منذ بدء الغزو الروسي، امتنعت دوائر الأجانب الأوكرانية عن تمديد تصاريح الإقامة للمواطنين الروس الذين يقيمون في أوكرانيا بشكل قانوني. ومن ذلك الحين يواجهون مشاكل عدة وأصبح بعضهم مهدد بالترحيل. DW تحدثت مع بعضهم حول ذلك.
إعلان
"لا يمكنني الاكتفاء بالجلوس وانتظار الترحيل إلى روسيا"، يقول مكسيم باشتشينكو، الرجل الروسي المتزوج من أوكرانية والذي عاش سنواته الأخيرة بشكل أساسي في أوكرانيا. منذ بدء الغزو الروسي في 24 شباط/ فبراير توقفت دائرة الهجرة الأوكرانية عن قبول الوثائق من الروس. يقول الرجل: "لا يمكنني تمديد تصريح إقامتي". باشتشينكو هو واحد من 175000 مواطن روسي لديهم بالفعل تصاريح إقامة في أوكرانيا، ووضعهم منظم وفق قانون الأجانب.
ومع ذلك، ومنذ بدء الغزو الروسي، توقفت دائرة الهجرة عن تمديد الإقامات. بل إن السلطات تهدد بعضهم بالترحيل. وهذا ما يخيف باشتشينكو. إنه خائف لأنه شارك باحتجاجات المعارضة في روسيا، كما يقوم في أوكرانيا بجمع التبرعات للجيش الأوكراني.
مكسيم غوشكوفسكي لم يعد لديه هو الآخر تصريح إقامة وأصبح مهددا بالترحيل. لقد عاش في أوكرانيا لأكثر من عشرة أعوام. وكان متطوعا منذ "ثورة الكرامة" (الميدان الأوروبي) عام 2014. ومنذ ثماني سنوات تسير إجراءات عملية تجنيسه، ولكن حتى يتمكن من الحصول على الجنسية الأوكرانية، لا بد أولا من إسقاط الجنسية الروسية عنه. وهذا ما لم يتحقق. يقول: "كان علي الذهاب إلى روسيا، ولكني كنت سأوضع في السجن هناك. لقد شاركت في الاحتجاجات في ميدان كييف، وكنت متطوعاً في دونباس وأقوم بإجلاء القتلى من إيلوفيسك. هناك تهم جنائية موجهة إلي في روسيا".
وفي الأيام الأولى للحرب، أعطت الأخبار الواردة من السلطات الأوكرانية الأمل لكل من باشتشينكو وغوشكوفسكي. وقالت السلطات إن الأجانب في أوكرانيا يمكنهم حاليا "تقديم وثيقة منتهية الصلاحية". بدأ غوشكوفسكي يشعر بالارتياح، وتطوع مرة أخرى، مساهما في شراء سترات واقية للجنود الأوكرانيين. ولكن في مايو/ أيار، تم توقيفه بشكل غير متوقع عند نقطة تفتيش في منطقة بولتافا واقتيد إلى مركز الهجرة لفحص ملفه. وبعد ساعات قليلة فقط كان يحمل ختما على جواز سفره، والذي يقضي بأن عليه مغادرة أوكرانيا. ولكنه بقي هنا ورفع دعوى قضائية ضد قرار هيئة الهجرة.
"عدم اليقين القانوني"
وفقا لدائرة الهجرة فقد حصل خلال الأشهر الستة الماضية 635 مواطنا روسيا على مثل هذا الختم في جوازات سفرهم. تقول اكسينيا بروكونوفا، المحامية المتخصصة في قانون الهجرة، إن تصرفات دائرة الهجرة هي نوع من رد الفعل الدفاغي على الحرب غير المتوقعة. ولكن هناك الآن نقص في اليقين القانوني على صعيد العلاقة بين السلطة والأجانب. وتضيف المحامية: "منذ بدء الحرب، لم يعد المواطنون الروس والبيلاروسيون قادرون على توقع أي قرارات تصدر عن دائرة الهجرة".
نتائج الاستفتاءات الروسية: منعطف جديد للحرب في أوكرانيا؟
31:55
تلقت بروكونوفا العشرات من طلبات المساعدة القانونية من مواطني روسيا وبيلاروسيا. ولدى كل واحد منهم هناك وضع مختلف. ولكن المحامية تؤكد أنه من شبه المستحيل أن يحصل حاملو جوازات السفر الروسية على تمديد لتصاريح إقامتهم أو أن يحصلوا على الجنسية الأوكرانية. وترى المحامية أنه على دائرة الهجرة أن تنظم علاقتها مع المواطنين الروس بشكل أفضل بدلا من تجاهلهم.
"مخاطر على البلد"
وفي ردها على سؤال لـ DW، قالت دائرة الهجرة إنها تنتظر "حتى يشرع البرلمان قانونا ينظم كيفية التعامل مع مواطني الدولة المعتدية". وإلى ذلك الحين، سيتم إيقاف الطلبات المقدمة من مواطني الاتحاد الروسي. كما قدمت الدائرة لائحة قانونية إلى الحكومة حول كيفية التعامل مع المواطنين الروس لفحصها.
يقول المحامي فولوديمير شبناكوف، في حديث لـ DW، إنه طالما لا توجد قواعد رسمية، فإن الدولة ستصنف هؤلاء الناس "كمهاجرين غير شرعيين"، وهذا يشكل مخاطر على البلاد. ويضيف: إنه "من المنطقي أن يتم تسجيل هؤلاء الأشخاص لأسباب أمنية. فهم يأتون بأنفسهم إلى السلطات لأنهم بحاجة إلى شيء ما، وسيخضعون لجميع الفحوصات اللازمة ويقدمون كل ما هو مطلوب". ويرى المحامي أن السلوك الحالي لدائرة الهجرة يجبرهم على الاختباء، وهو أمر يضر بأمن البلاد.
يقول مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لـDW: إنه "لا يوجد حظر في أوكرانيا على لجوء المواطنين الروس". والمكتب غير مسؤول عن مراقبة الإجراءات الأخرى، بما في ذلك تمديد تصاريح الإقامة. ولكنه يشير إلى وجود "مشاكل معينة في إجراءات اللجوء. حيث توجد ممارسات مختلفة للمكاتب الإقليمية لدائرة الهجرة وبعضها لا يستطيع العمل بكامل طاقته بسبب الوضع الأمني في المناطق".
يؤكد مكسيم باشتشينكو أنه يرغب بالحصول على الجنسية الأوكرانية. ولكن إذا لم يتم حل مشكلته، فسيضطر للاستقرار هو وزوجته في بلد أوروبي آخر. ويضيف: "بدلا من الحصول على مواطن أوكراني إضافي، ستفقد أوكرانيا حينها مواطنة".
تمارا كيبينكو/ف.ي
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.