سيعود وزيرا خارجية أمريكا وروسيا للاجتماع مجددا لبحث الملف السوري في لوزان ولندن. وبالرغم من أن واشنطن قللت من أهمية اللقاء معتبرة أنه ليس ثنائيا بينهما، فإن المراقبين يرون في المحطتين فرصة لعودة للحوار بين الوزيرين.
إعلان
قللت الولايات المتحدة من أهمية اجتماع وزير الخارجية جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، مؤكدة أن الوزيرين سيشاركان في اجتماع دولي أوسع نطاقا حول سوريا ولن يعقدان محادثات ثنائية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست إن الاجتماع القادم في سويسرا، بعدما أوقفت الولايات تعاونها مع روسيا بشأن سوريا، هو جزء من مجموعة الدعم الدولي لسوريا وليس للتفاوض الثنائي مع موسكو.
وأوضح ارنست أن كيري سيعقد اجتماعا منفصلا حول سوريا مع الحلفاء الأوروبيين. وتابع: "بالتأكيد نحن نعمل من خلال مجموعة متنوعة من القنوات الدبلوماسية في محاولة للحد من أعمال العنف داخل سوريا. وهذا بالضرورة سيشمل بعض المشاركة الروسية". وأضاف: "لكنه (الاجتماع) لا يأتي في سياق محاولة التوسط في اتفاق، من شأنه، في نهاية الأمر، أن يحمل آفاق تعاون عسكري أمريكي مع روسيا. هذا شيء فقدته روسيا، وبصراحة، لقد فقدت المصداقية لتتمكن من الاتفاق عليه".
لقاء ثان مع لافروف في لندن
في غضون ذلك قالت وزارة الخارجية الأمريكية الأربعاء (12 تشرين الأول/ أكتوبر 2016) إن اجتماعا دوليا ثانيا سيعقد يوم الأحد القادم في لندن لبحث النزاع الدامي في سوريا، بعد يوم من محادثات يجريها وزير الخارجية جون كيري مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في سويسرا بحضور دبلوماسيين من المنطقة.
وقال المتحدث باسم الخارجية جون كيربي أن جون كيري سيشارك في الاجتماعين لمناقشة "مقاربة متعددة الأطراف لحل النزاع في سوريا بما في ذلك وقف مستمر لأعمال العنف واستئناف توزيع المساعدات الإنسانية".
بدوره أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مقابلة مع قناة "سي إن إن"، أن مفاوضات لوزان حول سوريا ستشمل فضلا عن روسيا والولايات المتحدة، كلا من السعودية وإيران وتركيا و"ربما قطر". وأوضح الوزير، قائلا في المقابلة التي تم بثها الأربعاء: "إننا نريد عقد لقاء للدول ذات التأثير المباشر على التطورات الميدانية، ومنها روسيا والولايات المتحدة، و3 أو 4 دولة إقليمية...".
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت في بيان اليوم أنه "تم اتفاق بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الأمريكي جون كيري، على عقد لقاء وزاري يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر في لوزان بمشاركة عدد من البلدان الإقليمية، لدراسة الخطوات الإضافية لتهيئة الظروف لتسوية الأزمة السورية"، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.
يشار إلى أنه، وفى الأسبوع الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد تجميد التعاون العسكري مع روسيا على خلفية الأزمة السورية وسط استمرار القصف الروسي للأحياء الشرقية لمدينة حلب.
أ.ح/ ع.م (د ب أ، أ ف ب)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري