"كوماندوز الحب" ـ منظمة تساعد الشباب العاشق في الهند
٢٧ أكتوبر ٢٠١٣في الطابق العلوي لبناية مطلة على حديقة توجد الغرف التي تأوي أزواج فارين من ذويهم. ومنهم من يقيم هنا منذ أكثر من مائة يوم.لا أحد من محيطهم الاجتماعي يعرف شيئا عن مكان إقامتهم هذا، وهم ملزمون أيضا بإخفاء الأمر حتى على أعز أصدقائهم. ويتعلق الأمر بأزواج شباب، تزوجوا سرا خوفا من ذويهم الذين يرفضون زواج أبنائهم دون إذنهم وبدعوى أن خيارهم هذا لا يتماشى مع التقاليد أو الضوابط الاجتماعية السائدة.
وهناك من الشباب من تعرض إلى التهديد بالقتل، كما كان آخرون ضحية اغتيال من قبل ذويهم لأنهم رفضوا التراجع عن قرار الزواج حسب رغبتهم. ومع انتشار مثل هذه الأحداث في الهند، تم إنشاء منظمة يطلق عليها "كوماندوز الحب" تقوم بتقديم المساعدة والسكن للأزواج الشباب وتعتبر ملاذا آمنا لهم إلى حين الحصول على عمل لهم وشق طريقهم في الحياة.
" سنقتلك إذا تزوجتها!"
"كان حبا من النظرة الأولى"، يقول عمرام، 21عاما. كان عمرام يلتقي بشاسيا كلما زارت خالتها بالقرية. وبعد مرور سنوات، اعترف لها بحبه. لكن شاسيا لم تصدقه في البداية، فعمرام ينحدر من عائلة غنية ومتعلمة وهي من عائلة لا حول لها ولا قوة وغير متعلمة أيضا. بمعنى أن إقامة أية علاقة بين الاثنين ستكون بمثابة "فضيحة في البلد".
لم يأخذا بعين الاعتبار عند قرارهما هذا أنهما سيلجآن في نهاية المطاف إلى "كوماندوز الحب". إنها المحاولة الثانية للهروب من بطش ذويهم. في المرة الأولى استسلما وعادا إلى ذويهما، لأنهما تلقيا وعدا بالسماح لهما بالزواج. بيد أن الأهل خالفوا الوعد، وتمّ احتجاز شاسيا من قبل عائلتها. أما والد عمرام، فقد كان واضحا عندما قال لإبنه: " سنقتلك إذا تزوجتها!".
بعد مرور خمسة أشهر، طرقت شاسيا باب عمرام وقررا الهروب سوية، وهما يؤمنان أنهما لا يريدان العيش إلا معا، حتى ولو كان عمران بدون عمل ورغم أن شاسيا أجبرت على ترك المدرسة. "جلسنا على سكة القطار، وأخذنا نفكر في الانتحار، غير أن صديقا لنا أخبرنا عن "كوماندوز الحب"، فاشترى لنا تذكرتي القطار للسفر إلى العاصمة ديلهي"، كما تحكي شاسيا.
مأوى للأزواج العشاق
تأسست المنظمة قبل ثلاث سنوات. وتتجلى مهمتها في حماية الأزواج المهددين كما يقول سانجوف ساخديف المتحدث باسم المنظمة التي تأوي حاليا 49 زوجا من مختلف مناطق الهند، موزعة على مائتي مقر سري. وقد تم إقامة خط هاتفي يمكّن للأزواج في مثل هذه الحالات من معرفة عنوان المقر القريب من مكان وجودهم بهدف طلب المساعدة. وأشار المتحدث إلى وجود تطورمتزايد في هذه الحركة الجماعية التي تضم عددا كبيرا من الناشطين والمتطوعين لمساندة هؤلاء الأزواج، دون أن يكلف ذلك المنظمة فلسا واحدا.
ووفق بيانات اللجنة الوطنية لنساء الهند، تتم في كل عام ما بين 70 إلى 80 عملية قتل، يتم تنفيذها من خلفية ضرورة احترام التقاليد القديمة. وهي أرقام أولية، أما الأرقام الخفية منها فغير معروفة بسبب التكثم عن مثل تلك الجرائم ومحاولة إخفائها مثلا عبر الادعاء أن الشخص المعني أقدم على الانتحار.
الأخصائي الاجتماعي سوريندار يودكا يحذر أنه حتى مع بداية الاهتمام بمثل هذه الجرائم في وسائل الإعلام فلا يجب الاكتفاء برد الأمور إلى التقاليد العتيقة فقط، بل العمل على تغيير الواقع.
الحب ومواقع التواصل الاجتماعي
وإذا كانت النظرة الأولى خلف علاقة الغرام القائمة بين عمرام وشاسيا، فإن الأمر يختلف بالنسبة لأشرف وبهار. فاللقاء الأول كان عبارة عن دعوة للصداقة عبر موقع التواصل الاجتماعي أرسلها أشرف للفتاة بهار، وتلى ذلك أحاديث عبر شبكة الإنترنيت، انبثقت عنها قصة حب بين الاثنين، وذلك في الوقت الذي كان فيه أهل بهار يبحثون عن الزوج "اللائق" لابنتهم. وعندما كان العرسان يطرقون باب بهار، كانت هي تنظر إلى الأرض بخجل، ولها شعور "أنها تعرض على الناس كبضاعة رخيصة". وكان موقف والدها: "أفضل قتلك على أن نقوم بتزويجك لأيّ من كان، ونفقد مكانتنا أمام الناس". وبعد نزاع مع الأهل، قرر الاثنان الاتصال بـ"كوماندوز الحب"، حيث حصلا على ضمانات لاستقبالهم ومساعدتهم. كان ذلك قبل 12 يوما، ومنذ ذلك الحين وهما يقيمان هناك، "وقد تزوجنا فعلا"، يقول أشرف ضاحكا.