كورونا .. فيروس يفرض نفسه على شعائر الأديان المختلفة!
١٥ مارس ٢٠٢٠
فرض فيروس كورونا المستجد نفسه على أجندة الأديان العالمية الكبرى، فبعد فترة من الترقب تراوحت بين الانتظار والارتباك، استسلم رجال الدين في نهاية المطاف للأمر الواقع. أوليست حياة المؤمنين فوق كل اعتبار؟
إعلان
ينتشر فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عبر العالم، كما تنتشر النار في الهشيم، وضعٌ أجبر رجال الدين على التعامل مع هذا الوباء القاتل. فها هو البابا فرنسيس الأول بدا، في مشهد مثير، وكأنه معلق على أسوار الفاتيكان وهو يحتفل بالقداس الكاثوليكي الرسمي الوحيد في كل إيطاليا.
فيما ألغى أساقفة الكنسية من مختلف الجنسيات المؤتمرات واللقاءات التي كانت مبرمجة قبيل انتشار الفيروس. كما أعلنت دولة الفاتيكان إغلاق كاتدرائية وساحة القديس بطرس أمام السياح حتى الثالث من نيسان / أبريل 2020 في إطار الاجراءات الهادفة الى وقف انتشار فيروس كورونا المستجد.وأقفلت عديد الكنس والمعابد اليهودية أبوابها في الولايات المتحدة الأمريكية. كما ألغى اليهود إحياء عيد المساخر "بوريم" الذي يشبه إلى حد كبير احتفالات الكرنفال. نفس القيود شملت مهرجان "هولي" الهندوسي للألوان الذي ألغي هذا العام لنفس السبب.
وبالنسبة للديانة الإسلامية، ففي السعوديةورغم إعادة فتح صحن الكعبة عقب إغلاقه مؤقتا لمنع انتشار الفيروس، لا يزال قرار تعليق العمرة غير المسبوق قائما. القرار الخاص بالكعبة استثنائي بكل المقاييس وبعث برسالة واضحة لكل مسلمي العالم بشأن التعامل مع الوباء القاتل.
وفي ألمانيا، أُعلن عن عدة مبادرات في نفس الاتجاه، من بينها دعوة المجلس الأعلى للمسلمين إلى تعليق إقامة الصلوات في المساجد وأدائها في المنازل إذا لزم الأمر، وذلك بعد التشاور مع علماء دين وخبراء في الصحة الوبائية.
وناشد المجلس الجمعيات الإسلامية المحلية تجنب تنظيم فعاليات كبرى في المساجد في المستقبل القريب، لا علاقة لها بأداء الشعائر، تجنبا لانتشار الفيروس. وأكد المجلس أن تعليق إقامة صلاة الجمعة وصلوات أخرى في المساجد لأجل اعتبارات تتعلق بالوقاية الصحية أمر "يُبيحه الإسلام".
وفي مقابلة مع DW ذكًر البروفيسور مهند خورشيد عميد معهد الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر الألمانية بإغلاق الحرم المكي، واصفا إياه، بأنه "أقوى إجراء ممكن وأظهر مدى جسامة المسؤولية وخطورة الموقف".
بين الطقوس الدينية وقواعد الوقاية
تتبنى معظم الأديان مجموعة من الطقوس تهدف إلى خلق روابط حسية وروحية بين مؤمنيها. من بينها تقبيل أحجار مقدسة، أو تقديم لفائف التوراة وكتب الصلاة أو الصلبان، كما يشرب الجميع من نفس الكأس في القداس المسيحي على سبيل المثال لا الحصر. كاتدرائية القديس بطرس في روما أغلقت أبوابها أمام الزوار والمؤمنين.
وذهبت كنائس كبرى في نفس المنحى، إذ قيدت كاتدرائية سانت ستيفن في فيينا عدد زوارها بشكل كبير. وفي إسرائيل فرضت الحكومة تقليل الزائرين على جميع معابد البلاد ومنعت تقبيل الأدوات المستعملة في طقوس العبادة.
وبهذا الصدد وصف فرانك روزاليب، الباحث الألماني المتخصص في دراسة الأزمات، ما بادرت به الكناس الألمانية بـ "الخطوة الصحيحة"، فهي تتحمل المسؤولية في نهاية المطاف تجاه المؤمنين. وقد استندت في ذلك لتوصيات ومعاير تقييم المخاطر ذات الصلة كما حددها معهد روبرت كوخ، وهو أعلى مرجعية صحية في ألمانيا.
جهل بروح الأديان؟
من اللافت أيضا، أن أتباع الأديان أنفسهم عجلوا في بعض الحالات بانتشار فيروس كورونا، كما هو الحال في كوريا الجنوبية، حيث تجاهلت الطائفة المسيحية مناشدات متكررة للحكومة بتعليق التجمعات الدينية. وساهمت من حيث لا تدري في ارتفاع مهول في عدد المصابين. أما في إيران، فباتت مدينة قم، وهي أهم مركز للدراسات الشيعية في البلاد، مصدرا لإصابة الآلاف بالفيروس. كما رفض الكثير من آيات الله والقيادات الدينية الأخرى مبدأ الحجر الصحي، والنتيجة هي أن البلاد بأسرها وجدت نفسها في حالة حرب ضد المرض.
كورونا الجديد ينتشر في الشرق الأوسط.. هل تنجح جهود احتوائه؟
26:59
ربما يكون معظم الأئمة في أوروبا أبعد من هذا التفكير المتشدد، حيث أكد مهند خورشيد على "الدور الإيجابي للغاية" لأن المسؤولين الدينيين دعوا بشكل مبكر، على سبيل المثال، إلى عدم مصافحة المسنين وضرورة رعاية الضعفاء.
تحذير من سيناريوهات "نهاية العالم"
البروفيسور خورشيد مطلع تماما على "نظريات المؤامرة" بشأن فيروس كورونا. وأشار إلى "دول معينة في الجنوب" حيث وصف رجال دين مسلمون الوباء بأنه "عقاب من الله". هذه "إساءة لاستعمال سلطة الإمام" يقول خورشيد.
يوجد جهل بحقيقة الفيروس أيضًا في دوائر كاثوليكية يمينية في الولايات المتحدة أو في إيطاليا. وبالنظر إلى إلغاء الفعاليات الدينية في إيطاليا حتى أوائل أبريل / نيسان، فإن هناك من بات يُروج للعمل الكنسي السري، وهو ما يذكر بالمقاومة المسيحية في الأوقات المظلمة للشيوعية. وحذر خورشيد من ترويج المتطرفين لسيناريوهات التهويل والوعيد بـ"نهاية العالم".
كريستوف شتارك / ح.ز
ملف صور: المسلمون في أوروبا.. الانتشار والأعداد
ينتشر المسلمون في القارة الأوروبية دون استثناء أي بلد منها. غير أن بعض تجمعاتهم تستقر في دول بعينها نتيجة أسباب سياسية أو تاريخية أو بحثاً عن سبل العيش. المزيد في ملف الصور التالي:
صورة من: Getty Images/S. Gallup
فرنسا
تعد فرنسا البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، إذ يقدر عددهم بحوالي 5 مليون مسلم. أغلب هؤلاء المسلمين ينتمون إلى دول المغرب العربي وشمال أفريقيا. عرفت أعداد المسلمين في فرنسا تزايداً ملحوظاً بعد الحرب العالمية الأولى، إذ كان البلد في حاجة إلى الأيدي العاملة.
صورة من: AP
ألمانيا
تعتبر ألمانيا من بين أهم الدول التي قصدها مسلمون منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقدر عدد المسلمين في ألمانيا بحوالي 5 مليون شخص. وتتجاوز نسبة الأتراك الثلثين. كما أن عدد المسلمين بهذا البلد عرف تزايداً، خصوصاً ما بين عامي 2010 و2016، حيث قصدها حوالي مليون لاجئ. وحسب الدراسات فإن 86 بالمائة من اللاجئين الذين قصدوا ألمانيا مسلمون. ويضم البلد مئات المساجد وعشرات المراكز الدينية.
صورة من: Getty Images/M. Hitij
بريطانيا
يتمركز أغلب المسلمين في بريطانيا في العاصمة لندن. وتنقسم أصولهم بين قادمين من الهند، الشرق الأوسط وأفريقيا. أحدث دراسة في الموضوع أشارت إلى أن المملكة المتحدة لم يدخلها لاجئون مسلمون كثر بين 2010 و2016، إذ قدر عددهم بـ 60 ألف. وبشكل عام، فعدد المسلمين الذين وصلوا إلى المملكة منذ 2010 يناهز 43 بالمائة من المهاجرين لبريطانيا.
صورة من: Getty Images/D. Kitwood
إسبانيا
عاش جزء من إسبانيا تحت الحكم الإسلامي لفترة طويلة، وما تزال تحتفظ في بعض مدنها بآثار ذلك. حسب إحصاءات 2012، فإن أكثر من مليون و900 ألف شخص يعتنقون الدين الإسلامي في البلد. ينحدر أكثرية المسلمين هناك من الأصول الأمازيغية، خاصة من شمال المغرب وبعض البلدان الإفريقية. ويتوزع المسلمين على مدن عديدة أهمها: مدريد وكتالونيا والأندلس وفالنسيا ومورثيا وكانارياس..
صورة من: Fotolia/Mariusz Prusaczyk
إيطاليا
حسب إحصائية تعود لـ2016، فإن المغاربة المسلمين يقدرون بحوالي نصف مليون مسلم، ضمن أكثر من مليون و700 ألف شخص يعتنق الإسلام. المسلمون في إيطاليا يتركزون في الجهات الصناعية في شمال البلد، كما تضم العاصمة لوحدها أزيد من 100 ألف مسلم. وبالنسبة لدور العبادة، فتضم روما واحداً من أكبر المساجد في أوروبا فضلاً عن مساجد أخرى تنتشر في المدن والحواضر.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Lo Scalzo
هولندا
في العقود الأخيرة من القرن الماضي، استقطبت هولندا اليد العاملة من "بلدان مسلمة" كتركيا والمغرب. وتشير بيانات إلى أن عدد المسلمين في هولندا تجاوز 850 ألف مسلم في 2006. كما أشارت صحيفة AD الهولندية مؤخراً إلى أن الإسلام يعرف انتشاراً واسعاً داخل البلد، وعززت ذلك بأرقام تفيد تنامي الإسلام بامستردام على غرار الديانات الأخرى.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Johnson
بلجيكا
يقصد الكثير من المسلمين بلجيكا، ويتجاوز عددهم هنالك 700 ألف مسلم من أصول مغربية بالدرجة الأولى. يحتل الإسلام الرتبة الثانية ضمن الديانات المعتنقة في البلد. وحسب تقرير لجريدة الإيكومنست البلجيكية، في وقت سابق، فإن نصف أطفال المدارس الحكومية في بروكسيل من عائلات مسلمة. كما يوجد في العاصمة أكثر من 300 مسجد. تعترف بلجيكا بالدين الإسلامي وتخصص ميزانية لتدريس التربية الإسلامية، ودفع رواتب بعض الأئمة.
صورة من: DW/K. Hameed
الدانمارك
وصل الإسلام حديثاً إلى الدنمارك وذلك مع هجرة العمال المسلمين بدءاً من منتصف القرن العشرين. ويقدر عدد المسلمين حوالي 300 ألف مسلم، أي 5 بالمائة تقريباً من سكان الدنمارك. وينحدر أغلبهم من تركيا ودول عربية. كما يوجد من بين المسلمين ألبان وباكستانيون ودنماركيون
صورة من: picture-alliance/Scanpix Denmark/S. Bidstrup
اليونان
تقدر نسبة المسلمين في اليونان بحوالي 3 بالمائة من إجمالي السكان. وتعتبر اليونان من بين الدول الأولى التي عرفت الإسلام، إذ قدمت جيوش المسلمين إلى جزيرة "رودوس" أول مرة عام 654 ميلادي. يوجد خمس مجموعات سكانية مسلمة في البلد، تنقسم إلى: أتراك وبوماك وألبان وغيرهم إضافة إلى المهاجرين. يوجود الكثير من المساجد في البلد، ويرجع الكثير منها للعهد العثماني.
صورة من: Getty Images/M. Bicanski
بولندا
تعود بدايات المسلمين في بولندا إلى القرن الرابع عشر ميلادي. ويعتبر حالياً عدد المسلمين هناك قليلاً مقارنة بالبلدان الأوروبية الأخرى. توجد بعض الإشارات التي تقول أن عدد هؤلاء يصل إلى 31 ألف مسلم فقط، أي ما يقارب 1 بالمائة من مجموع عدد السكان. ويوجد أكبر تجمع إسلامي في مدينة بياوتسنوك. تشير بعض الإحصائيات إلى أن عدد المسلمين، عام 2050، سيصير ضعف العدد الذي يوجد عليه الآن. إعداد: مريم مرغيش