مع تدفق عدد كبير من اللاجئين على ألمانيا في السنوات الأخيرة، ازداد عدد الذين يحصلون على مساعدات اجتماعية أيضا وخاصة بين الأجانب الذين يأتي اللاجئون السوريون في مقدمتهم. وللحصول على هذه المساعدات لابد من توفر شروط معينة.
إعلان
نقلت وسائل إعلام ألمانية مؤخرا عن الوكالة الاتحادية للعمل، أن عدد الذين حصلوا على مساعدات اجتماعية حتى نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي قد وصل إلى 5,93 مليون شخص، بينهم 2,03 مليون أجنبي.
وذكرت التقارير أن حوالي نصفهم (959 ألفا) مواطنو بلدان من خارج أوروبا. كما ذكرت التقارير السابقة أن اللاجئين السوريين يمثلون الغالبية العظمى منهم، إذ تجاوز عدد هؤلاء 588 ألف لاجئ. والذي يعني أن واحدا من كل عشرة أشخاص يحصلون على مساعدات (هارتس 4) الاجتماعية هو سوري.
وتشير الأرقام إلى أن مواطني 193 بلداً يحصلون على مساعدات اجتماعية أساسية، من بينهم 439 ألف من دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً من بلغاريا وبولندا ورومانيا.
أما ثاني أكبر مجموعة من الأجانب الذين يحصلون على المساعدات الاجتماعية بعد السوريين فهم الأتراك، إذ تجاوز عددهم 259 ألف. ثم يأتي مواطنو العراق وأفغانستان.
شروط منح المساعدات
ومن أجل الحصول على هذه المساعدات الاجتماعية من الدولة، يجب توفر ظروف وشروط معينة. فمن يتقدم بطلب للحصول عليها يجب أن يكون وجوده وإقامته في ألمانيا قانونية، ولهذا تطلب دائرة العمل من كل أجنبي إقامة رسمية نظامية في البلاد.
وبالنسبة للاجئين في ألمانيا فإنهم يحصلون على هذه المساعدات بناء على قانون خاص يمنحهم حق الحصول عليها إذا لديهم توفرت الشروط المطلوبة، ويمكنهم تقديم طلب للدائرة المختصة (جوب سنتر) في حال حاجتهم إليها لتأمين معيشتهم.
ويطلب من مقدم طلب الحصول على مساعدات اجتماعية إثبات أن إقامته في ألمانيا ليست قصيرة، للسياحة مثلاً. وبالنسبة لمواطن دولة من دول الاتحاد الأوروبي فإن عليه تقديم عقد إيجار ووثيقة تأكيد العنوان وهوية تثبت جنسيته.
ولا يحق لمن جاء إلى ألمانيا لغرض البحث عن عمل تقديم طلب للحصول على مساعدات اجتماعية، ما يعني أنه ليس لكل من يأتي إلى ألمانيا الحق في الحصول على هذه المساعدات.
حرية التنقل والعمل
عام 2004 انضمت كل من بولندا وهنغاريا والتشيك وسلوفاكيا وسلوفينيا واستونيا وليتوانيا ولاتفيا وقبرص ومالطا، إلى الاتحاد الأوربي. وفي عام 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد. مبدئيا يحق لمواطني دول الاتحاد الأوروبي التنقل والعمل بحرية دون عوائق بين دول الاتحاد. وكان من المتفق عليه أن تكون هناك فترة انتقالية مدتها سبع سنوات، قبل السماح لمواطني تلك الدول للعمل في ألمانيا، واستثني من ذلك مواطنو قبرص ومالطا.
وانتهت تلك الفترة الانتقالية عام 2011 للمجموعة الأولى وعام 2014 للمجموعة الثانية أي بلغاريا ورومانيا. ومنذ ذلك الحين بات حرية تنقل الأيدي العاملة تشمل مواطني كل دول الاتحاد الأوروبي الذين باتوا يتمتعون جميعا بحربة العمل في أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي.
الحاجة للمساعدة رغم العمل!
حسب قانون المساعدة الاجتماعية أو ما يعرف بـ "هارتس 4" يمكن لمن يعمل ولا يكسب ما يكفي لتأمين الحد الأدنى من المعيشة، أن يقدم طلبا للحصول على هذه المساعدة ولو بشكل جزئي إلى جانب راتبه الذي يحصل عليه من عمله.
ويصعب على كثير من المهاجرين إلى ألمانيا الحصول على عمل ملائم يؤمّن لهم حياة كريمة بالحد الأدنى حسب المعايير الألمانية. ومن بين حوالي 32 مليون شخص تشملهم هذه الحالات، كان نحو 3,5 مليون شخص منهم أجانب، 1,5 مليون منهم ليسوا من دول الاتحاد الأوروبي.
وحتى مواطنون من سوريا أو بلغاريا، يعملون، لكن عملهم لا يكفي لسد تكاليف الحياة، يحصلون على مساعدات إضافية لسد النقص.
وحسب الدائرة الاتحادية للعمل، فإن عدد الألمان ذوي الأصول المهاجرة ممن يحصلون على مساعدات اجتماعية قد وصلت نسبتهم سنة 2017 إلى 52 بالمائة من مجموع الحاصلين على مساعدات في ألمانيا، في حين كانت عام 2013 حوالي 43 بالمائة.
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش