كيف ساهم المغربي أمين عدلي في إنجاز ليفركوزن التاريخي؟
هشام الدريوش
١٥ أبريل ٢٠٢٤
بعد فوزه مع فريق ليفركوزن بلقب الدوري الألماني بات الدولي المغربي أمين عدلي ثالث مغربي يتوج بالبوندسليغا بعد مزراوي وبنعطية. عدلي ساهم بشكل كبير في الإنجاز التاريخي لفريقه ليفركوزن.
إعلان
من المعروف أن فريق باير ليفركوزن المتوج حديثا بالدوري الألماني لكرة القدم لديه قدرة على رصد مواهب شابة سواء داخل ألمانيا أوخارجها والعمل على صقلها وتطويرها وبالتالي الرفع من قيمتها التسويقية وجني الأرباح الرياضية والمادية منها مستقبلا.
وشهد نادي ليفركوزن في صفوفه الكثير من المواهب الشابة التي تألقت معه في الأعوام الماضية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: نجم ريال مدريد توني كروس ولاعب أرسنال كاي هافرتس ونجم دورتموند يوليان برانت ونجم الكرة الألمانية ميشائيل بالاك والأسطورة رودي فولر الذي لعب لفريق ليفركوزن وشغل أيضا منصب المدير الرياضي بالفريق لسنوات عديدة..
وفي هذا الموسم أيضا، يزخر نادي باير ليفركوزن بمواهب شابة أبرزها فلوريان فيرتس الذي تبلغ قيمته السوقية أزيد من 100 مليون يورو رغم أن عمره لا يتعدى 20 عاما.
ومن الوجوه العربية المتألقة حاليا بنادي ليفركوزن هناك المغربي أمين عدلي. فقد ساهم الدولي المغربي البالغ من العمر 23 عاما بشكل جيد في تألق ناديه هذا الموسم في مختلف المسابقات التي يشارك فيها سواء محليا أم أوروبيا.
وبلغ رصيد أمين عدلي التهديفي هذا الموسم لحد الآن 8 أهداف سجل منها 5 في مسابقة كأس ألمانيا التي بلغ فيها رفاق عدلي المباراة النهائية التي ستجري في آواخر شهر مايو/أيار المقبل .
ألونسو يطلق العنان لموهبة عدلي
عانى الدولي المغربي أمين عدلي بداية الموسم، حيث ظل حبيس دكة البدلاء في الكثير من المباريات خاصة مباريات الدوري الألماني. لكنه عرف كيف يستفيد من الثقة التي منحها له المدرب الإسباني تشابي ألونسو في بعض المباريات التي شارك فيها كأساسي سواء في الدوري الأوربي أو كأس ألمانيا.
تألق عدلي الملفت في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد العودة من مشاركته في كأس أمم أفريقيا مع المنتخب المغربي، جعلت المدرب ألونسو يعتمد عليه في المباريات المهمة كلاعب أساسي وفي أدوار مختلفة سواء كجناح أيسر أو حتى كقلب هجوم. وساهم التوظيف الجيد من طرف المدرب ألونسو لعدلي في تألق هذا الأخير بشكل لافت سواء كهداف أو كممرر حاسم، مما جعله ينتزع الرسمية في الكثير من المباريات آخرها المباراة الحاسمة التي فاز فيها ليفركون على منافسه بريمن بخمسة أهداف نظيفة، وتوج فيه عدلي مع ليفركوزن بلقب الدوري الألماني للمرة الأولى في تاريخه.
وبهذا التتويج أصبح عدلي ثاني لاعب مغربي يُتوج بالبوندسليغا على التوالي بعد نصير مزراوي رفقة بايرن ميونخ في الموسم الماضي، والثالث بعد المعتزل مهدي بنعطية، المدافع السابق لبايرن ميونخ.
عدلي في انتظار تألقه الدولي مع المغرب
وعلى الصعيد الدولي كان أمين عدلي قد خطف الأنظار بداية العام، بعدما قرر اللعب لمنتخب المغرب الأول بدلا من فرنسا، مستفيدا من لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي تمنح اللاعبين من أصحاب الجنسيات المزدوجة حرية اختيار المنتخب الأول الذي سيدافعون عن ألوانه. وسبق لعدلي أن لعب 5 سنوات بقميص فرنسا وشارك في مختلف تصفيات البطولات الأوروبية. بل أيضا لعب ضمن قائمة المنتخب الفرنسي لتحت 21 عاما التي شاركت في كأس أمم أوروبا الأخيرة. لكن عدلي قرر اللعب للمنتخب المغربي الأول وظهر لأول مرة بقميص أسود الأطلس في المباراة الودية التي جمعت المغرب وبوركينافاسو في مدينة لانس الفرنسية. كما شارك مع المنتخب المغربي في بطولة أمم افريقيا الأخيرة في كوت ديفوار والتي لم يظهر فيها رفاق عدلي بالمستوى المنتظر وودعوا البطولة من دور 16.
لكن ومع التألق الأخير لأمين عدلي مع ليفركوزن وتتويجه بلقب الدوري الألماني واقترابه أيضا من لقبي كأس ألمانيا والدوري الأوروبي، تتوقع الجماهير المغربية أن يشكل ذلك حافزا قويا لدفع عدلي لتقديم مستوى أفضل وأقوى مع المنتخب المغربي في المسابقات الدولية المقبلة، لكن شريطة أن يحسن مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي توظيف نجمه المغربي للاستفادة من كل إمكانياته، مثلما يفعل مدرب ليفركوزن تشابي ألونسو.
باير ليفركوزن - من الوصيف الدائم إلى بطل الدوري لأول مرة
لأول مرة في تاريخه، يتوج باير ليفركوزن بلقب الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليغا). ولفترة طويلة، كان يُنظر إليه على أنه فريق الفشل في اللحظة الحاسمة؛ إذ أن لديه تاريخاً مليئاً بخسارة الألقاب في اللحظات الأخيرة.
صورة من: Anke Waelischmiller/Sven Simon/picture alliance
الافتتاحية ضد بايرن ميونيخ
تأسس فريق ليفركوزن عام 1904 كناد رياضي للعاملين في "شركة فاربين فابريك" (شركة فريدريش باير ليفركوزن سابقاً)، والتي أصبحت فيما بعد شركة باير اليوم. بقي الفريق يلعب في مسابقات الدرجات الدنيا لفترة طويلة. وفي عام 1979، بصفته بطل دوري الدرجة الثانية الشمالي، صعد الفريق إلى دوري الدرجة الأولى. وكانت مباراته الأولى في الدوري في أغسطس/آب 1979 في ملعب ميونيخ الأولمبي ضد بايرن (الصورة).
صورة من: Ludwig Hamberger/dpa/picture alliance
نجم من كوريا الجنوبية
أول نجم حقيقي في صفوف ليفركوزن في الدوري الألماني هو تشا بوم كون. انتقل المهاجم الكوري الجنوبي من آينتراخت فرانكفورت إلى ليفركوزن في عام 1983 وبقي معه لمدة ست سنوات، حتى أنهى مسيرته في ليفركوزن في عام 1989. في أيامه كان تشا بوم-كون هو نجم الجماهير المفضل وحقق الفريق معه لقبه الأول.
صورة من: Fritz Rust/picture alliance
كأس الاتحاد الأوروبي 1988
تمكن ليفركوزن من الظفر بكأس الاتحاد الأوروبي من إسبانيول برشلونة في عام 1988. في ذلك الوقت، كانت المباراة النهائية لا تزال تُلعب كمباراة إياب. خسر باير 3-0 في برشلونة، ولم تكن البداية مبشرة في لقاء الإياب. لكن في الشوط الثاني القوي سجل ليفركوزن ثلاثة أهداف وأدرك التعادل. ليذهب الفريقان إلى ركلات الترجيح، التي فاز بها باير ليفركوزن 3-2، ليسجل الفريق أول لقب في مسيرته.
صورة من: Eissner/Kicker/IMAGO
كأس ألمانيا 1993
بعد خمس سنوات من نجاحهم في كأس الاتحاد الأوروبي، جاء اللقب الثاني، اللقب الذي توقفت عنده إنجازات ليفركوزن لسنوات طويلة. في نهائي كأس ألمانيا عام 1993، نجح الهداف أولف كيرستن ورفاقه بالفوز بصعوبة 1-0 على فريق الهواة حينها هيرتا برلين، الذي حقق مفاجأة كبرى بوصوله إلى النهائي. كان هذا النصر في برلين مبهجا لجماهير ليفركوزن، ولكنه بنفس الوقت بداية لمواسم جفاف طويلة.
صورة من: Liedel/Kicker/IMAGO
صانعو لقب "كوزن الوصيف"
كان ليفركوزن فريقاً متميزاً في نهاية التسعينات. تعاقد المدير الفني راينر كالموند (على اليمين) مع المدرب كريستوف داوم (على اليسار)، وتحت قيادته احتل باير المركز الثاني في الدوري الألماني ثلاث مرات (1997، 1999، 2000). فأطلق المنافسون اسم "Vizekusen" (كوزن الوصيف) على الفريق من باب السخرية، ولاحقاً حصلت الشركة التي يقع مقرها في ليفركوزن على براءة اختراع للاسم كعلامة تجارية.
صورة من: Roland Scheidemann/dpa/picture-alliance
خسارة لا تصدق للقب
في المرحلة قبل الأخيرة من الدوري الألماني في موسم 1999/2000، كان ليفركوزن يتقدم بثلاث نقاط على بايرن ميونيخ ويحتاج إلى نقطة واحدة فقط في مباراته مع أونترهاخينغ، الصاعد حديثاً للدرجة الأولى، ليفوز باللقب. وقال المدرب كريستوف داوم قبل المباراة: "لم يعد أحد يستطيع إيقافنا بعد الآن"، لكن هدف ميشائيل بالاك (يسار) بالخطأ في مرماه أدى إلى الهزيمة 2-0. ليفوز بايرن باللقب، ويترك لليفركوزن الخيبة مجدداً.
صورة من: Bernd Weissbrod/dpa/picture alliance
تشكيلة متخمة بالنجوم .. ولكن لا ألقاب
كان ليفركوزن في ذلك الوقت مدججاً باللاعبين الكبار مثل الدولي الألماني بالاك، والبرازيليان لوسيو وزي روبرتو (من اليمين إلى اليسار). كما بدأ لاعبون برازيليون آخرون، مثل باولو سيرجيو وإيمرسون، مسيرتهم الدولية في باير. وقد فازوا جميعا بالعديد من البطولات والكؤوس في مسيرتهم الكرويةة، ولكن فقط بعد مغادرتهم ليفركوزن.
صورة من: Ulmer/IMAGO
الوصيف في ثلاث بطولات في موسم واحد
في صيف عام 2002، أصيب الفريق بأقصى حالات متلازمة "Vizekusen": أولا: ضاعت على الفريق، تحت قيادة المدرب كلاوس توبمولر (الثالث من اليسار)، بطولة الدوري الألماني في آخر أيام البطولة، وجاء في المركز الثاني. ثم خسر فريق ليفركوزن أيضاً في نهائي الكأس أمام شالكه. لكن أكبر مباراة في تاريخ النادي والفرصة الثالثة للفوز بأهم لقب كانت امام ريال مدريد.
صورة من: Contrast/IMAGO
خسارة بصعوبة أمال "سوبر ريال" مدريد في 2002
لكن أهم نهائي لباير كان نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2002 في غلاسكو ضد ريال مدريد. زين الدين زيدان (الصورة) يسجل هدف الفوز بتسديدة رائعة. كان أداء ليفركوزن محترماً لكنه حل في المركز الثاني مرة أخرى. وبعد ذلك بوقت قصير، حقق خمسة لاعبين ألمان من ليفركوزن وصافة كأس العالم ضد البرازيل، تحت قيادة المدرب الوطني رودي فولر، الذي لعب في السابق في ليفركوزن.
صورة من: Sven Simon/picture-alliance
خسارة مستحقة أمام بريمن في 2009
استغرق الأمر سبع سنوات حتى أتيحت لفريق ليفركوزن فرصة أخرى ليفوز بلقب. لكن باير ليفركوزن استحق الخسارة أمام فيردر بريمن في نهائي كأس ألمانيا 2009. نتيجة 1-0 لبريمن كانت رحيمة على ليفركوزن قياساً على أدائه. هدف المباراة كان بتوقيع مسعود أوزيل. المدير الرياضي الحالي سيمون رولفس (الثالث من اليسار) كان أيضاً على أرض الملعب مع ليفركوزن في ذلك الوقت. وفي الصورة أيضاً الدولي التونسي كريم حقي.
صورة من: Sven Simon/picture-alliance
انطلاقة قياسية - ولكن الوصافة بالانتظار
في عام 2011 تمكن الفريق، تحت قيادة المدرب يوب هاينكس (على اليمين)، من الحصول على المركز الثاني مرة أخرى. حتى أن هاينكس وفريقه سجلوا رقماً قياسياً في بداية الدوري الألماني مع 24 مباراة دون هزيمة. ومع ذلك لم يتمكن باير من الفوز بلقب الدوري، الذي توج به بوروسيا دورتموند. بعدها وقع هاينكس ومساعده بيتر هيرمان (يسار) مع نادي بايرن ميونيخ، وفازا معه بالثلاثية في عام 2013.
صورة من: augenklick/firo Sportphoto/picture-alliance
ميونيخ بالمرصاد
كان نهائي الكأس موسم 2020 قاتماً من الألف إلى الياء بالنسبة لفريق باير. لم يحضر الجمهور المباراة في ملعب برلين الأولمبي نظراً لقيود كورونا. وبسبب ضعف الأداء في الشوط الأول، لم يكن لدى ليفركوزن أي فرصة أمام بايرن ميونيخ وخسر النهائي 2-4. ليستمر مسلسل انتظار اللقب الأول بعد عام 1993.
صورة من: Jürgen Fromme/firo Sportphoto/picture alliance
عقلية جديدة مع تشابي ألونسو
في عز الأزمة الرياضية، حقق المدير الرياضي سيمون رولفس (يسار) ومديرو باير الآخرون ضربة حظ حقيقية في خريف 2022: فبعد الانفصال عن المدرب جيراردو سيواني، تولى تشابي ألونسو (يمين) قيادة الفريق. ليقودهم من المركز 17 إلى المركز السادس في الدوري، وإلى الدور نصف النهائي في مسابقة الدوري الأوروبي. وقبل كل شيء، فهو يطور عقلية الفوز الحقيقية لدى اللاعبين.
صورة من: Thomas Banneyer/dpa/picture alliance
وأخيراً.... ختامها مسك
وفي الموسم الحالي لم يسمح ألونسو وطاقمه بحدوث أي خطأ: لم يهزم الفريق بأي مباراة. في بعض المباريات حققوا الفوز في الثانية الأخيرة وأصبحوا أبطالاً بجدارة. ماذا سيفعلون الآن بلقبهم القديم "كوزن الوصيف"؟ هل سيصبح لقبهم "تشابي كوزن" أم "مايستر كوزن" (كوزن البطل)؟ وربما يكون هناك المزيد من الألقاب هذا الموسم: حيث لا يزال لدى باير 04 أيضاً فرصة للفوز بكأس ألمانيا وبالدوري الأوروبي.
صورة من: Anke Waelischmiller/Sven Simon/picture alliance