بعد مسيرة حافلة بإنجازات غير مسبوقة تنتهي مسيرة المدرب الألماني يورغن كلوب مع فريق ليفربول الإنكليزي. ما أهم محطاتها؟
إعلان
يغادر الألماني يورغن كلوب نادي ليفربول الأحد (19 أيار/مايو 2024) كأسطورةٍ حيّة، بعدما أعاد إلى الخزائن لقبي الدوري الإنكليزي لكرة القدم ودوري أبطال أوروبا في مرحلةٍ بنى خلالها علاقة متينة مع المدينة وناسها.
منذ أن أعلن ابن الـ56 عاماً في كانون الثاني/يناير قراره المفاجئ بترك منصبه في نهاية الموسم، بدا شعور الفقدان الذي غمر مقاطعة ميرسيسايد واضحاً بشكلٍ ملموس. هذه المشاعر هي شهادةٌ على التحوّل الذي لم يشهده ليفربول منذ أيام المدرب الأسطوري الاسكتلندي بيل شانكلي قبل عقود.
بين كلوب ومورينيو
في اليوم الأوّل له منذ وصوله إلى ملعب أنفيلد في تشرين الأوّل/أكتوبر 2015، وصف كلوب نفسه بتواضع بأنه "نورمال وان" (العادي)، في تناقضٍ صارخٍ مع البرتغالي جوزيه مورينيو الملقّب بـ"سبيشال وان" (المميّز) والذي غادر تشلسي في العام عينه الذي جاء فيه الألماني.
لكن الألماني أثبت أنه لم يكن مدرباً عادياً، إذ أصبح المدرب الوحيد لليفربول الذي جمع ألقاب الدوري، دوري الأبطال، كأس الرابطة، كأس إنكلترا، كأس العالم للأندية ودرع المجتمع.
صنع كلوب اسماً لنفسه حتّى قبل قدومه إلى إنكلترا، حيث توّج مع بوروسيا دورتموند بلقب الدوري الألماني في موسمين متتاليين (2010-2011 و2011-2012) قبل سيطرة بايرن ميونيخ لـ11 موسماً متتالياً.
رغم نجاحه في بلاده، لم تكن الثقة عالية بالمدرّب بأن يتمكّن في إعادة إحياء أحد عمالقة إنكلترا بعد فترةٍ طويلةٍ من الركود.
وصل كلوب لخلافة الإيرلندي الشمالي براندن رودجرز، حين كان الفريق في المركز العاشر ضمن الدوري الذي لم يفز بلقبه لـ25 عاماً متتالية.
لكن قوّة شخصيته وذكاءه التدريبي بدأت بسرعة في جذب قاعدةٍ جماهيريةٍ عاطفيةٍ للغاية.
قال كلوب بداية أيار/مايو الحالي "هذا نادٍ مميّز جداً جداً. لم أجعلهم يؤمنون، بل ذكّرتهم بأن الإيمان يُساعد". وأضاف "الكل كان جاهزاً لدفع القطار. هذا ما فعلناه ونفعله طوال ثمانية أعوامٍ ونصف العام".
أكبر 10 أندية كرة قدم في العالم وفق تصنيف "فرانس فوتبول"
01:13
قبل كلوب: مآسي وخيبات
امتزج تاريخ ليفربول بالمآسي والانتصارات. كارثة ملعب هيلزبره عام 1989 التي ذهب ضحيتها 97 مشجّعاً للنادي بسبب التدافع خلال مباراة في الدور نصف النهائي لمسابقة كأس انكلترا ضد نوتنغهام فورست، تركت جرحاً كبيراً.
يقول أسطورة النادي السابق الاسكتلندي غرايم سونس عن كلوب "يُتقن التواصل، شخصية جذّابة وقائد مجموعة. يتناسب تماماً مع ليفربول لأنه يحسّ بمشاعر هذا المكان". يضيف "ليفربول نادٍ عاطفي للغاية، له تاريخه ومآسيه. تشعر بهذه العواطف حين تذهب إلى أنفيلد وتسمع +لن تسير وحدك أبداً+ (نشيد النادي)".
قبل أن تبدأ الاحتفالات مع كلوب كان هناك الكثير من الخيبات. خسر ليفربول ثلاث نهائيات في كأس الرابطة، الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) ودوري الأبطال.
في موسم 2018-2019 حقق الـ"ريدز" أكبر عددٍ من النقاط في موسمٍ واحدٍ في تاريخه (97)، لكن ذلك لم يكن كافياً للتفوّق على مانشستر سيتي بقيادة الإسباني بيب غوارديولا.
من بعدها، بدأ عهد الانتصارات حين توّج الفريق بدوري الأبطال على حساب توتنهام وأصبح بطل أوروبا للمرة السادسة في تاريخه.
في طريقه إلى النهائي، عاش ليفربول أجمل ليلةٍ له في مشاركاته القارية، حين تغلّب على ضيفه برشلونة الإسباني بقيادة الأرجنتيني ليونيل ميسي برباعية نظيفة.
مرحلة كوفيد ونفاذ الطاقة
وبعد خمسة أعوامٍ على بداية عهد المدرب الألماني، توّج ليفربول بلقب الدوري أخيراً عام 2020 لكن كان هناك شعوراً بالنقص بسبب رفع الكأس في ملعب أنفيلد الخالي من الجماهير، وذلك بسبب قيود فيروس كورونا.
مرحلة كوفيد كانت صعبةً على كلوب. لم يتمكّن من حضور جنازة والدته بسبب قيود السفر، كما أن فريقه عانى في موسم 2020-2021 الذي لُعب بمعظمه خلف أبوابٍ موصدة. لكن فريقه انتفض مجدداً وفاز بكأس الرابطة وكأس إنكلترا عام 2022، وكان قريباً من تحقيق رباعية تاريخية بضمّ لقبي الدوري ودوري الأبطال إلى الخزائن، لكنه حلّ وصيفاً لسيتي بفارق نقطة وخسر نهائي المسابقة الأوروبية الأعرق أمام ريال مدريد الإسباني 0-1.
وبعد موسم 2022-2023 الصعب، أثبت كلوب فطنته التدريبية مجدداً بعدما جدّد الفريق بعناصر شابة، لكنه أقرّ في بداية هذا العام بأن طاقته قد نفذت "استمتعت بكل لحظة منذ اليوم الأوّل". وأضاف "المسؤولية والحبّ الذي كبُر خلال السنوات يُشكلان جزءاً كبيراً من القرار الذي اتخذته، لذا أنا بخير تماماً ومرتاح لهذا القرار".
لكن النهاية لم تكن كما في الأفلام، فاكتفى ليفربول بلقبٍ واحدٍ هو كأس الرابطة الذي فاز فيه على حساب تشلسي في النهائي الذي جمعهما في شباط/فبراير.
بعدما كان الفريق في طريقه إلى أكثر من لقب، خرج عن المسار الصحيح فودّع كأس الرابطة و"يوروبا ليغ" كما ابتعد في سباق المنافسة على لقب الدوري بعد سلسلةٍ من النتائج المخيّبة. لكن ذلك لن يُقلّل من الألم بينما يُغادر يورغن كلوب أنفيلد للمرة الأخيرة بعد مواجهة ولفرهامبتون الأحد، تاركاً مكاناً له في قلوب الجماهير.
خ.س/ع.ج.م (أ ف ب)
رحيل مفاجئ عن ليفربول..الساحر كلوب بين إنجازات وتحديات مستمرة!
مرتين، خسر كلوب نهائي "الأبطال"، لكن كلوب لا يستسلم، لينجح في إحراز لقب دوري الأبطال ويتوج موسمه الناجح أيضاً بجائزة أفضل مدرب في العالم. بعد كل هذه النجاحات والتحديات الكبيرة، قرر كلوب مؤخراً وبشكل مفاجىء الرحيل.
صورة من: Getty Images/C. Brunskill
رحيل في ذروة النجاح
بعد ثمانية أعوام ونصف من النجاح والتحديات الكبيرة، وقبل عام على نهاية عقده مع نادي ليفربول، فجر المدرب الألماني (56 عاما) مفاجأة نهاية الشهر الماضي بإعلانه التنحي عن منصبه بنهاية الموسم الجاري وأكد في مؤتمر صحفي مطول أن طاقته نفدت مؤخرا. وقال كلوب إنه اتخذ القرار الصحيح بالرحيل عن ليفربول في نهاية الموسم. قرار خلف صدى كبيرا في الأوساط الرياضية.
صورة من: Ian Stephen/Pro Sports Images/IMAGO
أفضل مدرب لعام 2019
توج مدرب ليفربول يورغن كلوب موسمه الناجح بحصوله على جائزة أفضل مدرب في العالم لعام 2019. المدرب الألماني قاد ليفربول لإحراز لقب دوري أبطال أوروبا في موسم 2019 واحتلال مركز الوصافة في الدوري الإنجليزي الممتاز.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Bertorello
متوجا على عرش الكرة الأوروبية
بعد فشله عدة مرات في التتويج بدوري أبطال أوروبا، ابتسم الحظ أخيرا للساحر الألماني يورغن كلوب في رفع الكأس ذات الأذنين رفقة فريقه ليفربول واعتلاء عرش الكرة الأوروبية في موسم 2018/2019 . ليفربول فاز في النهائي على خصمه العنيد توتنهام بهدفين لصفر وأزاح قبله عمالقة أوروبا مثل برشلونة.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Woitas
"نثق بكلوب"
سرعان ما استحوذ المدرب الألماني يورغن كلوب على قلوب مشجعي ليفربول عندما قال في يومه الأول بالنادي: "علينا تحويل المشككين في النادي إلى مؤمنين بقوته وقدراته"، حتى أن البضاعة الأكثر رواجاً في متجر النادي باتت قميص كُتب عليه: "نثق بكلوب". ورغم شهرة كلوب الرياضية إلا أنه بدأ بعيداً عن ميادين الكرة.
صورة من: Getty Images/AFP/P. Ellis
صورة مع زيلر
ولد يورغن كلوب عام 1967 في مدينة شتوتغارت الألمانية، ولعب في صفوف شباب نادي توس إيرغينتسينغن حيث شارك في إحدى البطولات الرياضية في هامبورغ، كما تظهره هذه الصورة (الثاني على اليسار في الأعلى) مع أسطورة هامبورغ أوفه زيلر. حينها لم يعلم أحد أن حلم الكثيرين من عشاق الكرة سيصبح الحصول على صورة سيلفي مع كلوب.
صورة من: picture-alliance/dpa
أسلوب بسيط ومحبوب
لم يكن المهاجم كلوب ساحر المستديرة، فسرعان ما غُير مركزه من مهاجم إلى مدافع في صفوف نادي "أف أس في ماينز 05" في الدرجة الثانية، وبات معروفاً بأسلوبه البسيط والمباشر، وهو ما أحبه مشجعو النادي فيه. وكان اللاعب الوحيد في صفوف ماينز الذي ملك ناديه الخاص من المعجبين باسم "الكلوبيون".
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
18 عاماً في صفوف ماينز
عام 2001 ترك كلوب اللعب ليباشره من مقعد المدربين. وبعد محاولتين فاشلين، نجح ماينز تحت قيادة كلوب عام 2004 في تحقيق انطلاقته التاريخية إلى دوري الدرجة الأولى من البوندسليغا. وبعد عودته إلى دوري الدرجة الثانية عام 2007 وفقدان فرصة الصعود في العام اللاحق ترك كلوب ماينز، بعد 18 عاماً في صفوفه كلاعب ومدرب.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Mrotzkowski
صاحب أفضل نظارة عام 2008
وفي وسائل الإعلام الألمانية فإن طبيعة كلوب المنفتحة وخفيفة الظل أثارت إعجاب جمهور الكرة، حتى أنه بات ما يشبه "الموضة". وحتى نظاراته التي يضعها بات يُنظر إليها بشكل إيجابي في الرأي العام الألماني. وهو ما دفع "جمعين صانعي النظرات" إلى تتويجه عام 2008 بلقب "أفضل صاحب نظارة في العام".
صورة من: KGS
صانع النجوم
منتصف 2008 أصبح كلوب مدرباً لبروسيا دورتموند. وكانت للمشاكل النادي المالية الحادة التي بدأت قبل ثلاثة أعوام من ذلك، أثرها الكبير في تراجع مستوى النادي كروياً. لكن كلوب وعد بإعادة الفريق إلى جادة الانتصارات. وكان شعاره: عدم شراء النجوم بل صنعهم. وهكذا وضع ماتس هوميلز ونيفن سوبوتيتش في قلب الدفاع رغم أنهما لم يتجاوزا الـ19 من العمر.
صورة من: picture alliance/dpa/B. Thissen
ثلاثة ألقاب في عامين
ونجحت وصفة يورغن كلوب هذه في إعادة بروسيا دورتموند إلى بريقه وتألقه، ففاز عام 2011 بدرع الدوري الألماني، وكان طعم هذا الانتصار مختلفاً حين احتفل كلوب مع الجماهير في ساحة بورسيشبلاتس. وفي 2012 فاز أسود ويستفاليا بقيادة كلوب بالثنائية.
صورة من: Picture-alliance/dpa/T. Silz
وللسقطات وقتها
على الرغم من كل الجاذبية والذكاء الذي يتمتع به كلوب، إلا أن حماسته توقعه في كثير من الأحيان في مشاكل، فمثلاً هنا عام 2010 حين تنازع مع الحكم الرابع شتيفان تراوتمان. بعد أن رأى كلوب هذه الصورة قال: "نفسي أنا شعرت بالخوف من هذا. لم يكن هذا من التصرفات اللائقة".
صورة من: picture-alliance/augenklick/firo Sportphoto
خسارة مريرة في ويمبلي
في 2013 كان كلوب على وشك الحصول على لقبه الدولي الأول في المباراة النهائية من منافسات دوري أبطال أوروبا التي جمعته بالمنافس اللدود بايرن ميونيخ على ملعب ويمبلي بلندن. لكن بروسيا دورتموند خسر بهدفين مقابل هدف واحد بعد أن سجل الهولندي أريين روبن هدف الفوز في الدقيقة قبل الأخيرة من المباراة.
صورة من: picture alliance/augenklick
وداعاً دورتموند!
منتصف 2014 حل دورتموند وصيفاً لبطل الدوري للمرة الثانية على التوالي، ثم بدأ التدهور. بعد 18 مباراة من الموسم اللاحق حل دورتموند في المركز الأخير من الترتيب. وبدا كلوب مرهقاً، لكنه تمكن من قيادة النادي للعب في الدوري الأوروبي ونهائي كأس ألمانيا 2015 أمام فولفسبورغ، الذي خسره دورتموند 1.3. حينها أعلن كلوب رحيله عن دورتموند.
صورة من: Reuters/Ina Fassbender
بدء الحقبة الإنجليزية
بعد راحة من هموم الفوز والخسارة امتدت لعام وخمسة أشهر، قُدم كلوب في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 مدرباً جديداً لليفربول الإنجليزي. وتمكن في وقت قياسي من تطوير أداء الفريق وقاده لنهائي دوري الأبطال في الموسم الماضي قبل الخسارة أمام ريال مدريد (1-3). كما ينافس بشكل متقارب جداً على لقب الدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم مع مانشستر سيتي.
صورة من: Getty Images/A. Livesey
معجزة "انفيلد"
أما وفي دوري الأبطال ففصل جديد من أسطورة ملعب "انفيلد" سطّره ليلة الثلاثاء (السابع من مايو/ أيار 2019)، كلوب وفريقه. فقد نجحوا في تحقيق المعجزة المتمثلة بقلب تخلفهم صفر-3 ذهابا أمام برشلونة الإسباني ونجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، الى انتصار مدوٍ برباعية نظيفة إيابا ليبلغوا المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال اوروبا لكرة القدم للمرة الثانية تواليا.