كلاب الإنقاذ ما زالت أفضل من الروبوتات في الكوارث الطبيعية
٩ فبراير ٢٠٢٣
إنها دائمًا كمعجزة صغيرة: في تركيا وسوريا، لا يزال يُنتشل الناجون من تحت أنقاض الزلزال، وذلك بفضل فرق الإنقاذ وكلاب البحث المدربة. في المستقبل، سيتم استخدام الروبوتات أيضًا. لكن حاليا تبقى الكلاب هي الأفضل في هذا المجال.
إعلان
من غير الواضح تمامًا عدد الأشخاص الذين ما زالوا يرقدون تحت الأنقاض التي خلفتها الزلازل في تركيا وسوريا. يعمل المنقذون عمليا على مدار الساعة، حتى لو تقلصت فرص العثور على ناجين مع مرور كل يوم.
هناك عدة طرق لمعرفة أين لا يزال الناس على قيد الحياة تحت أكوام الأنقاض. التواصل المباشر ممكن دائمًا. يتوقف المتطوعون وعمال الإغاثة عن عملهم عندما يعتقدون أنهم سمعوا علامة تدل على الحياة - في بعض الأحيان يمكن للضحايا أن يصرخوا أو يطرقوا للفت الانتباه إلى أنفسهم، أو حتى إرسال رسالة نصية أو رسالة عبر واتساب إلى العائلة أو الأصدقاء.
ومع ذلك، تبقى هذه استثناءات. عادة، يتعين على المنقذين الاعتماد على طرق أخرى عند البحث عن ناجين. مشروع الاتحاد الأوروبي كورسور (CURSOR) وهي مختصر لـ"الاستخدام المنسق للمعدات الروبوتية المصغرة وأجهزة الاستشعار المتقدمة لعمليات البحث والإنقاذ"، عرض روبوتات وطائرات بدون طيار التي تهدف إلى المساعدة في إنقاذ الناس من حطام الزلزال، وذلك في الثلاثاء الماضي (السابع من فبراير/شباط 2023).
تم تجهيز الروبوتات الصغيرة المزودة بعجلات، بكاميرات الأشعة تحت الحمراء والحرارية ويمكنها امتصاص الهواء من موقع الانهيار عبر أنبوب صغير يتم فحصه بحثًا عن ثاني أكسيد الكربون والبقايا البشرية. هذا يسمح بتحديد موقع الأشخاص تحت الأنقاض. وبمساعدة مكبرات الصوت والميكروفونات، يمكن لقادة العمليات الاتصال بالأشخاص تحت الأنقاض. وتزود الطائرات بدون طيار رجال الإنقاذ بصور ثلاثية الأبعاد لموقع الانهيار.
ويقول بهذا الصدد كارستن بيرنز عالم الكمبيوتر ورئيس قسم الأنظمة الروبوتية في جامعة راينلاند بفالتس التقنية في كايزرسلاوترن-لانداو، عندما تستمر الهزات الارتدادية، يكون البحث عن ناجين "خطيرًا للغاية لفرق الإنقاذ لأن كل شيء ينهار، ويريد المرء تحسين ذلك مع مثل هذه الأنظمة المستقلة".
ما الذي يمكن أن تفعله روبوتات الإنقاذ؟
بيرنز هو خبير في مجال الإنقاذ الآلي للزلازل - كان فريقه جزءًا من مشروع الاتحاد الأوروبي المماثل لـ CURSOR في عام 2016. كانت الروبوتات التي عمل بيرنز عليها كجزء مما يسمى بمشروع إيكاروس يهدف أيضًا إلى تسهيل عمل فرق الإغاثة.
بالإضافة إلى المركبات الصغيرة المتعقبة المزودة بأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء، شمل المشروع أيضًا روبوتات كبيرة تشبه الحفار يمكنها نقل الحطام الثقيل أو أجزاء من المباني وتشغيلها من مسافة كيلومتر واحد - لذلك لا يتعرض سائق الحفارة للخطر. وفي الوقت نفسه، تنقل الكاميرا ما "يراه" الروبوت إلى مركز التحكم.
تم تجهيز بعض الروبوتات التي يمكنها القيادة إلى المنازل المنهارة بأجهزة استشعار الغاز. ليس فقط لمعرفة خطر الانهيار، ولكن أيضًا لمعرفة خطر حدوث انفجار غاز بسبب تضرر الأنابيب بعد الزلزال.
لا تعمل بعد
تعد كل من روبوتات العالم بيرنز والروبوتات من مشروع CURSOR مجرد نماذج أولية تم تطويرها من خلال البحث واختبارها في سياق العروض التقديمية الفردية.
لا يمكن لأي من هذه الآلات المساعدة الآن في العثور على الأشخاص المدفونين في منطقة الزلزال التركي السوري. ولا يزال الإنتاج لاستخدامها في الكوارث الحقيقية بعيد المنال.
إذ يجب على سبيل المثال توضيح مسألة التكاليف. من الذي يجب أن يدفع ثمن إنتاج مثل هذه الآلات باهظة الثمن، ومن سيدفع ثمن النقل إلى مناطق الزلزال؟ يضيف بيرنز في مقابلة مع DW، لا أحد يستطيع تحمل مثل هذه التكاليف في مجال البحث والتطوير- وهنا يأتي دور الشركات الصناعية.
أيهما أفضل: إنسان آلي أم كلب إنقاذ؟
ميزة واضحة جدًا لكلاب الإنقاذ: فهي ليست نماذج أولية قيد البحث، إذ تُستخدم الحيوانات حاليًا للعثور على ناجين تحت الأنقاض في تركيا وسوريا. كما سافرت فرق مع كلاب الإنقاذ من ألمانيا إلى منطقة الزلزال. يمكن للكلاب أن تشم رائحة العرق أو الهرمونات أو الدم أو البراز أو حتى أنفاس الناس. عندما تكتشف شخصًا يرقد تحت الأنقاض، تنبح وتشير إليه.
فائدة أخرى للكلاب: أنها لا تعتمد على الكهرباء أو الإنترنت التي تحتاجها روبوتات الإنقاذ لعملها ونقل البيانات. يمكن للمتطوعين إحضار الماء وطعام الكلاب.
يعد إنشاء اتصال بالإنترنت أكثر صعوبة في مناطق الكوارث، ووفقًا لبيرنز فإن تقنية الروبوتات لم تنضج بعد بما يكفي للتغلب على أنف كلب شم جيد. ويضيف بيرنز: "أود أن أقول إن كلب الراعي الألماني لا يزال أفضل اليوم". بالطبع، هناك أيضًا بعض مزايا للروبوتات إذ "لا يمكن نقل الكاميرا باستخدام كلاب الإنقاذ، على سبيل المثال، ولا يمكن التحكم فيها بدقة مثل المركبات الصغيرة".
الإنسان يتخذ القرار النهائي
أثناء العمل في مشروع إيكاريوس ناقش بيرنز وفريقه مسألة ترك اتخاذ القرار للروبوت بشأن المباني التي سيتم إرسال فرق الإنقاذ إليها من عدمه، وذلك حسب مستوى خطر انهيار المبنى. ومع ذلك، قام المنقذون المشاركون في المشروع برفض الفكرة على الفور.
يقول بيرنز: "لأن مثل هذا القرار صعب للغاية حتى بالنسبة لخبير بشري". "هناك أناس تحت الأنقاض سعداء بمجيء أحدهم لإنقاذهم، والخبراء يعرفون على وجه اليقين: لا يمكننا إنقاذهم".
عندما يكون خطر الانهيار كبيرًا جدًا، يتعين على الفريق أحيانًا أن يقرر ترك الأشخاص المحاصرين وراءهم حتى لا يعرضوا حياة رجال الإنقاذ للخطر. ولا يمكن تسليم هذا القرار المصيري إلى الروبوت.
كارلا بلايكر/ ترجمة: زمن البدري
مشاهد من الزلزال المدمر في جنوب تركيا وشمال سوريا
لا يمكن بعد توقع الحجم الكامل للكارثة، فعدد القتلى والجرحى يتزايد ويتزايد. والمساعدات في طريقها لتركيا وسوريا بعدما ضرب زلزال مدمر منطقة جنوب شرق تركيا وشمالي سوريا موقعا آلافا من القتلى والجرحي وأضرارا كبيرة في البلدين.
صورة من: Louai Beshar/AFP
حجم الكارثة لا يمكن معرفته الآن
بقوة 7,8 درجات على مقياس ريختر وعلى عمق حوالى 17,9 كيلومترا، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ضرب زلزال مرعب منطقة جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين (6 فبراير/ شباط 2023)، ما أسفر عن دمار شديد ومقتل أكثر من 2700 شخص في البلدين، بحسب معطيات غير نهائية مساء الاثنين. ولا تكفّ الحصيلة عن الارتفاع، إذ لا يزال عدد كبير جداً من الأشخاص تحت الأنقاض.
صورة من: Mahmut Bozarslan/AP Photo/picture alliance
الزلزال يباغت الناس في نومهم
وقع الزلزال والناس نياما، عند الساعة 04:17 بالتوقيت المحلي (01,17 بتوقيت غرنيتش). وكان مركزه في منطقة بازارجيك بمحافظة قهرمان مرعش على بعد 60 كيلومترا من الحدود السورية. وأعقبه عشرات الهزات الارتدادية، ثم ضرب زلزال جديد بقوة 7,5 درجات عند الساعة 10,24 بتوقيت غرينتش جنوب شرق تركيا. وشعر بالزلزال سكان في كل من لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية واليونان وقبرص وأرمينيا وجورجيا والعراق وبعض مناطق مصر .
صورة من: Erkan Kama/AA/picture alliance
أردوغان يعلن الحداد العام
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحداد العام في عموم البلاد لمدة 7 أيام. وجاء في التعميم الذي وقع عليه أردوغان، مساء الاثنين: "نتيجة الزلازل التي ضربت بلدنا في 6 شباط/ فبراير 2023، تقرر الحداد الوطني لمدة 7 أيام، وتنكيس الأعلام داخل البلاد وفي الممثليات الخارجية حتى الأحد 12 فبراير"، وفقا لوكالة أنباء الأناضول التركية.
صورة من: Depo Photos/ABACA/picture alliance
"أقوى" زلزال في سوريا منذ نحو 30 عاما
وفي سوريا المجاورة تسبب الزلزال في سقوط أبنية في محافظات عدة على رؤوس قاطنيها، بينما لا تزال المئات من العائلات تحت الأنقاض. وتعلن الحكومة السورية تباعاً عن عدد الضحايا فيما تستمر عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض. ونقل عن مدير عام المركز الوطني لرصد الزلازل رائد أحمد قوله "هذا الزلزال هو الأقوى... منذ العام 1995".
صورة من: Omar Albam
حصيلة ضخمة مؤقتة في سوريا للضحايا
وفي أنحاء سوريا قتل 1300 شخص على الأقل جراء الزلزال، في حصيلة غير نهائية لوزارة الصحة السورية وفرق إغاثة. وأعلنت وزارة الصحة مقتل 593 وإصابة 1411 آخرين في حصيلة غير نهائية في مناطق سيطرة الحكومة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وطرطوس. كما أفادت منظمة الخوذ البيضاء العاملة في مناطق الشمال الخارجة عن سيطرة دمشق بمقتل 700 شخص وإصابة أكثر من ألفين آخرين. فيما تستمر عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض.
صورة من: Louai Beshar/AFP
استغاثة الخوذ البيضاء بمناطق المعارضة
وفي مناطق سيطرة الفصائل المسلحة والمعارضة بشمال وشمال غرب سوريا، رجّحت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني العامل في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق) "ارتفاع عدد الوفيات بشكل كبير لوجود مئات العائلات تحت الأنقاض". ودعت المنظمة وسط ظروف مناخية قاسية "جميع المنظمات الإنسانية الدولية إلى التدخل السريع لإغاثة المنكوبين وتلبية احتياجاتهم".
صورة من: Mohammed Al-Rifai/AFP
أوضاع كارثية وتصدع آلاف المباني
سنوات الحرب الطويلة تسببت في تصدّع آلاف الأبنية في محافظات عدة خصوصاً تلك التي شهدت معارك ضارية وقصفاً جوياً. ودفعت موجات النزوح المتكررة والفقر المدقع سوريين كثر إلى السكن في مباني متضررة أو شبه مدمرة. وتشهد مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في إدلب وحلب أوضاعا كارثية وعائلات تنتظر سماع أخبار عن أفرادها، بينما انهمك عمال الإغاثة في نقل المصابين وانتشال الضحايا من تحت ركام الأبنية.
صورة من: Ghaith Alsayed/AP Photo/picture alliance
قلعة حلب ومواقع آثارية تتعرض للضرر
وفي حلب، ثاني مدن سوريا، بقيت عشرات العائلات منذ وقوع الزلزال فجرًا في الحدائق العامة رغم تساقط أمطار غزيرة، خشية حصول هزات ارتدادية. وتضرّرت قلعة حلب وعدد من المواقع الأثرية الأخرى، وفقاً للمديرية العامة للآثار والمتاحف.
صورة من: AFP
شولتس "مصدوم" ويقدم مساعدات
وغرّد المستشار الألماني أولاف شولتس (أرشيفية) على تويتر: "نتابع الأنباء عن الزلزال في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا وسط حالة من الصدمة .. نحن نحزن مع الأقارب ونقلق مع المدفونين (تحت الأنقاض). وسترسل ألمانيا مساعدة بالطبع". أما وزيرة الخارجية بيربوك فكتبت: "استيقظنا على أخبار مروعة من تركيا و سوريا. خواطري مع أقارب ضحايا هذا الزلزال المرعب.. سنرسل على وجه السرعة مساعدات بالتعاون مع شركائنا".
صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance
ماكرون: صور فظيعة من تركيا وسوريا
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن فرنسا "مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان" في تركيا وسوريا. وكتب ماكرون الاثنين في تغريدة "تردنا صور فظيعة من تركيا وسوريا بعد زلزال بقوة غير مسبوقة. نتعاطف مع العائلات التي خسرت أفرادا". (صورة من الأرشيف)
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
الاتحاد الأوروبي يرسل فرق إنقاذ
وأرسل الاتحاد الأوروبي فرق إنقاذ إلى تركيا، وكتب المفوض الأوروبي المكلف بإدارة الأزمات يانيش لينارسيتش على تويتر: "إثر الزلزال الذي وقع في تركيا فعلّنا آلية الدفاع المدني في الاتحاد الأوروبي (..) وتوجهت فرق من هولندا ورومانيا" للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ. وأوضح ناطق باسم المفوضية الأوروبية أن هذه المساعدة تأتي بناء على طلب من تركيا.
صورة من: IHA agency via AP/picture alliance
حلفاء الناتو يحشدون الدعم لتركيا
وأعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، عن تضامنه وأعلن الدعم للدولة العضو تركيا بعدما ضربها زلزال مدمر. وكتب ستولتنبرغ على تويتر "التضامن الكامل مع الحليف تركيا عقب هذا الزلزال المريع". وأضاف "يحشد حلفاء الناتو الدعم"، مشيرا إلى أنه تواصل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو.
صورة من: Stoyan Nenov/REUTERS
بوتين مستعد لمساعدة سوريا وتركيا
وعرض الرئيس فلاديمير بوتين تقديم مساعدة لسوريا وتركيا. ولروسيا وجود عسكري قوي في سوريا، وبوتين حليف وثيق للأسد وله علاقة قوية مع أردوغان. وذكر بوتين برسالته لأردوغان "تقبلوا خالص عزائنا في الضحايا والدمار واسع النطاق... نحن مستعدون لتوفير المساعدة الضرورية في هذا الشأن". وفي رسالة مماثلة، أبلغ بوتين نظيره السوري أن روسيا تشاطر "من فقدوا أحباءهم الحزن والألم"، مضيفا أن موسكو مستعدة لتقديم المساعدة.
صورة من: Reuters/Sputnik/M. Klimentyev
أبو الغيط يدعو لتقديم الإغاثة بعيدا عن التسيس
كما دعا أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، المجتمع الدولي إلى تقديم الإغاثة الطارئة للمناطق المنكوبة في الشمال السوري. وقال المتحدث الرسمي باسمه في بيان: إن أبو الغيط أعرب عن تعازيه لأسر الضحايا وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين في سوريا وتركيا. وأضاف أن الجامعة تناشد منظمات الإغاثة الدولية والإنسانية بالتحرك الفوري لمواجهة تداعيات هذه الكارثة من منظور إنساني بعيدا عن أي تسييس. صلاح شرارة