كيمنتس.. احتجاجات اليمين تخللتها إعتداءات على صحفيين
٢ سبتمبر ٢٠١٨
على الرغم من أن احتجاجات اليمين المتطرف انتهت - على خلاف التوقعات- بسلام نسبياً، لكن تقارير إعلامية ألمانية قالت إن صحفيين تعرضوا لاعتداءات جسدية ولفظية خلال تغطية الاحتجاجات التي دعا إليها حزب البديل وحركة بيغيدا.
إعلان
أفاد تقرير للقناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي أف" أن الشرطة في مدينة كيمنتس الألمانية تحقق في شكوى رفعها فريق تلفزيوني من قناة "أم دي آر" بشأن تعرضه "لهجوم".
وقالت قناة "أم دي آر" أن اثنين من مراسليها تعرضوا "لاعتداء"، أسفر عن إصابة أحدهما، وذلك خلال تغطيتها لاحتجاجات قطاعات واسعة من اليمين المتطرف في المدينة أمس السبت.
وفي مقطع فيديو نشرته القناة في تغريدة على تويتر، يظهر أن المراسلين طرقا باب أحد المنازل وسألوا عن إمكانية التصوير من شرفة المنزل. وبعد أن سُمح لهم بدخول المنزل قاموا بتصوير لقطات للاحتجاجات.
ويضيف أحد المراسلين بالقول: "فجأة وقف خلفنا رجل وأمسك بنا من الخلف وسحبنا، ومن ثم قام برمي الكاميرا من أيدينا. ودفع أحد زملائي إلى أسفل السلم". وبحسب بيان القناة الألمانية فإن "الاعتداء" أسفر عن جرح أحد المراسلين جرحا بالغا في يده وإلى كسر الكاميرا.
من جانبه قال موقع مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن صحفيين عملوا على تغطية الاحتجاجات التي قام بها أنصار حزب "البديل من أجل ألمانيا" وحركة "بيغيدا" قرب تمثال نصفي كبير لكارل ماركس في وسط كيمنتس، تعرضوا لإهانات لفظية وللتهجم ومُنعوا من أداء عملهم. كما "كرر المحتجون ترديد عبارة 'صحافة الأكاذيب'"، كما قال مراسل الموقع في المدينة. وبحسب "دير شبيغل"، فإن الوضع كان صعباً بالنسبة للمصورين الذين كانوا ينتقلون لتغطية الاحتجاجات.
كما تحدث مراسل للقناة الثانية من التلفزيون الألماني، ميشائيل بيفيرونغه، أيضاً عن "جو عدائي للغاية تجاه الصحفيين، لم أشهدها من قبل"، موضحاً أنه كان من غير الممكن الخوض في نقاشات مع المحتجين في كيمنتس.
في غضون ذلك أعلنت الشرطة الألمانية الأحد (الثاني من أيلول/ سبتمبر 2018) أن عدد المصابين في المظاهرات التي شهدتها مدينة كمنيتس السبت وصل إلى 18 شخصاً، من بينهم ثلاثة أفراد شرطة أصيبوا بكدمات خلال صد المتظاهرين.
يُذكر أنه تم الإعلان في البداية عن تسعة مصابين فقط. وأضافت الشرطة أن عدد الجرائم ارتفع أيضاً من 25 جريمة إلى 37 جريمة على الأقل، بينها إصابات جسمانية وأضرار مادية وانتهاك قانون التجمع.
وأشارت الشرطة إلى أنه يتم إجراء تحقيقات حالياً بشأن هجوم نفذه مجهولون على مجموعة تابعة للسياسي زورن بارتول المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي والذي لم يكن موجوداً أثناء الواقعة. وكتب بارتول، وهو نائب رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكيين الديمقراطيين بالبرلمان الألماني "بوندستاغ"، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أشعر بصدمة... مجموعتي المنحدرة من مدينة ماربورغ تعرضت لاعتداء من نازيين وهي في طريقها إلى الحافلة. تم تحطيم أعلام الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والاعتداء على البعض".
وتقدر الشرطة عدد المشاركين في المظاهرات المختلفة التي شهدتها مدينة كمنيتس أمس تجاوز 11 ألف شخص، ثمانية آلاف شخص منهم في مظاهرات تابعة لحزب "البديل من أجل ألمانيا" (ايه اف دي) اليميني المعارض وحركة "بيغيدا" المعادية للإسلام وحركة "برو كمنيتس" اليمينية الشعبوية، وكان هناك نحو ثلاثة آلاف شخص في مظاهرات مناوئة لهم.
ع.غ/م.س( تقارير وسائل إعلام ألمانية)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.