من المتوقع أن يوافق مجلس الوزراء اللبناني على إصلاحات تشمل خفض رواتب الوزراء إلى النصف في محاولة لتخفيف الأزمة الاقتصادية وتهدئة الاحتجاجات، فيما اغلق المحتجون الشوارع في اليوم الخامس من المظاهرات.
إعلان
يستعد اللبنانيون الاثنين (21 تشرين الأول/أكتوبر 2019) للخروج إلى الشوارع مجدداً في يوم مفصلي من حراكهم غير المسبوق، يتزامن مع عقد مجلس الوزراء جلسته الأولى منذ بدء التظاهرات وانتهاء مهلة حددها رئيس الحكومة سعد الحريري للقبول بخطة إنقاذ إصلاحية.
وبدأ المتظاهرون في وقت مبكر الاثنين قطع الطرق الرئيسية لمنع الموظفين من التوجه إلى أعمالهم، في وقت تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة شركات ومؤسسات دعت موظفيها للالتحاق بمكان عملهم الاثنين.
وأبقت المصارف والجامعات والمدارس أبوابها مقفلة، غداة تظاهرات كبرى شهدها وسط بيروت ومدن عدة من شمال البلاد حتى جنوبها، تخللها احتفالات وهتافات مطالبة برحيل الطبقة السياسية بأكملها.وانصرف متطوعون في وسط بيروت صباحاً إلى جمع القمامة من الشوارع، مرتدين الكمامات والكفوف. وتعدّ هذه التحركات غير مسبوقة على خلفية مطالب معيشية في بلد صغير تثقل المديونية والفساد والمحاصصة كاهله.
وبدأ مجلس الوزراء اجتماعاً برئاسة الرئيس ميشال عون في القصر الرئاسي، لدرس خطة إنقاذ وزعها الحريري في اليومين الأخيرين لوضع حد للأزمة الاقتصادية الخانقة.وقال مصدر في رئاسة الحكومة لفرانس برس ليل الأحد إن الحريري تلقى موافقة القوى السياسية الرئيسية لا سيما حزب الله وعون على خطته الإنقاذية التي تتضمن تدابير وإجراءات حاسمة، أبرزها الالتزام بعدم فرض أي ضرائب جديدة على اللبنانيين وخصخصة العديد من القطاعات.
ومن المتوقع أن تقر الحكومة الاثنين إصلاحات في مسعى لتخفيف أزمة اقتصادية وتهدئة الاحتجاجات التي دفعت بمئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع على مدى أربعة أيام. وتشمل القرارات الإصلاحية خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المئة وأيضاً خفض مستحقات مؤسسات الدولة والمسؤولين بالحكومة.
كما تتضمن مساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو 3.3 مليار دولار لتحقيق "عجز يقارب الصفر" في ميزانية 2020.كما تسعى الحكومة إلى خصخصة قطاع الاتصالات وإصلاح شامل لقطاع الكهرباء المتدهور الذي يمثل أحد أكبر الضغوط على الوضع المالي المتداعي في البلاد.
عون: تعميم تهم الفساد "ظلم كبير"
من جانبه، أكد الرئيس اللبناني ميشال عون الاثنين أن "ما يجري في الشارع يعبر عن وجع الناس، ولكن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير". ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن عون قوله في مستهل جلسة مجلس الوزراء: "لذلك يجب، على الأقل، أن نبدأ باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية، حاضراً أو مستقبلاً".
وعقدت جلسة مجلس الوزراء في غياب الوزيرة فيوليت الصفدي، ووزراء "القوات اللبنانية"، غسان حاصباني وكميل أبو سليمان ومي شدياق وريشار كيومجيان، الذين قدموا استقالاتهم ليلة أمس، للمديرية العامة لرئاسة الجمهورية. ويأتي انعقاد الجلسة بالقصر الجمهوري في بعبدا، لبحث المقترحات الاقتصادية المقدمة من رئيس الوزراء سعد الحريري بهدف تهدئة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أيام.
وتتواصل المظاهرات وقطع الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية لليوم الخامس على التوالي احتجاجاً على فرض الضرائب وسوء الأوضاع الاقتصادية. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان يشهد أوضاعا اقتصادية صعبة، في ظل دين محلي يعد من أعلى المعدلات في العالم، حيث يعادل 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم ذلك، يتعرض لبنان لضغوط من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لاتخاذ تدابير تقشفية لتقديم مساعدات مالية لها.
ز.أ.ب/خ.س (د ب أ، أ ف ب، رويترز)
بالصور- لبنان.. شرارة "الحرائق" تنتقل من الغابات إلى الشارع
شهد لبنان في الآونة الأخيرة مجموعة من الأحداث التي فاقمت من الأزمات، التي يعاني منها البلد منذ عقود. تلاحق الأزمات من دون إيجاد حل لها من قبل الحكومة أثار غضب المواطنين و أشعل احتجاجات واسعة.
صورة من: Reuters/A. Haju
أزمة نفايات "مزمنة"
إنها واحدة من أكبر الأزمات التي يواجهها لبنان منذ سنوات. ففي عام 2015 ظهرت على السطح أزمة نفايات كبرى أدت إلى وجود حركة احتجاجات ضخمة تحت اسم "طلعت ريحتكم"، وطالب المحتجون باستقالة الحكومة. وتنتج العاصمة بيروت وحدها يوميا مئات الأطنان من النفايات ينتهي الأمر بمعظمها إلى مكبات نفايات غير قانونية أو يتم إلقاؤها مباشرة في البحر، وما تزال أزمة النفايات لم تحل حتى في عام 2019.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
تراكم الأزمات وغياب الحلول
يعاني لبنان من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد. وتضرر النمو الاقتصادي بسبب النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة. وبلغ معدل البطالة بين الشباب أقل من 35 عاما 37 بالمئة. كما يشهد البلد منذ عقود، عدداً من المشاكل التي لم تجد لها الحكومة حلاً مستداماً، ومن بينها نقص في تأمين الخدمات الرئيسية وترهل في البنية التحتية.
صورة من: Reuters/M. Azakir
تدهور العملة المحلية
تصاعدت نقمة الشارع في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار وسط مؤشرات على انهيار اقتصادي وشيك. الأزمة المالية، التي خرجت للعلن قبل أيام كبدت عدداً من قطاعات الاقتصاد منها محطات الوقود و المطاحن، خسائر كبيرة، ما دفع بها للتهديد بالإضراب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
أزمة الدولار!
يعتمد لبنان بشكل رئيسي على الاستيراد لتلبية معظم الحاجات الأساسية للمواطنين كالقمح والوقود؛ ولهذا بدا أثر الأزمة واضحا في الآونة الأخيرة في الاقتصاد الفعلي، حيث عجز المستوردون عن الحصول على دولارات بسعر الصرف المحدد. وبعد تهديد أصحاب محطات الوقود ومستوردي المحروقات بالإضراب، أعلنت نقابة أصحاب الأفران في لبنان عن الإضراب والتوقف عن بيع الخبز، إلى أن تجد الحكومة حلاً لـ"أزمة الدولار".
صورة من: DW/A. Vohra
غضب على مواقع التواصل
الأزمات المتتالية على البلد وتفاقمها من دون إيجاد حل مستدام لها من قبل الحكومة، أثار موجة غضب بين اللبنانيين الذين لجأ عدد منهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن سخطهم من الوضع الاقتصادي المتردي للبلد وآثاره التي بات يعاني منها المواطن اللبناني والتي طالت حتى رغيف خبزه.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Chbaro
التعامل مع الحرائق
شهد لبنان يوم الاثنين 14 أكتوبر/ تشرين الأول اندلاع حرائق في أنحاء عديدة من لبنان، لا سيما في منطقة "جبل لبنان". واستعانت السلطات اللبنانية بطائرات من دول في المنطقة لإخماد النيران التي التهمت مساحات واسعة وحاصرت مدنيين في منازلهم. طريقة التعامل مع إخماد الحراق أثارت سخرية وغضب رواد وسائل التواصل الاجتماعي، الذين انتقدوا تأخر قوات الدفاع المدني والأجهزة الأمنية في التعامل مع الحرائق.
صورة من: DW/K. Zeineddine
"واتس أب" يشعل الاحتجاجات
بعد ساعات من تأكيد إقرار الحكومة فرض "20 سنتاً على التخابر" عبر التطبيقات الخلوية، بينها خدمة "واتس أب" خرج الآلاف من اللبنانيين الغاضبين مساء الخميس (17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية وتوجه الحكومة لإقرار ضرائب جديدة عليهم. وجاء هذا القرار رغم أن كلفة الاتصالات في لبنان تُعد من الأعلى في المنطقة.
صورة من: picture-alliance/AP/H. Ammar
مطالب بإسقاط "حكومة الضرائب"
ورغم إعلان الحكومة التراجع عن فرض الضريبة على خدمة اتصالات الإنترنت، تواصلت الاحتجاجات وتجمع المتظاهرون مرددين هتافات تنادي بإسقاط الحكومة احتجاجاً على "الأوضاع الاقتصادية الصعبة "وضد الضرائب التي أقرتها الحكومة، وطالبوا باسقاط "حكومة الضرائب". وهذه هي ثاني موجة احتجاجات يشهدها لبنان خلال الشهر الجاري.