1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيمنتس ومعاداة الأجانب.. المواعظ الأخلاقية تستفز الكثيرين

٢٢ أغسطس ٢٠١٩

أقامت مدينة كيمنتس الألمانية الكثير من الفعاليات لتحسين سمعتها بعد جريمة قتل شاب ألماني بسكين لاجئ سوري وأعمال الشغب التي أسفرت عنها. غير أن جهود المدينة وحملة "نحن أكثرية" لا تجد قبولا عند الجميع لأكثر من سبب.

Hannover - Demonstration "Wir sind mehr" #wirsindmehr
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte

قطعة معدنية صغيرة فقط على رصيف شارع رئيسي في كيمنتس تذكر بالشاب الألماني من أصل كوبي، إنه دانييل(35 عاما) الذي قتل طعنا بسكين لاجئ سوري في 26 آب/أغسطس 2018 أثناء الحفلة الصيفية للمدنية. وبعد سنة على مرور الجريمة صدر بحق الجاني اليوم الخميس حكما بالسجن لمدة تسع سنوات ونصف السنة. والقاتل علاء س.(23 عاما) مثل أمام محكمة في دريسدن ونال جزاء فعلته، حسب ما طالب به المدعي العام ، إلا أن عقوبة السجن هذه لا توضح سبب هذه التداعيات الواسعة للقضية ليس على نطاق مدينة كيمنتس فحسب، بل أيضا على المناخ السياسي العام في ألمانيا.

المتهم علاء س. أمام محكمة في مدينة دريسدن وقد حُكم عليه بالسجن تسعة أعوام ونصفصورة من: picture-alliance/dpa/M. Rietschel

قبل عام وإثر مقتل دانييل، انقلبت أجواء الاحتفال الصيفي رأسا على عقب. وظهرت أشرطة فيديو تكشف وجود مطارة لمهاجرين في المدينة، فيما يبدو أن الشرطة غير قادرة على بسط سيطرتها على المشهد. وبعد إلغاء الحفل، شهدت كيمنتس على مدار اسبوع كامل احتجاجات نظمها اليمين المتطرف وتزامنت مع مظاهرات مضادة نظمتها جماعات مناهضة الفاشية اليسارية، حيث وقعت مواجهات عنيفة بين الجانبين. في غضون ذلك كان السياسيون يبحثون عن سبيل للدخول في حوار مع المواطنين.

وانتقل حمى المظاهرات إلى العاصمة برلين ومدن ألمانية أخرى، حيث جرت مظاهرات كبيرة، دعت إليها جماعات تحت وسم "نحن أكثر". وكانت المظاهرات تهدف إلى إظهار أن الأغلبية في ألمانيا تؤيد مجتمعا منفتحا واندماجا ثقافيا بدلا من رفض المهاجرين.

عام على حملة "نحن أكثرية" 

وشهدت مدينة كيمنتس خلال العام المنصرم الكثير من النشاطات، ففي الكثير من الأماكن ظهرت مشاريع فنية وثقافية معنية بمفاهيم التسامح والتنوع والانفتاح. كان آخر الأنشطة الحفل الموسيقي الكبير الذي تم تنظيمه في قلب المدنية في الرابع من تموز/يوليو الماضي 2019. وقد تم تنظيم الحفل تحت عنوان "نحن اكثرية"، حيث شارك فيه نخبة من كبار الفرق الموسيقية الألمانية.

أما حفل المدنية الصيفي السنوي، الذي انتهى العام الماضي بشكل مأساوي ومفاجئ، فسيقام بنهاية الأسبوع الجاري على شكل مهرجان شارع وتحت عنوان "كيمنتس تعيش" وينظمه هذه المرة مبادرة محلية، وليست بلدية المدينة.

قطعة معدنية صغيرة على رصيف شارع وسط كيمنتس تذكر بمقتل الشاب الألماني دانييل على يد لاجئ سوريصورة من: DW/B. Knight

وهناك مشاريع فنية وثقافية كثيرة تقيمها المدينة بدعم مالي من الحكومة الاتحادية في برلين، ومن بينها ندوات وأمسيات ينظمها ناشطون وفنانون بهدف ترسيخ ثقافة الديمقراطية في المدينة، ومن أبرز الأنشطة في هذا الإطار مشروع يتناول تورط بعض المتطرفين اليمينيين في كيمنتس في نشاط الخلية النازية السرية التي قتلت خلال قرابة عقد من الزمن عشرة اشخاص جلهم من اصول مهاجرة إضافة إلى شرطية ألمانية.

في هذا السياق تقول الناشطة ومسؤولة احد المشاريع الفنية  ريبيكا داته: "حتى الصيف الماضي كان الكثير من سكان كيمنتس لا يعيرون أهمية لمواقف جيرانهم اليمينية المتطرفة أو يلتزمون الصمت إزاءها. لكن أحداث الصيف الماضي في المدينة دفعت بالكثيرين للقيام بنشاط سياسي". وتضيف داته: "يلاحظ أن الناس يتعاملون بوعي وإدراك مع ظاهرة التطرف اليميني، فهم لا يغضون الطرف بعد الآن".

انتكاسة لمبدأ التسامح

ويشارك فرانتس كنوبي مدير مشروع "شبكة كيمنتس للتعليم العالمي" رأي داته ويضيف في حديث مع دويتشه فيله: "هناك الكثير من النشاطات المدينة التي يقوم بها المواطنون، كما ينخرط الكثيرون منهم في نشاطات عامة وتجدهم في غرف وقاعات الحوارات ويطلقون مشاريع خاصة بهم. عموما هناك الكثير من النشاطات المتنوعة في هذا المجال.

احتجاجات اليمين المتطرف عبرت عن كراهية عميقة للاجئينصورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen

لكن ورغم ذلك هناك البنية السياسية في كيمنتس، حيث فاز حزب البديل اليميني الشعبوي المعادي للمهاجرين في الانتخابات البلدية الماضية بنسبة 18 بالمائة من الأصوات واحتل المركز الثاني بعد حزب ميركل المحافظ. كما حصدت جماعة يمينية متطرفة باسم "برو كيمنتس" وتعني "من أجل كيمنتس" نسبة 8 بالمائة من اصوات الناخبين. وتضم للجماعة مجاميع النازيين الجدد التي وحدت صفوفها بعد مقتل دانييل في خضم احتجاجات اليمين المتطرف في المدينة.

من جانبه، يعتقد النائب من كتلة حزب البديل اليميني الشعبوي في البرلمان الألماني، كارستن هيلزه، انه تم تفسير المظاهرات بشكل خاطئ حسب تعبيره. ويضيف: "ان مأخذ سكان كيمنتس على السياسة هو أن حادث القتل لم يأخذ اهتماما واسعا، بل تم التركيز على المظاهرات. فالمواطن العادي الذي يعمل ويدفع الضرائب يقول هكذا إذن تتصرف السياسة، فسأخرج واتظاهر ضد سياسة الهجرة". وعندما يلاحظ المواطن أن وسائل الإعلام تصفه "بالمتطرف اليمين، فيشتد غضبا عند ذاك". 

ورغم كل هذا الكم الهائل من النشاطات في المدينة من أجل ترسيخ مفهوم التسامح، يبقى التعامل مع الموضوع صعبا للغاية، كما يشير إلى ذلك الناشط فرانتس كنوبي. ويضيف " أعتقد أنه كلما تم تناول الموضوع من جديد، يحدث رد فعل عكسي". وعندما يصبح الموضوع عنوانا بحد ذاته، فسيساهم في تقسيم المجتمع بدلا من توحيده، حسب تعبيره. وبهذا الأسلوب لا يتم الوصول إلى المواطنين الذي لا يخرجون مع النازيين في مظاهرات، لأنهم يرون في مقتل دانيل إشارة إنذار. فالتفسير الأخلاقي للحادثة والإفراط في الموعظة يثير أعصاب الكثير من الناس البسطاء. فهم يشتمونك عندما تتحدث بهذا الشكل عن الانفتاح على العالم، وهذا هو التفسير الأخلاقي الذي يذكر الكثيرين بأيام الحكم الشيوعي في ألمانيا الشرقية

الموعظة الأخلاقية تذكّر بألمانيا الشرقية

 

ولدعم رأيه يُظهر فرانتس كنوبي شريط فيديو لفرقة موسيقية تقدم أغنية في نعي أحد نشطاء المشهد الكروي اليميني المتطرف وهو توماس هالير الذي اسس منظمة يمينية متطرفة يقول فيها: "التسامح هو الصافرة التي يرقص الجميع على أنغامها، الإعلام والسياسة، فالكل يجلس في قارب واحد".

ورغم الرفض الواسع للموعظة الأخلاقية في التعامل مع أحداث كيمنتس، يبقى أمر واحد يعود إليه الجميع في حياتهم اليومية للتعايش معا رغم الخلافات. فأطفال كنوبي يلعبون في هذا اليوم المشمس من آب/أغسطس كرة القدم مع أطفال المهاجرين وأطفال عائلات تنتخب حزب البديل اليميني المتطرف.

بين كنيت/ حسن ع. حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW