لأول مرة في أوروبا - تدريس اللاهوت اليهودي بجامعة ألمانية
١٤ نوفمبر ٢٠١٣يرتدي ألكسندر طاقية على رأسه وترتسم ابتسامة عريضة على وجه ياسمين. لقد تعرفا على بعضهما البعض في جامعة بوتسدام. وفيما ينحدر ألكسندر غرودينسكي من روسيا، ولدت ياسمين آندرياني في تل أبيب قبل أن تنتقل كطفلة مع والديها إلى برلين للعيش هناك، حيث ينحدر منها أجدادها. وتقول ياسمين: "إنه أمر يثير مشاعري أن يصبح بالإمكان دراسة اللاهوت اليهودي في مؤسسة تعليمية ألمانية"، وتشرح أن لديها شعورا بأن "ذلك يعد لحظة صغيرة ولكنها تاريخية".
في الواقع، تم إنشاء كلية "الدراسات اليهودية" في جامعة بوتسدام عام 1994، وبمرور الأعوام توسعت الكلية بشكل مطرد. وبعد بضعة أعوام تم إنشاء معهد خاص لتكوين الحاخامات، تابع للكلية تحت اسم "معهد غيورغ غايغر". والآن تم إطلاق دراسة شعبة جديدة "علم اللاهوت اليهودي" وفي هذا الإطار يؤكد هارتموت بومهوف، المكلف بالعلاقات العامة في "معهد غيورغ غايغر"، أنه من خلال الشعبة الدراسية الجديدة أصبحت هناك إمكانية فريدة من نوعها في كل أوروبا "لتدريس اللاهوت اليهودي من منظور ديني" في مؤسسة اللاهوت اليهودي (School of Jewish Theology).
أساتذة وطلاب من مختلف أنحاء العالم
وتقرر أن يلتحق بمدرسة اللاهوت اليهودي 11 أستاذا جامعيا لتغطية مختلف الجوانب في تدريس الديانة اليهودية التي يعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، مرورا بالقرون الوسطى وصولا إلى العصر الحديث. وسيتم تدريس شرح النصوص والكتب المقدسة والطقوس الدينية وتاريخ الموسيقى اليهودية. ويقول بومهوف إنه ستتم في بوتسدام تغطية كل ما يرتبط باللاهوت اليهودي. "وبما أنه لدينا أساتذة جامعيين من أمريكا الشمالية وإسرائيل، فسيكون لنا إلمام بأحدث ما توصلت إليه الأبحاث في هذا المجال حتى الآن."
منذ زمن طويل كان بإمكان الطلبة في ألمانيا دراسة اللاهوت الكاثوليكي وكذلك اللاهوت الإنجيلي قي الجامعات الألمانية، ومنذ بضعة أعوام بدأ تدريس الدين الإسلامي أيضا. الآن أصبحت دراسة اليهودية من منظور ديني وعلى مستوى أكاديمي رفيع ممكنة أيضا. وهذا ما يثير اهتمام الشباب من شتى أنحاء العالم. فإلى جانب الطلبة الألمان، قدم طلبة من أوروبا الشرقية ومن إسرائيل وأمريكا الشمالية طلبات التسجيل لدراسة اللاهوت اليهودي في جامعة بوتسدام، حيث بلغ عددهم 36 طالبا.
"طلاب في قلب التاريخ"
وأعرب هارتموت بومهوف عن قناعته بأن الطلبة القادمين من أمريكا الشمالية وإسرائيل قد أتوا من بلدانهم إلى ألمانيا لأنهم يريدون أن يكونوا في قلب التاريخ. ويشير في هذه الصدد إلى أن ألمانيا كانت في القرن العشرين مسرحا لأحداث غيرت مجرى التاريخ، مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية والهولوكوست أوتغيير رسم حدود الدول وغير ذلك.
كما يشير بومهوف إلى أنه بإمكان الطلاب التعرف في عدد من المدن الألمانية مثل برلين وبوتسدام وغيرها على تقاليد يهودية عريقة وتنبض بالحياة. ويسكن أغلبية طلاب مدرسة اللاهوت اليهودي في برلين التي لا تبعد سوى بضعة الكيلومترات عن مدينة بوتسدام، حيث يتابعون دروسهم في حرم جامعي بالقصر الجديد.
"الحرم الجامعي جميل جدا"، هكذا تصف ياسمين آندرياني مقر دراستها. وتضيف قائلة: "خاصة في فصل الصيف". وتشير إلى أن الطلبة يتنقلون بين بنايات تاريخية عريقة محيطة بالقصر الجديد وفي منتزه قصر سانسوسي الشهير. كما يوجد هناك مطعم جامعي يعد أطعمة لابأس بها. وتختتم حديثها قائلة: "الشيء الوحيد الذي تفتقد اليه بوتسدام هو أنها لا تقع في قلب برلين، غير أنها حقا مكان جميل للدراسة."