يعيش آلاف اللاجئين السوريين في ليبيا في ظروف صعبة، ورغم أنهم يريدون التوجه إلى أوروبا للاستقرار فيها، إلا أن الخوف من الغرق أو الفشل في محاولة الوصول يجعلهم "مجبرين" على انتظار إعادة التوطين، وسط تراكم آلاف الملفات.
إعلان
قبل ست سنوات خرجت ناهد دهان وعائلتها من سوريا إلى مصر هرباً من الحرب وأملاً بحياة أفضل، كما تقول، لكن "الأوضاع السيئة" في مصر وقتها جعلت العائلة "تضطر" للتوجه إلى ليبيا لتوافر فرص العمل فيها آنذاك. وتقول اللاجئة السورية لمهاجر نيوز: "بعد فشل محاولة الاستقرار في مصر، انتقلنا إلى ليبيا ووجدت عملاً كمحاضرة في الجامعة حيث أنني حاصلة على الماجستير في التكنولوجيا الحيوية، كما أن زوجي كان يعمل مساعدا فنياً في الهندسة المعمارية". وبعد أشهر من محاولة الاستقرار في بنغازي الليبية، كما تقول ناهد، اشتد القتال فيها، ما جعل العائلة تنتقل بالتهريب إلى العاصمة طرابلس حيث كانت الأوضاع فيها أفضل نسبياً.
"ما هربت منه في سوريا رأيته في ليبيا"
تقول ناهد: "ما هربت منه في سوريا رأيته في ليبيا، خصوصاً عندما كانت تدور في بنغازي حرب طاحنة، حيث عشت أسوأ أيام حياتي"، وتضيف: "حتى في طرابلس لا يوجد أمان فالناس يرفعون الأسلحة في وجوه بعضهم حتى في حالات الشجار العادية".
تعيش ناهد في العاصمة طرابلس مع زوجها وولديها يزن (4 أعوام) ومحمد (سنتان ونصف). وتقول إن زوجها تعرض "للطعن مرة وللاحتجاز مرة وللسرقة مرتين"، وتضيف: "زوجي مصاب بالاكتئاب بعد أن تم استغلاله عدة مرات، حيث أكلوا عليه أجره عدة مرات بعد أن أنجز العمل، حيث يعمل في الديكورات".
ولم يعد للاجئة السورية أيّ أمل في الخلاص من "السجن الكبير" الذي تعيش فيه، سوى انتظار إعادة توطينهم من قبل مفوضية شؤون اللاجئين، كما تقول، رغم أنها تعرف أن عدد الذين ينتظرون إعادة التوطين في ليبيا يصل إلى الآلاف.
آلاف اللاجئين
وبحسب أرقام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن عدد اللاجئين الموجودين في ليبيا والذين يتم النظر في حالاتهم لإعادة توطينهم عند توفر الحصص بلغ 7 آلاف لاجئ في عام 2018. وثمة حوالي 58 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجل لدى المفوضية، وهم جزء من 100 ألف شخص تقريباً بحاجة للحماية الدولية. ويعيش في ليبيا 1.3 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية، وفقاً للأمم المتحدة.
أما بالنسبة لخيار ركوب البحر للوصول إلى أوروبا فهو غير وارد أبداً لدى العائلة السورية، لأنها لا تريد أن تلقى مصير آلاف اللاجئين الذين يغرقون في البحر أو يخفقون في محاولة الوصول، كما حصل مع السورية لمى كريزان وعائلتها.
فبعد مشاكل عائلية بينها وبين عائلتها الكبيرة التي تعيش في ليبيا منذ عام 2012، قررت السورية المطلقة التوجه إلى أوروبا مع أطفالها الثلاثة (محمد 16 عاماً ومرهف 15 عاماً وليمار 7 أعوام).
فشل محاولتين للوصول إلى أوروبا
تقول كريزان لمهاجرنيوز: "كنت أرفض فكرة عبور البحر لكي لا أعرض أطفالي للخطر، لكن الظروف التي مررت بها والضغوط التي تعرضت لها، أجبرتني على اللجوء إلى هذه الطريقة"، وتضيف: "بعت حلّتي الذهبية واستدنت بعض المال واتفقت مع مهرب لكي يوصلنا إلى أوروبا".
ورغم رحلة العذاب والخوف التي مرت بها اللاجئة السورية مع عائلتها، لم تفلح في محاولتين للوصول إلى القارة العجوز، وفي آخر محاولة أوقف خفر السواحل الليبي قاربهم الذي كان فيه العديد من الأطفال الرضع، وأعادهم إلى ليبيا.
تقول كريزان: "عندما أستذكر تلك الأحداث يرتعش جسدي، حيث أنني أتذكر كيف كانت النساء تبكي، والخوف يدبّ حتى في قلوب الرجال". لكن بعد فشل محاولتيها للوصول إلى أوروبا وزواجها من شاب ساعدها أثناء الرحلة، ألغت فكرة عبور البحر من رأسها، كما تقول، لكنها مازالت تريد الاستقرار في بلد آمن تعيش فيه مع عائلتها بسلام. وبعد أن ضاع ملف إعادة توطينها الأول لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، كما تقول، سجلت العائلة نفسها من جديد، على أمل إعادة توطينها قريباً، رغم أنها تدرك أن ذلك يستغرق أشهراً طويلة.
تقول اللاجئة السورية ناهد دهان: "ليس لدينا أيّ حلّ آخر" غير الأمل والانتظار.
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.