كيف تستغل المافيا الإيطالية ألمانيا لغسيل الأموال؟
٨ مايو ٢٠٢٣
العمليات الأمنية الأخيرة التي شنتها الشرطة الألمانية ضد أعضاء عصابة مافيا إيطالية قوية، أعادت إلى الواجهة عمليات غسيل الأموال في البلاد، وأثار عن أسباب وكيفية استغلال المافيا الإيطالية ألمانيا لعمليات غسيل الأموال.
إعلان
تصدرت حملة المداهمات الأمنية المشتركة في عدد من البلدان الأوروبية ضد أعضاء مافيا "ندرانغيتا" الإيطالية، عناوين الصحف مع كشف المزيد من التفاصيل حيال التحقيقات، بيد أن الاعتقالات لم تصدم الخبراء والصحافيين والمحققين المخضرمين في جرائم المافيا الإيطالية.
ومن بين هؤلاء الصحافية الألمانية بيترا ريسكي التي تعيش في إيطاليا، حيث قضت سنوات في الاستقصاء عن أنشطة المافيا. وفي تعليقها على المداهمات الأمنية، قالت ريسكي "لن يغير ذلك أي شيء بشأن عمليات المافيا في ألمانيا، إذ يمكن اعتقال عددا من الأشخاص، لكن هذا لن يغير التركيبة".
وجرى القبض على 108 أشخاص في إيطاليا و30 شخصا في ألمانيا عقب تحقيقات استمرت ثلاث سنوات في إطار "عملية يوريكا" ضد تهريب المخدرات والأسلحة فيما تعود جذور "ندرانغيتا" إلى منطقة كالابريا في جنوب إيطاليا، والتي تعد إحدى أغنى وأقوى المنظمات الإجرامية في أوروبا وأقامت شبكة غسيل أموال ضخمة حول العالم.
وتشعر ريسكي، صاحبة عدة كُتب عن المافيا الإيطالية، بالسعادة مع مطالعتها الأنباء عن حملات المداهمة ضد المافيا الإيطالية، حيث رفع عدد من أعضائها في السابق دعاوى قضائية ضدها وقاموا بتهديدها بسبب التقارير التي أعدتها عن نشاطهم الإجرامي. وقضت بعض المحاكم الألمانية بإجبار ريسكي على تنقيح بعض مؤلفاتها عن أنشطة الجريمة المنظمة.
وقالت في مقابلة مع DW"هؤلاء أشخاص يقعون في صميم عمل ندرانغيتا وقد كتبت عنهم عام 2008، كنت أول شخص يُرفع ضده دعوى قضائية بسبب ذلك. بالنسبة لي، فإن المداهمات الأخيرة خبر سار لأن مت وضفته قد أدى إلى نتائج، شكرا للإيطاليين".
هل ألمانيا ملاذ آمن؟
وقالت ريسكي: رغم تعاون الشرطة الألمانية في التحقيق بالتزامن مع تنفيذ مداهمات واعتقالات أمنية في ألمانيا، إلا أن الأمر يعود برمته إلى مذكرة توقيف دولية قدمتها السلطات الإيطالية. وأضافت "كان لا يمكن تنفيذ هذه الاعتقالات على الإطلاق بموجب القانون الألماني! إذ أنه في ألمانيا لا يمكن مقاضاة أي شخص بمجرد انتمائه إلى المافيا حيث يجب وجود أدلة تثبت ارتكابه جريمة".
وفي عام 2012، أدلى المدعي العام لمكافحة المافيا في مدينة باليرمو الإيطالية، روبرتو سكاربيناتو، بشهادته أمام البرلمان الألماني (البوندستاغ) حيث أفاد بوجود "تدفقات ضخمة من الأموال من إيطاليا إلى ألمانيا". وقد سلط ذلك الضوء على ثغرات في قوانين مكافحة غسيل الأموال بألمانيا.
غسيل الأموال في ألمانيا
ويرى مراقبون أن ألمانيا مازالت اقتصادا محبا للأموال النقدية، حيث لا يوجد حد للمقدار النقدي الذي يمكن لأي شخص أن يدفعه مقابل صفقة واحدة، على عكس دول الاتحاد الأوروبي الأخرى: إذ يبلغ الحد الأقصى في إسبانيا 2500 يورو وفي إيطاليا 1000 يورو وفي اليونان 500 يورو.
وتخطط وزيرة الداخلية نانسي فيزر لوضع حد أقصى للدفع نقدا يبلغ عشرة آلاف يورو، مما سيجعل البلاد تتوافق مع القوانين الأوروبية، بيد أن خبراء القانون يشعرون بالقلق حيال مدى توافق ذلك مع الدستور الألماني.
وفي الوقت الحالي، يمكن لأي شخص أن ينفق عشرة آلاف يورو نقدا في ألمانيا لشراء أي شيء دون الحاجة للكشف عن هويته، رغم أنه يتعين منذ عام 2020 إظهار بطاقة الهوية عند دفع أكثر من ألفي يورو لشراء معادن ثمينة.
وحتى أبريل/ نيسان الماضي، كان من الممكن شراء عقارات في ألمانيا نقدا، وهو الأمر الذي كان مربحا لمدن ألمانية مثل العاصمة برلين حيث تدر سوق العقارات أرباحا خيالية. ويرى خبراء أن هذه الأمور تجعل من السهل على عناصر المافيا القيام بعمليات غسيل الأموال في ألمانيا.
ملاحقة غسيل الأموال
03:40
غياب الشفافية!
واستفادت عصابات الجريمة المنظمة من هذه الأمور عبر إنشاء شبكات تضم شركات وهمية جرى الكشف عنها عام 2016 في تسريبات "وثائق بنما". وفي تعليقه على ذلك، قال أندرياس فرانك الذي أمضى ثلاثة عقود في الاستقصاء والكتابة عن ثغرات يستغلها من يغسلون الأموال في ألمانيا، "لا يمكننا أن نسمي ما حدث اختراقا، لكن ربما يكون نجاحا بعض الشيء ضد أجزاء من كيانات المافيا. نحن نحارب ندرانغيتا منذ وقت طويل." وشدد فرانك، صاحب كتاب "الأموال القذرة" والذي نُشر العام الماضى، على أن عمليات غسيل الأموال تقوض الديمقراطية في بلدان أوروبا الغربية، محذرا من نقص الإرادة السياسية للتصدي لذلك. وأضاف في مقابلة مع DW"لم يطرأ أي تحسن حيال مكافحة غسيل الأموال".
وحذر فرانك، الذي أدلى بشهادة أمام البوندستاغ في عام 2012 مع سكاربيناتو، من مغبة التقليل من شأن الأضرار الذي تسبب فيها عصابات الجريمة المنظمة.
وقال "المافيا تشكل خطرا بالغا. إذ تقوض اقتصادنا حيث أنه من الصعب على الشركات القانونية والمشروعة التنافس مع الشركات التي تقودها المافيا. فيما تعد (مجموعة) ندرانغيتا مجرد واحدة من منظمات عديدة تديرها المافيا."
وعلى غرار العديد من بلدان العالم، تعاني الأجهزة الألمانية من نقص في الموارد، فيما جرى اتهام وحدة الاستخبارات المالية المنوط بها تعقب عمليات غسيل الأموال، بالتباطؤ في إبلاغ هيئات الادعاء العام التي تشتكي في كثير من الأحيان من عدم تمكنها من متابعة الجرائم التي تقع خارج نطاق اختصاصها، مما يعيق تبادل المعلومات.
ويرجع فرانك ذلك إلى نقص الموظفين وأيضا اللوائح المتعلقة بمنع مشاركة البيانات بين السلطات، مضيفا "استغرق السماح لوحدة الاستخبارات المالية بالوصول إلى البيانات التي تحتاجها عاما من 2021 وحتى 2022. ورغم ذلك، لم يُسمح لها بالوصول الكامل إلى كافة البيانات حتى يومنا هذا".
أما الصحافية ريسكي، فتعزو الأمر إلى نقص الإرادة السياسية "في ألمانيا لمحاربة المافيا"، مضيفة "ينظر بعض السياسيين الألمان إلىاستثمارات المافيا باعتبارها محركا اقتصاديا. إنهم لا يرغبون في معرفة مصدر الأموال التي تأتي إلى البلاد".
بن نايت / م.ع
كنوز "القبو الأخضر" صنفت ضمن لائحة أبرز السرقات الفنية في التاريخ
في عملية أمنية ضخمة وبعد عام من الملاحقة تمكنت الشرطة الألمانية يوم الثلاثاء 2020.11.17 من إيقاف مشتبه بهم في عملية سطو لافتة تعرض لها متحف في دريسدن بشرق ألمانيا، وأسفرت عن سرقة حليّ تاريخية تقدر قيمتها بنحو مليار يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Hiekel
نفذت السلطات الألمانية المختصة 18 مداهمة لـ"شقق ومرائب ومركبات" تجري حاليا، خصوصا في برلين، في محاولة لاسترجاع القطع المسروقة خلال عملية السطو علىة متحف القبو الأخضر بدريسدن. وعبّأت السلطات 1638 شرطيا في هذه العملية التي تشهدها مناطق ألمانية عدة، وفق بيان للنيابة العامة الألمانية. وفي العام الماضي استحوذ منغذدو عملية السطو على حوالى عشرة قطع تضم في المجموع "مئات" الماسات بينها قطعة من 49 قيراطا.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
في نوفمبر تشرين ثاني 2019 اقتحمت مجموعة من اللصوص متحف "القبو الأخضر" في قصر مدينة دريسدن الألمانية. ومن بين القطع المسروقة حسب المعلومات التي أدلت بها الشرطة "وسام النسر البولندي الأبيض" المرصع بالألماس والياقوت والذهب والفضة (من تصميم جان جاك بالارد 1746 – 1749). وهو من مجوهرات ما يُعرف بـ"المجموعة الماسية الحديثة" التي تعد أثمن مجموعة مجوهرات من عهد الملكية الساكسونية البولندية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Jürgen Karpinski/Grünes Gewölbe/Polizeidirektion Dresden
كم بين المسروقات واحدة من البروشات الملكية الشهيرة. والتي كانت تضعها سيدات البلاط في نهاية القرن الثامن عشر للإشارة إلى أنها من مجوهرات العرش. في عام 1782 أمر ملك ساكسونيا فريدريش أوغسطس الثالث بتصنيع الدبوس وترصيعه بالألماس لزوجته أمالي أوغسطا وذلك بعد أن وضعت مولودها الأول. دبوس الصدر هذا مرصع بـ 51 ماسة من الحجم الكبيرو611 صغيرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Grünes Gewölbe/Polizeidirektion Dresden
ومن المسروقات أيضاً هذا العقد ومعه مئة وسبع وسبعون لؤلؤة ساكسونية. هذه اللآليء تم اصطيادها في مياه منطقة فوغت لاند الساكسونية التي يشكل نهر إلستر الأبيض مركزها. صيد اللؤلؤ كان في ذلك العهد شأن تابع للبلاط، بمعنى أن كل الإيرادات من صيد اللؤلؤ كانت تصب في خزينة حاكم ساكسونيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Jürgen Karpinski/Grünes Gewölbe/Polizeidirektion Dresden
ومن المسروقات أيضاً هذا العقد المصنع من 177 لؤلؤة ساكسونية، اُصطيدت من مياه منطقة فوغت لاند في ساكسونيا التي يقطعها نهر "إلستر الأبيض". كان صيد اللؤلؤ في ذلك العهد من شؤون البلاط، بمعنى أن إيراداته كانت تورد إلى خزينة حاكم ساكسونيا. اللصوص كسروا زجاج الواجهة بفأس ليتمكنوا من الوصول إلى المجوهرات ومن جملتها دبوس الشعر الذي يظهر في الصورة والمصمم على شكل الشمس.
صورة من: picture-alliance/dpa/Grünes Gewölbe/Polizeidirektion Dresden
سجل متحف "بوده" في العاصمة الألمانية برلين عام 2017 سرقة عملة نقدية ذهبية يبلغ وزنها 100 كيلوغرام يُقدر ثمنها بأربعة ملايين دولار. وكشفت التحقيقات أن الجناة ينتمي ثلاثة منهم إلى عائلة عربية معروفة ذات صلة بالجريمة المنظمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Mettelsiefen
تعرضت لوحة الموناليزا الشهيرة للفنان ليوناردو دافنشي للسرقة عام 1911، حين قام رجل إيطالي يدعى فينشينزو بيروجي بسرقتها من متحف اللوفر بباريس، إذ تمكّن من إخفائها في ملابسه مرتدياً زي طاقم العمل في المتحف. غير أن اللوحة ظهرت من جديد عام 1913 حين أبلغ تاجر إيطالي الشرطة مباشرة عقب التعرف على اللوحة.
صورة من: picture alliance/Mary Evans Picture Library
لم تُسرق لوحة رامبرانت "جاك دي غين الثالث" مرة واحدة فقط، بل أربع مرات في أعوام 1966 و1973 و1981 و1986. لذلك لقبت بـ"اللوحة المسروقة". ولحسن الحظ، استعيدت بعد كل سرقة.
صورة من: picture-alliance/akg-images
أثارت عملية السطو على 13 لوحة من متحف إيزابيلا ستيوارد غاردنر الاهتمام الدولي عام 1990. اقتحم لصان متنكران بزي الشرطة المتحف في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة وأزالوا اللوحات ومن ضمنها لوحة "Chez Tortoni" لإدوارد مانيت و"Concert" ليوهانس فيرمير (في الصورة). وما زالت الإطارات الفارغة معلقة على الجدران.
صورة من: Gemeinfrei
عام 1991 استطاع رجل الاختباء في دورة المياه بمتحف فان غوخ بأمستردام. وبمساعدة حارس المتحف تمكن من سرقة 20 لوحة فنية، من ضمنها لوحة رسمها فان غوخ لنفسه. غير أن الشرطة استطاعت أن تستعيد اللوحات بعد ساعة واحدة فقط من عملية السرقة، وألقت القبض على اللصوص بعد عدة أشهر من العملية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Van Weel
قُدرت قيمة لوحة ليوناردو دافنشي (العذراء تغزل النسيج)، التي سرقت من القلعة الاسكتلندية عام 2003، بحوالي 70 مليون يورو. دخل رجلان كسائحين إلى المعرض وتغلبوا على حارس الأمن في قلعة "دروملانريغ" وهربوا باللوحة الثمينة. وظلت مختفية حتى عام 2007.
صورة من: picture-alliance/dpa
في عام 2004 سُرقت لوحتا "الصرخة" و"مادونا" للفنان إدوارد مونش في أوسلو بالنرويج، حيث اقتحم لصان مسلحان متحف مونش أمام أعين العديد من الزوار وسرقا اللوحتين. لكن الشرطة تمكنت من استعادتهما، ولكن ليس قبل أن يلحق بلوحة "الصرخة" ضرر كبير.
صورة من: picture-alliance/dpa/Munch Museum Oslo
في عام 2008 سطا لصوص مسلحون على لوحات قدرت قيمتها بـ180 مليون فرنك سويسري (182 مليون دولار) من مجموعة "بورله" في زيوريخ بسويسرا. لوحة "الولد بالسترة الحمراء" لبول سيزان ولوحة "لودفيك ليبك وبناته " لإدغار ديغا و"تفتّح أغصان الكستناء" لفان غوخ، و "حقل الخشخاش قرب فيتويل" لكلود مونيه (في الصورة). ولحسن الحظ تم استعادت جميع تلك اللوحات بنجاح.
صورة من: picture-alliance/akg-images
ومؤخراً في آذار/ مارس 2017، سُرقت قطعة نقدية ذهبية يبلغ وزنها مائة كيلوغرام من متحف "بوده" ببرلين. قدرت قيمة العملة المادية المحضة بأربعة ملايين دولار، ومن المرجح أن اللصوص دخلوا إلى المتحف من النافذة. يُذكر أن القطعة النقدية كندية الأصل يبلغ ارتفاعها 53 سنتيمتراً وسماكتها ثلاثة سنتيمترات، ونُقش على جانبها صورة الملكة إليزالبيث الثانية. إنيس إيزيليه/ ريم ضوا/ م.م