً نحو تحسين العلاقات
ويحث كثير من الشباب في كل من الهند وباكستان حكومات بلديهم على تحسين العلاقات الثنائية. ويرى المخرج الوثائقي وجاهات مالك، الذي يتخذ من إسلام آباد مقراً له، أن أفضل طريقة لتطوير العلاقات بين البلدين هي من خلال المزيد من التفاعل بين شعوبهما. وقال مالك لـDW: "التجارة والسياحة هما الطريق نحو تحسن العلاقات بالنسبة لنا. فعندما يجتمع المواطنون معا، ستحذو الدول حذوهم". الكاتب: جانينا سيمينوفا/ إيمان ملوك