1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كورت توخولسكي: مقياس الزلازل الذي استشعر خطر الفاشية

١٨ أغسطس ٢٠١٢

كان أحد أهم كتاب عصره، تميزت كتاباته بالنقد والسخرية. كان اشتراكيا ومن دعاة السلام. ولأنه كان غزير الإنتاج استخدم عدة أسماء مستعارة لنشر كتاباته. كورت توخولسكي كان شخصا مختلفا، وحتى في حياته الخاصة كان "شخصا غير معقول".

Kurt Tucholsky in Paris, 1928. Deutsch: Tucholsky in Paris, 1928 Français : Tucholsky à Paris, 1928 Datum 1928(1928) Quelle Sonja Thomassen Urheber Sonja Thomassen Genehmigung (Weiternutzung dieser Datei) Deutsch: Die Aufnahme wurde von Sonja Thomassen, in Norwegen lebende Tochter von Lisa Matthias, zur Veröffentlichung unter GNU-FDL freigegeben. Sonja Thomassen hat mir schriftlich versichert, dass es sich bei der Aufnahme um eine Familienaufnahme handelt und sie als Nachlasserbin die alleinigen Rechte an der Aufnahme besitzt.
صورة من: picture-alliance/dpa

كان يعمل دون توقف. تميز بالأناقة والنشاط. كان ساحرا، يكثر التردد على الحفلات، وخاطفا لقلوب العذارى. ولكن قبل كل شيء كان أديبا وناقدا حادا. عاش كورت توخولسكي حياة قصيرة، امتدت بين عامي 1890 و 1935. درس توخولسكي القانون في بداية حياته، قبل أن ينذر نفسه للأدب والكتابة. والمؤلف الذي جعله مشهورا ورفع من أسهمه كان "راينسبيرغ: كتاب مصور للعشاق"، الذي ألفه عام 1912، والذي أصبح من أكثر الكتب مبيعا. الكاتب فكر بطريقة يمكن من خلالها تنشيط المبيعات. افتتح مع صديقه كورت تسافرانسكي حانة مؤقتة باعا فيها الكتب. وكان الزبائن الذين يشترون نسخة من "راينسبيرغ" يحصلون على كأس من النبيذ، ولكن الحانة أغلقت بسرعة، ورغم ذلك انتشر اسم الكتاب وحظي بإقبال متواصل.

الصحافي الذي أصبح جنديا
وبعد فترة وجيزة بدأ كورت توخولسكي بنشر مقالاته الصحفية الأولى، واختار عدة أسماء مستعارة استخدمها لمختلف الصحف التي كتب لها، ومن أشهر أسمائه المستعارة: بيتر بانتر، ثيوبالد تيغر، اغناتز فروبل. وفي وقت لاحق ظهر اسم مستعار آخر هو كاسبار هاوزر. كان يمكن وصف توخولسكي بأنه كاتب غزير الإنتاج ومتعدد الوجوه. ولكن مسيرته الصحافية توقفت بسبب الحرب العالمية الأولى. توخولسكي، الذي كان يحتقر الحروب والأعمال العسكرية، وجد نفسه مرغما على الانضمام إلى الجيش. الشاب المعتاد على رغد العيش صار الآن أمام تجارب مختلفة: في منطقة البلطيق، كمساعد في إحدى السرايا، وفي وقت لاحق في الشرطة السياسية في رومانيا، وهي بلاد كرهها توخولسكي، بسبب الظلم الاجتماعي السائد وطبقة المسؤولين والسياسيين الفاسدين. ولم يعجبه هناك سوى الخمر الروماني! وفي رومانيا يقوم اليهودي توخولسكي باعتناق المسيحية البروتستانتية، ولكن ذلك لم يكن سوى فعل عارض ليس أكثر، لأن الرجل كان قد ابتعد منذ زمن طويل عن الدين اليهودي.

مجلة "دي فيلت بونه"، التي تحولت إلى منبر يساري في جمهورية فايمار، عندما تولى توخولسكي إدارة تحريرها.صورة من: picture-alliance/dpa


مدينة متماوجة
وفي عام 1918 عاد إلى برلين، ليعايش النقاشات والمفاوضات حول معاهدة فرساي، وليراقب التجمعات الحاشدة والتطرف السياسي، وصار مرتاعا من المناخ السياسي الداخلي في البلاد، ومن الاغتيالات السياسية، وعودة ظهور القوى الرجعية. انغمس بعدها لفترة قصيرة في وظيفة تحريرية في مجلة للبروباغاندا اليمينية. توخولسكي، الرجل القابل للتحول، بدأ بعد ذلك بالكتابة لصحيفة عمالية شيوعية. لكنه يبقى جمهوريا وديمقراطيا في نفس الوقت، ومثل مقياس الزلازل يستشعر أخطار وقته، والتهديد الفاشي الذي بات يلوح في الأفق.
وفي عام 1931 كتب جملة في نص ساخر، بقيت تثير جدلا حتى الآن: "الجنود قتلة". آنذاك تم الادعاء على المحرر المسؤول، كارل فون أوسيتسكي، بتهمة "إهانة جيش الرايخ" ليطلق سراحه بعد ذلك. في جمهورية ألمانيا الاتحادية بقي هذا الاقتباس يثير نزاعات قانونية حتى الآن، وصلت إلى المحكمة الدستورية الاتحادية. توخولسكي، "حالة فريدة بين المثقفين في جمهورية فايمار"، كما وصفه كاتب سيرته رولف هوزفيلد.

الجمهورية الراقصة
الجمهورية لم تكن مسيسة فقط، بل كانت ترقص. على الأقل في العاصمة برلين. ففي عشرينات القرن الماضي ازدهرت هناك صناعة الترفيه. حيث قدمت العروض العارية والملاهي الترفيهية. وبنفس الوقت ازدهر المسرح الجاد أيضا. والسينما أصبحت مفضلة لدى الشعب. وهنا اكتشف كورت توخولسكي خشبة مسرحه الخاصة، حيث صار يكتب كلمات الأغاني للأعمال المسرحية الساخرة وللنجوم في الصالونات الأدبية. نصوص لا تخلو من الفكاهة الخشنة. لتظهر أول اسطوانة مسجلة من أعماله، والتي ضمت أغنية "عندما يعود المحرك القديم للعمل"، لتحقق نجاحا كبيرا.


هناك جانب آخر حول شخصية توخولسكي، إنها حياته الخاصة. فهو الساحر الذين تعشقه النساء، ومن أجله كن يعرضن أنفسهن للخطر، ويتركن أزواجهن وأولادهن. ولكن كورت توخولسكي بقي ذلك الشخص العبثي غير المبالي، الذي يتسبب لعشيقاته بنوبات الغيرة، يتزوج ثم يترك زوجته، ثم يعود نادما. حبه الحقيقي كانت على الأرجح ماري جيرولد، المنحدرة من مدينة ريغا (عاصمة لاتفيا). ماري قررت أن تتركه أخيرا بعد أعوام من المعاناة معه، حيث كان يبتعد عنها ثم يعود. رسالة الوداع التي كتبتها احتفظ بها توخورسكي في جيب سترته حتى وفاته.

المحروم من حماية القانون
كان كورت توخولسكي يكتب لأهم الصحف والمجلات في عصره، كما كان خطيبا موهوبا يعتلي الكثير من المنابر للدعوة إلى السلام ولنبذ العنف والتظاهر ضد الحرب، وأصبح بعدها عضوا في "الرابطة الألمانية لحقوق الإنسان". كان كثير الترحال ولا يعرف الكلل. برلين، باريس، لوغانو، ريفييرا، هامبورغ، السويد ومن ثم العودة إلى برلين مجددا، ثم الانتقال إلى باريس مرة أخرى. لم يستقر ولا في أي مكان بشكل حقيقي. في عام 1931 صدرت روايته الصيفية "قصر غريبسهولم".

ازدهرت المسارح والعروض في برلين في عشرينات القرن الماضي.صورة من: picture-alliance/kpa

 وفي العاشر من مايو/ أيار 1933 جرى حرق كتبه بشكل علني. بدأ التضييق على المؤلف "المنبوذ"، وبدأت إجراءات نزع الجنسية منه. وقاموا بإبطال جواز سفره. انتقل توخولسكي للعيش في السويد. ولكن غير مسموح له أن يعمل هناك. لم يعد لديه مال وصار يعاني صحيا. وفي 21 ديسمبر/ كانون أول 1935 توفي كورت توخولسكي في المستشفى؛ وحتى اليوم مازال غير واضح إن كان قد توفي نتيجة لجرعة زائدة من الدواء، أو ما اذا كان قد وضع نهاية لحياته بنفسه.

كورنيليا رابيتس/ فلاح آل ياس

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW