كل الفرضيات واردة في سقوط الطائرة المصرية فوق المتوسط
١٩ مايو ٢٠١٦يبدو احتمال العمل الإرهابي واردا أكثر من فرضية الخلل الفني في حادثة سقوط طائرة شركة "مصر للطيران" في البحر المتوسط قبالة سواحل اليونان أثناء قيامها برحلة بين باريس والقاهرة، في ساعة مبكرة من صباح الخميس (19 مايو/ أيار 2016) وعلى متنها 66 شخصا.
ومع إصراره على الحذر الشديد وتأكيده أكثر من مرة عدم رغبته في استبعاد أي فرضية لتفسير سقوط الطائرة، قال وزير الطيران المصري شريف فتحي إن احتمال العمل الإرهابي قد يكون الأرجح. وردا على سؤال لفرانس برس حول ما إذا كان يرجح فرضية العمل الإرهابي، قال فتحي "لا أريد أن أقفز إلى نتائج (ولكن) إذا أردنا تحليل الموقف فإن هذه الفرضية (العمل الإرهابي) قد تبدو الاحتمال الأرجح أو الاحتمال المرجح"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الموقف الرسمي للدولة المصرية يظل عدم استبعاد وعدم تأكيد أي فرضية.
وبدوره لم يستبعد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أيضا فرضية العمل الإرهابي. وقال في كلمة متلفزة "المعلومات التي جمعناها تؤكد لنا أن هذه الطائرة تحطمت وفقدت". وأضاف أولاند: "علينا التأكد من معرفة كل ملابسات ما حصل. لا يمكن استبعاد أو ترجيح أي فرضية". وتابع "حين نعرف الحقيقة، علينا استخلاص كل العبر سواء كان الأمر حادثا أو فرضية أخرى تخطر على بال كل شخص، وهي فرضية عمل إرهابي".
ورجح خبراء كذلك فرضية تعرض الطائرة لاعتداء. وقال الخبير في الملاحة الجوية جيرالد فيلدزر إن "السبب في ذلك يرجع إلى المناخ السياسي"، مستبعدا في الوقت ذاته "مشكلة تقنية كبيرة، لأن الطائرة حديثة نسبيا". وتابع "تبدو احتمالات وقوع مشكلة تقنية كبرى، انفجار محرك، انفجار على متن الطائرة (...) ضئيلة".
وأضاف فيلدرز أن طائرة ايرباص ايه 320، التي كانت تنقل 66 شخصا "حديثة نسبيا" صنعت عام 2003. كما يعتبر هذا الطراز جديرا بالثقة. وتابع "إنها طائرة الرحلات المتوسطة الأكثر مبيعا في العالم، فهي تحط أو تقلع بوتيرة طائرة كل 30 ثانية" مشيرا إلى أنها "طائرة عصرية".
"الحادثة وقعت أثناء التحليق وسط أجواء مستقرة تماما"، وفق تصريحات المدير السابق للمكتب الفرنسي للتحقيقات والتحاليل جان بول تروادك لإذاعة أوروبا 1. مضيفا أن مصر للطيران "شركة يحق لها تسيير الرحلات من وإلى اوروبا، أي انها غير مدرجة على اللوائح السوداء".
وفيما إذا كانت الطائرة قد أسقطت أثناء تحليقها، قال خبير الطيران جيرالد فيلدزر إن فرص هذا السيناريو ضئيلة، سواء أكان ذلك بواسطة صاروخ أرض-جو، مثلما حدث أثناء الرحلة 17 لشركة الطيران الماليزية فوق أوكرانيا في تموز/ يوليو 2014، أو صاروخ بحر-جو على غرار الرحلة 655 التابعة لشركة الطيران الإيرانية التي أسقطها طراد أمريكي في تموز/ يوليو 1988.
كذلك نظرا إلى الارتفاع الذي كانت الطائرة عليه (أكثر من 11 كيلومتر) وبعدها الكبير عن السواحل، لم تكن في مدى صواريخ أرض-جو المحمولة، التي تملكها جماعات مسلحة مختلفة في الشرق الأوسط. وأضاف فيلدزر "صاروخ من الأرض، لا. أسقطتها نيران طائرة أخرى عن طريق الخطأ، لا يمكن استبعاد ذلك، لكننا كنا سنعلم بذلك إذا كان صحيحا". وتابع في حديثه أن شمال مصر القريب من سواحل إسرائيل وقطاع غزة يشكل "المنطقة الأكثر مراقبة في العالم، بما في ذلك بالأقمار الصناعية، بالتالي بات إخفاء هذا النوع من المعلومات أصعب بكثير".
مصر وفرنسا هدف للإرهاب
وبشأن ترجيحه لفرضية العمل الإرهابي يقول فيلدرز "بالطبع، فرضية الاعتداء تبقى مرجحة، الأجواء السياسية تحيل إلى ذلك، هناك ميل إلى هذه الفرضية". ففرنسا سبق أن تلقت ضربات قاسية من تنظيم "داعش" في الأشهر الأخيرة. أما مصر فشهدت إطاحة السلطة العسكرية بالرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي. وكلا الدولتين هدف للتنظيم المتشدد. لكن "بشكل عام، يتم تبني هذا النوع من الاعتداءات، وإذا كان هذا أحدها فسنعلم سريعا".
أما فيما إذا كانت هناك مادة متفجرة على متن الطائرة المصرية، التي قامت برحلات عدة الأربعاء بين أريتريا ومصر وتونس فضلا عن عودتها من باريس إلى القاهرة، يقول خبير الملاحة الجوية جيرالد فيلدزر لفرانس برس إن "احتمال وجود عبوة على الطائرة مع شخص وضعها في رواسي (شارل ديغول) أو في القاهرة ما زال قائما"؛ نظرا إلى صعوبة "السيطرة مائة بالمائة على الدخول والخروج في أي مطار، حتى لو كان رواسي حيث المراقبة مشددة. هذه فرضية لا يمكننا استبعادها".
وتأتي هذه الكارثة الجوية الجديدة فيما تواجه مصر مشكلات أمنية واقتصادية متزايدة. كما تأتي أيضا بعد أكثر قليلا من ستة أشهر من انفجار طائرة روسية فوق سيناء في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعد إقلاعها من شرم الشيخ، ما أودى بحياة 244 شخصا كانوا على متنها. وأعلن الفرع المصري لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عن إسقاط تلك الطائرة. كما أن تنظيم داعش يستهدف فرنسا أيضا؛ ومايزال يقوم باعتداءات شبه يومية على الجيش والشرطة المصريين في سيناء.
كما اضطرت شركة مصر للطيران إلى إدارة أزمة احتطاف إحدى طائراتها إلى قبرص في 29 إذار/ مارس الماضي من قبل شخص وصف بأنه "مضطرب نفسيا"، أطلق سراح الركاب الـ 55 وكذلك أفراد طاقم الطائرة من دون أن يلحق بهم أذى.
ضربة جديدة للسياحة المصرية؟
ولهذا هناك مخاوف من أن تؤثر هذه الكارثة بشكل سلبي على قطاع السياحة في مصر، الذي بدأ يستعيد عافيته مؤخرا، وقد أشار إلى ذلك القنصل الألماني السابق في الغردقة: "لقد رأينا الضوء في آخر النفق"، حسب ما نقل عنه موقع "شبيغل أونلاين" الألماني. كما أشار الموقع الألماني إلى أن مصر تحركت تحت ضغوط كبيرة وراجعت التدابير الأمنية في مطاراتها والمتعلقة بالطيران، وقد أثنى على ذلك وزير الداخلية الألماني قبل عدة أسابيع وقال "إنها تحسنت بشكل كبير" حسب شبيغل أونلاين.
وفيما إذا كانت هذه الكارثة ستوجه ضربة جديدة لقطاع السياحة الذي بوفر نحو 3 ملايين فرصة عمل ويشكل نحو 11 بالمائة من الدخل القومي لمصر؟ يتوقف ذلك على نتائج التحقيق ومعرفة الأسباب الحقيقية لسقوط الطائرة.
ع.ج/ ص.ش (أ ف ب، DW)