1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف أدى تغير المناخ إلى تطرّف الفيضانات عبر العالم؟

١٨ سبتمبر ٢٠٢٤

تثير موجة الفيضانات الشديدة التي تعصف ببولندا ورومانيا والنمسا وجمهورية التشيك وألمانيا تساؤلات حيال دور ظاهرة تغير المناخ في تزايد حدوث الكوارث الطبيعية. هل ستتفاقم الفيضانات بسبب ارتفاع درجات الحرارة؟

يقول العلماء إن ظاهرة تغير المناخ أدت إلى تفاقم الفيضانات في أنحاء العالم
يقول العلماء إن ظاهرة تغير المناخ أدت إلى تفاقم الفيضانات في أنحاء العالمصورة من: David W. Cerny/REUTERS

اضطر عشرات الآلاف من سكان النمسا وجمهورية التشيك وبولندا ورومانيا إلى الإخلاء بسبب الفيضانات العارمة. وبعيداً عن القارة الأوروبية، شهدت الإمارات وسلطنة عمان أشد موجة أمطار، بينما أودت الفيضانات في كينيا بحياة العديد من الأشخاص وأحدثت انهيارات أرضية. وفي البرازيل، ألحقت الفيضانات أضرارا بمنطقة تعادل مساحة المملكة المتحدة مما أدى إلى تشريد أكثر من نصف مليون شخص.

وفي الوقت الذي ترتبط فيه الفيضانات الساحلية إلى حد كبير بموجات الرياح والمد والجزر، فإن فيضانات الأنهار والمياه الجوفية تقترن بالأمطار الغزيرة خاصة وأن ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، يُفاقم من قوة الأمطار وزيادة وتيرتها.

السبب العلمي وراء الفيضانات الشديدة؟

تتسم نماذج هطول الأمطار بالتعقيد، لكنها تستند إلى مبدأ فيزيائي واضح ألا وهو أن "الهواء الدافئ قادر على امتصاص كميات أكبر من الرطوبة. وعندما تنخفض درجة حرارة الهواء، تتحول هذه الرطوبة إلى مطر".

وتعمل الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي التي تنبعث في الغلاف الجوي، "كغطاء" أرضي يحبس الحرارة ويتسبب في ارتفاع درجات الحرارة مما يؤدي إلى تبخر المياه من على سطح الأرض والبحار بوتيرة أسرع. ويعني هذا في نهاية المطاف أنه عندما تمطر السماء، فإن هذا يرافقه تواجد كميات كبيرة من المياه على السطح ما يتسبب في حدوث فيضانات خاصة عند اشتداد الأمطار وطول أمدها.

ويقول العلماء إن قدرة الهواء على الاحتفاظ بالرطوبة تزداد بنسبة 7 ٪ مع كل ارتفاع بمقدار درجة مئوية واحدة. يُشار إلى أنه منذ عصر ما قبل الصناعة، فقد ارتفعت درجات حرارة الهواء بنحو 1.3 درجة مئوية على مستوى العالم.

عواصم ومدن اوروبية في اوضاع كارثية بسبب الفيضانات

02:11

This browser does not support the video element.

ويُضاف إلى ذلك أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى سقوط المزيد من الأمطار على شكل مياه وليس في شكل ثلوج مما قد يجعل المناطق الواقعة على ارتفاعات عالية، عرضة للفيضانات والانهيارات الأرضية. وقد كشف دراسة نشرتها مجلة "ذا نيتشر" قبل عامين عن أنه في المناطق التي تتميز بسقوط الثلوج في نصف الكرة الشمالي، فقد زادت حالات هطول الأمطار القوية بمعدل 15 ٪ لكل درجة مئوية من الاحترار.

كيف يؤثر تغير المناخ على هطول الأمطار؟

وفي السياق ذاته، ذكرت اللجنة الدولية للتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة أن تغير المناخ يؤثر سلباً على تكرار موجات الأمطار الغزيرة أثناء العواصف والأحداث المفاجئة. فعند ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، فإن معدل حدوث أمطار غزيرة بقوة وضراوة كانت ستحدث في السابق مرة واحدة كل عشر سنوات، سوف يرتفع إلى 1.5 مرة وذلك بسبب أن المناخ أصبح أكثر رطوبة بنسبة 10 بالمئة.

وقد سجلت أوروبا زيادة في معدل الأمطار العام الماضي بنسبة 7 بالمئة من المعدل المعتاد حيث ارتفعت الرطوبة في معظم مناطق القارة. وتسببت الأمطار الغزيرة غير المعتادة في حدوث فيضانات في إيطاليا والنرويج والسويد وسلوفينيا.

وقد ارتبطت الفيضانات التي دمرت مناطق في ألمانيا وبلجيكا وهولندا عام 2021 بشكل مباشر بتفاقم ظاهرة تغير المناخ.

ويشير العلماء إلى أن استمرار حرق الوقود الأحفوري أدى إلى ارتفاع احتمالية حدوث الفيضانات العارمة التي ضربت البرازيل في أبريل/نيسان ومايو/ أيار بمعدل مرتين، فضلاً عن التسبب في زيادة حدتها بنسبة تصل إلى 9 بالمئة.

حصيلة ضحايا الفيضانات؟

وتعد الفيضانات واحدة من بين الكوارث الطبيعية الأكثر حدوثاً في العالم وغالباً ما ينتج عنها أضراراً مدمرة. وفيما يتعلق بالأضرار البشرية، فقد أشارت التقديرات إلى أنه منذ عام 2000 فقد زادت نسبة الأشخاص المعرضين للفيضانات بنسبة 24 بالمئة. وتشير التقديرات إلى أن ربع سكان العالم - قرابة 1.8 مليار شخص - باتوا في عرضة مباشرة لما يُطلق عليه "الفيضان الكبير" الذي يُتوقع حدوثه من الناحية الإحصائية مرة واحدة فقط كل 100 عام.

وفيما يتعلق بالقارة الأوروبية، فإن أكبر عدد من الأشخاص المعرضين لخطر الفيضانات يتواجدون في ألمانيا ثم فرنسا وهولندا. وقد ذكرت دراسة جديدة أجراها المعهد المستقل للقضايا البيئية أن ما يقرب من 400 ألف شخص في ألمانيا يواجهون خطر التعرض للفيضانات المفاجئة.

وتذهب التقديرات إلى أن 89٪ من السكان المعرضين لخطر الفيضانات العارمة يعيشون في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل خاصة في جنوب وشرق آسيا؛ إذ أن قرابة 395 مليون شخص في الصين و390 مليون شخص في الهند أضحوا عرضة لخطر الفيضانات القوية. وأشارت إحدى الدراسات إلى ارتفاع الأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة لخطر الفيضانات بنسبة 122 % منذ عام 1985. ويعزو الباحثون ذلك إلى الحركة العمرانية الأخذة في التسارع خاصة في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل.

أوغندا: فن من نعال بلاستيكية قديمة

03:42

This browser does not support the video element.

هل ستزداد الفيضانات في المستقبل؟

يحذر العلماء من أن خطر الفيضانات الشديدة سوف يرتفع في المستقبل خاصة في حال ما فشلت دول العالم في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. فبحسب تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، سيتمخض عنه ارتفاعاً في معدل حدوث أمطار غزيرة، كانت ستحدث مرة واحدة كل عشر سنوات، الى 1.7 مرة كل عشر سنوات، فضلاً عن ارتفاع معدل الرطوبة بنسبة 14 بالمئة.

وفي حال ارتفاع مستوى درجات الحرارة حول العالم إلى أربع درجات مئوية، فإن الأمطار الغزيرة التي كانت ستهطل مرة واحدة كل عقد، سوف تهطل ثلاث مرات مع تزايد حدتها بنسبة 30 بالمئة.

وقد ذكرت تقديرات مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية، بأنه في حال عدم اتخاذ تدابير للحد من تفاقم ظاهرة تغير المناخ سيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى 3 درجات مئوية بحلول عام 2100 في أوروبا وحدها، ما قد يتسبب في فيضانات ستحلق خسائر بقيمة 48 مليار يورو سنوياً، فضلاً عن زيادة معدل سكان القارة المعرضين للفيضانات ثلاث مرات.

أعده للعربية: محمد فرحان

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW