تسمح القوانين في ألمانيا بمعاقبة طالبي اللجوء الذين لا يحملون صفة قانونية. وقد تصل العقوبة إلى السجن في حال إخفاء طالبي اللجوء هوياتهم. ماذا بالنسبة للقوانين في البلدان الأوروبية الأخرى، هل يمكن معاقبة اللاجئين أو حبسهم؟
إعلان
في ألمانيا يمكن، وبحسب القانون، اعتقال اللاجئين الذين يحملون إقامات قانونية وتعاملهم معاملة المواطنين الألمان في حال تم إثابت ارتكابهم لجرائم. أما بالنسبة لطالبي اللجوء والذين لا يحملون صفة قانونية، يتم معاقبتهم بالحبس في حال إخفائهم هوياتهم. ولكن ما هو وضع طالبي اللجوء في البلدان الأوروبية الأخرى. فيما يلي نعرض أبرز الدول التي أقرت قوانين خاصة بهذا الغرض
وفقا لموقع "بيلد" الألماني، يبلغ عدد اللاجئين في اليونان 38948 شخاص، أما أولئك الذين تقدموا بطلب لجوء ولم يتم البت في أمرهم، فعددهم 44162. وبحسب القانون اليوناني، فإنه من الممكن القبض على طالبي اللجوء الذين يعيشون في جزر بحر إيجة الشرقية، إذا لم يكونوا في مراكز الاستقبال المخصصة لهم. كما يمكن احتجاز طالبي اللجوء المرفوضين لأسباب منها: عدم إثبات هويتهم أو وجود شكوك حول إمكانية هرب اللاجئ أو تعريض عامة الناس أو الأمن القومي للخطر.
في إيطاليا يوجد حوالي 167260 لاجئ. بينما يصل عدد طالبي اللجوء إلى 186585. وبحسب موقع "بيلد" يوجد حالياً خمسة مراكز احتجاز يتم فيها اعتقال طالبي اللجوء المرفوضين (ومعظمهم من النيجيريين حاليا)، وذلك قبل أن يتم ترحيلهم. يحق للسلطات اعتقال كل من يشكل خطرا على عامة الناس. كما يشمل ذلك أولئك الذين ارتكبوا جرائم خطيرة من قبل وقضوا فترة سجنهم في السابق وذلك بشكل وقائي. الحد الأقصى لمدة الاحتجاز الوقائي يمتد لغاية 12 شهرا.
لا يسمح القانون الفرنسي باحتجاز مقدمي طلب اللجوء في حال تقديمهم بيانات كاذبة، بل يمكن توقيف طالبي اللجوء الذين وصلوا حديثًا حتى يتوفر التأكيد الرسمي على تسجيلهم. وفي منطقة باريس، يمكن أن تستغرق هذه الإجراءات عدة أسابيع. كما يجوز وضع مقدمي طلبات اللجوء ضمن إجراءات دبلن في الحجز الإداري لتنفيذ ترحيلهم في حال كان هناك خطر من إمكانية هروبهم. علما أن عدد اللاجئين في فرنسا يبلغ 337143 ويوجد 63805 طالب لجوء.
في سويسرا يمكن احتجاز أي شخص يطلب اللجوء في المطار في زيوريخ أو جنيف ووضعه في مركز عبور (ترانزيت) لمدة تصل إلى 60 يومًا. بالنسبة لطالبي اللجوء،الذين يبلغ عددهم 23683 شخصا في سويسرا، والذين تكون هويتهم أو جنسيتهم غير واضحة يمكن اعتقالهم لمدة أقصاها ثلاثة أيام. طالبو اللجوء المرفوضة طلباتهم يتم توقيفهم لمدة 6 أشهر، ويمكن أن تمدد فترة الاعتقال لمدة قد تصل إلى 12 شهرا أخرى، إذا كان الشخص غير متعاون. بيد أن متوسط وقت الاحتجاز حاليا 24 يومًا فقط، و يبلغ عدد اللاجئين في سويسرا 92995 بحسب موقع "بيلد" الألماني.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، أقرت الحكومة الدانماركية 73 قانونًا لتشديد الإجراءات لإدانة المهاجرين. إذ أنه يمكن اعتقال طالب لجوء لا يتعاون مع السلطات. كذلك من يغادر مكان إقامته المسجل بها دون تصريح يتعرض للحبس. كما يمكن احتجاز طالبي اللجوء المرفوضين لمدة قد تصل إلى 18 شهرا في معتقلات خاصة بغاية الترحيل. ويشار إلى أن عدد طالبي اللجوء في الدنمارك يصل إلى 4206 ويبلغ عدد اللاجئين هناك 35593 شخصا.
أما في تركيا، يوجد 3840310 لاجئ و 308809 طالب لجوء. كما يوجد حاليا 18 مركزاً لإعادة التوطين، ضمن مساحة تتسع لنحو 8276 نزيلاً. يمكن احتجاز طالبي اللجوء المرفوضين الذين لا يتعاونون مع السلطات، وأيضا من يغادر البلاد بشكل ذاتي دون تنسيق، أو من لم يتم معرفة وتحديد هويتهم، بمدة اعتقال تصل إلى ستة أشهر كحد أقصى مع إمكانية التمديد لستة أشهر أخرى. المهاجرون الذين لهم سوابق إجرامية يتم ترحيلهم، وهذا الأمر يشمل أيضا القادمين من مناطق الحرب في سوريا.
المهاجرون غير النظاميين بإيطاليا- من أين جاؤوا وإلى أين يذهبون؟
يقصد الآف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إيطاليا. بعضهم يراها منفذا نحو دول أوروبا وآخرون يفضلون البقاء فيها بشكل غير نظامي لإنهاء رحلة معاناة بدأت في بلدانهم وتستمر في غياب وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في إيطاليا.
صورة من: Reuters
من كل حدب وصوب
المهاجرون غير القانونيين الى إيطاليا لا تقتصر أصولهم على جنسية واحدة، إذ يتدفقون إليها من كل من دول أفريقيا. من نيجيريا وبنغلاديش وغينيا، ومن ساحل العاج وغامبيا والسنغال. كما يهاجر إليها كثيرون من المغرب ومالي وإريتريا، فضلا عن السودان والصومال ومصر وتونس وليبيا... وفي السنين الأخيرة أضيف السوريون إلى قائمة القاصدين لهذا البلد، سواء من ليبيا أو عن طريق تركيا.
صورة من: Getty Images/M. Di Lauro
أفواج كبيرة
عام 2006، بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الآتين عبر البحر 22 ألفا. وفي 2014، وصلوا إلى 220 ألفا؛ أي بزيادة 296 في المائة. عام2017، قالت وزارة الداخلية الإيطاليّة، إن أعداد المهاجرين غير القانونيين تجاوزت الـ94 ألفًا منذ بداية 2017، وهو ما يعني التزايد المهول في عدد المهاجرين غير النظاميين القاصدين للبلد، إذ يشكلون ما يقارب 8.3 في المائة من السكان هنالك. آلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات مؤقتة.
صورة من: Gaia Anderson
أرقام مهولة
أشارت بيانات أصدرها المعهد القومي للإحصاء في روما، عام 2015، إلى أن عدد المهاجرين غير القانونيين القادمين إلى إيطاليا لا يقل عن ألف من كل وجهة. فمن المغرب، هاجر 449 ألف شخص. في حين تم استقبال حوالي 104 آلاف شخص من مصر. ومن رومانيا، دخل إلى البلد 2.1 مليون مهاجر. أما بالنسبة للفلبين وتونس وبنغلاديش وباكستان فيناهز عدد القادمين منها 90 ألف. وأوضحت البيانات، أن معظمهم يسكنون روما، ميلانو وتورينو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Italian Navy/Handout
مجرد معبر
ليس كل المهاجرين إلى إيطاليا ينوون الاستقرار فيها أو الإقامة على أراضيها. جزء مهم منهم يريد الوصول إلى مدن أوروبية أخرى كفرنسا والسويد وألمانيا التي يرونها أكثر ترحيبا باللاجئين. وتعتبر منطقة فانتيمي الحدودية إحدى الوجهات التي يعقد عليها هؤلاء أملا في العبور إلى فرنسا. كما أن القطارات التي تسمح بالتنقل داخل الإتحاد الأوروبي، تمثل حلا لبعض هؤلاء المهاجرين الذين يركبونها للوصول إلى وجهاتهم.
صورة من: picture alliance/AA/Tacca
طريق الفردوس والموت واحد!
رحلة قدوم المهاجرين غير القانونيين إلى إيطاليا، لا يمكن وصفها سوى بالقاتلة والخطيرة. فكثير من المهاجرين يركبون البحر، وهو ما يعرضهم لمتاعب قد تصل حد الموت. وإلى جانب انقلاب قواربهم الصغيرة والمتهالكة نتيجة رداءة الطقس أحيانا، يتعرض كثير منهم للابتزاز والنهب من طرف المهربين. الرحلة لا تقتصر على جنس معين ولا تقف عند سن، لذلك تتضرر النساء غالبا، وخاصة الحوامل الواتي يصعب عليهن إكمال الرحلة.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
دوافع اقتصادية وسياسية
يشكل الفقر والمجاعة والبطالة أسباباً رئيسية للهجرة غير القانونية، وحتى لو اختلفت جنسيات المهاجرين فإن أسبابهم تبقى واحدة. في السنين الأخيرة، أضيف إلى هذا الجانب ما هو أمني وسياسي. فقد هرب البعض خوفا من الإرهاب والحرب والدمار في بلدانهم الأصلية، أو بهدف البحث عن سبل تحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة وضمان العيش الكريم لعائلاتهم.
صورة من: REUTERS
ظروف مؤسفة وتحديات كثيرة
يضطر المهاجرون إلى إيطاليا في غالب الأحيان إلى العيش في ظروف مؤسفة، تصفها بعض الجهات بـ"غير الإنسانية". بعضهم يتوسد الطرقات ويأكل من بقايا النفايات. في حين يقصد آخرون مخيمات تنعدم فيها إمكانية الحصول على أكل وشرب ولباس. وفي مرات عديدة خرج هؤلاء للتنديد بوضعهم المزري، كما تحدثوا عن غياب مرافق مهمة بهذه المخيمات كالمدارس والدورات المهنية المدفوعة، وفرص العمل التي قدموا من أجلها.
صورة من: picture alliance / landov
طلبات اللجوء في تزايد
بعد الوصول إلى إيطاليا يسعى مهاجرون كثر إلى البحث عن طرق تعفيهم من وصف "غير قانوني"، فيعتمدون تقديم طلبات اللجوء. ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن السلطات الإيطالية توصلت بـ130 ألف طلب لجوء في 2017 . وحصل 40 بالمئة منهم في العام الجاري على الحماية منذ الفترة الأولى. إلا أن عدد المهاجرين الذين يستقبلهم المركز من يوم لآخر يتغير بين الفينة والأخرى.
صورة من: D. Cupolo
آليات العمل تعيق طلبات اللجوء
يواجه طالبو اللجوء في إيطاليا عراقيل بيروقراطية، سبق لمنظمات عديدة أن أدانتها ونددت بالتعقيدات الإدارية التي تشمل طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية الدولية. وأشارت هذه المنظمات إلى عامل اشتراط توفر المسكن من أجل إصدار أو تجديد تصريح الإقامة، مثلا، وهو ما لا يتوافر للعديد ممن يعيشون خارج نظام الاستقبال، على عكس ما ينص عليه القانون الإيطالي، الذي يضمن التسجيل السكاني كحق للشخص الأجنبي.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
جرائم وعنف ترافق المشهد
تعتبر بعض التقارير فتح إيطاليا الباب أمام المهاجرين غير القانونيين، يضعها وجها لوجه أمام مشاكل يتسبب فيها بعضهم. فقد قدرت بعض التقارير نسبة المسؤولين عن الجرائم في البلد، والذين ينتمون إلى شريحة المهاجرين غير الشرعيين بـ50 بالمائة من الجرائم، و40 بالمائة من حوادث السرقة. كما يتسببون في 37 بالمائة من العنف الجنسي، فضلا عن 25 بالمائة من جرائم القتل، و50 بالمائة من الجرائم الأخرى كالبغاء.
صورة من: ANSA/A. Carconi
وجود دائم رغم تناقص أعداد الوافدين
سجلت إيطاليا في الربع الأول من 2018 وصول 6161 مهاجرا غير قانوني إلى جبال الأبينيني، بينما في الربع الأول من العام الماضي بلغ عددهم أكثر من 24 ألف مهاجر، حسب تقرير الداخلية الإيطالية. كما سجلت السلطات الإيطالية انخفاضا حادا في تدفق المهاجرين إليها من ليبيا، فقد وصل في الربع الأول من العام الجاري 4.4 آلاف مهاجر، أي أقل بنسبة 81٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2017. لكن ذلك لا ينفي استمرارية توافدهم.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Hache
وصول اليمين ومخاوف من المستقبل
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بإيطاليا، زاد مخاوف دول أوروبية فيما يخص مستقبل اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين في إيطاليا وبقية أوروبا. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقا كبيرا أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين، خاصة مع رواج خبر طرد اللاجئين المرفوضة طلباتهم للبقاء، وترحيل 500 ألف مهاجر غير قانوني. إعداد: مريم مرغيش.