رغم أهمية الإسراع في معالجة المصابين بالجلطة الدماغية، إلا أنه ليس من السهل التعرف على أعراضها دائماً. بعض الاختبارات البسيطة قد تساعد في الكشف سريعاً عن الإصابة. فكل دقيقة تؤثر في إنقاذ حياة المريض.
إعلان
سنوياً يصاب الملايين من الأشخاص بالجلطة الدماغية، ومنحى الإصابات بتزايد مستمر كما تكشف الإحصاءات. فمنذ عام 2010 ازداد عدد الإصابات بالجلطة الدماغية في ألمانيا مثلاً بنسبة 10 بالمائة، كما تكشف الجمعية الألمانية للمصابين بالجلطة الدماغية.
في 83 % من الحالات يعاني المصابون من احتشاء دماغي. وهو ببساطة "عدم حصول جزء من الدماغ إلا على كمية قليلة جداً من الأوكسجين والمواد المغذية، بسبب ضيق الأوعية الدموية أو انسدادها"، كما يقول الدكتور توماس كلوس، طبيب الأعصاب والممثل الإقليمي لمساعدة الجلطة الدماغية في حوار مع صحيفة "بيلد" الألمانية.
ويتأتى انسداد الأوعية الدموية وضيقها من التكلسات الوعائية أو جلطات الدم، والنتيجة: لا يمكن تزويد الدماغ بالدم بشكل صحيح. 17 في المئة من الجلطات الدماغية يكون سببها النزيف الدماغي، إذ يتسبب انفجار وعاء دموي في الدماغ أو على طبقته الخارجية بتدمير الخلايا الدماغية، فيصبح من غير الممكن تزويد أجزاء من الدماغ بالدم بشكل كاف. والنتيجة هي العجز العصبي كاضطرابات الكلام والحركة، كما يقول الدكتور كلوس.
لكن في حالة الإصابة بالجلطة الدماغية تصبح كل ثانية من الزمن مهمة للحد من آثارها والتقليل منها. عن ذلك يقول الدكتور كلوس: "يمكن إذابة الخثرة الدموية في الأوعية الدماغية باستخدام بعض الأدوية. لكن يجب أن يحدث ذلك في غضون 4.5 ساعات على أكثر تقدير. وكلما استعجل المرء في ذلك كانت النتائج أفضل".
إذ تزداد فرص المصاب بالجلطة بالنجاة منها دون إعاقات دائمة. وبحسب الجمعية الألمانية للمصابين بالجلطة الدماغية فإن 270 ألف شخص يُصابون بالجلطة الدماغية في ألمانيا كل عام، ويعانون بسببها من مشاكل في النطق أو الحركة.
قاعدة FAST الذهبية
ومن أجل معرفة الإصابة بالجلطة الدماغية من عدمها يمكن استخدام ما يُسمى باختبار FAST، وهذه الكلمة مكونة من الأحرف الأولى لأربع كلمات بالإنجليزية:
Face وجه
Arms ذراعان
Speech نطق
Time وقت
وما هذه الكلمات الأربع إلا الأجزاء التي يعتمد عليها اختبار FAST، ويمكن للشخص العادي الذي لا علاقة له بالطب التعرف على الأعراض الأولية للجلطة الدماغية من خلال هذا الاختبار السريع:
الوجه: اطلب من الشخص أن يبتسم، إذا كان يستطيع الابتسام على جانب واحد فقط، فإن ذلك يشير إلى الإصابة بشلل نصفي.
الذراعان: اطلب من الشخص أن يمد ذراعيه إلى الأمام وأن يدير راحتيه إلى الأعلى. في حالة الإصابة بالشلل فإنه لا يستطيع رفع الذراعين أو خفضهما معاً.
النطق: اطلب من الشخص أن يردد خلفك جملة ما. وإذا عجز عن ذلك أو كان صوته واهناً أو أهمل لفظ بعض الكلمات أو المقاطع الصوتية، فإن الأمر يشير إلى الإصابة باضطراب لفظي.
الوقت: إذا عجز الشخص عن القيام بأحد الاختبارات الثلاثة المذكورة أعلاه، فيجب طلب الإسعاف فوراً ووصف الأعراض ووقت ظهورها.
لكن يبقى من المهم هنا عدم تقديم الطعام أو الشراب للشخص الذي يُشبته بإصابته بجلطة دماغية، إذ يمكن أن يتسبب عجزه عن البلع في اختناقه.
ع.غ
أمراض الدماغ الناتجة عن ممارسة الرياضة
الصدمات التي تصيب الرأس أثناء ممارسة بعض الرياضات قد تؤدي إلى أضرار كبيرة في الدماغ، وتسبب تغيرات سلوكية وإدراكية و"خرف ارتجاج الدماغ". تكمن المشكلة في افتقار العلم لعملية تشخيص معتمدة للتعرف على هذه الأمراض.
صورة من: Getty Images/D. Rogers
كان لاعب كرة القدم الأمريكية مايك ويبستر يلقب بـ"مايك الحديدي". حاز أربع مرات مع فريقه على لقب السوبر بول، وهي البطولة الوطنية لكرة القدم الأمريكية. لكن مايك تعرض لعدة إصابات دماغية رضية بسبب ممارسته لهذه الرياضة العنيفة وتوفي مبكراً في سنة 2002 وهو في الخمسين من عمره. اكتشف الأطباء بعد تشريح جثته وجود ارتجاجات في الدماغ، ولذلك يعد مايك أول لاعب يصاب بأمراض الدماغ الناتجة عن الرياضة.
صورة من: picture alliance/AP Photo/G.J. Puskar
الطبيب الشرعي بينيت أومالو (وسط الصورة) هو أول طبيب يختص بعلاج وتشخيص أضرار الدماغ المزمنة الناتجة عن ممارسة الرياضة. تعرض أومالو للكثير من الضغوطات والتهديدات للتوقف عن البحث عن أسباب هذه الأمراض، لكنه أستمر في عمله ما جعله نجماً عالمياً، وهو ما حفز المخرج بيتر لانديسمان (يمين) لعمل فيلم يروي قصة حياته من بطولة ويل سميث (يسار). الفيلم يحمل عنوان "كونكشن" (وتعني ارتجاج الدماغ).
صورة من: picture alliance/AP Photo/M.S. Gordon
الصدمات التي تصيب الرأس تسبب تغيرات سلوكية وإدراكية للشخص، ويسمى هذا المرض "سي تي إي" أو "خرف ارتجاج الدماغ". ويحدث لدى الملاكمين مثلاً فقدان القدرة على الكلام والكآبة والخرف. وتسبب الصدمات المتكررة أضراراً في الخلايا العصبية بالدماغ وإطلاق البروتينات التي تتجمع في الجسم، مسببة التغيرات السلوكية وزيادة الميل إلى العنف وارتفاع الرغبة في الانتحار.
صورة من: picture-alliance/dpaW. Grubitzsch
انتحر الكثير من لاعبي الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية بين عامي 2008 و2015، مثل تيري لونغ وتوم ماكهيل ويوفان بيلشر وأدريان روبنسن وديف ديورسون (في الصورة)، الذي انتحر في سنة 2011 وتبرع بدماغه للطب. وبعد الكشف على الدماغ وجد الأطباء إشارات على وجود مرض خرف ارتجاج الدماغ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Walsh
حتى في عالم الكرة القدم يعاني بعض اللاعبين من إصابات الدماغ، إذ تعرض لاعب المنتخب الألماني لكرة القدم كريستوف كريمر في المباراة النهائية لمونديال 2014 لصدمة في الدماغ، لكنه استمر في اللعب لدقائق بعد ذلك، ما كاد يعرضه لخطر الإصابة بـ"الصدمة الثانية"، التي قد تؤدي إلى خرف ارتجاج الدماغ. المشكلة التي يعاني منها الرياضيون والأطباء هي افتقار العلم لعملية تشخيص معتمدة طبياً للتعرف على المرض.
صورة من: picture alliance/dpa/T.Eisenhuth
يمكن للاعبي كرة القدم التعرض لإصابات الدماغ عبر الاحتكاك بالرأس مثلاً مع لاعب آخر. وذكرت دراسة حديثة صادرة عن المؤسسة الاتحادية الألمانية للعلوم الرياضية أن مخاطر التعرض لإصابات الدماغ تصل إلى نحو 38 في المائة عند لاعبي الدفاع وإلى 28 في المائة عند لاعبي خط الوسط والهجوم وإلى سبعة في المائة عند حراس المرمى.
صورة من: picture alliance/dpa/N.Schmidt
تعد الرغبي أكثر الرياضات التي تحدث فيها حالات خرف ارتجاج الدماغ، بالإضافة إلى ارتجاج الدماغ والإصابة الدماغية الرضية، حسب المؤسسة الاتحادية الألمانية للعلوم الرياضية، ومن ثم تتبعها كرة القدم الأمريكية وهوكي الجليد وكرة السلة. وتعد الإصابات في الدماغ بسبب ممارسة كرة القدم قليلة مقارنة بالرياضات الأخرى، ولكن وبسبب انتشار اللعبة جماهيرياً تنتشر هذه الحالات بين ممارسيها.
الكاتب: زمن البدري/ DW