كوت ديفوارـ من شبح الإقصاء إلى التتويج بلقب أمم افريقيا
هشام الدريوش
١٢ فبراير ٢٠٢٤
بعدما اعتقد الجميع أن منتخب كوت ديفوار منظم البطولة سيخرج خالي الوفاض بعد خسارتين في دور المجموعات، عاد رفاق سيباستيان هالر من "الموت إلى الحياة" ليتوجوا باللقب ويقدموا للعالم درسا في التحدي وقوة العزيمة.
إعلان
بعد خسارة منتخب كوت ديفوار في مباراتين متتاليتين في دور المجموعات أمام نيجيريا وغينيا الاستوائية، عمت الحسرة والحزن الجماهيرالإيفوارية وبات منتخب الفيلة قريبا جدا من مغادرة البطولة التي تحتضنها بلاده، كيف لا، وهو اكتفى فقط بثلاث نقاط من ثلاث مباريات، مما جعل حظوظه في التأهل صعبة جدا حتى ضمن أربعة أحسن ثوالث في المجموعات.
وانتظر كوت ديفوار ومعه كل الجماهير في البلاد ، آخر مباراة في دور المجموعات التي جمعت بين المغرب وزامبيا ليتعرفوا على مصير منتخبهم هل سيبقى أم سيغادر البطولة.
المغرب يمنح قبلة الحياة لكوت ديفوار
قبل مواجهة المغرب لزامبيا في آخر مباراة من دور المجموعات كان المنتخب المغربي قد ضمن تأهله لدور ثمن النهائي مما يعني أن التعادل وحتى الخسارة كانت ستأهل المغرب للدور المقبل، بيد أن أسود الأطلس حققوا الفوز في تلك المباراة لتقصى زامبيا وتتأهل كوت ديفوار ضمن أحسن أصحاب المركز الثالث في البطولة.
النتائج المخيبة لمنتخب الفيلة في دور المجموعات جعلت المسؤولين عن كرة القدم في كوت ديفوار يقيلون المدرب الفرنسي جان-لوي غاسيه ويعينون مساعده إيميريس فاييه. بعدها استمرت الرواية العجيبة مع اقصاء السنغال حاملة اللقب بركلات الترجيح، بعد هدف تعادل متأخر من كيسييه.
تلاها فصلٌ جنوني آخر تحقق في ربع النهائي، عندما عادل المنتخب الإيفواري مالي في الدقيقة الأخيرة رغم لعبه منقوصاً منذ الدقيقة 43، ثم اقتنص هدف الفوز في الوقت البدل عن ضائع من الشوط الإضافي الثاني، فيما جاءت مواجهته الأخيرة مع الكونغو الديموقراطية في نصف النهائي أقل صخباً، حسمها العائد إلى التشكيلة الأساسية بعد تعافيه من الاصابة هالر. ليعود نفس اللاعب وينصب نفسه بطلا "للرواية المجنونة" بعد أن قاد منتخب الفيلة للفوز باللقب.
سيباستيان هالر رمز الصمود والتحدي
عودة منتخب كوت ديفوار من "الموت" إلى الحياة وفوزه باللقب ليس وحده من لفت أنظار المتتبعين في هذه البطولة، بل أيضا اللاعب سيباستيان هالر صاحب هدف الفوز في المباراة النهائية أمام نيجيريا. فمسيرة هذا اللاعب يمكن اعتبارها درسا في الإصرار والصمود ليس في كرة القدم فحسب بل في الحياة ككل.
نجم نادي بوروسيا دورتموند الألماني توج مسيرته بإنجاز كبير، وذلك بعد أن استطاع أن يهزم مرض السرطان، في معركة استمرت مع الداء الخبيث لنحو عامين، قبل عودته إلى الملاعب.
جرى تشخيص هالر بسرطان الخصية في يوليو 2022، عقب انتقاله من نادي أياكس أمسترادام الهولندي إلى دورتموند على أمل تعويض رحيل المهاجم النرويجي إرلينغ هالاند، الذي كان قد شد الرحال إلى صفوف مانشستر سيتي الإنكليزي.
اعتقد الكثيرين بأن مسيرة هذا اللاعب قد انتهت بسبب مرض السرطان لكن بفضل عزيمته وإصراره وبعد خضوعه لعدة جراحات وللعلاج الكيماوي استطاع بعد ستة أشهر من العودة تدريجيا للملاعب والانتصار على المرض الخبيث. واليوم يسجل هدفا حاسما ويقود منتخب بلاده كوت ديفوار إلى اللقب الإفريقي الثالث في مسيرته.
وبعد المباراة النهائية قال هالر البالغ من العمر 29 عامًا "كانت الأشهر الـ 18 الماضية صعبة بالنسبة لي ولعائلتي.. وبالنظر إلى ما عانيته في الفترة الماضية، فمن المذهل أن أكون معكم الآن".
والمفارقة الأخرى بالنسبة لمنتخب كوت ديفوار في هذه البطولة هي أن مدربه فاييه (40 عاماً)، والذي كان لاعبا في نادي نانت الفرنسي اعتزل بعمر الثامنة والعشرين بسبب التهاب في الوريد ولم يسبق له تدريب أي فريق، وفاز كلاعب مع منتخب فرنسا عام 2001 بلقب كأس العالم تحت 17 سنة، بعد خسارة المباراة الأولى ضد نيجيريا ثم فاز عليها في النهائي.
يذكر أن كوت ديفوار أوّل دولة تخسر بفارق أربعة أهداف ثم تحرز اللقب، وأوّل دولة مضيفة تتوّج باللقب منذ مصر في 2006.
هشام الدريوش
جماهير كأس أمم إفريقيا ـ عشق ممتزج بالفن والفخر والصلوات المشتركة
يأتي الكثير من مشجعي الأندية المشاركة في بطولة كأس أمم أفريقيا من أماكن بعيدة لتشجيع فرقهم المفضلة. ما يميز هؤلاء ليس فقط ارتداء الملابس التقليدية والمزركشة، بل هناك طقوس كثيرة يمارسونها تعكس الروح الأفريقية المشتركة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
بداية الرحلة
التحضير للمشجعين الذين يشاركون في بطولة كأس الأمم الأفريقية (AFCON) يبدأ قبل عدة أشهر. يطورون الملابس والأغاني والآلات الموسيقية استعدادًا للبطولة. أليو نغوم، المعروف باسم باكو، هو أحد قادة المجموعة المنظمة الرئيسية للمشجعين السنغاليين والتي تسمى(Douzieme Gainde)، وهي تعبير مختلط تعني "الأسد الثاني عشر". هو من ابتكر شعار "السنغال فقط".
صورة من: Marco Simoncelli/DW
الفن أساسي
قاسم مشترك بين مشجعي الفرق الوطنية الأفريقية هو الفن، والعديد منهم فنانون حقيقيون. نفامارا أولاري، المعروف باسم سيغيرينجني كانغني، هو فنان غيني يصنع ملابسه الخاصة للملعب. كونك فنانًا، أي معرفة كيفية الغناء، الرقص أو العزف على آلة موسيقية، هو شرط أساسي للمشاركة في اللجنة الوطنية لمشجعي غينيا.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
مصدر فخر
كأس الأمم الأفريقية (AFCON) هي أرفع بطولة كرة قدم في القارة الأفريقية. بدأت في عام 1957، قبل ست سنوات من تأسيس الاتحاد الأفريقي. كانت AFCON واحدة من أولى الفعاليات التي استطاع فيها الأفارقة الاتحاد والتعبير عن هوياتهم الوطنية. لطالما كان مصدر فخر للمشجعين أن يتمكنوا من المشاركة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
عودة روح كأس الأمم الأفريقية
عادت حفلات الشوارع في العاصمة الإيفوارية ياموسوكرو وفي جميع أنحاء البلاد خلال كأس الأمم الأفريقية (AFCON). وقد كانت الأجواء في مصر خلال (AFCON 2019) مكبوتة بسبب قمع النظام المحلي وصعوبات وصول المشجعين من جنوب الصحراء الكبرى إلى شمال أفريقيا. ومنعت جائحة كوفيد العديد من المشجعين من السفر خلال (AFCON 2022) في الكاميرون.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
الفرح بعد الصعوبات
إن متعة الذهاب إلى ملعب ياموسوكرو، حيث لعبت السنغال مع ساحل العاج في دور الـ16، تتغلب على العقبات أمام الوصول إلى هناك. كافح باكو للحصول على التمويل ولم يسافر إلى ساحل العاج إلا بعد المباراة الأولى للسنغال. قبل ساعات قليلة من المباراة ضد الدولة المضيفة، كان عليه التفاوض مع وزارة الرياضة السنغالية للحصول على تذاكر له ولمجموعته.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
الحب
أن تصبح مشهورا قد يكون في كثير من الأحيان على حساب عائلتك. في كل مرة يغادر المارشال باسول منزله لمتابعة المنتخب الوطني، تبقى زوجته وأطفالهما التسعة في المنزل لعدة أسابيع بدونه. وتستضيف ساحل العاج بطولة كأس الأمم الأفريقية هذا العام، لكن التركيز دائما ينصب على المنتخب الوطني لأن "حب ما أقوم به أكبر من كل شيء".
صورة من: Marco Simoncelli/DW
روح ياضية
تعد ساحل العاج موطنًا للعديد من المجتمعات الأفريقية، خاصة من الجزء الغربي من القارة، الذين يشاهدون مباريات كأس الأمم الأفريقية معًا في مناطق المشجعين في المدن التي تستضيف البطولة. ما يبرز هو غياب العداء. إن النكات والسخرية أمر شائع، ولكن تشجيع الفريق الوطني لا يؤدي أبداً إلى الإهانات والعنف.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
تمويل الرحلة
في العديد من الحالات، الدولة نفسها هي التي تمول سفر المشجعين. دفع نائب رئيس غينيا الاستوائية تكاليف سفر 200 شخص، بما في ذلك مايلز بايمي ندونغ. وهو قائد نادي المشجعين نزالانغ ناسيونال، أول مجموعة من مشجعي غينيا الاستوائية تم إنشاؤها قبل (AFCON 2021). ندونغ مغني إنجيلي وهو مسؤول عن تنسيق الأغاني والرقصات.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
صلوات مشتركة
بغض النظر عن عقيدتهم، فإن معظم مجموعات المشجعين الأفارقة تؤدي صلوات جماعية عشية المباراة وقبلها مباشرة، يدعون ربهم أن يحفظهم ويحقق لهم النصر. كما يصلون بعد المباراة شاكرين مهما كانت النتيجة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
العودة
بمجرد انتهاء المباراة ضد غينيا، هرع ندونج للحاق بالحافلة التي أعادته إلى المطار ورحلة العودة. سافر جميع أعضاء نزالانغ ناسيونال من مالابو إلى أبيدجان والعودة في نفس اليوم لكل مباراة. بهذه الطريقة، توفر الدولة المال على الإقامة ولم يفقد المشجعون الكثير من أيام العمل.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
رحلة العودة
يمكن أن تؤدي الظروف الاقتصادية الصعبة إلى تعقيد عودة مشجعي كأس الأمم الأفريقية إلى بلدانهم الأصلية. بعد أن تغلبت نيجيريا على أسود الكاميرون التي لا تقهر، ذهب المشجع الكاميروني المخضرم نغاندو بيكيت ومجموعته المكونة من 10 أشخاص ليطلبوا من اللاعبين تمويل رحلتهم. وعلى عكس المسابقات الأخرى، قررت الحكومة الكاميرونية واتحاد كرة القدم عدم دعمهم هذه المرة. (ألكيس سيتسميش/ ماركو سيمونسلير/ ر.ض)