"لا حل في سوريا إلا بإجراء حوار حقيقي بين جميع الأطراف"
١٢ أبريل ٢٠١٢ في حديث مع موقع DW عربية يرى الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز أنه لا توجد إلا إمكانية واحدة لحل الأزمة السورية. وهذه الإمكانية هي إجراء حوار حقيقي بين جميع الأطراف. ويرى أنه "على الرغم من أن نظام الأسد مسؤول عن مقتل المدنيين في سوريا ولكن بدون إدماج الحكومة في حل سلمي فلا يوجد خروج من هذه الأزمة.
ويعتقد المحلل السياسي الألماني أن الظروف خطيرة جداً في سوريا وتزداد تعقيداً خاصةً وأن إسرائيل والولايات المتحدة تفكران في القيام بعملية عسكرية ضد حليفتها إيران بسبب برنامجها النووي، ويرى أن الوضع مؤهّل للانفجار في المنطقة في هذه الحالة، ويعتقد أن الولايات المتحدة تبحث عن حل جذري لكل السياسات المعارضة لها في الشرق الأوسط ابتداءً من سوريا إلى حزب الله وانتهاءً بإيران.
نص الحوار:
DW عربية: ما مدى واقعية خطة عنان في سوريا؟
ميشائيل لودرز: خطته غير واقعية إلى حد ما، لأنه لا الحكومة ولا المعارضة جاهزتان للتسوية والدخول في حل وسط. ولهذا السبب فأنا أعتقد أن مستقبل سوريا القريب هو غامض إلى حد ما، خاصة وأننا نشاهد حالياً الدعم الخليجي والسعودي للمعارضة المسلحة والجيش السوري الحر، وأيضاً يبدو أن الولايات المتحدة تفكر في دعم المعارضة المسلحة. وهذا يعني حرب من دون نهاية.
في حال انهارَ وقف إِطلاق النار في سوريا فما هو البديل لدى المجتمع الدولي؟
أي تدخل عسكري سيكون صعباً جداً بسبب الظروف الداخلية المعقدة في سوريا. لنفرض أن القوات الخارجية ستحارب الحكومة الحالية: معنى هذا هو أنّ هذه القوات الخارجية ستشن حرباً على المواطنين السوريين الذين لا يزالون يدعمون الحكومة الحالية. ولهذا السبب لا يوجد إلا بديل واحد وهو استمرار الحوار مع هذا النظام. لا شك أن بشار الأسد مسؤول عن مقتل المدنيين في سوريا وسياسته غير منطقية وغير إنسانية، ولكنّ له نفوذاً سياسياً وعسكرياً، وبدون إدماج هذه الحكومة في حل سلمي فلا يوجد خروج من هذه الأزمة.
في حال فشلت خطة عنان، فهل هناك احتمال للجوء المجتمع الدولي إلى خيار منطقة حظر جوي؟
هذا ممكن نظرياً، لكن هذا لن يحل المشكلة، فالحظر الجوي هو بداية لتدخل عسكري في سوريا.
هل تسعى تركيا لحماية حدودها عسكرياً، خاصة بعد مقتل بعض اللاجئين السوريين على أراضيها؟
لا شك أن تركيا تريد حماية حدودها ولكن الحكومة التركية تخشى حدوث تدخل عسكري في سوريا، بسبب ردود الفعل التي قد تنجم عن ذلك. غير أن تركيا ستطلب من البلدان الغربية وخاصة من حلف شمال الأطلسي دعمها في حال تدخلت تركيا عسكرياً لحماية حدودها. ولكن حتى الآن لا توجد أية إرادة للتدخل العسكري المباشر في الأزمة السورية.
كيف تقيّم ما يقال عن قيام دول الخليج بتسليح المعارضة السورية؟
لست من أنصار هذه الخطوة. فدول الخليج والسعودية لا تساعد بذلك المواطنين السوريين، بل إنها تريد تغيير الحكومة السورية لأنها حليفة للحكومة الإيرانية. وطبعاً في المستقبل، في حال تمّ إسقاط النظام السوري فمن المحتمل أن يقود الإخوان المسلمون الحكومة الجديدة، وطبعاً ستكون مواقف الإخوان المسلمين إذا تمكنوا من الحكم لصالح الرياض أكثر من طهران. توجد أسباب جيو- إستراتيجية لدعم دول الخليج والسعودية للمعارضة، وهذا يعني استمرار الحرب الأهلية.
ما هو التغير الراهن في مواقف روسيا في الشأن السوري، خاصة بعد زيارة عنان إلى موسكو؟
إلى غاية الآن، لا توجد تحركات حقيقية ولكن يوجد بالفعل تطور بسيط في الموقف الروسي، فقد قامت الحكومة الروسية بانتقاد الحكومة السورية لأوّل مرة بسبب استمرار النظام في قصف المدن السورية. ولكن لا أظن أن روسيا تريد قطع العلاقات مع هذه الحكومة بسبب مصالحها الاقتصادية والعسكرية فيها. وبكل صراحة، المواطنون في سوريا يدفعون الثمن بسبب السياسية غير المنطقية للنظام السوري وبسبب التدخل الخارجي الذي نشاهده حالياً.
ما هي السيناريوهات التي تتوقعها في الفترة المقبلة في سوريا؟
الأفق يبدو أسود. وأنا مقتنع بأن واشنطن أو الحكومة الإسرائيلية قد تشن هجوماً على إيران وفي هذه الحالة ستنفجر المنطقة كلها وسوريا أولاً لأنها حليفة للحكومة الإيرانية. وواشنطن وتل أبيب تريدان تغيير هذه السياسة السورية.
ما هو نوع الحكومة التي تتوقعها في سوريا في حال نجاح خطة عنان التي لا تنص على تنحي الرئيس الأسد؟
لا أظن أن حكومة الأسد ستستقيل في هذه الحالة، بل إنها ستحاول البقاء وستحاول إبقاء المعارضة ضعيفة وغير قادرة على إسقاط النظام، ولن يكون بشار الأسد مستعداً لإجراء مشاورات مع المعارضة وبالتالي لن يوجد أي مستقبل للديمقراطية في سوريا، لأن الحكومة السورية تعرف بأنه إذا حدثت انتخابات حرة فلا شك أن السنة سيفوزون بهذه الانتخابات. ولهذا السبب ستحاول هذه الحكومة مكافحة أية جهات معارضة حتى النهاية. ومواطنو الشعب السوري هم من يدفعون الثمن.
لماذا يخشى الغرب التدخل العسكري في سوريا؟
السبب الأول هو تجارب الغرب السابقة في العراق وفي أفغانستان. كما أن الظروف الداخلية في سوريا معقدة، خاصة بسبب وجود طوائف مختلفة في هذا البلد. ولنفترض أنّ هناك دعماً عسكرياً خارجياً للمعارضة المسلحة ضد النظام، ففي هذه الحالة سيحارب السوريون الداعمون للنظام ضد مواطنيهم الآخرين ومعنى ذلك أنه ستوجد اشتباكات في المناطق السورية وفي حلب وفي دمشق وغيرها.
ولا أظن أنه توجد أية قوة خارجية جاهزة لمثل هذا السيناريو، ليس لدي أي انطباع حول ذلك. بل وأتوقع نشوب حرب أهلية في سوريا كما كان في لبنان في السابق في حال تم اتخاذ قرار بدعم المعارضة المسلحة. لا توجد إلا إمكانية واحدة لحل الأزمة السورية في سوريا وهي حوار حقيقي بين جميع الأطراف، وحتى الآن هذا ليس ممكناً.
أجرى الحوار: علي المخلافي
مراجعة: أحمد حسو