تصر السلطات الألمانية على مطالبة اللاجئين بإحضار شهادات ووثائق من الصعب عليهم تأمينها من سوريا أو من سفارتها في برلين. فكيف يُطلب من لاجئين ملاحَقين التوجه إلى سفارة النظام الذي يلاحقهم؟ فماذا يفعل اللاجئ في هذه الحالة؟
إعلان
اضطر مئات آلاف السوريين إلى الخروج من بلدهم سوريا. ولجأ كثيرون منهم إلى ألمانيا. وما زال سوريون كثيرون يعيشون في سوريا تحت كنف النظام السوري. "لكننا نعتبر أن هذا النظام ظالم"، يقول اللاجئ السوري محمد في ألمانيا. والسلطات الألمانية تطالبه وتطالب غيره من اللاجئين بإحضار وثائق وأوراق ثبوتية، إما من سوريا أو من السفارة السورية التابعة للنظام في برلين. "فكيف بإمكاني أن أدفع نقوداً لهذا النظام الذي يقتلني بهذه النقود ويؤذيني ويؤذي أهلي الذين ما زالوا موجودين في سوريا، لا أعرف ما هذا القانون الذي في ألمانيا"، يتساءل محمد مستاءً في حواره مع موقع مهاجر نيوز.
وبالاطلاع على أسعار المعاملات القنصلية الحالية 2017 المعلنة في موقع السفارة السورية في برلين يتضح أن رسوم تمديد جواز السفر 190 يورو ورسم منح جواز سفر جديد 380 يورو. لكن استعادة الأوراق من سوريا مثل الشهادات الأكاديمية وشهادات الميلاد في غاية الصعوبة. فقد خرج هؤلاء في الأساس من أجواء حرب، ومنهم مَن تم تدمير منازلهم في القصف. وكل أوراقهم ووثائقهم اختفت مع اختفاء بيوتهم. كما أنهم خرجوا فجأةً من سوريا. وقد اختفت معظم أوراقهم ووثائقهم. وهم الآن هنا في ألمانيا. فكيف بإمكانهم العودة إلى سوريا كي يستعيدوا هذه الأوراق، وخاصةً الشهادات وأوراق لمّ الشمل؟ "ففي سوريا لم يعد من المسموح به استصدار الشهادات بتوكيل شخص آخر، بل على صاحب الشأن استخراجها بنفسه شخصياً"، كما تقول اللاجئة السورية إيمان في حديثها لموقع مهاجر نيوز بمدينة كولونيا الألمانية.
"اللجوء إلى التزوير وسماسرة الإنترنت"
وحتى إذا كان بإمكان اللاجئ تأمينها فالكلفة المادية تكون باهظة وهائلة جداً، كما يقول لاجئون، متمنين من السلطات الألمانية إعادة النظر في هذه المشكلة، لأنها من الأهمية بمكان. "أنا أتساءل كيف بإمكاني الحصول على هذه الأوراق والوثائق. ويأتي الرد من السلطات الألمانية: هذه ليست مشكلتنا"، يقول محمد.
ومنهم مَن حصل حق اللجوء بالفعل، مثل رامي الذي حصل على الحماية الثانوية أي إقامة لمدة سنة في ألمانيا. لكن وعلى عكس ما توقع، فإن مشكلته مع الأوراق الثبوتية لم تنتهِ بعد في ألمانيا. فقد طُلب منه التوجه إلى السفارة السورية في برلين من أجل المزيد من الأوراق الثبوتية. وهو ما جعل رامي يصاب بالصدمة: "أسأل السلطات الألمانية كيف تطلبون من لاجئين -ملاحقين في بلدهم- التوجه إلى سفارة هذا البلد الذي يلاحقهم". ويؤكد رامي على أن "هذا الأسلوب يدفع اللاجئين للتعامل مع سماسرة عبر الإنترنت من أجل تأمين أوراق ربما تكون مزورة، تكلفهم أرقاماً فلكية".
وبالفعل يوجد لاجئون سوريون يتمكنون من تدبير الأوراق، ولكن "بطرق معينة معروفة وغير مشروعة: بالتزوير ودفع الرشاوي، لكن هذا ليس بالأمر الطبيعي"، كما يقول لاجئون، متمنين من الحكومة الألمانية أخذ ذلك بعين الاعتبار. فاللاجئون السوريون -كما يقولون هم أنفسهم- ليس بإمكانهم الرجوع إلى بلدهم بسهولة، وليس بإمكان أي شخص آخر استخراج أوراقهم في سوريا بالوكالة.
منذ إغلاق طريق البلقان التي كان غالبية اللاجئين يسلكونها للوصول إلى أوروبا، بقي الكثيرون منهم عالقين في مناطق حدودية بأوروبا الشرقية. لكل نازح قصته مع النزوح وخططه للمستقبل. هذه التشكيلة من الصور تقربنا من بعض الأمثلة.
صورة من: DW/M. Ilcheva
"نتواجد في اليونان منذ ستة أشهر، وطفلنا ولد في تركيا". يقول أحمد وفينوس النازحان من قرية قرب اللاذقية في سوريا. وبسبب القصف الروسي فقدوا كل ما يملكون.
صورة من: DW/M. Ilcheva
العراقي عبد الأمير (49 عاماً)، قضى العقد الأخير كنازح من بلده. في فبراير/ شباط 2016 وصل إلى اليونان. "على بعد لحظات من الساحل اليوناني ظهرت سفينة لخفر السواحل التركية، تسببت في موجات كبيرة، وأُصبنا بخوف كبير".
صورة من: DW/M. Ilcheva
أما الباكستاني فرمان (18 عاماً) فيقول: "وصلت أمس قادماً من بلغاريا عبر تركيا ويجب أن أصل إلى ألمانيا مثل الآخرين". ويضيف: "ألمانيا بلد جميل جداً، وهناك يمكنني أن أعمل طباخاً، فأنا أطبخ بشكل جيد جداً".
صورة من: DW/M. Ilcheva
"تم إعادتي ثلاث مرات من قبل الصرب إلى بلغاريا. لكن سأحاول مرة أخرى الوصول إلى ألمانيا..الكثيرون نجحوا في ذلك وسأنجح أيضاَ"، يوضح الباكستاني وسيم بالقميص الأبيض (28 عاماً).
صورة من: DW/M. Ilcheva
الغالبية في مخيم اللاجئين " باستروغور" ببلغاريا شبان أفغان وباكستانيون، إلى جانب عائلتين منغوليتين من الصين يريدون الوصول إلى ألمانيا. جاؤوا من شيلين التي تتمتع بالحكم الذاتي. ويقولون إن "المنغوليين يتعرضون باستمرار للقمع".
صورة من: DW/M. Ilcheva
تكلف الرحلة من باكستان إلى ألمانيا 6 آلاف دولار أمريكي. علي (يسار الصورة) يتواجد في" باستروغور" منذ أسبوعين، وينتظر مكالمة من أحد المهربين لمواصلة الرحلة. " يجب أن أصل إلى ألماني لدعم عائلتي ماليا. وأستطيع العمل كسائق تاكسي".
صورة من: DW/M. Ilcheva
"أنا مسيحي والمسلمون في هذا المخيم يهينوني باستمرار"، يروي هذا الطبيب من إيران (22 عاماً). ويضيف:"أتصور أن أبقى في بلغاريا، لكن أنا بحاجة للعيش بعيداً عن أصحاب الأديان الأخرى، لأنهم يتحرشون بي."
صورة من: DW/M. Ilcheva
يطلب هذا النازح الباكستاني (يمين الصورة) من مدير مأوى اللاجئين "باستروغور" ببلغاريا إعادته إلى بلده بسبب مرض ابنه. "الرحلة إلى أوروبا كانت خطأ"، كما يوضح. لكنه ليس الوحيد الذي يعتقد ذلك. فهناك بعض الأفغان يريدون الرجوع أيضاً.
صورة من: DW/M. Ilcheva
وصل الباكستاني "هرام" منذ بضعة أيام إلى أحد مخيمات اللاجئين في صربيا. وسبق له أن حاول عبور الحدود إلى المجر، لكنه تعرض للضرب بوحشية من قبل الشرطة المجرية، دون أن يفهم السبب، على حد تعبيره.
صورة من: DW/M. Ilcheva
يوجد الباكستاني عمر شيداد (23 عاما) منذ أحد عشر شهرا في حالة فرار. وهو الآن في صربيا ويريد مغادرتها إلى إيطاليا. "في إيطاليا نحصل بسرعة على اللجوء. بعدها نذهب حيث نريد" يوضح عمر.
صورة من: DW/M. Ilcheva
"أنا منذ أسبوعين هنا وأتمنى أن أستطيع تقديم طلب اللجوء في المجر"، يقول هذا الشاب السوري في الحدور الصربية المجرية. ويضيف "إذا انتهت الحرب في سوريا سأعود. سوريا هي وطني. وقلبي ملك لها".
صورة من: DW/M. Ilcheva
يتساءل هذا الشاب الأفغاني "ماذا فعلت السيدة ميركل؟..هي وجهت لنا الدعوة جميعا. والآن أغلقت الحدود في وجهنا". فهو يتواجد منذ أسبوع في منطقة العبور الحدودية بين صربيا والمجر. وعينه على ألمانيا.