كيف ضرب فيروس كورونا سلاسل توريد المنتجات عالمياً!
٥ يونيو ٢٠٢٠
كلما تشعبت وتعددت سلاسل التوريد كانت المخاطر أكبر. ومنذ تفشي فيروس كورونا يشهد الاقتصاد تكاليف باهظة بسبب التوقف عن العمل. فهل بدأ العد التنازلي للعولمة؟
إعلان
شركة داكسار (Dachser) اللوجيستية (خدمات النقل والشحن) تشبه مقياس الزلازل للتجارة العالمية. فعندما يحصل خلل في أي مكان في الاقتصاد، فإن أنوار الانذار تشتعل في مقر الشركة الرئيسي. حوالي 12.000 شاحنة نقل تعمل بتكليف من الشركة عبر أوروبا. وتُحرك الشركة المملوكة عائلياً 8000 حاوية بمنتجات من مختلف القطاعات على مستوى العالم.
وحتى عندما كان جزء كبير من العالم أثناء الوباء واقعاً في الحجر الصحي، لم يحصل توقف لدى شركة داكسار:" سُجل تراجع في بعض المنتجات الصناعية واقتصاد السيارات، لكن مجالات الاستهلاك مثل المواد الغذائية عرفت طفرة"، يقول أندرياس فروشماير المسؤول عن التوجه الاستراتيجي للشركة. لكن حتى قطاع الخدمات اللوجيستية يكافح ضد تبعات فيروس كورونا.
"سلاسل التوريد الملعونة"
وفي مجال الصناعة بالتحديد تقف شركة داكسار أمام فترة تحول. "الكثير من الزبائن سيتحققون هل من المعقول إيجاد سلاسل توريد في أي مكان في العالم"، يقول فروشماير في حوار مع DW . وفي المانيا تمثل الصناعة ربع الناتج القومي المحلي وفي الولايات المتحدة تكون تلك النسبة أقل وفي الصين يصل قسط الصناعة في الانتاج الاقتصادي إلى 40 في المائة. والبلدان الثلاثة تُعد مراكز لتوزيع العمل ـ وهنا يأتي الكثير من الأجزاء التي يتم معالجتها ثم في الغالب توجه للتصدير.
وليست صدمة كورونا فحسب هي التي كشفت هشاشة سلاسل التوريد، فحتى من الناحية السياسية يتم حالياً مجابهة توزيع العمل العالمي. "هذه السلاسل الملعونة للتوريد عندما لا يشتغل جزء منها في العالم يتبعثر كل شيء. يجب علينا توفيرها مجدداً في الولايات المتحدة الأمريكية"، كما أفاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وهو ليس الوحيد بهذا الانتقاد. فخبراء البيئة يرون في توزيع العمل الدولي حماقة بيئية، والكثير من خبراء التجارة ينتقدون توزيع العمل منذ أزمة كورونا بحكم أنه معرض لصدمات خارجية.
لكن يمكن على كل حال ملاحظة التوجه نحو سلاسل التوريد القصيرة منذ عشر سنوات، كما يقول خبير الاقتصاد هارتموت إيغر:" بعد الأزمة المالية جاء رد فعل كثير من الشركات التي بحثت عن الموردين والمنتجين القريبين منها". وعلى هذا النحو بات الانتاج بالنسبة إلى أوروبا مغرياً في بلدان في أوروبا الشرقية وشمال افريقيا. وأزمة كورونا من شأنها تقوية هذا التوجه. "الأزمة تأتي أيضا دوماً بحقائق حول التكاليف. ومن تم يمكن للشركات أن تفهم أحسن التكاليف عندما تنهار سلاسل التوريد"، كما شرح إيغر في مقابلة مع DW .
بعيداً عن الانتاج في نفس الوقت
فائدة التحكم في سلاسل التوريد يلحظها حالياً منتج أجهزة الحدائق والزراعة شتيل (Stihl) على سبيل المثال، فالبضاعة التي تُصدّر بشكل واسع من قبل الشركة هي المنشار الآلي الذي يتم بيعه في أكثر من 160 بلداً. ونصف مجموع الأجزاء تنتجه شركة شتيل. وبهذا تفوقت الشركة أثناء الوباء على المنافسة، كما يقول المتحدث باسم الشركة شتيفان كاسباري. "واصلنا الانتاج والبيع أيضا"، لأنه بخلاف الكثيرين في الصناعة، تراهن شتيل في مجال الانتاج ليس على توريد الأجزاء المنسق زمنياً، بل تستفيد من مستودع مليء. ويمكن أن يصبح الاعتماد على مستودعات أكبر في درجات الانتاج المختلفة توجهاً إضافياً بعد الوباء. "كلما كانت سلسلة التوريد معقدة، تفاقم خطر التوقف. وهذا الخطر يمكن للشركات أن تقلل منه باعتماد مخزون المستودعات".
حين يُهزم نقيض العولمة
حتى الآن تتفادى كثير من الشركات الخزن في المستودعات الكبيرة بسبب التكاليف. وشركة داكسار لها أكثر من 170 مستودعاً على مستوى العالم. "تجميع البضاعة هو حقل مستقبلي. ولضمان استقرار سلاسل التوريد تحتاج الشركات مجدداً إلى مجال أكبر"، كما يؤكد فروشماير. وحتى خبير الاقتصاد إيغر لا يعتقد بأنه سيحصل توجه راديكالي للتخلي عن العولمة، لأنّ تقليص سلاسل التوريد يتضمن مساوئ. وماتزال الشركات منشغلة بتدبير الأزمة، لكن التوقف في الانتاج تسبب في تكاليف إضافية، واعتماد مستودعات سيضغط على الميزانية ومن تم لن يحصل تحول حقيقي ويتبخر أمل الكثير من أصدقاء البيئة في الحصول على سلاسل توريد مستدامة ومعقولة.
نيكولاس مارتن/ م.أ.م
كورونا وصناعة السيارات الأوروبية... ظلال ثقيلة وبداية جديدة
كبدت أزمة كورونا شركات السيارات الأوروبية خسائر جسيمة، إذ تراجعت مبيعات وأرباح بعضها بشكل حاد مثل رينو الإيطالية ودايملر الألمانية، لكن يبدو أن الأمر سيبدأ في التحسن تدريجياً. تفاصيل أوفى في هذه الجولة المصورة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Gollnow
تدهور في الأرباح
أعلنت شركة دايملر الألمانية لصناعة السيارات تراجعاً بنسبة 78 بالمئة في الأرباح خلال الربع الأول من العام الجاري ليقتصر ربحها على 617 مليون يورو فقط. وصرح المدير المالي للشركة هارالد فيلهلم أن دايملر تعطي الأولوية الآن لتوفير السيولة النقدية. كما قامت دايملر بشطب جميع توقعاتها للعام الجاري، حيث أنه صار من الصعب التكهن بالطلب العالمي بسبب أزمة كورونا.تدهور في الأرباح
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Gollnow
انخفاض في المبيعات
شهدت مبيعات دايملر للشاحنات على وجه الخصوص تراجعاً في نسبة المبيعات بلغ في الربع الأول من هذا العام 20 بالمئة. خلال المدة الزمنية نفسها تراجعت مبيعات شركة مرسيدس بنز التابعة لمجموعة دايملر في كافة أنحاء العالم بنسبة 15 بالمئة. هذا ولم تغلق مصانع ومعارض السيارات بشكل كامل إلا في شهر مارس/آذار
صورة من: Imago Images/A. Hettrich
توقف ثم عمل جزئي
منذ أيام قليلة وبعد توقف دام أربعة أسابيع، استأنفت دايملر العمل في أجزاء كبيرة من مصانعها. ومنذ 6 أبريل/نيسان قلصت دايملر ساعات العمل، والذي من المقرر أن تنتهي بنهاية شهر نيسان/أبريل الجاري. يمس هذا القرار حوالي 80 بالمئة من 170 ألف عامل لدى الشركة في ألمانيا، ولكن بدرجات متفاوتة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
البشائر الأولى
بدأت الأوضاع تتحسن تدريجياً في سوق السيارات بالصين (في الصورة عمال بمصنع سيارات دونجفنج هوندا أثناء الاستراحة). وكانت المبيعات هناك شهدت تراجعاً بنسبة 48 بالمئة في شهر مارس/آذار بعد أن كانت وصلت إلى أكثر من 80 بالمئة في شهر فبراير/شباط. تعمل حالياً جميع معامل دايملر في الصين بشكل كامل.
صورة من: Getty Images/AFP/STR
الإقلاع من جديد
يعود العمل أيضاً تدريجياً في مصانع فولكسفاغن، وعلى ما يبدو كانت البداية بمدينة تسفيكاو بولاية ساكسونيا. فبعد توقف دام أكثر من خمسة أسابيع بسبب أزمة كورونا بدأت خطوط الإنتاج بالعمل من جديد. وتم البدء في هذا المصنع بتصنيع السيارة الكهربائية نموذج ID3 في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي السيارة التي تعول عليها فولكسفاغن كثيرا في المستقبل. كما بدأ العمل في مصنع المحركات في مدينة كيمنتس بنفس الولاية.
صورة من: Oliver Killig
معايير نظافة صارمة
تتخذ شركة فولكسفاغن من مدينة فولفسبورغ بولاية ساكسونيا السفلى مقراً رئيسياً لها، ويبدأ العمل هناك مرة أخرى في 27 أبريل/نيسان. وينطبق ذلك أيضاً على مصانع فولكسفاغن في مدينتي إيمدن وهانوفر بنفس الولاية. وسوف تقوم فولكسفاغن بتطبيق معايير نظافة صارمة وفواصل زمنية أقصر بين عمليات التنظيف. كما سيتعين على العاملين ارتداء الكمامات الواقية في الأقسام التي سيصعب فيها الحفاظ على مسافة متر ونصف بين العمال.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Stratenschulte
تبخر السيولة
لم تسلم رينو الفرنسية هي الأخرى من تبعات أزمة كورونا، حيث سجلت تراجعاً في المبيعات بلغ أكثر من الربع خلال الثلاث الشهور الأولى من العام الجاري، في حين انخفضت العائدات بنسبة 20 بالمئة تقريباً. وأعلنت الشركة الفرنسية أن احتياطي النقد السائل لديها انخفض بنسبة 30 بالمئة ليصل إلى 10،3 مليار يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Ena
مفاوضات مع النقابات
لم يختلف الأمر لدى شركة PSA الفرنسية المنافسة والمنتجة لسيارات بيجو وسيتروين. فقد انخفضت مبيعات الشركة بنسبة 29 بالمئة عن العام الماضي لتصل إلى 627 ألف مركبة. وستبدأ PSA هي الأخرى استئناف العمل بمصانعها الأوروبية بعد أن تتوصل لاتفاق على جدول مواعيد وإجراءات الحماية الصحية مع ممثلي العاملين لديها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Brinon
في عين العاصفة
أما في إيطاليا، وهي مركز الوباء في أوروبا، سيسمح للمصانع باستئناف العمل بدءاً من 4 مايو/أيار. وينطبق ذلك على مصانع فيات كرايسلر أيضاً، والتي أصيبت بأضرار جسيمة جراء أزمة كورونا بعد تراجع مبيعاتها بنسبة 76 بالمئة في شهر مارس/آذار. وتظهر فداحة تلك الخسارة عند مقارنة ذلك الرقم بنسبة تراجع جميع مبيعات السيارات في الاتحاد الأوروبي بنفس الشهر والتي بلغت 55 بالمئة. ترجمة سلمى حامد