أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الولايات المتحدة "لم تتخل" عن سوريا رغم تعليق تعاونها مع روسيا. من جهتها قالت موسكو إنها تأمل في أن تتحلى واشنطن "بالحكمة السياسية" وأن تواصل الاتصالات معها لصيانة السلام والأمن".
إعلان
أعلن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري في خطاب حول العلاقات بين ضفتي الأطلسي في بروكسل أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعدل عن السعي إلى خطة لإحلال السلام في سوريا رغم تجميد الحوار الأميركي-الروسي بسبب فشل وقف إطلاق النار الأخير والقصف الكثيف على مدينة حلب شمال سوريا. وقال كيري "أريد أن أكون واضحا جدا للجميع: لن نتخلى عن الشعب السوري، ولن نتخلى عن مساعي السلام، كما لن ننسحب من ميدان العمل المتعدد الأطراف".
وأضاف كيري "سنواصل السعي لإحراز تقدم من أجل إنهاء هذه الحرب" عبر الأمم المتحدة حيث صوت مجلس الأمن الدولي على قرار في كانون الأول/ديسمبر الماضي وعبر المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم 23 دولة ومنظمة متعددة الجنسيات التي أقرت في تشرين الثاني/نوفمبر خارطة طريق دبلوماسية حول سوريا.
وسيجتمع وزير الخارجية الأميركي اليوم الثلاثاء (الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2016) مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على هامش مؤتمر دولي في بروكسل للجهات المانحة لأفغانستان، للبحث في الوضع السوري. وشن وزير الخارجية الأميركي الذي يؤيد اعتماد النهج الدبلوماسي، لكن يدافع أيضا في الكواليس عن تدخل عسكري أميركي أكبر في سوريا، هجوما عنيفا على النظام السوري وحليفته روسيا.
وقال بان كي مون في ستراسبورغ حيث تحدث أمام البرلمان الأوروبي "سأتوجه إلى بروكسل وستسنح لي فرصة لقاء وزير الخارجية كيري ومسؤولين روس رفيعي المستوى وكذلك من الاتحاد الأوروبي. سأطلب منهم بإلحاح استئناف المفاوضات لضمان وقف المعارك لكي نتمكن من إيصال مساعدة إنسانية".
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
11 صورة1 | 11
من جهته أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الثلاثاء أن روسيا تأمل بأن تتحلى واشنطن بـ "الحكمة السياسية"، بعد قرارها الأخير بتعليق محادثاتها مع موسكو بشأن وقف إطلاق النار في سوريا. وقال المتحدث الروسي في تصريح صحافي "نريد الاعتقاد بأن واشنطن ستتحلى بالحكمة السياسية، وبأن اتصالاتنا معها ستتواصل في المجالات الحساسة جدا والضرورية لصيانة السلام والأمن".
وأضاف المتحدث باسم الكرملين "من المؤكد أن تعليق الولايات المتحدة للحوار مع الطرف الروسي، حول النزاع السوري ووقف إطلاق النار، يعقد الوضع كثيرا". وتابع بيسكوف "إلا أن هذا لا يعني أن الطرف الروسي سيتخلى عن مشاريعه في مجال مكافحة الإرهاب، وتقديم المساعدة للقوات الجوية السورية في محاربتها للإرهاب". واعتبر بيسكوف أن الاتصالات بين عسكريين روس وأميركيين "التي تهدف إلى تجنب وقوع حوادث عسكرية خطيرة، مستمرة وستتواصل".
وباشرت روسيا في الثلاثين من أيلول/سبتمبر 2015 تدخلا عسكريا في سوريا عبارة عن غارات يشنها طيرانه دعما لقوات الرئيس السوري بشار الأسد. وتنفي روسيا استهداف مستشفيات أو أهداف مدنية، كما نفت أن تكون مسؤولة عن قصف جوي دمر الاثنين بالكامل آخر مستشفى كبير في شرق حلب.