الاقتراع يُحسم في الشبكة..ما تأثير فيسبوك على الانتخابات
٢٨ سبتمبر ٢٠١٧"الأحزاب تساهم في تكوين الإرادة السياسية لدى الشعب"، كما هو وارد في المادة 21 من القانون الأساسي. إلا أنه لا حديث عن فحوى تلك المادة في فيسبوك بالرغم من أن المواقع الاجتماعية لعبت دورا ليس بالهين وليس واضحا في الحملة الانتخابية لعام 2017. الخبراء يتكلمون في هذا الإطار عن "فقاعات التصفية" و"غرف الصدى". وهم يعنون بذلك أن فيسبوك وما شابهه لا يخدمون الجدل الديمقراطي، بل يكرسون أفكارا سابقة لدى المستخدمين.
"فقاعة التصفية" ـ هل تفجرت؟
"فقاعة التصفية"، كما وصفها الكاتب الأمريكي إلي باريزير في 2011، هي ظاهرة أن مواقع الشبكة العنكبوتية تحاول من خلال حسابات التنبؤ بالمعلومات التي يرغب المستخدم في إيجادها. وما يمكن أن يكون معقولا لدى محرك البحث يؤدي في المقابل في الغالب إلى إقصاء معلومات لا تتناسب مع موقف المستخدم. ويبقى مفهوم "فقاعة التصفية" في صفوف خبراء الاتصال مثيرا للجدل، لأن وجودها ـ حسب الدراسات ـ يتأكد مرة ومرة أخرى يلقى النفي. الموقع الألماني AlgorithmWatch عرض بمناسبة الانتخابات التشريعية دراسة تبرء غوغل على الأقل من تهمة حبس مستخدميه في فقاعات تصفية سياسية. وأكثر من 4000 متطوع دونوا لدى غوغل طلبات بحث عن سياسيين وأحزاب ألمانية. ونتيجة ستة ملايين من نتائج البحث هي أن ثمانية حتى تسعة من اقتراحات البحث تطابقت فيما بينها لدى غالبية المستخدمين.
ماتياس شبيلكامب من موقع AlgorithmWatch ينفي معنى فقاعة التصفية ويقول:" نظرية فقاعة التصفية مبنية على أساس متأرجح، لأنه يجب الانطلاق من أن هؤلاء الناس لا يتوفرون إلا على تلك الأخبار التي يحصلون عليها وأنهم لا يتلقون أخبارا أخرى، بمعنى أنهم لا يقرؤون الصحف ولا يشاهدون التلفزة ولا يستمعون إلى الإذاعة".
غرفة الصدى عوض صحافة الكذب
ما الذي يحصل مع الناس الذين يشتمون وسائل الإعلام التقليدية بصحافة الكذب؟ فالناخبون المفترضون لحزب البديل من أجل ألمانيا لا يثقون في الغالب في وسائل الإعلام العادية. وهم يعتقدون أن المعلومات الموثوق بها لا يمكن الحصول عليها إلا من مصادر "بديلة". ومن تم تطورت في فيسبوك ثقافة المشاركة والنشر للأخبار التي تتناسب مع النظرة الذاتية للعالم، أكانت حقيقية أم خاطئة.
مفهوم غرفة الصدى يستخدمه الباحثون في الاتصال لوصف المفعول الذي يحصل لدى المستخدم الذي يدير تواصلا افتراضيا مع أشخاص يحملون نفس الأفكار ويساهم بذلك في تضييق أفق معرفته بالعالم.
وفي الوقت الذي يمكن فيه لغوغل أن يعتمد على الحيادية، يكون فيسبوك مجبرا في هذه النقطة على تحمل مسؤوليته. ففايسبوك بخلاف غوغل لا يعيش من خلال تحويل المستخدم بنتائج بحث على مواقع أخرى: "فيسبوك يركز كل القوى على أن يشعر المستخدم بالراحة، وهذا يعني أن المستخدم لا يتم مجابهته مع أشياء تمثل تحديا له، بل مع أشياء تتطابق مع تصوره للعالم. وكلما ظل المستخدم في موقع فيسبوك، فإن الأخير يمكن له ترويج الدعاية التي يجني من خلالها المال.
أضف إلى ذلك أن فيسبوك يراهن على الجانب العاطفي والمخاوف، وهو يعمل على إيصال المعلومة في قالب غير موضوعي حتى يتفادى الملل.
موقع فني بمسؤولية اجتماعية
وإذا تم إثارة موطن الضعف هذا مع فايسبوك مثلا المضامين المتطرفة خلال الحملة الانتخابية الأمريكية الأخيرة، فإن الشركة دافعت عن نفسها في الماضي بالقول إنها ليست إلا موقعا فنيا والمضامين تأتي من المستخدمين. ويرغب الخبراء في أن يسود نوع من الشفافية لمعرفة كيف يتم نشر المضامين على الموقع، لأنه ليس جميع المضامين تأتي من المستخدمين. وفي برنامج من تسع نقاط كشف مؤسس فايسبوك مارك تسوكربيرغ الأسبوع الماضي عن كيفية مجابهة تزوير الانتخابات على مستوى العالم. وأوضح أنه قبل الانتخابات التشريعية قام فايسبوك بحذف "آلاف" حسابات المستخدمين روجت لأخبار زائفة.
إذن ما هو تأثير المواقع الاجتماعية فعلا على نتيجة الانتخابات التشريعية لعام 2017 في المانيا؟ هذا السؤال لن يلقى سريعا الجواب الصحيح، لأنه لا يوجد بحث دقيق يكشف الأشياء التي يبينها فيسبوك لمستخدميه، كما أن المستخدمين يجب عليهم ولو بصفة طوعية الكشف عن بيانات شخصية للوصول إلى نتائج ملموسة.
كونستانتين كلاين/ م.أ.م