لا "هدنة إنسانية" قرب طرابلس رغم نداء الأمم المتحدة
٧ أبريل ٢٠١٩
أعلنت فرق الإسعاف وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن المعارك تواصلت في جنوب العاصمة الليبية طرابلس، رغم دعوة الأمم المتحدة إلى "هدنة إنسانية" لمدة ساعتين من أجل السماح بإجلاء الجرحى والمدنيين.
إعلان
دارت معارك عنيفة اليوم الأحد (7 أبريل/ نيسان) قرب طرابلس بين قوات المشير خليفة حفتر التي تعتزم السيطرة على العاصمة الليبية، وقوات حكومة الوفاق الوطني التي أعلنت إطلاق "هجوم مضاد"، وتجاهل الطرفان دعوة الأمم المتحدة إلى "هدنة إنسانية". ودعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في "نداء عاجل" إلى هدنة لمدة ساعتين في الضواحي الجنوبية للعاصمة من أجل السماح بإجلاء الجرحى والمدنيين، بعد تصعيد عسكري يثير مخاوف من اندلاع حرب أهلية واسعة. إلا أن الأمم المتحدة أعلنت مساء اليوم أنه لم يتم التقيد بهذه الهدنة الإنسانية.
وقال جان علم المتحدث باسم البعثة: "لم تحصل هدنة. لكننا لا نزال نأمل بموقف إيجابي" من جانب المعسكرين. كما صرّح المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ أسامة علي من جهته "حتى الآن، لم تتمكن فرقنا من الدخول إلى مناطق المواجهات".
وأعلن الجيش الأميركي الأحد سحباً موقتاً لجنود له يتمركزون في ليبيا لم يكشف عن عددهم، بسبب المعارك.
ومنذ سقوط نظام معمّر القذافي عام 2011، تشهد ليبيا الدولة الغنية بالنفط، نزاعات داخلية مختلفة، لكن الهجوم الذي أطلقته قوات حفتر الخميس شكل تدهوراً واضحاً بين السلطتين المتنازعتين على الحكم: وهما حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي شُكّلت في نهاية 2015 بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة وتتّخذ من طرابلس مقرّاً لها، وسلطات في الشرق الليبي مدعومة من "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر.
وأعلن "الجيش الوطني الليبي" شنّ أول ضربة جوية على ضاحية للعاصمة، رغم دعوات المجتمع الدولي إلى وقف الأعمال العدائية. وكانت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني شنّت في الليلة الماضية ضربتها الجوية الأولى.
وأعلن متحدث باسم هذه القوات الحكومية شنّ "هجوم مضاد" لردع قوات حفتر. وقال العقيد محمد قنونو للصحافيين أن الهدف من عملية "بركان الغضب" هو "تطهير كل المدن من المعتدين والخارجين عن الشرعية"، في إشارة إلى قوات حفتر.
تصعيد عسكري يُسقط ضحايا
وقُتل 21 شخصاً على الأقل فيما أصيب 27 آخرون منذ بدء الهجوم على طرابلس، وفق حصيلة أفادت بها وزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق الوطني التي لم تحدد ما إذا كان الضحايا مدنيين أو مقاتلين. وأعلن "الجيش الوطني الليبي" من جهته السبت مقتل 14 من مقاتليه.
وتزامن هذا التصعيد العسكري مع مؤتمر وطني سيُعقد برعاية الأمم المتحدة في غدامس (جنوب غرب) في منتصف نيسان/أبريل، بهدف وضع "خريطة طريق" لإخراج البلاد من الفوضى بالتزامن مع إجراء انتخابات.
وأكد مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة السبت أن المؤتمر المقرر بين 14 و16 نيسان/أبريل سيجري كما هو مخطط له. وأضاف "نحن مصرون على عقد" المؤتمر "في ميعاده".
وقال السراج إن المؤتمر يُشكّل مسارًا "نحو دولة مستقرّة"، متهماً حفتر بـ"نقض" اتفاق تم التوصل إليه في لقاء في شباط/فبراير للدفع نحو إجراء انتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية قبل نهاية العام. ورأى السراج أن حفتر "مدفوعٌ برغباتٍ شخصيّة ونزوات فرديّة" ويحاول "إغراق البلاد في دوّامة من العنف والحرب المدمّرة".
م.أ.م/ ه.د (د ب أ، أ ف ب)
خمس سنوات على سقوط القذافي وليبيا لم تخرج بعدُ من النفق
بعد سقوط القذافي وعد سياسيون بإقامة دولة في ليبيا تحترم حقوق الإنسان، لكن بعد مرور سنوات لم تقم تلك الدولة حتى الآن.
صورة من: DW-Fotomontage/picture-alliance/AA/AP
في مدخل هذا النفق ألقى ثوار في 20 من اكتوبر 2011 القبض على القذافي وهاجمه نفر من الغاضبين وأردوه قتيلا. بعد خمس سنوات من الحادثة التي شكلت منعرجا في تاريخ ليبيا، يختزل هذا المكان وبألوانه المتداخلة وشعاراته المتضاربة، المشهد الليبي الغارق في الفوضى.
صورة من: picture alliance/dpa
بعد نحو 42 عاما من حكم معمر القذافي اندلعت في ليبيا في 17 فبراير/ شباط 2011 ثورة ضده أدت إلى سقوط نظامه بمساعدة من حلف الناتو، ومنذ ذلك الحين تبحث ليبيا عن مخرج من الاضطرابات السياسية والعنف الذي يجتاحها.
صورة من: dapd
في بنغازي بشرق ليبيا تأسس المجلس الوطني الانتقالي برئاسة مصطفى عبدالجليل، كوجه للمرحلة الإنتقالية بعد الثورة الليبية. ولم يكد ينته الشهر الذي قتل فيه القذافي حتى انتخب المجلس في طرابلس عبد الرحيم الكيب رئيساً للحكومة الانتقالية. وفور انتخابه صرح الكيب أنه يريد "بناء دولة تحترم حقوق الإنسان".
صورة من: dapd
في سنة 2012 قرر المؤتمر الوطني إجراء انتخابات مباشرة من قبل الليبيين لاختيار جمعية تأسيسية لصياغة دستور البلاد. كما صدر في نفس العام قانون تعديلي لتنظيم المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد).
صورة من: AFP/Getty Images
استمر المجلس الوطني الانتقالي في السلطة نحو عشرة أشهر. وفي يوليو/ تموز 2012 جرى انتخاب المؤتمر الوطني العام، الذي شكل الحكومة برئاسة على زيدان في أكتوبر/ تشرين الأول، لكن المجلس سيحجب الثقة عن حكومة زيدان وإسقاطها في شهر مارس 2014.
صورة من: Reuters
ورغم وجود حكومة غرقت ليبيا في فوضى الجماعات والميلشيات المسلحة، وظهرت مخاطر تحولها إلى "دولة فاشلة" تأوي إليها العناصر الإرهابية والمتشددة من دول الجوار. وفي شهر فبراير/ شباط 2014 ظهر اللواء المتقاعد خليفة حفتر عبر شريط فيديو معلنا سيطرته على عدد من مؤسسات الدولة في شرق البلاد، وفي شهر مايو أعلن حفتر بدء "عملية الكرامة" لتطهير ليبيا من العناصر الإرهابية والمتشددة.
صورة من: Reuters
وتمت كتابة دستور بعد تعطل كبير لتجرى الانتخابات التشريعية بالنظام الفردي في 25 يونيو/ حزيران 2014. وفاز مرشحو التيار المدني الليبرالي بأغلبية مقاعد البرلمان، متقدمين على مرشحي التيار الوطني الإسلامي. ليحل البرلمان (مجلس النواب) وحكومته محل المؤتمر الوطني. ومقر مجلس النواب هو بنغازي، لكن أغلبية الأعضاء اختاروا طبرق لعقد جلساتهم.
صورة من: Reuters
اعترف المجتمع الدولي بالبرلمان في طبرق، والذي كلف عبدالله الثني بتشكيل حكومة، لكن ائتلاف "فجر ليبيا" في غرب البلاد، والذي تعد جماعة الإخوان المسلمين أقوى طرف فيه شكل برلمانا موازيا في طرابلس وحكومة برئاسة عمر الحاسي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 ألغت المحكمة العليا في طرابلس نتائج الانتخابات بحجة عدم دستورية قانون الانتخابات.
صورة من: picture-alliance/dpa
شهدت ليبيا مزيدا من الفوضى وتحولت إلى ملجئ للعناصر المسلحة من مشارب مختلفة وخصوصا من التيارات المتشددة، ومنها "أنصار الشريعة"، و"جيش تحكيم الدين" و"مجلس شورى الشباب" المواليين لتنظيم القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وغيرها من الجماعات المسلحة التي تتراوح العلاقات فيما بينها بين التحالفات والتناحر.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Hannon
انحازت قوى إقليمية ودولية إلى طرفي الصراع. وفي حين تدعم مصر والإمارات وروسيا برلمان طبرق واللواء حفتر، تدعم تركيا وقطر برلمان طرابلس. وقامت مساع دولية من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولهذا أوفدت الأمم المتحدة في أغسطس آب 2014 مبعوثا خاصا إلى ليبيا هو برنادينو ليون، الذي أطلق مسلسل مفاوضات في الصخيرات بالمغرب.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
استقال المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون بعد مفاوضات طويلة وعسيرة بين الأطراف الليبية في منتجع الصخيرات القريب من العاصمة المغربية الرباط. لينجح خلفه الديبلوماسي الألماني مارتين كوبلر في التوصل مع الأطراف الليبية في الصخيرات إلى اتفاق سلام يهدف لإنهاء الصراع السياسي والعسكري بينها في الخميس (17 كانون الأول/ ديسمبر 2015).
صورة من: imago/Xinhua
وبناء على اتفاق الصخيرات تشكل المجلس الرئاسي الليبي، الذي شكل بدوره حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج، ونالت الحكومة ثقة برلمان طبرق بالأغلبية قرب نهاية فبراير/ شباط 2016. ووصل السراج الأربعاء (30 آذار/ مارس 2016) إلى طرابلس، لكن خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ الوطني" طلب منه مغادرة البلاد هو ومن معه.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/GNA Media
وبمرور الوقت أعلن الغويل دعمه لحكومة الوفاق الوطني لكنه تراجع عنه بعد ذلك. لتبقى في ليبيا حتى الآن ثلاث حكومات تتنازعها. حكومتان في طرابلس: "الوفاق الوطني" بقيادة السراج، و"الانقاذ" بقيادة الغويل وحكومة طبرق المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، إضافة إلى العشرات من الميليشيات المسلحة والمتناحرة.