كيمنتس ـ توقعات بمشاركة عشرات الآلاف في حفل مناهض للعنصرية
٣ سبتمبر ٢٠١٨
بعد أن مرت مدينة كيمنتس بليلة هادئة الأحد عقب مظاهرات شهدتها مطلع هذا الأسبوع، قالت الشرطة الألمانية إنها تتوقع مشاركة الآلاف من مناهضي العنصرية ومعاداة الأجانب في حفل موسيقي بالمدينة اليوم الاثنين.
إعلان
ذكرت المتحدثة باسم شرطة كيمنتس اليوم الاثنين (الثالث من سبتمبر/ أيلول 2018) أنه لا يمكن التنبؤ مطلقا بتطورات الأوضاع اليوم. ومن المنتظر أن تشهد المدينة اليوم حفلاً مجانياً لمناهضة العنصرية ومعاداة الأجانب والعنف.
ويقام الحفل تحت شعار "نحن أكثر". وذكرت المتحدثة باسم الشرطة أنه لا يمكن بدقة توقع عدد الأفراد المنتظر حضورهم الحفل، مشيرة إلى أنه وفقاً لتسجيلات الحضور على مواقع التواصل الاجتماعي فقد يصل العدد إلى عشرات الآلاف.
وسيحيي الحفل عدد من الفرق الغنائية مثل "كرافت كلوب" و"دي توتن هوزن" ومغنيون مثل مارتيريا وتريتمان. ومن المقرر إقامة الحفل في باحة انتظار كبيرة في المدينة.
يُذكر أن مدينة كيمنتس شهدت خلال الأيام الماضية مظاهرات عنيفة معادية للأجانب على خلفية مقتل مواطن ألماني طعناً خلال شجار مع مجموعة من اللاجئين. وألقت الشرطة القبض على لاجئين عراقي وسوري للاشتباه في تورطهما في الجريمة.
ويقبع المتهمان في الحبس الاحتياطي حالياً على ذمة التحقيق. واستغل التيار اليميني المتطرف الواقعة، وخرج في مظاهرات للمطالبة برحيل الأجانب، وشهدت هذه المظاهرات وقائع اعتداء على مهاجرين وولاجئين وأداء لتحية الزعيم النازي الراحل أدولف هتلر.
من جهته، أعرب وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابرييل عن أمنيته في أن يتوجه ساسة بارزون من برلين إلى المدينة الواقعة في ولاية سكسونيا شرقي البلاد. وقال الرئيس الأسبق للحزب الاشتراكي الديمقراطي في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية الصادرة اليوم الاثنين إنه لو كان مستشاراً لألمانيا ما كان يتأخر كل هذا الوقت في الذهاب إلى سكسونيا.
ويرى غابرييل أن وزير الداخلية هورست زيهوفر كان عليه أن يتوجه إلى كيمنتس منذ فترة طويلة، لأن ما يحدث في المدينة ليس "مشكلة سكسونية". وقال غابرييل "نحتاج أيضاً إلى لباقة المختصين"، مؤكداً أهمية ذهاب الكثير من ممثلي الحكومة إلى كيمنتس، حيث يختلف الكثير من المواطنين مع الدولة.
وأوضح غابرييل أنه لا يمكن مواجهة الغضب إلا بالتواصل مع الغاضبين، وقال "يتعين علينا التحدث مع جميع غير الراضين عن الدولة". وفي المقابل، أكد غابرييل أنه ليس هناك مجال للنقاش مع اليمينيين المتطرفين، وقال "لا نقاش مع الأفراد الذين يؤدون تحية هتلر، بل فقط حسم دولة القانون".
في سياق متصل، دعت وزيرة الأسرة الألمانية فرانتسيسكا غيفي نظراءها في مجلس الوزراء الألماني إلى الاحتذاء بها والقيام بزيارة لمدينة كيمنتس وقالت الوزيرة المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في تصريحات لشبكة "إيه آر دي" "سيكون من الجيد أن يظهر أعضاء آخرون من الحكومة الألمانية هناك". وكانت غيفي زارت المدينة يوم الجمعة الماضي، ووضعت إكليلاً من الزهور في المنطقة التي شهدت مقتل الشاب الألماني.
ح.ز/ ع.غ (د.ب.أ)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.