كيف ينظم القانون الألماني تلقي طالبي اللجوء العناية الطبية؟
٣١ أغسطس ٢٠١٧
ما أن تطأ قدم أي طالب لجوء الأراضي الألمانية حتى يحصل على حق تلقي العناية الطبية والخدمات الصحية. غير أن حجم تلك العناية والخدمات محدود ويقتصر أحياناً على الحالات الطارئة والضرورية، على الأقل في أول 15 شهراً.
إعلان
بعد دخول اللاجئين ألمانيا يقوم أطباء بفحصهم للتأكد من عدم إصابتهم بأي من الأمراض المعدية، وتشمل تلك الفحوصات تصوير شعاعي للرئة، وفحص الدم والجلد بالنسبة للنساء الحوامل ولمن تقل أعمارهم عن 15 عاماً. وفي حال إصابة اللاجئ بأي مرض معد، تقوم السلطات بإحالته فوراً إلى مركز طبي لتلقي العلاج المناسب. كما يتلقى اللاجئون تطعيما مجانيا ضد العديد من الأمراض مثل الحصبة والكزاز والسعال الديكي والتهاب الكبد الوبائي B والإنفلونزا.
يحق لطالبي اللجوء تلقي العناية الطبية المناسبة في حال معاناتهم من حالة مرضية حادة تستدعي العلاج الضروري أو إصابتهم بجروح أو معاناتهم من ألم شديد. وما عدا تلك الحالات الطارئة يقوم الأطباء بدارسة كل حالة بمفردها والنظر فيما إذا كانت تستلزم العناية الطبية لضمان المحافظة على صحة طالب اللجوء. على سبيل المثال تتلقى النساء الحوامل عناية طبية كاملة بما في ذلك القابلة القانونية والدواء وغيرها.
على أي حال فإن حجم الخدمات الطبية التي يتلقاها طالب اللجوء تُنظم بموجب قوانين خاصة. وحسب تلك القوانين يتلقى طالب اللجوء في أول خمس عشر شهراً من وصوله إلى ألمانيا خدمات صحية وعناية طبية أقل من غيره من المشمولين بالتأمين الصحي الحكومي. على سبيل المثال لا يتم دفع تكلفة عمل جراحي في الأسنان إلا إذ كان ذلك من الناحية الطبية ضرورياً ولا يمكن تأجيله.
بعد انقضاء خمس عشر شهراً على وجود اللاجئ في ألمانيا يحق له ما يحق لغيره من متلقي الإعانات الاجتماعية للعاطلين عن العمل. وهذا يعني أنه يتوجب على اللاجئين دفع نسبة من دخلهم (يكون هذا الدخل عبارة عن المساعدة المادية التي تدفعها الدولة). وتبلغ تلك النسبة نحو 2 بالمئة من دخلهم السنوي الأساسي، والذي يبلغ 4800 يورو سنوياً وأكثر بقليل من 400 يورو شهرياً. أما الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة فيتوجب عليهم دفع واحد بالمئة من دخلهم السنوي فقط.
من يتحمل المسؤولية الإدارية والمادية؟
بمجرد دخول طالب اللجوء ألمانيا، تقع مسؤولية توفير العناية الطبية له على عاتق الولايات، وليس الحكومة الاتحادية. ويستمر هذا الوضع طول مدة إقامة طالبي اللجوء في مراكز استقبال اللاجئين الأولية ومراكز اللاجئين المركزية في الولايات. حالما يتم فرز اللاجئ إلى منطقة إدارية معينة تنتقل مسؤولية العناية به صحياً إلى تلك المنطقة.
لكي يكون بمقدور اللاجئين زيارة الطبيب وتلقي العلاج، لا بد أن يحصلوا من السلطات على وثيقة تسمى باللغة الألمانية Behandlungsschein. ويمكن الحصول على تلك الوثيقة من مراكز استقبال اللاجئين الأولية منها والمركزية أو من مكتب الشؤون الاجتماعية. يعطي مكتب الشؤون الاجتماعية موافقته على الفحص الطبي ويحدد حجم الخدمات الطبية المسموح بها. وغالباً ما تكون تلك الوثيقة صالحة لمدة ثلاث أشهر وكما يمكن استخدامها في الحالات الطارئة.
بعد الحصول على الوثيقة يكون بإمكان اللاجئين البحث عن طبيب معين، حاصل على تخويل بمعالجة اللاجئين. يقرر الطبيب ما يجب فعله أو يقوم بتحويل المريض إلى طبيب آخر. وفي حال كتب الطبيب وصفة طبية، يمكن للمريض اللاجئ الحصول على الدواء من الصيدلية بموجب الوصفة دون أن يترتب عليه أي أعباء مالية إضافية. كما يمكن أن يوصي الطبيب بإدخال المريض إلى المشفى، لكن هذه التوصية يجب أن توافق عليها السلطات المحلية، بعدها يكون بوسع المريض دخول المشفى لتلقي العلاج.
تصدر بعض الولايات الألمانية، كولاية برلين، بطاقة تأمين صحي للاجئين بأسرع وقت ممكن بعد وصولهم إلى ألمانيا. تمكن هذه البطاقة اللاجئين من الحصول على كل الخدمات والعناية الطبية كأي شخص آخر يقيم بشكل شرعي في ألمانيا. بيّد أن تلك البطاقة لا تُصدر إلا بعد فرز اللاجئين إلى المناطق الإدارية وانتقالهم للعيش فيها. تتعاقد تلك المناطق مع شركات التأمين الصحية التي تقوم بدورها بإصدار البطاقات. لا يسمح القانون للاجئ باختيار شركة التأمين الصحي بنفسه.
منذ أيام تشهد مدينة ميونيخ يوميا تدفقا غير مسبوق للاجئين قادمين من شرق أوروبا معظمهم من السوريين والأفغان. ورغم عدم الاستعداد السياسي لاستقبال هؤلاء، جاءت مساعدات سخية مقدمة لهم من جهات مختلفة لتظهر وجها جديدا لألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Armer
يعد شهر آب/ أغسطس وشهر أيلول/ سبتمبر من كل عام الموسم الرئيسي لقدوم اللاجئين. وقد توقعت ولاية بافاريا الألمانية أن يصلها هذا العام 10 آلاف لاجئ. لكن يبدو أن العدد سيفوق التوقعات بكثير بعدما سمحت المجر لآلاف اللاجئين بالتوجه بالقطار إلى ألمانيا والنمسا في مخالفة لقواعد الاتحاد الأوروبي.
صورة من: Reuters/L. Barth
وتدفق على محطة القطارات الرئيسية في ميونيخ في الأيام الماضية (نهاية أغسطس/ آب وبداية سبتمبر/ أيلول 2015) آلاف اللاجئين القادمين من المجر. ومعظم القادمين إلى ميونيخ هم من سوريا وأفغانستان وهم من الشباب الذكور، لكن هناك أيضا سيدات وكبار السن وأطفال.
صورة من: Reuters/L. Barth
هؤلاء الأطفال وصلوا أيضا إلى محطة القطار في ميونيخ. على وجوههم تبدوا ملامح التعب والمستقبل المجهول. وربما يكون بعضهم قد فقد ذويه أثناء الرحلة، فكثيرا ما يموت لاجئون في طريقهم للهروب من جحيم الحرب في بلادهم إلى بلاد آمنة.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Stache
حتى الأطفال الرضع نجحوا في الوصول إلى عاصمة ولاية بافاريا. الطفلة ذات الثوب الأحمر ترفع يدها بالتحية وتظهر على وجهها ابتسامة تزيل عناء الرحلة الطويلة الشاقة. اغتالت الصراعات والحروب أحلامها في بلدها الأصلي، لكن ربما تبتسم لها الحياة هنا في ألمانيا.
صورة من: Getty Images/L. Preiss
ورغم أن أعداد اللاجئين الذين وصلوا إلى ميونيخ فاجأت الجميع، إلا أن الأهالي ومنظمات الإغاثة هبت لمساعدة الوافدين الجدد. واكتظت قاعة في محطة ميونيخ بالمواد الغذائية والملابس واللوازم الأخرى لدرجة أن الشرطة منعت دخول المزيد من المساعدات لعدم وجود مكان لها.
صورة من: DW/B. Knight
حتى حفاضات الأطفال وورق التواليت والمناديل كانت من بين مواد الإغاثة التي تبرع بها مواطنون ألمان وجماعات المتطوعين، وجهات رسمية في بافاريا. ورغم أن الولاية مشهورة بتحفظها تجاه الغرباء عموما إلا أن حفاوة استقبال اللاجئين بلغت مستوى فاجأ الجميع.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
أمام المحطة الرئيسية للقطارات في ميونيخ وقفت متطوعات يوزعن على اللاجئين زجاجات المياة. ووصل الأمر ببعض المتطوعين والمتطوعات إلى أنهم لم يناموا لمدة يومين، ودفع بعضهم من جيبه الخاص أموالا ليشتري للاجئين طعاما وشرابا.
صورة من: Reuters/L. Barth
بالود والترحاب تستقبل هذه الشابة من جماعات المتطوعين صغار اللاجئين، الذين يتبادلون معها التحية. يقوم المتطوعون بفرز المساعدات وترتيبها وتوزيعها على اللاجئين. ورغم العمل الشاق لا ينسون الابتسامة ليدخلوا الطمأنينة إلى قلوب اللاجئين الذين روعتهم مناظر القتل والعنف في بلادهم الأصلية وواجهتهم الأهوال في طريق رحلتهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Armer
متطوعة اسمها "بيا" قالت إن من الأسباب الرئيسية لقدومها إلى محطة ميونيخ هو وجود متطرفين يمينيين في المحطة، وأضافت لـ DW "لذلك يجب علينا أن نكون حاضرين هنا." المتطوعة بيا في الصورة هنا تضع في جيدها وردة صنعها طفل سوري.
صورة من: DW/B. Knight
الشرطة في ميونيخ كانت لطيفة بشكل أثار الانتباه. ولم يتم أخذ بيانات اللاجئين في المحطة، وصرح المتحدث باسم الشرطة كارستن نويبرت لـ DW "بالنسبة لنا كان الجانب الإنساني هو المهم... يحصل اللاجئون على الغذاء والكساء، والفحص الطبي. ومن ثم يتم نقلهم إلى مراكز الاستقبال. وبعدها فقط يمكننا أن نبدأ الحديث عن الجنسيات".
صورة من: Reuters/M. Dalder
صورة للاجئين في محطة القطار الرئيسية في ميونيخ ينتظرون توزيعهم على مراكز الإيواء المختلفة. وقد استغاثت ولاية بافاريا بالولايات الألمانية الأخرى للمساعدة في التغلب على مشكلة تدفق اللاجئين. كما طالبت الدول الأوروبية بأداء واجبها نحو اللاجئين طبقا للمعاهدات الأوروبية. إعداد: صلاح شرارة.