دخول سوق العمل الألمانية أمر صعب، فهل يمكن للعمل الحر أن يصبح الحل أمام القادمين الجدد إلى ألمانيا؟ راني سامي خضر واحد ممن خاضوا تجربة العمل الحر في ألمانيا بنجاح رغم الصعوبات التي واجهته. فما السر؟
إعلان
لم يتخيل راني (26 عاما) قبل خمس سنوات، أن يتمكن من النجاح في ألمانيا، فالشاب العراقي عاش واقعا صعبا وتعرض لمخاطر الحرب في بلده الأم، فإلى جانب ويلات الحرب، عانى راني وأسرته من اضطهاد شديد بسبب اعتقادهم الديني على حد قول اللاجئ العراقي الذي يقول: "وصلت الأمور إلى الذروة"، الأمر الذي اضطره لمغادرة الموصل والتوجه إلى ألمانيا بحثا عن الأمان والحرية الدينية.
وصل راني إلى ألمانيا في سبتمبر/أيلول 2011، بعد "رحلة شاقة وطويلة تعرض وأسرته خلالها لمخاطر كثيرة"، على حد وصفه. لم يستغرق الأمر سوى ثلاثة أشهر فقط، حتى تم الاعتراف بطلب لجوء العائلة العراقية، لكن ذلك لم يكن كافياً لشعورهم بالاستقرار كما روى في حواره مع مهاجر نيوز. فراني كان يتمنى أن يتمكن من إيجاد مسكن، ليتمكن من مغادرة نزل اللاجئين. ولم يكن هذا الأمر سهلاً، فكغيره من اللاجئين يتقاضى راني معونة شهرية من الدولة، لكن هذا الأمر غير محبذ من قبل أصحاب المنازل، ما يصعب مهمة إيجاد شقة للإيجار.
لهذا أراد راني التوجه إلى العمل الحر!
بعد بحث مطول تمكن راني من إيجاد شقة يسكن فيها مع أسرته، وبدأ التحدي الثاني أمامه، وهو تعلم الألمانية، فراني لم يكن يرغب أن يستمر في الحصول على مساعدات من الدولة، وكان يتمنى أن يصبح مستقلاً. على مدى أربع سنوات، حاول راني العمل في مجالات مختلفة، كمجال البناء والمطاعم. لكنه لم يكن راضياً عن تلك الوظائف، ويوضح قائلاً: " لم يكن العمل في هذه الأعمال يضمن لي الحصول على دخل كافٍ لنا، فنحن عائلة مؤلفة من أربعة أشخاص".
لا يملك راني مؤهلات دراسية كافية للعمل في مجالات تزيد دخله المادي، وهو ما جعله يقرر السعي للعمل الحر، "في السنوات الأخيرة شهد الحي الذي أقطنه قدوم الكثير من اللاجئين العرب"، ومن هنا ولدت لديه فكرة افتتاح متجر لبيع المواد الغذائية العربية.
لاقت فكرة راني ترحيبا من قبل مكتب العمل، ما دفع الموظف المسؤول عن طلبه إلى تسجيله في دورة تدريبية تساعده على فهم أبجديات العمل الحر في ألمانيا "كيفية حساب الربح والخاسرة والتعرف على قوانين العمل الحر التي ينبغي علي مراعاتها، فضلا عن كيفية سير نظام الضرائب في ألمانيا ومعرفة حقوقي وواجباتي".
عثرات لم تكن بالحسبان
بعد أن أنهى الشاب العراقي الدورة التدريبية بنجاح، كان عليه التوجه الى الدائرة الألمانية المسؤولة عن إجراء دراسة اقتصادية على المشروع ليتم تمويله من الحكومة، وهنا صدم راني بعد أن رفض مشروعه "لاستحالة نجاحه". لكن راني لم ييأس وبدأ بالبحث عن حل بديل: "حصلت على قرض صغير من أحد الأصدقاء وبحثت عن متجر صغير بإيجار منخفض وتمكنت من تحقيق حلمي". بدأ المشروع صغيراً، فضعف الإمكانيات المادية اضطر راني إلى البدء بشراء كميات محدودة من المنتجات الغذائية. لكنه تمكن من تطوير مشروعه بفضل الأرباح المادية التي كان يحققها.
وأصبحت منتجاته الغذائية تجذب زبائن من جنسيات مختلفة: "إلى جانب الزبائن العراقيين والسوريين والمصريين هناك أتراك وأيضاً ألمان ومن جنسيات أخرى". وعن سرّ نجاحه يقول راني "في البداية كان الأمر يحتاج إلى صبر شديد وبفضل مساعدة زوجتي وأخي تمكنت من المثابرة على العمل، وينبغي ألا ننسى أن أسلوب التعامل مع الزبائن مهم جدا".
يأمل راني أن يتمكن مستقبلا من فتح متجر آخر لبيع وتصليح الهواتف المحمولة، فهو يملك خبرة واسعة في هذا المجال، إذ عمل فيه لسنوات طويلة في بلده الأم. وفي النهاية ينصح راني جميع القادمين الجدد "بتعلم اللغة الألمانية، فهي مفتاح النجاح وتساعد كثيرا على إيجاد فرص عمل ملائمة".
ويؤكد على ضرورة أن يتابع الشباب تعلمهم "من يدرس ويتعلم ويعمل هنا يعيش حياة أفضل ويصبح لديه حقوق كثيرة".
أسلاك شائكة وبعض الأمل - اللاجئون السوريون حول العالم
فيما يناقش قادة العالم خلال قمة تعقدها الأمم المتحدة في نيويورك أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تبقى مواقف الدول بشأن استقبال اللاجئين متباينة. جولة من الصور حول وضعية اللاجئين السوريين حول العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gouliamaki
فيما أغلقت الأغلبية العظمى للدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين، كانت ألمانيا، وبنسبة أقل السويد، من أكثر الدول استقبالاً للاجئين. ففي غضون أشهر فقط استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من السوريين. ورغم الترحيب الذي أبداه الكثير من الألمان إزاء اللاجئين، إلا أن قدومهم بأعداد كبيرة لم يرق للعديد أيضاً، إذ تسببت سياسة الأبواب المفتوحة في خسائر انتخابية لحزب المستشارة أنغيلا ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
تركيا، التي تستضيف أكثر من 2,7 مليون نسمة، هي بلا منازع أكبر بلد يستقبل اللاجئين السوريين في العالم. ووسط توافد سيل اللاجئين على أوروبا العام الماضي انطلاقا من تركيا، تعهدت بروكسل بدفع 3 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين وإحياء محادثات عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي مقابل أن تساعد أنقرة في الحد من عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا من تركيا. إلا أن هذا الاتفاق يبقى هشاً.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5,8 ملايين نسمة، يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية صعبة. وبالتالي، فإن لبنان، الذي يتسم بالموارد الاقتصادية المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، يأوي أكبر نسبة من اللاجئين بالمقارنة بعدد سكانه، إذ أن هناك لاجئاً سورياً مقابل كل خمسة مواطنين لبنانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Mohammed Zaatari
الأردن، ورغم صغر مساحته وعدد سكانه، إلا أنه من أهم الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فوفقاً للأمم هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجل في المملكة الأردنية، بينما تقول السلطات إن البلاد تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/ مارس 2011. ويعيش 80 بالمائة منهم خارج المخيمات، فيما يأوي مخيم الزعتري في المفرق، وهو الأكبر، نحو 80 ألف لاجئ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
يبدو أن أغلبية دول الخليج ترفض استقبال الللاجئين السوريين على أراضيها، باستثناء السعودية التي استقبلت نحو 500 ألف لاجئ سوري، دون أن تكون لهم رسمياً وضعية لاجئ، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. الدول الأخرى فضلت تمويل مخيمات وبرامج مخصصة للاجئين للسوريين في دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
استقبلت السويد نحو 160 ألف طالب لجوء العام الماضي، لكن الأعداد انخفضت إلى نحو ألفين في الشهر بعد تطبيق قيود على الحدود وإجراءات تجعل من الأصعب على اللاجئين دخول الاتحاد الأوروبي. كما تبنى البرلمان السويدي الصيف الماضي قواعد أكثر صرامة حيال طالبي اللجوء، ومن بينها عدم منح تصاريح إقامة دائمة لكل من تم منحهم حق اللجوء في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Nilsson
الدنمارك استقبلت بدورها في 2015 أكثر من 21 الف طلب لجوء، بارتفاع بنسبة 44 بالمائة مقارنة مع 2014، لكن ذلك أقل بكثير من عدد الطلبات في جارتها الشمالية السويد. كما أن الدنمارك كانت من أول الدول التي سارعت بفرض اجراءات التدقيق العشوائي للهويات على طول الحدود الألمانية بهدف منع "أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين" من الدخول إلى البلاد. وقبلها قامت بتخفيض المساعدات المالية المخصصة للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Sörensen
المجر كانت من أولى الدول الأوروبية التي قامت بمد أسلاك شائكة على طول حدودها مع بدء توافد سيل اللاجئين عبر طريق البلقان لمنعهم من دخول أراضيها. كما أن المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا لا تزال ترفض أي آلية الزامية لتوزيع اللاجئين. كما رفضت دعوات سابقة من ألمانيا وإيطاليا واليونان بالتضامن أوروبياً في معالجة ملف اللجوء والهجرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Ujvari
سلوفاكيا من الدول الشرق أوروبية التي ترفض استقبال اللاجئين. وفي تصريح لأحد قادتها السياسيين مطلع العام الجاري جاء فيه أن البلاد لاترغب في استقبال اللاجئين المسلمين، معللة أن هؤلاء يختلفون ثقافياً عن سكان البلاد وأنه لا يوجد في سلوفاكيا مساجد ودور عبادة كافية لهؤلاء. كما شهدت البلاد احتجاجات قادها يمينون متطرفون ضد اللاجئين (الصورة).
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Gavlak
الولايات المتحدة ورغم كبر مساحتها وكثافتها السكانية التي تقدر بـ320 مليون نسمة، إلا أنها حددت سقف عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم البلاد العام الجاري بـ10 آلاف شخص. كما يتعين على هؤلاء الخضوع للإجراءات أمنية مكثفة ومشددة. ورغم ذلك هناك سياسيون من الحزب الجمهوري الذين يرفضون استقدام لاجئين من سوريا لأسباب أمنية. على أي حال واشنطن أعلنت أنها سترفع العدد بنسبة 30 بالمائة خلال العام القادم.