كيف تُعقّد أصوات البريد حسم سباق الرئاسة الأمريكي؟
إسماعيل عزام
٤ نوفمبر ٢٠٢٠
معارك انتخابية ضارية جرت بين ترامب وبايدن في يوم الاقتراع، غير أن انتخابات 2020 تعرف تحديا خاصا هو تضاعف أصوات البريد، التي ينظر لها كل مرّشح بشكل مختلف. وهناك توقعات بأن تحدد أصوات البريد الفائز بسباق الرئاسة.
إعلان
تُعقّد الأصوات المدلى بها عبر البريد من عملية احتساب النتائج النهائية في سباق الرئاسة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، إذ أدلى أكثر من 100 مليون أمريكي بأصواتهم بشكل مبكر قبل يوم الانتخاب، منهم 64 مليونا حسب تقديرات إعلامية، لأسباب متعددة منها الإجراءات الاحترازية التي تتخذها البلاد في مواجهة جائحة كورونا.
وبدأ عدد من الولايات إحصاء الأصوات في يوم الاقتراع، ومن المتوقع أن يستمر احتساب هذه الأصوات لعدة ساعات وربما لأيام. وتشير صحيفة "نيورورك تايمز" التي أعدت تقريرا مطولا عن تعقيد نتائج الفرز، إلى أن عدد الأصوات بالبريد تضاعفت في انتخابات 2020 عن سابقتها.
ومن أكبر الولايات الحاسمة التي يُتوقع أن تكون لها الكلمة الفيصل في النتائج، ولاية بنسيلفانيا، التي قال حاكمها الديمقراطي توم وولف إن هناك أكثر من مليون صوت عبر البريد لم يتم فرزه بعد، في وقت كان ترامب قد استبق الأحداث وقال إنه واثق من الفوز في هذه الولاية.
موقع "أ ب إس نيوز" ذكر في توقعاته أن الأصوات في بنسيلفانيا لن تحتسب بالكامل إلّا يوم الجمعة على أقل تقدير. ولا يستبعد المصدر ذاته أن تتجه الولاية إلى المحكمة العليا في حال احتدم الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين حول احتساب الأصوات في هذه الولاية، خاصة الأصوات المعبر عنها قبل يوم الاقتراع لكن لم تستلم إلا لاحقا وقد تقضي المحكمة بأنها أصوات لاغية.
غير أن الأسوشتيد برس تقول إن هذه الأصوات يمكن أن تُحتسب في بنسيلفانيا إذا وصلت كحد أقصى ثلاثة أيام بعد الانتخابات.
وهناك مخاوف للديمقراطيين من عدم احتساب ملايين الأصوات التي وصلت عبر البريد، ونقلت "نيويروك تايمز" عن ميشيل ماكدونالد، أستاذ مراقب للانتخابات، أنه بحلول الثلاثاء لم يدخل 28 مليون صوت إلى نظام الاحتساب، غير أن الوقت لا يزال متاحا لاحتساب كل الأصوات.
كما بدأ احتساب الأصوات في ولايات ويسكونسن وميشيغان وجورجيا، وهي كذلك ولايات حاسمة. وتتوقع قناة "س أن أن" أن ترجح هذه الأصوات كفة بايدن الذي شجع الديمقراطيين والمتعاطفين معه على التصويت المبكر، لأسباب كثيرة منها تخفيف الضغط على الأقليات وعلى من يصوتون لأول مرة، خاصة أن التصويت في يوم الاقتراع يعطي أولوية لترامب.
ومن الولايات التي توجد فيها معضلة أصوات البريد، ولاية كارولينا الشمالية، إذ لم تعلن وكالة الأسوشيتد برس عن فوز أيّ مرشح رغم أن ترامب صرّح أنه حصل على فارق بحوالي 77 ألف صوت، متقدما بـ1.7 % في وقت لم يتبق فيه عدّ سوى 5 % من الأصوات. وتقول الوكالة إنه لا يزال هناك 200 ألف صوت عبر البريد لم يتم عدها بعد، ما قد يعطي لبايدن التقدم.
ويدرك ترامب هذا التحدي، لذلك طالب بوقف التصويت بعد إدراكه أن لديه تقدما في بعض الولايات الحاسمة، متحدثا عن "محاولة لسرقة الانتخابات" وعن رغبته باللجوء إلى المحكمة العليا، غير أن القانون الانتخابي الأمريكي يسمح بالتصويت عن بعد أو ما يعرف بالتصويت الغيابي.
وسبق للسيناتور الديمقراطي المخضرم بيرني ساندرز أن صرّح في لقاء تلفزيوني أن عددا من الولايات الحاسمة ستستقبل الملايين من الأصوات عبر البريد، وأن الديمقراطيين يفضلون هذه الطريقة، مشيراً إلى أن ترامب سيعلن عن فوزه بعد احتساب الأصوات التي صوتت له في يوم الاقتراع، لكن اليوم الموالي، قد يشهد انقلابًا في النتيجة لصالح بايدن بعد احتساب كل أصوات البريد.
إسماعيل عزام
هل تعلم أين تبدأ سلطات الرئيس الأمريكي وأين تنتهي؟
يمثل سيد البيت الأبيض أعلى سلطة سياسية على المستوى العالمي، هذا ما يعتقده كثيرون. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فسلطات الرئيس الأمريكي ليست مطلقة، إذ هناك آخرون يشاركونه القرار.
صورة من: Klaus Aßmann
هذا ما ينص عليه الدستور
يُنتخب الرئيس لأربع سنوات يمكن تمديدها في أقصى حد لفترة ثانية. هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة. وبذلك فهو يقود أيضاً الجهاز الحكومي المكون من نحو أربعة ملايين شخص تقريباً، بمن فيهم أعضاء القوات المسلحة. ومن واجبات الرئيس أن ينفذ القوانين التي يسنها الكونغرس. وبصفته أعلى رتبة دبلوماسية في الدولة يمكنه أن يستقبل سفراء الدول وبالتالي الاعتراف بتلك الدول.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة من خلال " التحقق والتوازن"
تتداخل السلطات الثلاث فيما بينها، وهي بذلك تحد من صلاحيات بعضها البعض. ويحق للرئيس العفو عن محكوم عليهم بالإعدام، ويسمي قضاة المحكمة العليا شريطة موافقة مجلس الشيوخ. كما يضطلع بتسمية وزراء إدارته والسفراء ولكن أيضاً بعد التشاور مع مجلس الشيوخ وشريطة موافقته. وبهذا يتحقق للسلطة التشريعية أحد سبل مراقبة السلطة التنفيذية.
صورة من: Klaus Aßmann
القوة الكامنة في "دولة الاتحاد"
يجب على الرئيس أن يبلغ الكونغرس بشؤون الدولة. وهو ما يفعله مرة كل عام في ما يسمى بـ "خطاب حالة الأمة". لا يحق للرئيس أن يقدم مشاريع قوانين للكونغرس ولكن بوسعه أن يبرز أهم المواضيع كما يراها من خلال الخطاب. فيمارس نوعاً من الضغط على الكونغرس أمام الرأي العام. ولكن هذا أكثر ما يمكنه فعله.
صورة من: Klaus Aßmann
يمكنه أن يرفض
عندما يعيد الرئيس مشروع قانون إلى الكونغرس دون التوقيع عليه يكون قد مارس حقه باستخدام حق الفيتو لرفض المشروع. وليس من حق الكونغرس أن يبطل هذا الفيتو إلا بأكثرية الثلثين في مجلسيه. وحسب المعلومات المستقاة من مجلس الشيوخ حدث هذا في تاريخ الولايات المتحدة مئة وإحدى عشرة مرة في أكثر من ألف وخمسمائة مرة اُستخدم فيها حق النقض، أي بنسبة سبعة في المئة.
صورة من: Klaus Aßmann
مناطق رمادية في تحديد السلطة
لا يوضح الدستور ولا توضح قرارات المحكمة العليا مدى سلطة الرئيس بشكل نهائي، إذ يمكن للرئيس أن يستخدم حق الفيتو مرة ثانية من خلال خدعة، حيث يقوم الرئيس في ظروف معينة بـ "وضع مشروع القانون في جيبه"، ويعني بذلك أنه يستخدم ما يعرف بـ "فيتو الجيب" فيصبح المشروع بذلك لاغيا ولا يحق للكونغرس إسقاط هذا الفيتو وقد تم استخدام هذه الحيلة الدستورية أكثر من ألف مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
صورة من: Klaus Aßmann
إرشادات بطعم الأوامر
بإمكان الرئيس أن يرشد موظفي الحكومة إلى طريقة القيام بواجباتهم. وتعامل هذه الأوامر المسماة بـ "الأوامر التنفيذية" معاملة القوانين. وليس ضرورياً أن توافق عليها أي هيئة دستورية. ومع ذلك ليس بوسع الرئيس أن يفعل ما يحلو له، إذ بإمكان المحاكم أن تبطل مفعول هذه الأوامر أو بإمكان الكونغرس أن يسن قوانين تبطل مفعولها. وبإمكان الرئيس التالي أن يلغيها بكل بساطة.
صورة من: Klaus Aßmann
التحايل على الكونغرس...
من حق الرئيس التفاوض على اتفاقيات مع حكومات أخرى ويتوجب أن تحصل هذه على موافقة مجلس الشيوخ بثلثي أعضائه. ولتفويت الفرصة على مجلس الشيوخ لرفض الاتفاقيات يقوم الرئيس بإبرام اتفاق حكومي يُسمَى "اتفاقية تنفيذية" ولا تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ حينها. وتسري هذه الاتفاقيات ما دام الكونغرس لم يعترض عليها أو يسن قانوناً يبطل مفعولها.
صورة من: Klaus Aßmann
... حينها يجب التراجع
الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية ولكن قرار الحرب يعلنه الكونغرس. وليس من الواضح ما مدى إمكانية أن يزج الرئيس بالقوات في مواجهة مسلحة دون الحصول على موافقة الكونغرس. في حرب فيتنام رأى الكونغرس أنه قد تم تجاوز خط أحمر بدخول هذه الحرب وتدخل إثر ذلك قانونياً. هذا يعني أن الرئيس قادر على الاضطلاع بهذه الصلاحيات إلى أن يتدخل الكونغرس.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة النهائية
إذا ما استغل رئيس منصبه أو قام بعمل يعاقب عليه القانون، يمكن لمجلس النواب في هذه الحالة أن يشرع في إجراءات عزل الرئيس. وقد حدث ذلك حتى الآن ثلاث مرات دون أن تكلل أي منها بالنجاح. ولكن هناك إمكانية أقوى من ذلك لثني الرئيس عن قرار ما. الكونغرس هو المعني بالموافقة على الموازنة ويمكنه أيضاً أن يوقف تدفق المال. أوته شتاينفير/ و.أ